السَّجْدَتَيْنِ وَالْمُسْتَوْفِزُ لِلْقِيَامِ عَلَى يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ بِأَنْ زَادَ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ الْوَاجِبَةِ وَالسُّنَّةِ زِيَادَةً بَيِّنَةً (عَلَى الْأَظْهَرِ) مِنْ الْأَقْوَالِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَأَمَّا التَّطْوِيلُ سَهْوًا فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ فَالسُّجُودُ لَهُ بِاتِّفَاقٍ فَإِنْ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ يُشْرَعُ فِيهِ كَقِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَجُلُوسٍ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَيَسْجُدُ الْبَعْدِيَّ (وَإِنْ) ذَكَرَهُ (بَعْدَ شَهْرٍ) أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ (بِإِحْرَامٍ) أَيْ نِيَّةٍ وُجُوبًا شَرْطًا (وَتَشَهُّدٍ) اسْتِنَانًا كَتَكْبِيرِ هُوِيٍّ وَرَفْعٍ (وَسَلَامٍ) وُجُوبًا غَيْرُ شَرْطٍ (جَهْرًا) اسْتِنَانًا وَأَمَّا الْقَبْلِيُّ فَإِنْ أَتَى بِهِ فِي مَحَلِّهِ فَالسَّلَامُ لِلصَّلَاةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لِأَنَّهُ دَاخِلُهَا بِخِلَافِ لَوْ أَخَّرَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
صَلَاتِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَمَهَّلَ لِيَتَذَكَّرَ مَا سَهَا عَنْهُ فَإِنْ تَذَكَّرَ سَهْوًا أَكْمَلَ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَنْكِحَ يَبْنِي عَلَى الْكَمَالِ وَغَيْرُهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُطَوِّلْ فِي تَمَهُّلِهِ فَإِنْ طَالَ فَابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرَى السُّجُودَ مُطْلَقًا وَسَحْنُونٌ يَرَاهُ مُطْلَقًا وَفَرَّقَ أَشْهَبُ فَرَأَى عَلَيْهِ السُّجُودَ حَيْثُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ، وَعَدَمَهُ حَيْثُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ يَشْرَعُ فِيهِ التَّطْوِيلُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ اهـ وَهَذَا إذَا طَوَّلَ مُتَفَكِّرًا لِأَجْلِ شَكٍّ حَصَلَ عِنْدَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاتِهِ وَأَمَّا لَوْ طَوَّلَ فِيمَا لَا يُشْرَعُ فِيهِ التَّطْوِيلُ عَبَثًا أَوْ لِلتَّذَكُّرِ فِي شَيْءٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِصَلَاتِهِ فَانْظُرْ مَا حُكْمُهُ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَالسُّجُودُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْحَدِّ قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ السُّجُودِ إذَا طَوَّلَ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى الطُّولِ تَرْكُ سُنَّةٍ كَمَا إذَا طَوَّلَ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِأَنَّهُ يُسَنُّ تَرْكُ التَّطْوِيلِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَمِنْ السُّجُودِ زِيَادَةً عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ وَعَلَى الزَّائِدِ عَلَيْهَا اسْتِنَانًا فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى الطُّولِ تَرْكُ مُسْتَحَبٍّ فَقَطْ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ كَتَطْوِيلِ الْجِلْسَةِ الْأُولَى فَإِنَّ تَرْكَ التَّطْوِيلِ فِيهَا مُسْتَحَبٌّ وَلَا سُجُودَ لِتَرْكِ مُسْتَحَبٍّ فَإِنْ قُلْت حَيْثُ كَانَ السُّجُودُ مُقَيَّدًا بِأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى الطُّولِ تَرْكُ سُنَّةٍ يَكُونُ السُّجُودُ قَبْلَ السَّلَامِ لَا بَعْدَهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ السُّجُودَ مَنُوطٌ بِالطُّولِ بِالْمَحَلِّ الَّذِي لَمْ يُشْرَعُ فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَضَمَّنَ تَرْكَ سُنَّةٍ فَتَضَمُّنُ تَرْكِ السُّنَّةِ شَرْطٌ فِي كَوْنِ الطُّولِ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ مُقْتَضِيًا لِلسُّجُودِ وَلَيْسَ السُّجُودُ لِتَرْكِ السُّنَّةِ كَذَا أَجَابَ عبق وَأَجَابَ بْن بِأَنَّ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ سُنَّةٍ وُجُودِيَّةٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَقْصٌ وَالسُّنَّةُ هُنَا عَدَمِيَّةٌ فَتَرْكُهَا زِيَادَةٌ لَا نَقْصٌ فَلِذَا كَانَ السُّجُودُ بَعْدِيًّا.
(قَوْلُهُ بِأَنْ زَادَ) تَصْوِيرٌ لِلطُّولِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْحَدِّ فَيَسْجُدَ اهـ خش وَالْمُرَادُ أَنَّهُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ شُرِعَ فِيهِ لِلتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَوْ طَوَّلَ فِيهِ عَبَثًا أَوْ لِتَذَكُّرِ شَيْءِ فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ فَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ قَالَهُ عج قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَيَسْجُدُ.
(قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ الْبَعْدِيَّ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ بَعْدَ شَهْرٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَبَعْدَهُ أَيْ وَإِلَّا فَيَسْجُدُ بَعْدَهُ وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَلَا يَتَقَيَّدُ التَّأْخِيرُ بِالشَّهْرِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ الْمُدَوَّنَةَ فِي التَّعْبِيرِ بِالشَّهْرِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ أَوْ إنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا أَوْ مَعَ مَا عُطِفَتْ أَيْ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَانْظُرْ مَا حُكْمُ تَأْخِيرِهِ مُدَّةً مَا عَنْ الصَّلَاةِ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ مَتَى مَا ذَكَرَهُ وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ نَهْيٍ مَا لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةِ نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ وَإِلَّا مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ فَإِذَا كَمَّلَهَا سَجَدَ وَلَا يُفْسِدُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَتْ صَاحِبَةُ ذَلِكَ السُّجُودِ جُمُعَةً.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى سُنَّتَيْنِ أَوْ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ لَا يُؤْتَى بِهِ مَعَ الطُّولِ وَالْبَعْدِيُّ يُؤْتَى بِهِ مُطْلَقًا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْبَعْدِيَّ لِتَرْغِيمِ أَنْفِ الشَّيْطَانِ وَالْقَبْلِيَّ جَابِرٌ وَالتَّرْغِيمُ لَا يَتَقَيَّدُ بِزَمَانٍ وَالْجَابِرُ حَقُّهُ أَنْ يَتَّصِلَ بِالْمَجْبُورِ أَوْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ قَلِيلًا.
(قَوْلُهُ غَيْرُ شَرْطٍ) وَحِينَئِذٍ فَلَا يَبْطُلُ السُّجُودُ بِتَرْكِهِ وَأَحْرَى تَرْكُ التَّشَهُّدِ أَوْ تَكْبِيرِ الْهُوِيِّ أَوْ الرَّفْعِ بَلْ لَوْ أَتَى بِالنِّيَّةِ وَسَجَدَ وَتَرَكَ مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ تَكْبِيرٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَمَا فِي خش.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ دَاخِلُهَا) أَيْ فَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ مُنْسَحِبَةٌ عَلَيْهِ فَلَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَتَى بِالسَّجْدَتَيْنِ ذَاهِلًا عَنْ كَوْنِهِ سَاجِدًا لِلسَّهْوِ لَصَحَّتْ وَمَا فِي عبق مِنْ احْتِيَاجِ الْقَبْلِيِّ لِنِيَّةٍ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute