للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَعُمَّ مَسْجِدَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرَهُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحُرْمَةِ كَمَنْعِ الْجُنُبِ مِنْ جَمِيعِهَا وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ صَلَاةٌ ذَاتُ سَبَبٍ قَالَ عِيَاضٌ ذَوَاتُ السَّبَبِ الصَّلَاةُ عِنْدَ الْخُرُوجِ لِلسَّفَرِ وَعِنْدَ الْقُدُومِ مِنْهُ وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ وَالِاسْتِخَارَةُ وَالْحَاجَةُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَعِنْدَ التَّوْبَةِ مِنْ الذَّنْبِ رَكْعَتَانِ اهـ وَيُزَادُ رَكْعَتَانِ عِنْدَ الطَّهَارَةِ وَعِنْدَ تَوَقُّعِ الْعُقُوبَةِ كَالزَّلْزَلَةِ وَالرِّيحِ وَالظُّلْمَةِ الشَّدِيدَيْنِ وَالْوَبَاءِ وَالْخُسُوفِ وَالصَّوَاعِقِ (وَجَازَ) (تَرْكُ مَارٍّ) بِالْمَسْجِدِ وَالتَّحِيَّةُ (وَتَأَدَّتْ) التَّحِيَّةُ (بِفَرْضٍ) أَيْ قَامَ مَقَامَهَا فِي إشْغَالِ الْبُقْعَةِ وَإِسْقَاطِ الطَّلَبِ وَيُحَصِّلُ ثَوَابَهَا إنْ نَوَى الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ أَوْ نِيَابَتَهُ عَنْهَا حَيْثُ طُلِبَتْ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْفَرْضِ وَإِنْ كَانَتْ الرَّغِيبَةُ وَالسُّنَّةُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهِّمُ (و) نُدِبَ (بَدْءٌ بِهَا بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ وَهُوَ أَوْكَدُ مِنْ حَقِّ الْمَخْلُوقِ وَلِأَنَّهُ مِنْ إكْرَامِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - امْتِثَالُ أَمْرِهِ وَهِيَ مِمَّا أَمَرَ بِهِ فَفِيهَا مِنْ إكْرَامِهِ فِي السَّلَامِ عَلَيْهِ (و) نُدِبَ (إيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ) أَيْ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ (بِمُصَلَّاهُ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَنْ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَامَتْ مَقَامَ التَّحِيَّةِ فَيَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ لِمَكَانِ الْخِلَافِ اهـ قَالَ ح وَهُوَ حَسَنٌ فَيَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ أَيْ فِي أَوْقَاتِ الْجَوَازِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي أَوْقَاتِ الْجَوَازِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ كِفَايَةِ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَلَوْ فِي أَوْقَاتِ الْجَوَازِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ إنْ قُلْتَ فِعْلُ التَّحِيَّةِ وَقْتَ النَّهْيِ عَنْ النَّفْلِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فَكَيْفَ يُطْلَبُ بِبَدَلِهَا وَيُثَابُ عَلَيْهِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّحِيَّةَ وَقْتَ النَّهْيِ عَنْ التَّنَفُّلِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا بَلْ هِيَ مَطْلُوبَةٌ فِي وَقْتِ النَّهْيِ وَفِي وَقْتِ الْجَوَازِ غَيْرَ أَنَّهَا فِي وَقْتِ الْجَوَازِ يُطْلَبُ فِعْلُهَا صَلَاةً وَفِي وَقْتِ النَّهْيِ يُطْلَبُ ذِكْرًا.

(قَوْلُهُ لِيَعُمَّ مَسْجِدَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرَهُ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ مَسْجِدٌ لُغَةً فَيَشْمَلُ مَا يَتَّخِذُهُ مَنْ لَا مَسْجِدَ لَهُمْ مِنْ بَيْتِ شَعْرٍ أَوْ خُصٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَمَا اتَّخَذَهُ مَسْجِدًا فِي بَيْتِهِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْمَسْجِدُ الْمَعْرُوفُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَهُ أَنْ يَرْكَعَهُمَا بِحَيْثُ أَرَادَ الْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ جُلُوسُهُ فِي أَقْصَاهُ وَقِيلَ إنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَرْكَعَهُمَا عِنْدَ دُخُولِهِ ثُمَّ يَمْشِي إلَى حَيْثُ شَاءَ أَنْ يَجْلِسَ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّانِي اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْحُرْمَةِ) أَيْ فِي الِاحْتِرَامِ وَالتَّعْظِيمِ.

(قَوْلُهُ وَالْحَاجَةُ) أَيْ وَعِنْدَ الشُّرُوعِ وَفِي قَضَاءِ أَيِّ حَاجَةٍ كَانَتْ.

(قَوْلُهُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) أَيْ إذَا كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ جَوَازٍ فَخَرَجَ الْمَغْرِبُ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ) أَيْ جَازَ لِمَنْ مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَتْرُكَ التَّحِيَّةَ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ لَوْ طَلَبَ بِهَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَارَّ مُخَاطَبٌ بِالتَّحِيَّةِ وَأَنَّهَا إنَّمَا سَقَطَتْ عَنْهُ لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ وَلَكِنْ صَرَّحَ بَهْرَامُ وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّ الْمَارَّ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا تُطْلَبُ مِنْ الدَّاخِلِ الْمُرِيدِ لِلْجُلُوسِ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ صَلَّاهَا الْمَارُّ هَلْ تَكُونُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ أَوْ تَحِيَّةً وَهَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا التَّحِيَّةَ أَمْ لَا وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ كَوْنِ مَا صَلَّاهُ الْمَارُّ نَفْلًا مُطْلَقًا لَا تَحِيَّة أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْجُلُوسَ بَعْدَ صَلَاتِهِ فَهَلْ يُطَالَبُ بِالتَّحِيَّةِ أَوْ لَا اهـ وَفِي بْن أَنَّ التَّحِيَّةَ لَا تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا فَأَيُّ صَلَاةٍ وَقَعَتْ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَهِيَ التَّحِيَّةُ صَرَّحَ بِهِ ح وَبِهِ يَزُولُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ بِالْمَسْجِدِ فِيهِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ الْمُرُورِ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ فَإِنْ كَثُرَ مُنِعَ أَيْ كُرِهَ وَهَذَا إذَا كَانَ سَابِقًا عَلَى الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِلْمَسَاجِدِ اهـ عج (قَوْلُهُ وَتَأَدَّتْ بِفَرْضٍ) أَيْ غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ فِي الْمَسْجِدِ فَكَيْفَ تَكُونُ تَحِيَّةً لَهُ كَذَا فِي المج.

(قَوْلُهُ حَيْثُ طُلِبَتْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا وَالْوَقْتُ وَقْتُ جَوَازٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ أَوْ نِيَابَتَهُ عَنْهَا حَصَلَ لَهُ ثَوَابُهَا وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ نَهْيٍ وَقَوْلُهُمْ إنَّ التَّحِيَّةَ تُكْرَهُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ مَعْنَاهُ إذَا فُعِلَتْ صَلَاةٌ بِخُصُوصِهَا فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهِّمُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا فَرُبَّمَا يَتَوَهَّمُ عَدَمَ كِفَايَتِهِ عَنْهَا بِخِلَافِ السُّنَّةِ وَالرَّغِيبَةِ فَإِنَّهُمَا مِنْ جِنْسِهَا فَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ كِفَايَةِ أَحَدِهِمَا عَنْهَا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ وَالرَّغِيبَةُ كَذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ ذَاتَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَخَرَجَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدًا وَفِيهِ جَمَاعَةٌ فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ التَّحِيَّةِ إلَّا أَنْ يَخْشَى الشَّحْنَاءَ وَإِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ فِعْلِهَا.

(قَوْلُهُ وَإِيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ إلَخْ) إنْ قُلْت: هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ صَلَاةَ النَّافِلَةِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا فِي الْمَسْجِدِ قُلْت يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الرَّوَاتِبِ فَإِنَّ فِعْلَهَا فِي الْمَسَاجِدِ أَوْلَى كَالْفَرَائِضِ بِخِلَافِ نَحْوِ عِشْرِينَ رَكْعَةً فِي اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ نَفْلًا مُطْلَقًا فَإِنَّ فِعْلَهَا فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ مَا يَشْغَلُ عَنْهَا أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَنْ صَلَاتُهُ بِمَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي الْبَيْتِ كَالْغُرَبَاءِ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ النَّافِلَةَ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِمْ لَهَا فِي الْبُيُوتِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ النَّافِلَةُ مِنْ الرَّوَاتِبِ أَوْ كَانَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا بِخِلَافِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ فِي بُيُوتِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهِ فِي الْمَسْجِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>