للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمِينًا وَشِمَالًا (دَائِمًا) فِي جَمِيعِ التَّشَهُّدِ وَأَمَّا الْيُسْرَى فَيَبْسُطُهَا مَقْرُونَةَ الْأَصَابِعِ عَلَى فَخِذِهِ (وَ) نُدِبَ (تَيَامُنٌ بِالسَّلَامِ) عِنْدَ النُّطْقِ بِالْكَافِ وَالْمِيمِ بِحَيْثُ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ صَفْحَةَ وَجْهِهِ وَمَا قَبْلَهُمَا يُشِيرُ بِهِ قُبَالَةَ وَجْهِهِ وَهَذَا فِي الْإِمَامِ وَالْفَذِّ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَتَيَامَنُ بِجَمِيعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ) يَعْنِي تَشَهُّدَ السَّلَامِ بِأَيِّ صِيغَةٍ كَانَتْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّشَهُّدَ بِأَيِّ لَفْظٍ مَرْوِيٍّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سُنَّةٌ (وَهَلْ) (لَفْظُ التَّشَهُّدِ) الْمَعْهُودُ وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلنَّاسِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَجَرَى مَجْرَى الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَلِذَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ الدُّعَاءِ بِأَيِّ صِيغَةٍ وَالْأَفْضَلُ فِيهَا مَا فِي الْخَبَرِ وَهُوَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ (سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ (وَلَا بَسْمَلَةَ فِيهِ) أَيْ فِي التَّشَهُّدِ أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (وَجَازَتْ) الْبَسْمَلَةُ (كَتَعَوُّذٍ بِنَفْلٍ) فِي الْفَاتِحَةِ وَفِي السُّورَةِ (وَكُرِهَا) أَيْ الْبَسْمَلَةُ وَالتَّعَوُّذُ (بِفَرْضٍ) قَالَ الْقَرَافِيُّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالْغَزَالِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرُهُمَا الْوَرَعُ الْبَسْمَلَةُ أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (كَدُعَاءٍ) بَعْدَ إحْرَامٍ وَ (قَبْلَ قِرَاءَةٍ) فَيُكْرَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمَدِّ مَا قَابَلَ الْعَقْدَ.

(قَوْلُهُ: يَمِينًا وَشِمَالًا) أَيْ لَا لِأَعْلَى وَلَا لِأَسْفَلَ أَيْ لِفَوْقٍ وَتَحْتٍ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ التَّشَهُّدِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِهِ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ لِآخِرِهِ وَهُوَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحَرِّكُهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ فِي حَالَةِ الدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي عِلَّةِ تَحْرِيكِهَا وَهُوَ أَنَّهُ يُذَكِّرُهُ أَحْوَالَ الصَّلَاةِ فَلَا يُوقِعُهُ الشَّيْطَانُ فِي سَهْوٍ أَنَّهُ يُحَرِّكُهَا دَائِمًا لِلسَّلَامِ وَإِنَّمَا كَانَ تَحْرِيكُهَا يُذَكِّرُهُ أَحْوَالَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ عُرُوقَهَا مُتَّصِلَةٌ بِنِيَاطِ الْقَلْبِ فَإِذَا تَحَرَّكَتْ انْزَعَجَ الْقَلْبُ فَيَتَنَبَّهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ النُّطْقِ بِالْكَافِ وَالْمِيمِ) أَيْ مِنْ عَلَيْكُمْ (قَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهُمَا) أَيْ الْكَافُ وَالْمِيمُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَهُ الْبَاجِيَّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَمُقَابِلُهُ مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتَيَامَنُ كَالْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي تَشَهُّدَ السَّلَامِ) أَيْ سَوَاءً كَانَ أَوَّلًا أَوْ ثَانِيًا أَوْ ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا وَمَحِلُّ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ بِمَعْنَى بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي خُصُوصِ اللَّفْظِ الْوَارِدِ عَنْ عُمَرَ وَأَمَّا أَصْلُهُ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ فَهُوَ سُنَّةٌ قَطْعًا وَبِذَلِكَ شَرَحَ شَارِحُنَا تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ وح وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وَعَلَيْهِ يَنْبَنِي مَا اُشْتُهِرَ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ عَنْهُ وَشَرْحُ بَهْرَامَ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِهِ فَقَالَ وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ أَيْ بِأَيِّ صِيغَةٍ كَانَتْ وَأَمَّا اللَّفْظُ الْوَارِدُ عَنْ عُمَرَ فَمَنْدُوبٌ قَطْعًا وَعَلَى هَذَا فَالْمُصَنِّفُ جَزَمَ سَابِقًا بِالْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ ثُمَّ حَكَى هُنَا الْخِلَافَ فِي أَصْلِهِ وَقَوَّاهُ طفى حَيْثُ قَالَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ وَتَعَقَّبَهُ بْن بِأَنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَشْهِيرِ الْقَوْلِ بِأَنَّ أَصْلَ التَّشَهُّدِ فَضِيلَةٌ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ اهـ وَبِالْجُمْلَةِ فَأَصْلُ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ قَطْعًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يُفِيدُهُ بْن وَخُصُوصُ اللَّفْظِ مَنْدُوبٌ قَطْعًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ وَبِهَذِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ لِتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ عَنْهُ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ إذْ هُوَ لَيْسَ عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ قَطْعًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلنَّاسِ إلَخْ) أَيْ هُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ جَرَيَانِ اللَّفْظِ الْوَارِدِ عَنْ عُمَرَ مَجْرَى الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَاخْتَارَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ إلَى آخِرِ مَا رُوِيَ عَنْ سَيِّدِنَا عُمَرَ وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ تَشَهُّدَ نَفْلٍ (قَوْلُهُ: وَجَازَتْ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي حَاشِيَةِ خش أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: كَتَعَوُّذٍ) ظَاهِرُهُ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ السُّورَةِ جَهْرًا أَوْ سِرًّا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ كَرَاهَةِ الْجَهْرِ بِالتَّعَوُّذِ وَمُفَادُ شب تَرْجِيحُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَكُرْهًا بِفَرْضٍ) أَيْ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ سِرًّا أَوْ جَهْرًا فِي الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ مَالِكٍ وَمُحَصَّلُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَتْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا فِي النَّمْلِ وَقِيلَ بِإِبَاحَتِهَا وَنَدْبِهَا وَوُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: الْوَرَعُ الْبَسْمَلَةُ أَوْ الْفَاتِحَةُ) أَيْ وَيَأْتِي بِهَا سِرًّا وَيُكْرَهُ الْجَهْرُ بِهَا وَلَا يُقَالُ قَوْلُهُمْ: يُكْرَهُ الْإِتْيَانُ بِهَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ يُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا أَتَى بِهَا عَلَى وَجْهِ أَنَّهَا فَرْضٌ سَوَاءً قَصَدَ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ أَمْ لَا وَمَحِلُّ النَّدْبِ إذَا قَصَدَ بِهَا الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهَا فَرْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>