للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِاتِّضَاحِ الْحَالِ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَفْضَلِ صَادِقٍ فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَدِيعِ الْجَمَالِ رَفِيعِ الْجَلَالِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعَلَى سَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُجْتَهِدِينَ وَعَلَى تَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَلَى أَشْيَاخِنَا هُدَاةِ الطَّالِبِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِذُكُورَتِهِ إنْ وُجِدَتْ فِيهِ عَلَامَةُ الذُّكُورَةِ أَوْ مَحْكُومٌ بِأُنُوثَتِهِ إنْ وُجِدَ فِيهِ عَلَامَتُهَا.

ثُمَّ إنَّ فِي قَوْلِهِ (فَلَا إشْكَالَ) بَرَاعَةَ مَقْطَعٍ، وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُتَكَلِّمُ فِي آخِرِ كَلَامِهِ بِمَا يُؤْذِنُ بِانْتِهَائِهِ، وَلَوْ بِوَجْهٍ دَقِيقٍ كَقَوْلِ أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ:

بَقِيَتْ بَقَاءَ الدَّهْرِ يَا كَهْفَ أَهْلِهِ ... وَهَذَا دُعَاءٌ لِلْبَرِّيَّةِ شَامِلُ

وَبَرَاعَةُ الْمَقْطَعِ تُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِحُسْنِ الِانْتِهَاءِ وَالِانْتِهَاءُ مِمَّا يَتَأَكَّدُ التَّأَنُّقُ فِيهِ عِنْدَ الْبُلَغَاءِ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ مَا يَعِيهِ السَّمْعُ وَيَرْتَسِمُ فِي النَّفْسِ فَإِنْ كَانَ مُسْتَلَذًّا جَبَرَ مَا قَبْلَهُ مِنْ التَّقْصِيرِ كَالطَّعَامِ اللَّذِيذِ بَعْدَ الْأَطْعِمَةِ التَّفِهَةِ وَفِيهِ أَيْضًا تَعْرِيضٌ بِأَنَّهُ لَا إشْكَالَ، وَلَا إلْبَاسَ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ أَوْ بِحَسَبِ التَّفَاؤُلِ أَوْ فِي الْمَذْهَبِ بَعْدَ تَأْلِيفِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيهِ اللَّفْظُ أَيْ لَفْظُ (فَلَا إشْكَالَ) لَا عَلَى طَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، وَلَا الْمَجَازِ، وَلَا الْكِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ أَيْ فِي هَذَا الْخُنْثَى بَلْ هُوَ خُنْثَى غَيْرُ مُشْكِلٍ فَهَذَا الْمَعْنَى التَّعْرِيضِيُّ إنَّمَا أُخِذَ مِنْ عَرْضِ الْكَلَامِ، وَلَيْسَ لِلْكَلَامِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ بِالْمُطَابَقَةِ، وَلَا التَّضَمُّنِ، وَلَا الِالْتِزَامِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

وَالدَّلَالَةُ الْمَحْصُورَةُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إنَّمَا هِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ الْمَسُوقِ لِأَجْلِهِ الْكَلَامُ كَمَا أَشَارَ لِتَحْقِيقِهِ الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ فِي حَوَاشِي الْمُطَوَّلِ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ فَلَا إشْكَالَ تَوْرِيَةً أَيْ لَا إشْكَالَ فِي كِتَابِهِ.

وَالتَّوْرِيَةُ إطْلَاقُ اللَّفْظِ الَّذِي لَهُ مَعْنَيَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ وَيُرَادُ الْبَعِيدُ اعْتِمَادًا عَلَى قَرِينَةٍ خَفِيَّةٍ؛ لِأَنَّ لَا إشْكَالَ قَرِيبٌ فِي الْمَعَانِي بَعِيدٌ فِي الْخُنْثَى وَجَعْلُهُ جَوَابًا عَنْ بَالَ الَّذِي ضَمِيرُهُ عَائِدٌ عَلَى الْخُنْثَى قَرِينَةٌ خَفِيَّةٌ فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ تَوْرِيَةً وَفِيهِ أَنَّ هَذَا بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ كَمَا أَنَّ جَعْلَهُ مِنْ التَّوْجِيهِ وَهُوَ اللَّفْظُ الْمُحْتَمِلُ لِأَحَدِ مَعْنَيَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ أَيْ لَا إشْكَالَ فِي الْخُنْثَى أَوْ لَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الشَّرْطِ بَعِيدٌ أَيْضًا.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ الْبَوْلُ مِنْ أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ مَعَ نَبَاتِ اللِّحْيَةِ أَوْ مَعَ مَا بَعْدَهُ يَحْصُلُ صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ فَفِي تِلْكَ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ يَكُونُ مُشْكِلًا، وَإِذَا تَعَارَضَتْ الْأَكْثَرِيَّةُ مَعَ مَا بَعْدَهَا يَحْصُلُ خَمْسُ صُوَرٍ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ فِي تَعَارُضِ الْأَكْثَرِيَّةِ مَعَ الْأَسْبَقِيَّةِ قَوْلَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ تُرَجَّحُ الْأَسْبَقِيَّةُ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ تُرَجَّحُ الْأَكْثَرِيَّةُ وَالظَّاهِرُ مَا لِلَّخْمِيِّ.

وَأَمَّا فِي الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ، وَهِيَ تَعَارُضُ الْأَكْثَرِيَّةِ مَعَ النَّبَاتِ وَمَا بَعْدَهُ فَيُقَدَّمُ النَّبَاتُ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْأَكْثَرِيَّةِ، وَإِذَا تَعَارَضَتْ الْأَسْبَقِيَّةُ مَعَ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَهَا فَتُرَجَّحُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي بَعْدَهَا عَلَيْهَا فِي تِلْكَ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَإِذَا تَعَارَضَ نَبَاتُ اللِّحْيَةِ مَعَ مَا بَعْدَهُ حَصَلَ ثَلَاثُ صُوَرٍ، وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ نَبَاتُ اللِّحْيَةِ مَعَ الثَّدْيِ بِأَنْ نَبَتَا مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ كَانَ مُشْكِلًا، وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ تَعَارَضَ نَبَاتُ اللِّحْيَةِ مَعَ الْمَنِيِّ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ مَعَ الْحَيْضِ فَهُوَ مُشْكِلٌ فِيهِمَا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ عج، وَلَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْحَيْضُ وَالْمَنِيُّ مِنْ الْفَرْجِ عَلَى نَبَاتِ اللِّحْيَةِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا، وَإِذَا تَعَارَضَ الثَّدْيُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْأُنُوثَةِ مَعَ الْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَرِ كَانَ مُشْكِلًا كَذَا قِيلَ، وَقَدْ يُقَالُ الْمَنِيُّ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الذُّكُورَةِ مِنْ دَلَالَةِ الثَّدْيِ الْكَبِيرِ عَلَى الْأُنُوثَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ وَيُرَجَّحُ بِالْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَرِ عَلَى نَبَاتِ الثَّدْيِ كَمَا أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ نَبَاتِ الثَّدْيِ وَالْحَيْضِ، وَإِذَا تَعَارَضَ الْمَنِيُّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْحَيْضُ كَانَ مُشْكِلًا.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا حَدَثَتْ الْعَلَامَتَانِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا إنْ حُكِمَ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ لِعَلَامَةٍ ظَهَرَتْ فِيهِ ثُمَّ ظَهَرَتْ فِيهِ عَلَامَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى أَوْ بِالْعَكْسِ كَأَنْ يَبُولَ مِنْ الذَّكَرِ ثُمَّ يَأْتِيهِ الْحَيْضُ أَوْ يَبُولَ مِنْ الْفَرْجِ ثُمَّ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ فَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ لَمْ يُغَيَّرْ الْحُكْمُ لِأَجْلِ الْعَلَامَةِ الثَّانِيَةِ وَارْتَضَاهُ ح.

وَقَالَ عج الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ أَقْوَى مِنْ الْأُولَى كَمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى كَثْرَةَ الْبَوْلِ أَوْ سَبْقَهُ وَالثَّانِيَةُ الْحَمْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>