للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَلَمَّا كَانَ الِاقْتِصَارُ لَيْسَ عِلَّةً لِلسُّجُودِ بِخِلَافِ الْإِتْمَامِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلزِّيَادَةِ وَجْهٌ مَعَ أَنَّهُ بِصَدَدِ التَّمْثِيلِ لَهَا بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (شَكَّ أَهُوَ بِهِ) أَيْ فِي ثَانِيَتِهِ (أَوْ بِوَتْرٍ) فَهُوَ اسْتِئْنَافٌ فِي قُوَّةِ الْعِلَّةِ أَيْ لِشَكِّهِ إلَخْ أَيْ أَنَّ مَنْ شَكَّ كَذَلِكَ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الشَّفْعِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ بِأَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ هِيَ ثَانِيَةَ شَفْعِهِ وَيَسْجُدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَضَافَ رَكْعَةَ الْوَتْرِ لِشَفْعِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِسَلَامٍ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى شَفْعَهُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَمِثْلُهُ مُقْتَصِرٌ عَلَى عِشَاءٍ مَثَلًا شَكَّ هَلْ هُوَ فِي آخِرَتِهَا أَوْ فِي الشَّفْعِ وَمُقْتَصِرٌ عَلَى ظُهْرٍ شَكَّ هَلْ هُوَ بِهِ أَوْ بِعَصْرٍ فَالسُّجُودُ لِلزِّيَادَةِ

(أَوْ) (تَرْكُ سِرٍّ بِفَرْضٍ) كَظُهْرٍ لَا نَفْلٍ وَإِتْيَانٌ بِمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْجَهْرِ بِفَاتِحَةٍ أَوْ مَعَ سُورَةٍ فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِنْ أَبْدَلَهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ فَلَا سُجُودَ (أَوْ) (اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ) أَيْ كَثُرَ مِنْهُ بِأَنْ يَعْتَرِيَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَلَكِنْ لَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ بَلْ يَبْنِي عَلَى التَّمَامِ وُجُوبًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَهِيَ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ كَعَمِيَ أَيْ أَعْرَضَ (عَنْهُ) إذْ لَا دَوَاءَ لَهُ مِثْلُ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ فَإِنْ أَصْلَحَ بِأَنْ أَتَى بِمَا شَكَّ فِيهِ لَمْ تَبْطُلْ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ ثُمَّ شَبَّهَ بِمَا يَسْجُدُ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ قَوْلُهُ (كَطُولٍ) عَمْدًا (بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ بِهِ) الطُّولُ كَالْقِيَامِ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَشَرَعَ فِي الْوَتْرِ أَوْ هُوَ فِي ثَانِيَةِ الشَّفْعِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا ثَانِيَةَ الشَّفْعِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَلَا يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ شَفْعِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَضَافَ رَكْعَةَ الْوَتْرِ إلَى الشَّفْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى الشَّفْعَ ثَلَاثًا وَهَذَا أَيْ سُجُودُهُ بَعْدَ السَّلَامِ هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَالتَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ مَعَهُ نَقْصٌ السَّلَامُ وَالزِّيَادَةُ الْمَشْكُوكَانِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِتْمَامِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ وَكَمُتِمٍّ لِشَكٍّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ وَجْهُ الزِّيَادَةِ.

(قَوْلُهُ فِي قُوَّةِ الْعِلَّةِ) أَيْ فَقَوْلُهُ وَكَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ وَهُوَ جَعْلُ تِلْكَ الرَّكْعَةِ أَيْ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثَانِيَةَ الشَّفْعِ وَلِلسُّجُودِ أَيْضًا بَعْدَ السَّلَامِ مِنْ حَيْثُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ مُتِمٌّ لِشَكٍّ الَّذِي جُعِلَ تَمْثِيلًا لِمَا يَسْجُدُ لَهُ بَعْدُ وَقَوْلُهُ شَكَّ هَلْ هُوَ بِهِ إلَخْ فِي قُوَّةِ الْعِلَّةِ لِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ هَلْ هُوَ فِي ثَانِيَةِ الشَّفْعِ أَوْ فِي الْوَتْرِ.

(قَوْلُهُ فَالسُّجُودُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يَجْعَلُ هَذِهِ الرَّكْعَةَ لِلْعِشَاءِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَالسُّجُودُ هُنَا لِلزِّيَادَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرَّكْعَةُ مِنْ الشَّفْعِ أَضَافَهَا لِلْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِسَلَامٍ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى الْعِشَاءَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ

. (قَوْلُهُ أَوْ تَرْكُ سِرٍّ) أَيْ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَلَوْ فِي رَكْعَةٍ وَأُولَى مَعَ السُّورَةِ أَوْ فِي سُورَةٍ فَقَطْ فِي رَكْعَتَيْنِ لَا فِي رَكْعَةٍ لِأَنَّهَا فِيهَا سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ فَلَا يَسْجُدُ لَهَا.

(قَوْلُهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ) أَيْ وَهُوَ إسْمَاعُ نَفْسِهِ وَمَنْ يَلِيه.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ) قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ اسْتِحْبَابًا قَالَ شب وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّ الْبَغْدَادِيِّينَ وَمِنْهُمْ عَبْدُ الْوَهَّابِ يُطْلِقُونَ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ فَلَيْسَ هَذَا جَارِيًا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبِّ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ بَلْ يَبْنِي عَلَى التَّمَامِ) أَيْ فَإِذَا شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا بَنَى عَلَى أَرْبَعَةٍ وُجُوبًا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ حَيْثُ بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ فَلَا مُوجِبَ لِلسُّجُودِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ السُّجُودَ إنَّمَا هُوَ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّكَّ مُسْتَنْكِحٌ وَغَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَالسَّهْوُ كَذَلِكَ فَالشَّكُّ الْمُسْتَنْكِحُ هُوَ أَنْ يَعْتَرِيَ الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا بِأَنْ يَشُكَّ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً هَلْ زَادَ أَوْ نَقَصَ أَوْ لَا أَوْ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا وَلَا يَتَيَقَّنُ شَيْئًا يَبْنِي عَلَيْهِ وَحُكْمُهُ أَنْ يُلَهَّى عَنْهُ وَلَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ بَلْ يَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ وَلَكِنْ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ اسْتِحْبَابًا كَمَا فِي عِبَارَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَلُهِّيَ عَنْهُ وَالشَّكُّ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ هُوَ الَّذِي لَا يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ كَمَنْ شَكَّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا أَوْ هَلْ زَادَ أَوْ نَقَصَ أَوْ لَا فَهَذَا يُصْلِحُ بِالْبِنَاءِ عَلَى الْأَقَلِّ وَالْإِتْيَانِ بِمَا شَكَّ فِيهِ وَيَسْجُدُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ وَمُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ إلَخْ فَإِنْ بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ بَطَلَتْ وَلَوْ ظَهَرَ الْكَمَالُ حَيْثُ سَلَّمَ عَنْ غَيْرِ يَقِينٍ وَالسَّهْوُ الْمُسْتَنْكِحُ هُوَ الَّذِي يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا وَهُوَ أَنْ يَسْهُوَ وَيَتَيَقَّنَ أَنَّهُ سَهَا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يُصْلِحُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ وَيَصْلُحُ؛ وَالسَّهْوُ غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ هُوَ الَّذِي لَا يَعْتَرِي الْمُصَلِّيَ كَثِيرًا وَحُكْمُهُ أَنْ يُصْلِحَ وَيَسْجُدَ حَسْبَمَا سَهَا مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ سُنَّ لِسَهْوٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السَّاهِي وَالشَّاكِّ أَنَّ الْأَوَّلَ يَضْبِطُ مَا تَرَكَهُ بِخِلَافِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَصْلَحَ) أَيْ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا كَمَا فِي ح لَمْ تَبْطُلْ وَذَلِكَ لِأَنَّ بِنَاءَهُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَإِعْرَاضَهُ عَنْ شَكِّهِ تَرْخِيصٌ لَهُ وَقَدْ رَجَعَ لِلْأَصْلِ.

(قَوْلُهُ كَطُولٍ عَمْدًا) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ اسْتِظْهَارَ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ فِيهِ وَأَمَّا التَّطْوِيلُ سَهْوًا فَالسُّجُودُ بِاتِّفَاقٍ مِنْ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى مَنْ شَكَّ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>