للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمُوتُ وَيَتْرُكُ مَا فِيهِ وَفَاءٌ بِكِتَابَتِهِ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تُورَثُ عَنْهُ يَرِثُهَا مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ.

وَذَكَرَ الْمَانِعَ الثَّالِثَ وَهُوَ الْقَتْلُ بِقَوْلِهِ (وَلَا) يَرِثُ (قَاتِلٌ) لِمُوَرِّثِهِ وَلَوْ مُعْتِقًا لِعَتِيقِهِ أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا تَسَبُّبًا أَوْ مُبَاشَرَةً (عَمْدًا عُدْوَانًا، وَإِنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ) تَدْرَأُ عَنْهُ الْقِصَاصَ كَرَمْيِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ بِحَجَرٍ فَمَاتَ مِنْهُ فَالضَّمِيرُ فِي أَتَى لِلْقَاتِلِ لَا بِقَيْدِ الْعُدْوَانِ إذْ لَا عُدْوَانَ مَعَ الشُّبْهَةِ وَقَدْ يُقَالُ جَعَلَهُ عُدْوَانًا مِنْ حَيْثُ التَّعَمُّدُ (كَمُخْطِئٍ) لَا يَرِثُ (مِنْ الدِّيَةِ) وَيَرِثُ مِنْ الْمَالِ وَأُلْحِقَ بِالْخَطَأِ مَا لَوْ قَصَدَ وَارِثٌ قَتْلَ مُوَرِّثِهِ وَكَانَ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَقَتَلَهُ الْمُوَرِّثُ فَإِنَّهُ يَرِثُ مِنْ الْمَالِ لَا مِنْ الدِّيَةِ.

وَأَشَارَ لِلْمَانِعِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ فِي الدِّينِ بِقَوْلِهِ (وَلَا) يَرِثُ (مُخَالِفٌ فِي دِينٍ كَمُسْلِمٍ مَعَ مُرْتَدٍّ) (أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ (وَكَيَهُودِيٍّ مَعَ نَصْرَانِيٍّ) فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا إذْ كُلُّ مِلَّةٍ مُسْتَقِلَّةٌ (وَسِوَاهُمَا) كُلُّهُ (مِلَّةٌ) فَيَقَعُ التَّوَارُثُ بَيْنَ مَجُوسِيٍّ وَعَابِدِ وَثَنٍ أَوْ دَهْرِيٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (وَحُكِمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ) كِتَابِيِّينَ أَوْ غَيْرِهِمْ (بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ) أَيْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُسْلِمِ (إنْ) رَضُوا بِأَحْكَامِنَا، وَ (لَمْ يَأْبَ بَعْضٌ) ، وَإِلَّا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ (إلَّا أَنْ) (يُسْلِمَ بَعْضٌ) أَيْ بَعْضُ وَرَثَةِ مَنْ مَاتَ كَافِرًا وَيَسْتَمِرَّ الْآخَرُ عَلَى كُفْرِهِ وَيَأْبَى حُكْمَ الْإِسْلَامِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْآبِي لِشَرَفِ الْمُسْلِمِ هَذَا (إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ، وَإِلَّا) بِأَنْ كَانُوا كِتَابِيِّينَ، وَأَسْلَمَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ (فَبِحُكْمِهِمْ) أَيْ نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ مَوَارِيثِهِمْ أَيْ نَقْسِمُ الْمَالَ بَيْنَهُمْ عَلَى حُكْمِ مَوَارِيثِهِمْ بِأَنْ نَسْأَلَ الْقِسِّيسِينَ عَمَّنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ وَعَنْ الْقَدْرِ الَّذِي يُورَثُ عِنْدَهُمْ وَنَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَوْا جَمِيعًا بِحُكْمِنَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

حُرٌّ فَمَالُهُ الْمُخَلَّفُ عَنْهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ مَا لَهُمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ فَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثَاهُ، وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ ثُلُثُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُكَاتَبَ إلَخْ) إنَّمَا اسْتَثْنَاهُ مَعَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءَ كِتَابَتِهِ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ قَبْلَ أَدَاءِ النُّجُومِ لَا يُوجِبُ حُرِّيَّتَهُ بَلْ مَاتَ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَلِذَا كَانَ وَارِثُهُ نَوْعًا خَاصًّا، وَلَوْ كَانَ إرْثُهُ بِالْحُرِّيَّةِ لَوَرِثَهُ كُلُّ مَنْ يَرِثُ الْحُرَّ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ لِمُوَرِّثِهِ عَمْدًا إلَخْ) أَيْ لَا يَرِثُ مِنْ الْمَالِ، وَلَا مِنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَقَالَ طفى، وَلَا قَاتِلُ عَمْدٍ، وَلَوْ عُفِيَ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مُكْرَهًا، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ عَاقِلًا بَالِغًا، أَمَّا الصَّبِيُّ فَعَمْدُهُ كَالْخَطَإِ، وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ وَقَالَهُ الْفَارِسِيُّ فِي شَرْحِ التِّلْمِسَانِيَّةِ وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِمَا حَكَاهُ عج عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ لَا يَرِثُ مِنْ مَالٍ، وَلَا مِنْ دِيَةٍ بَالِغًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا. اهـ. لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ عج اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عِلَاقٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُقَابِلَهُ إلَّا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: لَا يَرِثُ مِنْ الدِّيَةِ وَيَرِثُ مِنْ الْمَالِ) .

(فَائِدَةٌ) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَاتِلَ مُطْلَقًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً يَرِثُ الْوَلَاءَ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ قَاتِلًا عَمْدًا فَلَا يَرِثُ الْوَلَاءَ، وَإِنْ كَانَ قَاتِلًا خَطَأً وَرِثَهُ وَمَعْنَى إرْثِ الْوَلَاءِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا لَهُ وَلَاءُ عَتِيقٍ وَالْقَاتِلُ وَارِثٌ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ يَرِثُ مَالَهُ مِنْ الْوَلَاءِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُعْتِقَ بِالْكَسْرِ إذَا قَتَلَ عَتِيقَهُ عَمْدًا يَرِثُهُ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِالْخَطَأِ مَا لَوْ قَصَدَ إلَخْ) أَيْ، وَكَذَا كُلُّ قَتْلٍ كَانَ عَمْدًا غَيْرَ عُدْوَانٍ كَقَتْلِ الشَّخْصِ لِمُوَرِّثِهِ إذَا كَانَ مِنْ الْبُغَاةِ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرِثُ مِنْ الْمَالِ لَا مِنْ الدِّيَةِ) فِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ لَا دِيَةَ لَهُ أَصْلًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ.

(فَرْعٌ) إذَا تَقَاتَلَتْ طَائِفَتَانِ، وَكَانَتَا مُتَأَوِّلَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا كَيَوْمِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ فَإِنَّهُ وَقَعَ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمْ فَهُوَ دَلِيلٌ. اهـ. طفى وَفِي الْبَدْرِ قَاعِدَةُ كُلُّ قَتْلٍ مَأْذُونٌ فِيهِ لَا دِيَةَ فِيهِ، وَلَا كَفَّارَةَ، وَلَا يَمْنَعُ مِيرَاثًا كَفَحْتِ بِئْرٍ وَعَكْسِهِ، وَهُوَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ، فِيهِ الثَّلَاثَةُ كَسَائِقٍ وَقَائِدٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) لَا يَدْخُلُ فِي الْغَيْرِ الزِّنْدِيقُ إذَا أَنْكَرَ مَا شَهِدَتْ بِهِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ تَابَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُتِلَ يَكُونُ مَالُهُ لِوَارِثِهِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ حَدٌّ مِنْ الْحُدُودِ يُقَامُ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ لِكُفْرِهِ (قَوْلُهُ: وَسِوَاهُمَا كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) وَقِيلَ إنَّ مَا سِوَاهُمَا مِلَلٌ أَيْضًا وَالْقَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ وَصَوَّبَهَا ابْنُ يُونُسَ وَالثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأُمَّهَاتِ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ اُنْظُرْ بْن وَذَكَرَ فِي المج أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي هُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: وَحُكِمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ) أَيْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: إنْ رَضُوا بِأَحْكَامِنَا، وَلَمْ يَأْبَ بَعْضٌ) أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِبَايَةِ أَسَاقِفَتِهِمْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُهُمْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُهُمْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَحُكِمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ أَوْ أَسْلَمَ الْبَعْضُ وَالْبَاقِي غَيْرُ كِتَابِيٍّ، وَإِلَّا فَبِحُكْمِهِمْ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَأَسْلَمَ مِنْ التَّعْقِيدِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ، وَإِلَّا يَرْضَ الْجَمِيعُ بِأَنْ أَبَى أَحَدُهُمْ وَكُلُّهُمْ كُفَّارٌ أَوْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ وَالْبَاقِي كِتَابِيٌّ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ أَسْلَمَ كُلُّ الْوَرَثَةِ قَبْلَ قَسْمِ مَالِ مُوَرِّثِهِمْ الْكَافِرِ فَأَبَوْا مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُمْ إنْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ حُكِمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِلَّا حُكِمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِنَا قَهْرًا عَنْهُمْ وَعَلَى هَذَا فَإِسْلَامُ الْكُلِّ كَإِسْلَامِ بَعْضِهِمْ.

(قَوْلُهُ: وَأَشَارَ لِلْمَانِعِ الْخَامِسِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ مُوجَبِ الْمِيرَاثِ هُنَا هُوَ حُصُولُ الشَّكِّ فِي الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ التَّقَدُّمُ بِالْمَوْتِ فَإِطْلَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>