أَيْ بِمَوْضِعِ صَلَاتِهِ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - و) نُدِبَ (إيقَاعُ الْفَرْضِ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ) فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ غَيْرِهِ (وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ) (الطَّوَافُ) لِمَنْ طُلِبَ بِهِ وَلَوْ نَدْبًا أَوْ أَرَادَهُ آفَاقِيًّا فِيهِمَا أَمْ لَا أَوْ لَمْ يُرِدْهُ وَهُوَ آفَاقِيٌّ فَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا فَالصَّلَاةُ إنْ كَانَ وَقْتَ جَوَازٍ وَإِلَّا جَلَسَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ (و) تَأَكَّدَ (تَرَاوِيحُ) وَهُوَ قِيَامُ رَمَضَانَ وَوَقْتُهُ كَالْوَتْرِ وَالْجَمَاعَةُ فِيهِ مُسْتَحَبَّةٌ (و) نُدِبَ (انْفِرَادٌ بِهَا) أَيْ فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ وَلَوْ جَمَاعَةً (إنْ لَمْ تُعَطِّلْ الْمَسَاجِدَ) أَيْ إنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَى الِانْفِرَادِ تَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ عَنْ فِعْلِهَا فِيهَا وَلَوْ فُرَادَى وَكَأَنْ يَنْشَطَ بِبَيْتِهِ (و) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (الْخَتْمُ) لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ (فِيهَا) أَيْ فِي التَّرَاوِيحِ فِي الشَّهْرِ كُلِّهِ لِيُسْمِعَهُمْ جَمِيعَهُ (وَسُورَةٌ) فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ (تُجْزِئُ) وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى وَهِيَ (ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ) رَكْعَةً بِالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ (ثُمَّ جُعِلَتْ) فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (سِتًّا وَثَلَاثِينَ) بِغَيْرِ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ لَكِنَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ سَلَفًا وَخَلَفًا الْأَوَّلُ (وَخَفَّفَ) نَدْبًا (مَسْبُوقُهَا) بِرَكْعَةٍ (ثَانِيَتَهُ) الَّتِي قَامَ لِقَضَائِهَا وَهِيَ أُولَى إمَامِهِ (وَلَحِقَ) الْإِمَامَ فِي أَوَّلِ التَّرْوِيحَةِ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ يُخَفِّفُ بِحَيْثُ يُدْرِكُ رَكْعَةً مِنْ التَّرْوِيحَةِ الَّتِي تَلِي مَا وَقَعَ فِيهِ السَّبْقُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ وَفَائِدَةُ التَّخْفِيفِ حِينَئِذٍ إدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ
(و) نُدِبَ (قِرَاءَةُ شَفْعٍ بِسَبِّحْ) فِي الْأُولَى (وَالْكَافِرُونَ) فِي الثَّانِيَةِ وَبَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِيهِمَا (و) نُدِبَ قِرَاءَةُ (وَتْرٍ) وَهُوَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ (بِإِخْلَاصٍ وَمُعَوِّذَتَيْنِ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ) أَيْ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْقُرْآنِ يَقْرَؤُهُ بِنَفْلِهِ لَيْلًا (فَمِنْهُ) أَيْ فَيَقْرَأُ مِنْ حِزْبِهِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ أَيْ بِمَوْضِعِ صَلَاتِهِ) أَيْ وَهُوَ بِجَانِبِ الْعَمُودِ الْمُحَلَّقِ عِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ مُصَلَّاهُ بِجَانِبِ الْعَمُودِ الْمُحَلَّقِ وَلَكِنَّهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُصَلَّاهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَجْهُولَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ فَلَمْ يَقُلْ بِنَدْبِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَمَعْلُومَةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلِذَا قَالَ بِنَدْبِ الصَّلَاةِ فِيهَا.
(قَوْلُهُ وَنُدِبَ إيقَاعُ الْفَرْضِ إلَخْ) مِثْلُ الْفَرْضِ النَّفَلُ إذَا صُلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ كَالتَّرَاوِيحِ فِي نَدْبِ إيقَاعِهِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْفَرْضِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ أَوْ لَا كَمَا تَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ اسْتِوَاءِ صُفُوفِهَا (قَوْلُهُ وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ الطَّوَافُ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَحِيَّتَهُ نَفْسُ الطَّوَافِ لَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُزُولِيِّ وَالْقَلْشَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ تَحِيَّتَهُ هِيَ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الطَّوَافِ وَلَكِنْ زِيدَ عَلَيْهِمَا الطَّوَافُ اهـ بْن وَيُؤَيِّدُ مَا لِلْمُصَنِّفِ الْمُبَادَرَةُ بِالطَّوَافِ وقَوْله تَعَالَى {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج: ٢٦] وَالرَّكْعَتَانِ تَبَعٌ عَكْسُ مَا فِي بْن وَعَلَيْهِ إذَا رَكَعَهُمَا خَارِجَهُ لَمْ يَأْتِ بِالتَّحِيَّةِ اهـ مج.
(قَوْلُهُ لِمَنْ طَلَبَ بِهِ وَلَوْ نَدْبًا) وَذَلِكَ كَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدِمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ مَرِيدًا لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَرَادَهُ) أَيْ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ لِإِرَادَةِ الطَّوَافِ النَّفْلِ.
(قَوْلُهُ آفَاقِيًّا فِيهِمَا أَمْ لَا) أَيْ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ وَهُوَ آفَاقِيٌّ هَذِهِ خَامِسَةٌ تَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ فِيهَا الطَّوَافُ.
(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ) بِأَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لِأَجْلِ مُشَاهَدَةِ الْبَيْتِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ قِرَاءَةِ عِلْمٍ أَوْ قُرْآنٍ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا) أَيْ وَدَخَلَهُ لَا لِأَجْلِ الطَّوَافِ بَلْ لِلْمُشَاهَدَةِ أَوْ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِقِرَاءَةِ عِلْمٍ أَوْ قُرْآنٍ.
(قَوْلُهُ فَالصَّلَاةُ) أَيْ فَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّهِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ وَتَرَاوِيحُ) جَعَلَهُ الشَّارِحُ عَطْفًا عَلَى مَعْمُولِ تَأَكَّدَ تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِبَهْرَامَ حَيْثُ جَعَلَهُ عَطْفًا عَلَى مَعْمُولِ نُدِبَ.
(قَوْلُهُ وَوَقْتُهُ كَالْوَتْرِ) أَيْ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَشَفَقٍ وَيَسْتَمِرُّ لِلْفَجْرِ.
(قَوْلُهُ أَيْ فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ وَلَوْ جَمَاعَةً) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْأَئِمَّةُ عَلَّلُوا أَفْضَلِيَّةَ الِانْفِرَادِ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الرِّيَاءِ وَلَا يَسْلَمُ مِنْهُ إلَّا إذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ وَحْدَهُ وَأَمَّا إذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ جَمَاعَةً فَإِنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ نَعَمْ إذَا كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ بِزَوْجَتِهِ وَأَهْلِ دَارِهِ فَهَذَا بَعِيدٌ فِي الْغَالِبِ مِنْ الرِّيَاءِ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَى الِانْفِرَادِ) أَيْ عَلَى فِعْلِهَا فِي الْبُيُوتِ.
(قَوْلُهُ وَكَأَنْ يَنْشَطَ بِبَيْتِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ نَدْبَ فِعْلِهَا فِي الْبُيُوتِ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ لَا تُعَطَّلَ الْمَسَاجِدُ وَأَنْ يَنْشَطَ لِفِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ آفَاقِيٍّ بِالْحَرَمَيْنِ فَإِنْ تَخَلَّفَ مِنْهَا شَرْطٌ كَانَ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلَ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ شَرْطًا وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَالشَّارِحُ ذَكَرَ شَرْطًا ثَانِيًا وَتَرَكَ الشَّرْطَ الثَّالِثَ.
(قَوْلُهُ وَسُورَةٌ تُجْزِئُ) أَيْ وَقِرَاءَةُ سُورَةٍ فِي تَرَاوِيحِ جَمِيعِ الشَّهْرِ تُجْزِئُ وَكَذَا قِرَاءَةُ سُورَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ تَرَاوِيحِ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ جَمِيعِ الشَّهْرِ تُجْزِئُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِالصُّورَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى) أَيْ إذَا كَانَ يَحْفَظُ غَيْرَهَا أَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ غَيْرُهُ وَحَاصِلُهُ مَرْضِيٌّ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ خِلَافَ الْأَوْلَى قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِمَالِكٍ وَلَيْسَ الْخَتْمُ بِسُنَّةٍ وَلِرَبِيعَةَ لَوْ أُقِيمَ بِسُورَةٍ أَجْزَأَ اللَّخْمِيُّ وَالْخَتْمُ أَحْسَنُ اهـ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ يَحْفَظُ إلَّا هَذِهِ السُّورَةَ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ أَوْ كَانَ وَلَا يُرْضَى حَالُهُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ) أَيْ عَمَلُ الصَّحَابَةِ