للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ نَافِلَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَهُوَ مَا يُلْقِيهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ وَبَيْنَ كَتِفِهِ فَوْقَ ثَوْبِهِ وَطُولُهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ثَلَاثَةٌ وَتَأَكَّدَ لِأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ فَفَذُّهَا فَأَئِمَّةُ غَيْرِهَا.

(وَ) نُدِبَ لِكُلِّ مُصَلٍّ مُطْلَقًا (سَدْلُ) أَيْ إرْسَالُ (يَدَيْهِ) لِجَنْبَيْهِ وَكُرِهَ الْقَبْضُ بِفَرْضٍ (وَهَلْ يَجُوزُ) (الْقَبْضُ) لِكُوعِ الْيُسْرَى بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَاضِعًا لَهُمَا تَحْتَ الصَّدْرِ وَفَوْقَ السُّرَّةِ (فِي النَّفْلِ) طَوَّلَ أَوْ لَا (أَوْ) يَجُوزُ (إنْ طَوَّلَ) فِيهِ وَيُكْرَهُ إنْ قَصَّرَ تَأْوِيلَانِ (وَهَلْ كَرَاهَتُهُ) أَيْ الْقَبْضِ (فِي الْفَرْضِ) بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا قَابَلَ السَّدْلَ لَا مَا سَبَقَ فَقَطْ (لِلِاعْتِمَادِ) إذْ هُوَ شَبِيهٌ بِالْمُسْتَنِدِ فَلَوْ فَعَلَهُ لَا لِلِاعْتِمَادِ بَلْ اسْتِنَانًا لَمْ يُكْرَهْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فِيمَا يَظْهَرُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ فِي النَّفْلِ مُطْلَقًا لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِيهِ بِلَا ضَرُورَةٍ (أَوْ) كَرَاهَتُهُ (خِيفَةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ) عَلَى الْعَوَامّ وَاسْتُبْعِدَ وَضُعِّفَ (أَوْ) خِيفَةَ (إظْهَارِ خُشُوعٍ) وَلَيْسَ بِخَاشِعٍ فِي الْبَاطِنِ وَعَلَيْهِ فَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالْفَرْضِ (تَأْوِيلَاتٌ) خَمْسَةٌ اثْنَانِ فِي الْأُولَى وَثَلَاثَةٌ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْعِلَلِ كَوْنَهُ مُخَالِفًا لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (وَ) نُدِبَ (تَقْدِيمُ يَدَيْهِ فِي) هَوِيِّ (سُجُودِهِ وَتَأْخِيرُهُمَا عِنْدَ الْقِيَامِ) مِنْهُ.

(وَ) نُدِبَ (عَقْدُ يُمْنَاهُ) أَيْ عَقْدُ أَصَابِعِهَا (فِي تَشَهُّدَيْهِ) يَعْنِي تَشَهُّدَ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ فِي تَشَهُّدِهِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ (الثَّلَاثِ) مِنْ أَصَابِعِهَا الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ وَالْوُسْطَى وَأَطْرَافُهَا عَلَى اللَّحْمَةِ الَّتِي تَحْتَ الْإِبْهَامِ عَلَى صِفَةِ تِسْعَةٍ (مَا عَدَا السَّبَّابَةَ) وَجَاعِلًا جَنْبَهَا لِلسَّمَاءِ (وَالْإِبْهَامَ) بِجَانِبِهَا عَلَى الْوُسْطَى مَمْدُودَةً عَلَى صُورَةِ الْعِشْرِينَ فَتَكُونُ الْهَيْئَةُ صِفَةَ التِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ (وَ) نُدِبَ (تَحْرِيكُهَا) أَيْ السَّبَّابَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ بِحَيْثُ تَلْصَقُ بَطْنَهَا بِفَخِذَيْهَا وَمِرْفَقَيْهَا بِرُكْبَتَيْهَا (قَوْلُهُ: لِكُلِّ مُصَلٍّ) أَيْ سَوَاءً كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا كَانَ يُصَلِّي فَرْضًا أَوْ نَفْلًا إلَّا الْمُسَافِرَ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ اسْتِعْمَالُ الرِّدَاءِ كَمَا ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش.

(قَوْلُهُ: عَلَى عَاتِقَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَاتِقَيْنِ غَيْرُ الْكَتِفَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يَضَعُ الرِّدَاءَ عَلَى الْكَتِفَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَهُوَ مَا يُلْقِيهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ أَيْ كَتِفَيْهِ دُونَ أَنْ يُغَطِّيَ بِهِ رَأْسَهُ فَإِنْ غَطَّاهَا بِهِ وَرَدَّ طَرَفَهُ عَلَى أَحَدِ كَتِفَيْهِ صَارَ قِنَاعًا وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلرَّجُلِ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ النِّسَاءِ إلَّا مِنْ ضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَوْمٍ شِعَارُهُمْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الِانْتِقَابِ كَذَا فِي بْن.

(قَوْلُهُ: وَتَأَكَّدَ) أَيْ نَدْبُ اسْتِعْمَالِ الرِّدَاءِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ إرْسَالُ يَدَيْهِ لِجَنْبَيْهِ) أَيْ مِنْ حِينَ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ: وَكُرِهَ الْقَبْضُ) أَيْ عَلَى كُوعِ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى وَكَذَا عَكْسُهُ وَوَضْعُهُمَا فَوْقَ السُّرَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ فِي النَّفْلِ طَوَّلَ أَوْ لَا) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِي النَّفْلِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْفَرْضِ مَكْرُوهٌ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ وَأَنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْقَبْضِ النَّفَلُ إذَا لَمْ يُطَوِّلْ الْقَبْضَ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهَا فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ (قَوْلُهُ: لِلِاعْتِمَادِ) أَيْ إذَا فَعَلَهُ بِقَصْدِ الِاعْتِمَادِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ (قَوْلُهُ: بَلْ اسْتِنَانًا) أَيْ اتِّبَاعًا لِلنَّبِيِّ فِي فِعْلِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ خِيفَةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ) هَذَا التَّأْوِيلُ لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الْقَبْضِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَيُضَعِّفُهُ تَفْرِقَةُ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُبْعِدَ) أَيْ لِأَدَائِهِ لِكَرَاهَةِ كُلِّ الْمَنْدُوبَاتِ لِأَنَّ خِيفَةَ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ مُمْكِنٌ فِي جَمِيعِ الْمَنْدُوبَاتِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا التَّأْوِيلُ ضَعِيفٌ مِنْ وَجْهَيْنِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: أَوْ خِيفَةَ إظْهَارِ خُشُوعٍ) هَذَا التَّأْوِيلُ لِعِيَاضٍ وَهُوَ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الْقَبْضِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَيُضَعِّفُهُ أَنَّ مَالِكًا فَرَّقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَذَكَرَ أَنَّ الْقَبْضَ فِي النَّفْلِ جَائِزٌ وَإِنَّهُ يُكْرَهُ فِي الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: اثْنَانِ فِي الْأُولَى) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ تَقْدِيمُ يَدَيْهِ إلَخْ) لِمَا فِي أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَبْرُكَنَّ أَحَدُكُمْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ وَلَكِنْ يَضَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ» وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يُقَدِّمُ رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ انْحِطَاطِهِ لِلسُّجُودِ كَمَا يُقَدِّمُهُمَا الْبَعِيرُ عِنْدَ بُرُوكِهِ وَلَا يُؤَخِّرُهُمَا فِي الْقِيَامِ كَمَا يُؤَخِّرُهُمَا الْبَعِيرُ فِي قِيَامِهِ وَالْمُرَادُ رُكْبَتَا الْبَعِيرِ اللَّتَانِ فِي يَدَيْهِ لِأَنَّهُ يُقَدِّمُهُمَا فِي بُرُوكِهِ وَيُؤَخِّرُهُمَا عِنْدَ الْقِيَامِ عَكْسَ الْمُصَلِّي.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ عَقْدُهُ) أَيْ نُدِبَ لِلْمُصَلِّي عَقْدُ يُمْنَاهُ فَالضَّمِيرَانِ لِلْمُصَلِّي (قَوْلُهُ: وَأَشْمَلَ) أَيْ لِأَنَّ تَشَهُّدَهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ الْوَاحِدَ وَالِاثْنَيْنِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: الثَّلَاثِ مِنْ أَصَابِعِهَا) بَدَلٌ مِنْ يُمْنَاهُ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ: وَأَطْرَافُهَا عَلَى اللَّحْمَةِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْوُسْطَى) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْإِبْهَامِ مَوْضُوعًا عَلَى الْوُسْطَى (قَوْلُهُ: عَلَى صُورَةِ الْعِشْرِينَ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَدَّ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ صُورَةُ الْعِشْرِينَ وَأَمَّا قَبْضُ الثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ إجْمَالٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّلَاثَةَ صِفَةَ تِسْعَةٍ وَهُوَ جَعْلُهَا عَلَى اللَّحْمَةِ الَّتِي تَحْتَ الْإِبْهَامِ فَتَصِيرُ الْهَيْئَةُ هَيْئَةَ التِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ وَيَحْتَمِلُ جَعْلَ الثَّلَاثَةِ فِي وَسَطِ الْكَفِّ وَهُوَ صِفَةُ ثَلَاثَةٍ فَتَكُونُ الْهَيْئَةُ هَيْئَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ شَارِحُنَا وَأَمَّا احْتِمَالُ جَعْلِهَا فِي وَسَطِ الْكَفِّ مَعَ وَضْعِ الْإِبْهَامِ عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى وَهِيَ صِفَةُ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ فَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ لِأَنَّ الْإِبْهَامَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَمْدُودٍ بَلْ هُوَ مُنْحَنٍ عَلَى أُنْمُلَةِ الْأَوْسَطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>