للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَرَفَعَ) الْمُوصِي (لِلْحَاكِمِ) الَّذِي يَرَى زَكَاةَ الْمَالِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ لِيَحْكُمَ بِإِخْرَاجِهَا فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ خَوْفًا مِنْ رَفْعِ الصَّبِيِّ بَعْدَ رُشْدِهِ لِحَنَفِيٍّ لَا يَرَى الزَّكَاةَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ عَنْهُ وَلِذَا قَالَ (إنْ كَانَ) هُنَاكَ (حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ) يَرَى سُقُوطَهَا عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمُرَادُ وُجِدَ بِالْفِعْلِ أَوْ يُخْشَى تَوْلِيَتُهُ (وَ) لَهُ (دَفْعُ مَالِهِ) لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ (قِرَاضًا وَبِضَاعَةً) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَلَهُ عَدَمُ دَفْعِهِ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْمِيَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ (وَلَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ) لِئَلَّا يُحَابِيَ لِنَفْسِهِ وَالنَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ كَمَا فَسَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ عَمِلَ الْوَصِيُّ بِهِ مَجَّانًا فَلَا نَهْيَ بَلْ هُوَ مِنْ الْمَعْرُوفِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

(وَلَا) يَجُوزُ لَهُ (اشْتِرَاءٌ) لِنَفْسِهِ شَيْئًا (مِنْ التَّرِكَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى الْمُحَابَاةِ أَيْ يُكْرَهُ كَمَا فِي النَّقْلِ (وَتَعَقَّبَ) أَيْ يَتَعَقَّبُهُ الْحَاكِمُ فِي عَمَلِهِ بِهِ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً أَوْ اشْتِرَاءً لِنَفْسِهِ (بِالنَّظَرِ) فَيُمْضِي مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْيَتِيمِ وَيَرُدُّ غَيْرَهُ (إلَّا) اشْتِرَاءَهُ (كَحِمَارَيْنِ) مِنْ التَّرِكَةِ (قَلَّ ثَمَنُهُمَا) الَّذِي انْتَهَتْ لَهُ الرَّغَبَاتُ فِيهِمَا كَثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ (وَتَسَوَّقَ بِهِمَا الْحَضَرَ وَالسَّفَرَ) أَيْ شَهْرًا فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ هَذَا مُرَادُهُ وَذَكَرَ الْحَضَرَ وَالسَّفَرَ لِسُؤَالٍ وَقَعَ فِيهِ ذَلِكَ فَالْمُرَادُ إلَّا شَيْئًا قَلِيلًا انْتَهَتْ إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ بَعْدَ شُهْرَتِهِ لِلْبَيْعِ فِي سُوقِهِ فَيَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ لِلْوَصِيِّ.

(وَلَهُ) أَيْ لِلْوَصِيِّ (عَزْلُ نَفْسِهِ) مِنْ الْإِيصَاءِ (فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) ؛ لِأَنَّ عَقْدَهَا غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَلِلْمُوصِي عَزْلُهُ بِغَيْرِ مُوجِبٍ (وَلَوْ قَبِلَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ قَبِلَ الْإِيصَاءَ مِنْ الْمُوصِي وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ الِامْتِنَاعُ مِنْ قَبُولٍ وَفِي جَعْلِهِ عَزْلًا تَسَامُحٌ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ الرَّدُّ وَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْوَصِيُّ حَنَفِيًّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مَالِكِيًّا فَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِ الْوَصِيِّ لَا بِمَذْهَبِ الطِّفْلِ أَوْ أَبِيهِ.

(قَوْلُهُ وَرَفَعَ الْوَصِيُّ) أَيْ إذَا كَانَ مَالِكِيًّا وَقَوْلُهُ لِلْحَاكِمِ الَّذِي يَرَى الزَّكَاةَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ أَيْ مُطْلَقًا الْعَيْنُ وَالْمَاشِيَةُ الْمَعْلُوفَةُ وَالْعَامِلَةُ وَغَيْرُهُمَا وَالْحَرْثُ الْكَائِنُ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ حَنَفِيٌّ) أَيْ وَكَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُ الْيَتِيمِ أَوْ يُخْشَى مِنْ رَفْعِهِ إلَيْهِ وَإِلَّا أُخْرِجَ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ.

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ وُجِدَ بِالْفِعْلِ أَوْ يُخْشَى تَوْلِيَتُهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَلَمْ يُخْشَ تَوْلِيَتُهُ كَبَعْضِ بِلَادِ الْمَغْرِبِ وَبِلَادِ السُّودَانِ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ. (قَوْلُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ قِرَاضًا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَمَلُ الْقِرَاضِ أَوْ شِرَاءُ الْبِضَاعَةِ لَا يَحْتَاجُ لِسَفَرٍ فِي الْبِرِّ أَوْ الْبَحْرِ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ تَسْلِيفُهُ لِأَحَدٍ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَلَوْ أَخَذَ رَهْنًا إذْ لَا مَصْلَحَةَ لِلْيَتِيمِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا تَسَلُّفُ الْوَصِيِّ نَفْسَهُ فَقَدْ قِيلَ بِالتَّرْخِيصِ فِيهِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فِيهِ وَفَاءً اُنْظُرْ ح وَنَصَّ فِيهِ عَلَى مَنْعِ تَسْلِيفِ مَالِ الْيَتِيمِ بِنَفْعٍ كَمَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ دَفْعِ مَالِ الْيَتِيمِ قَرْضًا الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ وَلَوْ بِنَذْرٍ مِنْ الْمُقْتَرِضِ وَلِلْوَصِيِّ الصُّلْحُ بِالنَّظَرِ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى الْمَحْجُورِ وَلَا إبْرَاؤُهُ عَنْهُ الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ وَإِنَّمَا يُبْرِئُ عَنْهُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ وَقَوْلُ عَائِشَةَ اتَّجَرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ حَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى النَّدْبِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ) أَيْ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ لَهُ أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ يُشْبِهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ لِغَيْرِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَمِلَ الْوَصِيُّ بِهِ) أَيْ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً.

(قَوْلُهُ بَلْ هُوَ مِنْ الْمَعْرُوفِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَ

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ اشْتِرَاءُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ بِهِ وَلَا اشْتِرَاءٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَ بِالنَّظَرِ) جَعَلَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ وَلَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ وَبِقَوْلِهِ وَلَا اشْتِرَاءً مِنْ التَّرِكَةِ فَإِذَا عَمِلَ فِيهِ قِرَاضًا بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْقِرَاضِ مَصْلَحَةٌ لِلْيَتِيمِ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ الَّذِي جَعَلَهُ لِنَفْسِهِ يُشْبِهُ الْجُزْءَ فِي قِرَاضِ النَّاسِ أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ نَظَرَ الْحَاكِمُ فَإِنْ وَجَدَ فِي شِرَائِهِ مَصْلَحَةً لِلْيَتِيمِ بِأَنْ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَبِيعَ بِقِيمَتِهِ أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ مِنْ الشُّرَّاح كَالْخَرْشَيْ مُرْتَبِطًا بِالثَّانِي فَقَطْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ التَّوْضِيحِ عَقِبَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَعَقَّبَ بِالنَّظَرِ أَيْ فِي قِيمَتِهِ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ التَّرِكَةِ هَلْ تَزِيدُ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ فَيَرُدُّهُ أَوَّلًا فَيُمْضِيهِ اهـ وَهَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ يَوْمَ الرَّفْعِ أَوْ الْحُكْمِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ وَقِيلَ إنَّ التَّعَقُّبَ بِالنَّظَرِ لَيْسَ فِي قِيمَةِ الْمَبِيعِ بَلْ يُرْفَعُ الْمَبِيعُ لِلسُّوقِ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَحَدٌ عَلَى الْوَصِيِّ فِيمَا دَفَعَهُ ثَمَنًا فِي السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا أَخَذَهَا الْوَصِيُّ بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَإِنْ زَادَ أَحَدٌ عَلَيْهِ فَهَلْ يَأْخُذُهَا الْوَصِيُّ بِمَا وَقَفَتْ عَلَيْهِ أَوْ حَتَّى يَزِيدَ كَغَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ لِسُؤَالٍ وَقَعَ فِيهِ) أَيْ فَهُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَالْمَدَارُ عَلَى الرَّفْعِ لِلسُّوقِ وَشُهْرَتِهِ لِلْبَيْعِ بِالْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ الرَّغَبَاتُ وَلَوْ كَانَ فِي الْحَضَرِ فَقَطْ أَوْ فِي السَّفَرِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَّا شَيْئًا قَلِيلًا إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَالْمُرَادُ إلَّا شَيْئًا قَلِيلًا اشْتَرَاهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي انْتَهَتْ إلَيْهِ الرَّغَبَاتُ بِهِ بَعْدَ شُهْرَتِهِ لِبَيْعٍ فِي سُوقِهِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَبَلَ إلَخْ) أَيْ هَذِهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ الْإِيصَاءِ بَلْ وَلَوْ قَبِلَهُ وَرَدَّ بِلَوْ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَبَعْضُ الْمَغَارِبَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَبِلَ لَمْ يَجُزْ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَلَوْ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّهَا كَهِبَةِ بَعْضِ مَنَافِعِهِ اهـ عَدُوِّي.

(قَوْلُهُ وَفِي جَعْلِهِ) أَيْ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْقَبُولِ عَزْلًا تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ عَزْلَهُ فَرْعٌ عَنْ تَحَقُّقِ وِصَايَتِهِ وَتَحَقُّقُ ذَلِكَ فَرْعٌ عَنْ قَبُولِهِ الْوِصَايَةَ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>