وَفِي مَبْحَثِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ عَلَى خُرُوجِ الْخَارِجِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ (يُرْفَعُ الْحَدَثُ) أَيْ الْوَصْفُ الْحُكْمِيُّ الْمُقَدَّرُ قِيَامُهُ بِالْأَعْضَاءِ، أَوْ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (وَحُكْمُ الْخَبَثِ) أَيْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ وَعُلِمَ مِنْ تَفْسِيرِ الْخَبَثِ بِعَيْنِ النَّجَاسَةِ أَنَّ النَّجَاسَةَ تُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْجُرْمِ الْمَخْصُوصِ الْقَائِمِ بِهِ الْوَصْفُ الْحُكْمِيُّ (بِ) الْمَاءِ (الْمُطْلَقِ) غَسْلًا أَوْ مَسْحًا أَوْ نَضْحًا فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الطَّهَارَةَ قِسْمَانِ حَدَثِيَّةٌ وَخُبْثِيَّةٌ وَالْأُولَى مَائِيَّةٌ وَتُرَابِيَّةٌ وَالْمَائِيَّةُ بِغَسْلٍ وَمَسْحٍ أَصْلِيٍّ أَوْ بَدَلِيٍّ وَالْبَدَلِيُّ اخْتِيَارِيٌّ أَوْ اضْطِرَارِيٌّ وَالتُّرَابِيَّةُ بِمَسْحٍ فَقَطْ، وَالْخَبَثِيَّةُ أَيْضًا مَائِيَّةٌ وَغَيْرُ مَائِيَّةٍ وَالْمَائِيَّةُ بِغَسْلٍ وَنَضْحٍ، وَغَيْرُ الْمَائِيَّةِ بِدَابِغٍ فِي كَيْمَخْتٍ فَقَطْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْأُولَى فِي مَبْحَثِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ فِي قَوْلِهِمْ يُنْقَضُ بِالْحَدَثِ (قَوْلُهُ: وَفِي مَبْحَثِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِمْ آدَابُ الْحَدَثِ كَذَا (قَوْلُهُ: عَلَى خُرُوجِ الْخَارِجِ) أَيْ خُرُوجِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَدَثَ يُطْلَقُ عَلَى أَرْبَعَةِ أُمُورٍ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ: يُرْفَعُ الْحَدَثُ) أَيْ يَرْتَفِعُ وَيَزُولُ بِرَفْعِ اللَّهِ لَهُ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَعْرُوفِ شَرْعًا (قَوْلُهُ: الْوَصْفُ الْحُكْمِيُّ) أَيْ التَّقْدِيرِيُّ (قَوْلُهُ: الْمُقَدَّرُ) أَيْ الْمَفْرُوضُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْأَعْضَاءِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْقَائِمَ بِالْأَعْضَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ صِفَةٌ لِلْمَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْمَنْعَ مُتَعَلِّقٌ بِالشَّخْصِ لَا بِالْأَعْضَاءِ فَلَا يَصِحُّ مَا قَالَ لِأَنَّا نَقُولُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ الْمُتَعَلِّقُ بِالشَّخْصِ بِاعْتِبَارِ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا أَوْ الْمُرَادُ الْقَائِمُ مُقَارِنُهُ وَهُوَ الْوَصْفُ بِالْأَعْضَاءِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمُقَدَّرَ قِيَامُهُ بِالْأَعْضَاءِ مُقَارِنٌ لِلْمَنْعِ الْمُتَعَلِّقِ بِالشَّخْصِ فَهُمَا مُتَلَازِمَانِ فَمَتَى حَصَلَ أَحَدُهُمَا حَصَلَ الْآخَرُ وَمَتَى ارْتَفَعَ أَحَدُهُمَا ارْتَفَعَ الْآخَرُ وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى الْوَصْفِ وَالْمَنْعِ مَعَ أَنَّ الْحَدَثَ يُطْلَقُ عَلَى أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْحَدَثَ الَّذِي يَرْتَفِعُ بِالْمُطْلَقِ الْحَدَثُ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ لَا الْحَدَثُ بِالْمَعْنَيَيْنِ الْآخَرَيْنِ أَعْنِي الْخَارِجَ وَخُرُوجَهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَرْتَفِعَانِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْوَاقِعِ مُحَالٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُمَا إلَّا أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ أَيْ يَرْتَفِعَ حُكْمُ الْحَدَثِ أَوْ وَصْفُ الْحَدَثِ لَا يُقَالُ الْحَدَثُ بِمَعْنَى الْمَنْعِ لَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُكْمُهُ قَدِيمٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ فَلَا يُتَصَوَّرُ ارْتِفَاعُهُ لِأَنَّا نَقُولُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، فَإِنْ قُلْنَا: إنَّ تَعَلُّقَهُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِهِ كَانَ حَادِثًا لَا قَدِيمًا؛ لِأَنَّ الْمُرَكَّبَ مِنْ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ حَادِثٌ وَارْتِفَاعُ الْحَادِثِ ظَاهِرٌ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ التَّعَلُّقَ قَيْدٌ خَارِجٌ عَنْ مَفْهُومِهِ كَانَ قَدِيمًا وَحِينَئِذٍ فَارْتِفَاعُهُ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهِ لَا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ وَالتَّعَلُّقُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ مُمْكِنُ الِارْتِفَاعِ وَالْمُرَادُ بِارْتِفَاعِ تَعَلُّقِهِ أَنَّهُ إذَا تَطَهَّرَ الْمُحْدِثُ بِالْمُطْلَقِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَيَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْمَنْعِ بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ) هُوَ بِالْجَرِّ تَفْسِيرٌ لِلْخَبَثِ (قَوْلُهُ: الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ) أَيْ الْقَائِمَةُ بِالْمُتَنَجِّسِ الَّتِي تَمْنَعُ الشَّخْصَ مِنْ الصَّلَاةِ بِمُلَابَسَتِهَا إنْ كَانَ ثَوْبًا أَوْ فِيهِ إنْ كَانَ مَكَانًا، وَأَمَّا عَيْنُ النَّجَاسَةِ فَتُزَالُ بِكُلِّ قِلَاعٍ (قَوْلُهُ: إنَّ النَّجَاسَةَ تُطْلَقُ عَلَى الْجُرْمِ الْمَخْصُوصِ) أَيْ كَمَا تُطْلَقُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ وَاَلَّذِي يَمْنَعُ الْمُكَلَّفَ مِنْ فِعْلِ مَا كُلِّفَ بِهِ مِنْ صَلَاةٍ وَطَوَافٍ النَّجَاسَةُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ الْمُتَرَتِّبِ عِنْدَ إصَابَةِ الْعَيْنِ لِلشَّيْءِ الطَّاهِرِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ مَكَان، وَالنَّجَاسَةُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِحُكْمِ الْخَبَثِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هَذَا وَنَقَلَ ح عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّ إطْلَاقَ النَّجِسِ عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ مَجَازٌ شَرْعِيٌّ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ جِنْسِهِ عَلَيْهِ كَالدَّمِ الْمَسْفُوحِ مَثَلًا إذْ لَا مَنْعَ فِي الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَاخْتَارَ المج أَنَّ إطْلَاقَ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ لَوْلَا الْعُذْرُ نَظِيرُ الرُّخْصَةِ
(قَوْلُهُ: الْقَائِمُ بِهِ الْوَصْفُ) أَيْ الْمُتَلَبِّسُ بِهِ وَإِلَّا فَالْوَصْفُ الْحُكْمِيُّ لَا يَقُومُ بِهَا (قَوْلُهُ: حَدَثِيَّةٌ) نِسْبَةٌ لِلْحَدَثِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَرْفَعُهُ وَقَوْلُهُ: وَخُبْثِيَّةٌ نِسْبَةٌ لِلْخَبَثِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَرْفَعُ حُكْمَهُ (قَوْلُهُ: مَائِيَّةٌ) نِسْبَةٌ لِلْمَاءِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَتَحَصَّلُ بِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ تُرَابِيَّةٌ (قَوْلُهُ: بِغَسْلٍ) أَيْ تَحْصُلُ بِغَسْلٍ كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ (قَوْلُهُ: أُصَلِّي) أَيْ كَمَا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ (قَوْلُهُ: اخْتِيَارِيٌّ) أَيْ كَمَا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ اضْطِرَارِيٌّ) أَيْ كَمَا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ (قَوْلُهُ: مَائِيَّةٌ وَغَيْرُ مَائِيَّةٍ) أَيْ تَحْصُلُ بِالْمَاءِ وَبِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَنَضْحٍ) أَيْ وَهُوَ رَشُّ الْمَاءِ عَلَى مَا شَكَّ فِي إصَابَةِ النَّجَاسَةِ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي كَيْمَخْتٍ فَقَطْ) أَيْ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ فِي جِلْدِ كُلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute