وَقِيلَ يُنْظَرُ لِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَالْمَرْأَةُ لَهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ضِلَعًا بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ عَلَى الْأَفْصَحِ وَالذَّكَرُ لَهُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ كَذَلِكَ وَمِنْ الْأَيْسَرِ سَبْعَةَ عَشَرَ ضِلَعًا وَقِيلَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ سَبْعَ عَشْرَةَ وَلِلذَّكَرِ مِنْ الْأَيْمَنِ كَذَلِكَ وَمِنْ الْأَيْسَرِ سِتَّ عَشْرَةَ ضِلَعًا قِيلَ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ، وَأَرَادَ خَلْقَ حَوَّاءَ مِنْهُ أَلْقَى عَلَيْهِ النَّوْمَ فَنَامَ ثُمَّ اسْتَلَّ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ ضِلَعًا أَقْصَرَ فَخَلَقَ مِنْهُ حَوَّاءَ بِالْمَدِّ فَخَرَجَتْ مِنْهُ كَمَا تَخْرُجُ النَّخْلَةُ مِنْ النَّوَاةِ أَيْ بِلَا تَأَلُّمٍ وَرُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ رَآهَا بِجَنْبِهِ فَأَعْجَبَتْهُ فَمَدَّ يَدَهُ إلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ مَهْ يَا آدَم حَتَّى تُؤَدِّيَ مَهْرَهَا قِيلَ وَمَا مَهْرُهَا قِيلَ تُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ عِشْرِينَ مَرَّةً وَرُوِيَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُنْظَرُ إلَى شَهْوَتِهِ فَإِنْ مَالَ إلَى النِّسَاءِ فَذَكَرٌ، وَإِنْ مَالَ إلَى الرِّجَالِ فَأُنْثَى (أَوْ) حَصَلَ مِنْهُ (حَيْضٌ) وَلَوْ مَرَّةً (أَوْ مَنِيٌّ) مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْهِ (فَلَا إشْكَالَ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
عُلَمَاءِ التَّشْرِيحِ عَلَى خِلَافِهِ بَالِغِينَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ. اهـ. أَيْ فَهُمْ يَقُولُونَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مُتَسَاوِيَانِ فِي عَدَدِ الْأَضْلَاعِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَالْمَرْأَةُ إلَخْ) الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلْحُوفِيِّ وَمُحَصَّلُ مَا قَالَاهُ إنَّ الْمَرْأَةَ تَزِيدُ ضِلَعًا عَلَى الرَّجُلِ مِنْ جِهَةِ الْيَسَارِ بِاتِّفَاقِهِمَا وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي أَنَّ أَضْلَاعَ الرَّجُلِ مِنْ جِهَةِ الْيَسَارِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ أَوْ هُوَ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَقِيلَ إنَّ زِيَادَةَ الْمَرْأَةِ الضِّلَعَ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ أَهْلَ التَّشْرِيحِ يَقُولُونَ إنَّهُمَا سِيَّانِ فَلَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَسَبَبُ ذَلِكَ) أَيْ سَبَبُ نَقْصِ الرَّجُلِ ضِلْعًا عَنْ الْمَرْأَةِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَلَّ إلَخْ) أَيْ فَجَرَتْ الذُّكُورُ عَلَى مِنْوَالِهِ.
(قَوْلُهُ: فَخَلَقَ مِنْهُ حَوَّاءَ) أَيْ، وَكَانَتْ عَلَى طُولِ آدَمَ سِتِّينَ ذِرَاعًا، وَهَلْ خُلِقَتْ بِهَذَا الطُّولِ ابْتِدَاءً، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فَخَرَجَتْ مِنْهُ كَمَا تَخْرُجُ النَّخْلَةُ مِنْ النَّوَاةِ أَوْ تَدْرِيجِيٌّ قَالَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ: لَا نَصَّ، وَكَانَتْ حَوَّاءُ أَلْيَنَ مِنْ آدَمَ، وَأَجْمَلَ صَوْتًا، وَهَكَذَا النِّسَاءُ مَعَ الرِّجَالِ قِيلَ سُمِّيَتْ حَوَّاءُ؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ حَيٍّ قَالَ تَعَالَى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف: ١٨٩] أَوْ؛ لِأَنَّ لَوْنَهَا كَانَ حُوَّةً، وَهُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي يَمِيلُ لِحُمْرَةٍ وَفِي خَلْقِهَا مِنْ آدَمَ إشَارَةٌ لِلْأُلْفَةِ بَيْنَهُمَا لِمَا بَيْنَ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ مِنْ الِائْتِلَافِ أَوْ إلَى أَنَّ الرَّجُلَ أَصْلٌ وَأُلْقِيَ عَلَيْهِ النَّوْمُ عِنْدَ سَلِّ الضِّلَعِ مِنْهُ مَعَ قُدْرَةِ الْمَوْلَى عَلَى سَلِّهِ مِنْهُ يَقَظَةً وَلَا يُؤْلِمُهُ لِئَلَّا يَرَى مَا يُهَوِّلُهُ، وَلِتَزُولَ عَنْهُ الْوَحْشَةُ بِأَمَنَةِ النُّعَاسِ، وَلِيَنْتَبِهَ فَيَجِدَ الْمُؤْنِسَ الَّذِي طَلَبَهُ فَجْأَةً وَذَلِكَ أَسَرُّ مِنْهُ بَعْدَ الِانْتِظَارِ.
(قَوْلُهُ: فَخَرَجَتْ مِنْهُ) أَيْ فَخَرَجَتْ حَوَّاءُ أَيْ مِنْ ذَلِكَ الضِّلَعِ وَقَوْلُهُ أَيْ بِلَا تَأَلُّمٍ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ ثُمَّ اسْتَلَّ إلَخْ لَا أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: مَهْ) أَيْ اُكْفُفْ يَدَكَ عَنْهَا (قَوْلُهُ: حَتَّى تُؤَدِّيَ إلَخْ) لَا يُقَالُ الْمَهْرُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَمَوَّلًا؛ لِأَنَّ الَّذِي زَوَّجَ حَوَّاءَ لِآدَمَ هُوَ الْمَوْلَى، وَهُوَ يَفْعَلُ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ: يَنْظُرُ إلَى شَهْوَتِهِ) أَيْ عِنْدَ إشْكَالِهِ بِنَبَاتِ اللِّحْيَةِ وَالثَّدْيِ مَعًا وَبِعَدَمِ نَبَاتِهِمَا وَبِتَسَاوِي الْمَخْرَجَيْنِ فِي الْبَوْلِ مِنْهُمَا فَالشَّهْوَةُ وَالْمَيْلُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَلَامَاتِ الَّتِي يَزُولُ بِهَا إشْكَالُهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ قَالَ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَلَا نَظَرَ لِلتُّهْمَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَصَلَ حَيْضٌ) لَمْ يَعْطِفْ (حَيْضٌ) عَلَى اللِّحْيَةِ بَلْ ذَكَرَ لَهُ عَامِلًا لِعَدَمِ صِحَّةِ تَسَلُّطِ الْعَامِلِ الَّذِي هُوَ نَبَتَ عَلَيْهِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَطْفُ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ. اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَنِيٌّ) أَيْ أَوْ خَرَجَ مَنِيٌّ أَيْ مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ بِصِفَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ أَوْ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ بِصِفَةِ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا إشْكَالَ) أَيْ فَلَا لَبْسَ فِيهِ بَلْ هُوَ خُنْثَى غَيْرُ مُشْكِلٍ وَقَوْلُ تت بَلْ هُوَ ذَكَرٌ مُحَقَّقٌ أَوْ أُنْثَى مُحَقَّقَةٌ أَرَادَ مَحْكُومٌ بِذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ فَلَا يُنَافِي وُجُودَ الْفَرْجَيْنِ وَكُلُّ مَنْ لَهُ ذَلِكَ فَهُوَ خُنْثَى إلَّا أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ مُشْكِلًا وَتَارَةً غَيْرَ مُشْكِلٍ وَقَوْلُهُ فَلَا إشْكَالَ جَوَابُ أَنْ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ بَالَ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَحَذَفَ جَوَابَ مَا عَدَاهُ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الشَّرْطِ الْأَخِيرِ وَحَذَفَ جَوَابَ مَا عَدَاهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَحَدِ الْمُتَوَسِّطَاتِ وَحَذَفَ جَوَابَ مَا عَدَاهُ ثُمَّ إنَّ لَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَافِيَةٌ لِلْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الْمَسْمُوعَ فَتْحُ لَامِ (لَا إشْكَالَ) فَهِيَ لِنَفْيِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ لِظُهُورِهِ أَيْ لَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ الْخُنْثَى بَلْ هُوَ خُنْثَى غَيْرُ مُشْكِلٍ مَحْكُومٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute