للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَفَنُّنًا وَالْخِطَابُ هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ إفْهَامُ الْمُخَاطَبِ وَقِيلَ: الصَّالِحُ لِلْإِفْهَامِ (أَنْ يُنْظَرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ اسْأَلْهُمْ أَنْ يَتَأَمَّلَ هَذَا الْكِتَابَ (بِعَيْنِ) ذِي (الرِّضَا) أَيْ الْقَبُولِ وَالْمَحَبَّةِ (وَالصَّوَابِ) أَيْ الْإِنْصَافِ لَا بِعَيْنِ السَّخَطِ وَالِاعْتِسَافِ أَوْ أَنَّ إضَافَةَ عَيْنٍ لِمَا بَعْدَهُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَمَا قِيلَ

وَعَيْنُ الرِّضَا عَنْ كُلِّ عَيْبٍ كَلِيلَةٌ ... كَمَا أَنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي الْمَسَاوِيَا

(فَمَا كَانَ) مَا شَرْطِيَّةٌ مُبْتَدَأٌ وَكَانَ تَامَّةٌ فِعْلُ الشَّرْطِ وَفَاعِلُهَا يَعُودُ عَلَى مَا وَ (مِنْ نَقْصٍ) بَيَانٌ لِمَا أَيْ فَمَا وُجِدَ فِيهِ مِنْ نَقْصِ لَفْظٍ يُخِلُّ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ (كَمَّلُوهُ) فِعْلٌ مَاضٍ جَوَابُ الشَّرْطِ أَيْ كَمَّلُوا ذَلِكَ النَّقْصَ أَيْ اللَّفْظَ النَّاقِصَ أَوْ الْمَنْقُوصَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّقْصِ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيَّ أَيْ التَّرْكَ إذْ لَا مَعْنَى لِتَكْمِيلِ التَّرْكِ إذْ لَا يَكْمُلُ إلَّا الْمَوْجُودُ نَاقِصًا (وَ) مَا كَانَ (مِنْ خَطَإٍ) فِي الْمَعَانِي وَالْأَحْكَامِ وَفِي إعْرَابِ الْأَلْفَاظِ (أَصْلَحُوهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ فِعْلٌ مَاضٍ أَيْ أَصْلَحُوا ذَلِكَ الْخَطَأَ بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ فِي الشُّرُوحِ أَوْ الْحَاشِيَةِ أَوْ التَّقْرِيرِ بِأَنْ يُقَالَ قَدْ وَقَعَ مِنْهُ هَذَا سَهْوًا أَوْ قَدْ سَبَقَهُ الْقَلَمُ وَصَوَابُهُ كَذَا أَوْ هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ مَثَلًا أَوْ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ وَتَبْدِيلٍ فِي أَصْلِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا إذْنَ فِيهِ لِأَحَدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْحَذَرُ مِنْ قِلَّةِ الْأَدَبِ كَأَنْ يُقَالَ: هَذَا خَبْطٌ أَوْ كَذِبٌ أَوْ كَلَامٌ فَاسِدٌ لَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّ قِلَّةَ الْأَدَبِ مَعَ أَئِمَّةِ الدِّينِ لَا تُفِيدُ إلَّا الْوَبَالَ عَلَى صَاحِبِهَا دُنْيَا وَأُخْرَى وَانْظُرْ هَذَا الْإِمَامَ الْكَبِيرَ كَيْفَ اعْتَذَرَ وَتَذَلَّلَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ أَضَافَ (قَوْلُهُ: تَفَنُّنًا) أَيْ ارْتِكَابًا لِفَنَّيْنِ وَطَرِيقَتَيْنِ فِي التَّعْبِيرِ مُرَادًا مِنْهُمَا مَعْنًى وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْخِطَابِ اللِّسَانُ فَقَوْلُهُ: بَعْدُ وَالْخِطَابُ إلَخْ بَيَانٌ لِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ لَا لِلْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الصَّالِحُ لِلْإِفْهَامِ) أَيْ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُقَالُ لِلْكَلَامِ خِطَابٌ إلَّا إذَا وُجِدَ مَنْ يُخَاطَبُ بِهِ وَكَانَ أَهْلًا لِفَهْمِهِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَيُقَالُ لَهُ خِطَابٌ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُخَاطَبُ بِهِ فَكَلَامُ اللَّهِ فِي الْأَزَلِ لَا يُقَالُ لَهُ خِطَابٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَيُقَالُ لَهُ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَنْ يُنْظَرَ) أَيْ أَنْ يُنْظَرَ إلَيْهِ مَنْ نَظَرَهُ مِنْهُمْ

(قَوْلُهُ: بِعَيْنِ ذِي الرِّضَا) أَيْ فَفِي الْكَلَامِ مَجَازٌ بِالْحَذْفِ أَوْ الْمُرَادِ بِعَيْنِ الرَّاضِي وَالْمُصِيبِ، أَوْ الْكَلَامُ مِنْ بَابِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ أَنَّهُ بَالَغَ فِي النَّاظِرِ حَتَّى جَعَلَهُ نَفْسَ الرِّضَا، أَوْ فِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ وَإِثْبَاتُ الْعَيْنِ تَخْيِيلٌ أَوْ أَنَّ إضَافَةَ عَيْنٍ لِمَا بَعْدَهُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ النَّاظِرُ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ فِي حَالِ رِضَاهُ (قَوْلُهُ: لَا بِعَيْنِ السَّخَطِ) هُوَ ضِدُّ الرِّضَا وَهُوَ تَصَوُّرُ الْحَقِّ بِصُورَةِ الْبَاطِلِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِسَافِ) هُوَ الْبَاطِلُ فَهُوَ ضِدُّ الصَّوَابِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ إضَافَةَ عَيْنٍ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ ذِي (قَوْلُهُ: وَعَيْنُ الرِّضَا) أَيْ وَعَيْنُ النَّاظِرِ لِلشَّيْءِ فِي حَالِ رِضَاهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ عَيْنَ السُّخْطِ) أَيْ كَمَا أَنَّ عَيْنَ النَّاظِرِ لِلشَّيْءِ فِي حَالِ سَخَطِهِ عَلَيْهِ تُبْدِي الْمَسَاوِيَا أَيْ الْقَبَائِحَ فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَقْصٍ) أَيْ نَقْصِ لَفْظٍ أَيْ لَفْظٍ نَاقِصٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ اللَّفْظُ كَلِمَةً أَوْ حَرْفًا لَا مَا كَانَ فِيهِ مِنْ نَقْصِ أَحْكَامٍ وَمَسَائِلَ لَمْ تُذْكَرْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا غَايَةَ لَهُ وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى تَكْمِيلِ ذَلِكَ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: كَمَّلُوهُ) أَيْ أَذِنْت لَهُمْ فِي تَكْمِيلِهِ بِمَا يُتَمِّمُهُ لِأَجْلِ أَنْ يُفْهَمَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ

(قَوْلُهُ: فِعْلٌ مَاضٍ) أَيْ فَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلُ أَمْرٍ إذْنًا لِأُولِي الْأَلْبَابِ فِي التَّكْمِيلِ؛ لِأَنَّ مَا شَرْطِيَّةٌ مُبْتَدَأٌ وَالْأَمْرُ لَا يَكُونُ جَوَابًا لِلشَّرْطِ إلَّا إذَا قُرِنَ بِالْفَاءِ وَلَا يَجُوزُ حَذْفُهَا إلَّا فِي الشِّعْرِ (قَوْلُهُ: جَوَابُ الشَّرْطِ) وَهَلْ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ فِعْلُ الشَّرْطِ أَوْ جَوَابُهُ أَوْ هُمَا أَقْوَالٌ (قَوْلُهُ: أَيْ اللَّفْظَ النَّاقِصَ) أَيْ السَّاقِطَ وَتَكْمِيلُهُ بِالْإِتْيَانِ بِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمَنْقُوصَ أَيْ وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ الْإِسْقَاطِ وَتَكْمِيلُهُ بِالْإِتْيَانِ بِالسَّاقِطِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْصِ إمَّا اللَّفْظُ الْمَحْذُوفُ الْمُسْقِطُ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ الْإِسْقَاطِ لَا نَفْسُ الْإِسْقَاطِ وَالتَّرْكِ إذْ لَا يَكْمُلُ وَاعْلَمْ أَنَّ النَّقْصَ يُطْلَقُ عَلَى الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ لَكِنَّ إطْلَاقَهُ عَلَى الْأَخِيرِ حَقِيقَةٌ وَعَلَى الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مَجَازٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْكَامِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ بِاعْتِبَارِ الْمُرَادِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَعَانِي فِي حَدِّ ذَاتِهَا أَعَمَّ (قَوْلُهُ: وَفِي إعْرَابِ الْأَلْفَاظِ) كَمَا إذَا رَفَعَ مَا حَقُّهُ النَّصْبُ أَوْ نَصَبَ مَا حَقُّهُ الرَّفْعُ أَوْ الْجَرُّ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَيْ أَصْلَحُوا ذَلِكَ الْخَطَأَ) أَيْ أَذِنْت لَهُمْ فِي إصْلَاحِهِ (قَوْلُهُ: بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ فِي الشُّرُوح) أَيْ لِمَنْ تَصَدَّى لِوَضْعِ شَرْحٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْحَاشِيَةِ) أَيْ أَوْ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى ذَلِكَ بِالْكِتَابَةِ فِي الْحَاشِيَةِ أَيْ الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَكْشِطَ أَلْفَاظَهُ وَيَأْتِيَ بِبَدَلِهَا أَوْ يَزِيدَ فِيهَا أَوْ يَنْقُصَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ؛ لِأَنَّ فَتْحَ هَذَا الْبَابِ يُؤَدِّي لِنَسْخِ الْكِتَابِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ظَنَّ النَّاسِخُ أَنَّ الصَّوَابَ مَعَهُ مَعَ كَوْنِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يُقَالَ إلَخْ) وَأَمَّا لَوْ قَالَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ كَذَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَيُجَابُ عَنْهُ بِكَذَا فَلَا بَأْسَ بِهِ أَوْ يُقَالُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>