وَأَشَارَ لِلْمَانِعِ الْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (وَلَا) يَرِثُ (مَنْ جُهِلَ تَأَخُّرُ مَوْتِهِ) عَنْ مُوَرِّثِهِ بِأَنْ مَاتَا تَحْتَ هَدْمٍ مَثَلًا أَوْ بِطَاعُونٍ وَنَحْوِهِ بِمَكَانٍ وَلَمْ نَعْلَمْ الْمُتَأَخِّرَ مِنْهُمَا فَيُقَدَّرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَمْ يُخَلِّفْ صَاحِبَهُ، وَإِنَّمَا خَلَّفَ الْأَحْيَاءَ مِنْ وَرَثَتِهِ فَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ وَثَلَاثَةُ بَنِينَ لَهُ مِنْهَا تَحْتَ هَدْمٍ وَجُهِلَ مَوْتُ السَّابِقِ مِنْهُمْ وَتَرَكَ الْأَبُ زَوْجَةً أُخْرَى وَتَرَكَتْ الزَّوْجَةُ ابْنًا لَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَلِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ وَمَا بَقِيَ لِلْعَاصِبِ وَمَالُ الزَّوْجَةِ لِابْنِهَا الْحَيِّ وَسُدُسُ مَالِ الْبَنِينَ لِأَخِيهِمْ لِأُمِّهِمْ وَبَاقِيهِ لِلْعَاصِبِ وَسَقَطَ بِمَنْ يَسْقُطُ بِهِ الْأَخُ لِلْأُمِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَانِعِ شَرْطٌ فَشُرُوطُ الْإِرْثِ خَمْسَةٌ وَأَسْبَابُهُ ثَلَاثَةٌ نِكَاحٌ أَوْ قَرَابَةٌ أَوْ عِتْقٌ.
(وَوُقِفَ) (الْقَسْمُ) لِلتَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَفِيهِمْ حَمْلٌ مِنْ زَوْجَةٍ وَلَوْ أَخًا لِأُمٍّ أَوْ أَمَةً (لِلْحَمْلِ) أَيْ إلَى وَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ لِأَجْلِ الْحَمْلِ لِلشَّكِّ هَلْ يُوجَدُ مِنْ الْحَمْلِ وَارِثٌ أَوْ لَا وَعَلَى وُجُودِهِ هَلْ هُوَ مُتَّحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ وَعَلَيْهِمَا هَلْ هُوَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى أَوْ مُخْتَلَفٌ وَلَمْ يُعَجَّلْ الْقَسْمُ لِلْوَارِثِ الْمُحَقَّقِ هُنَا وَيُؤَخَّرُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ لِلْوَضْعِ كَمَا فَعَلُوا فِي الْمَفْقُودِ كَمَا يَأْتِي لِقِصَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ غَالِبًا فَيُظَنُّ فِيهَا عَدَمُ تَغَيُّرِ التَّرِكَةِ بِخِلَافِ الْمَفْقُودِ فَلِطُولِهَا يُظَنُّ تَغَيُّرُ التَّرِكَةِ لَوْ وُقِفَتْ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ (وَ) وُقِفَ (مَالُ الْمَفْقُودِ) الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ لَهُ مَوْضِعٌ وَلَا حَيَاةٌ (لِلْحُكْمِ) مِنْ الْحَاكِمِ بِالْفِعْلِ (بِمَوْتِهِ) بَعْدَ زَمَنِ التَّعْمِيرِ وَتَقَدَّمَ تَقْدِيرُهُ فِي بَابِ الْمَفْقُودِ هَلْ هُوَ سَبْعُونَ سَنَةً أَوْ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ. وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْإِرْثِ مِنْهُ تَكَلَّمَ عَلَى إرْثِهِ هُوَ مِنْ مُوَرِّثِهِ أَوْ إرْثِ شُرَكَائِهِ فِيهِ فَقَالَ (وَإِنْ) (مَاتَ مُوَرِّثُهُ) أَيْ مَنْ يَرِثُ مِنْهُ الْمَفْقُودُ (قُدِّرَ) الْمَفْقُودُ (حَيًّا) بِالنِّسْبَةِ لِإِرْثِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَتُمْنَعُ الْأُخْتُ مِنْ الْإِرْثِ وَتَنْقُصُ الْأُمُّ فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ (وَ) قُدِّرَ أَيْضًا (مَيِّتًا) فَلَا تُمْنَعُ الْأُخْتُ وَتُزَادُ الْأُمُّ وَيَنْقُصُ الزَّوْجُ لِلْعَوْلِ وَأُعْطِيَ الْوَارِثُ غَيْرُ الْمَفْقُودِ أَقَلَّ نَصِيبِهِ (وَوُقِفَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ) وَهُوَ نَصِيبُ الْمَفْقُودِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ حَالُهُ مِنْ نَصِيبِ غَيْرِهِ فَإِنْ ثَبَتَتْ حَيَاتُهُ أَوْ مَوْتُهُ بِبَيِّنَةٍ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الشَّارِحِ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ عَلَيْهِ مَانِعًا فِيهِ تَجَوُّزٌ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَلَمْ يُعَبِّرْ بِمَانِعٍ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ نَفَى الْإِرْثَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ مَاتَا تَحْتَ هَدْمٍ مَثَلًا) أَيْ أَوْ بِغَرَقٍ أَوْ بِحَرْقٍ وَشَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا مَا إذَا مَاتَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبِينَ وَجُهِلَ السَّابِقُ (قَوْلُهُ: زَوْجَةٌ أُخْرَى) أَيْ وَعَاصِبٌ كَعَمٍّ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَبَاقِيهِ) أَيْ بَاقِي مَالِ الْبَنِينَ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ) أَيْ ذَلِكَ الْأَخُ بِمَنْ يَسْقُطُ بِهِ الْأَخُ لِلْأُمِّ كَابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ لِلْمَيِّتِ وَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ لَهُ وَجَدٍّ لِلْمَيِّتِ
(قَوْلُهُ: وَوَقَفَ الْقَسْمُ لِلْحَمْلِ) هَذَا شُرُوعٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ فِي مَسَائِلِ الْإِشْكَالِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بِسَبَبِ احْتِمَالِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخُنْثَى الْآتِيَةِ، وَإِمَّا بِسَبَبِ احْتِمَالِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَفْقُودِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ احْتِمَالِهِمَا، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْحَمْلِ هَذِهِ وَقَوْلُهُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ أَيْ، وَكَذَا بَيْنَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا فَلَا فَرْقَ فِي وَقْفِ الْقَسْمِ بَيْنَ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ وَالْوَصَايَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وَقْفِ الْقَسْمِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَتَعَجَّلُ أَدْنَى السَّهْمَيْنِ، وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ فَيُعْطِي أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ أَوْ الْأَبَوَيْنِ أَدْنَى سَهْمَيْهِ فَإِذَا مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ وَعَنْ أَبَوَيْنِ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ يُعَجِّلُ لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنَ ثَلَاثَةً، وَلِكُلٍّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ وَيُوقَفُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِلْوَضْعِ فَإِنْ وَضَعَتْ أُنْثَى أَخَذَتْ مِنْ الْمَوْقُوفِ اثْنَيْ عَشَرَ وَرُدَّ الْوَاحِدُ الْبَاقِي لِلْأَبِ تَعْصِيبًا، وَإِنْ وَضَعَتْ ذَكَرًا أَخَذَ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ الْمَوْقُوفَةَ كُلَّهَا، وَإِنْ مَاتَ الْحَمْلُ رُدَّ لِلزَّوْجَةِ مِنْ الْمَوْقُوفِ ثَلَاثَةٌ تَكْمِلَةُ الرُّبْعِ وَرُدَّ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ تَكْمِلَةُ الثُّلُثِ وَرُدَّ لِلْأَبِ سِتَّةٌ، وَرُدَّ ذَلِكَ الْقَوْلُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ تَلَفُ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْوَضْعِ فَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ مَثَلًا دُونَ غَيْرِهَا، وَهُوَ ظُلْمٌ، وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْهُ؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ أَخَذْتُهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِمْ حَمْلٌ) أَيْ يَرِثُ الْمَيِّتَ، وَلَوْ احْتِمَالًا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زَوْجَةِ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ مِنْ زَوْجَةِ أَخِيهِ أَوْ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ مِنْ زَوْجَةِ الِابْنِ الْمُنْتَسِبِ لِهَذَا الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ كَانَ مِنْ أُمِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَحْجُبُ ذَلِكَ الْحَمْلَ فَقَوْلُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْحَمْلُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ مِنْ أُمِّهِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أُمِّ الْمَيِّتِ بِأَنْ كَانَ أَخَاهُ لِأُمِّهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فَعَلُوا فِي الْمَفْقُودِ) أَيْ إذَا مَاتَ مُوَرِّثُهُ (قَوْلُهُ: فَيُظَنُّ فِيهَا عَدَمُ تَغَيُّرِ التَّرِكَةِ) أَيْ لَوْ وُقِفَتْ فَلِذَا أُخِّرَ الْقَسْمُ لِوَضْعِ الْحَمْلِ فَلَوْ تَعَدَّى الْوَرَثَةُ وَقَسَمُوا، وَأَبْقَوْا لِلْحَمْلِ أَوْفَرَ الْحَظَّيْنِ ثُمَّ هَلَكَ مَا أَبْقَوْهُ لَهُ رَجَعَ عَلَى الْمَلِيءِ مِنْهُمْ ثُمَّ الْمَلِيءُ يَتَّبِعُ الْمُعْدِمَ، وَلَوْ هَلَكَ مَالُهُمْ لَمْ يَرْجِعُوا عَلَيْهِ، وَلَوْ نَمَا مَالُهُمْ رَجَعَ فِيهِ دُونَ الْعَكْسِ اُنْظُرْ طفى (قَوْلُهُ: فَلِطُولِهَا يُظَنُّ إلَخْ) أَيْ فَلِذَا عُجِّلَ الْقَسْمُ لِلْوَارِثِ الْمُحَقَّقِ (قَوْلُهُ: وَوُقِفَ مَالُ الْمَفْقُودِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُورَثُ (قَوْلُهُ: لِلْحُكْمِ مِنْ الْحَاكِمِ بِالْفِعْلِ) أَيْ، وَلَا يَكْفِي مُضِيُّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ لِلْخِلَافِ فِيهَا حَتَّى إنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَفْقُودِ بَعْدَ مُضِيِّهَا وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ مَالِ الْمَفْقُودِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ اُنْظُرْ بْن وَمَحَلُّ الِاحْتِيَاجِ فِي إرْثِ مَالِهِ لِلْحُكْمِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ يَمْضِي لَهُ مِنْ الزَّمَانِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً مِنْ وِلَادَتِهِ، وَإِلَّا وُرِثَ مَالُهُ، وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ زَمَنِ التَّعْمِيرِ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ التَّعْمِيرِ مِنْ وِلَادَتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إرْثِ شُرَكَائِهِ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمُوَرِّثِ (قَوْلُهُ: وَتَنْقُصُ الْأُمُّ) أَيْ وَيَحْصُلُ لِلزَّوْجِ زِيَادَةٌ (قَوْلُهُ: وَأُعْطِيَ الْوَارِثُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُدِّرَ حَيًّا وَمَيِّتًا (قَوْلُهُ: وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ حَالُهُ) أَيْ بِحَيَاةِ الْمَفْقُودِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute