للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَارٍ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِمَا إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُمْ الرَّافِعُ هُوَ الْمُطْلَقُ لَا غَيْرُهُ فِيهِ نَظَرٌ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ وَعَلَى التَّحْقِيقِ مِنْ أَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ رَفْعًا مُقَيَّدًا وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ وَإِنَّمَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ لَا وَجْهَ لَهُ إذْ كَيْفَ تَجْتَمِعُ الْإِبَاحَةُ مَعَ الْمَنْعِ أَوْ الْوَصْفِ الْمَانِعِ نَعَمْ الْأَمْرَانِ مَعًا أَيْ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ لَا يَرْفَعُهُمَا إلَّا الْمُطْلَقُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَرْفَعُهُمَا مَعًا لِأَنَّ التُّرَابَ إنَّمَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَقَطْ وَالدَّابِغُ وَالنَّارُ إنَّمَا يَرْفَعَانِ حُكْمَ الْخَبَثِ فَقَطْ وَإِنَّمَا أَطَلْنَا الْكَلَامَ هُنَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ كَثْرَةِ النِّزَاعِ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى مَا قَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ

(وَهُوَ) أَيْ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ (مَا) أَيْ شَيْءٌ (صَدَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ (اسْمُ مَاءٍ) خَرَجَ الْجَامِدَاتُ وَالْمَائِعَاتُ الَّتِي لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا اسْمُ مَاءٍ كَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ (بِلَا قَيْدٍ) لَازِمٍ خَرَجَ نَحْوُ مَاءِ الْوَرْدِ وَمَاءِ الزَّهْرِ وَالْعَجِينِ لَا مُنْفَكٌّ كَمَاءِ الْبَحْرِ وَمَاءِ الْبِئْرِ هَذَا إذَا كَانَ لَمْ يُجْمَعْ مِنْ نَدًى وَلَا ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ كَمَاءِ الْبَحْرِ وَالْمَطَرِ وَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ وَلَوْ آبَارَ ثَمُودَ وَإِنْ كَانَ التَّطْهِيرُ بِهِ غَيْرَ جَائِزٍ لِكَوْنِهِ مَاءَ عَذَابٍ بَلْ (وَإِنْ جُمِعَ) وَلَوْ فِي يَدِ الْمُتَوَضِّئِ وَالْمُغْتَسِلِ (مِنْ نَدًى) وَاقِعٍ عَلَى أَوْرَاقِ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ رِيحِهِ بِمَا جُمِعَ مِنْ فَوْقِهِ لِأَنَّهُ كَالتَّغَيُّرِ بِقَرَارِهِ (أَوْ ذَابَ) أَيْ تَمَيَّعَ (بَعْدَ جُمُودِهِ) كَالثَّلْجِ وَهُوَ مَا يَنْزِلُ مَائِعًا ثُمَّ يَجْمُدُ عَلَى الْأَرْضِ وَالْبَرَدِ وَهُوَ النَّازِلُ مِنْ السَّمَاءِ جَامِدًا كَالْمِلْحِ وَالْجَلِيدِ وَهُوَ مَا يَنْزِلُ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَالْخُيُوطِ (أَوْ كَانَ) الْمُطْلَقُ (سُؤْرَ) بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَقَدْ تُسَهَّلُ أَيْ فَضْلَةُ شُرْبِ (بَهِيمَةٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولَةِ اللَّحْمِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَيْتَةٍ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْكِيمَخْتَ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ وَأَنَّهُ نَجِسٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَهُوَ مُقَابِلُ الرَّاجِحِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَنَارٍ) لَوْ زَادَ وَغَيْرِهِمَا أَيْ غَيْرِ الدَّابِغِ وَالنَّارِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ تَحَجُّرُ الْخَمْرِ وَتَخَلُّلُهُ فَإِنَّهُ يُطَهِّرُهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَيَدْخُلُ أَحْجَارُ الِاسْتِجْمَارِ وَنَحْوُهَا وَمَا دُلِكَ بِهِ النَّعْلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُطَهِّرُهُ كَمَا وَرَدَ وَمَا مُسِحَ بِهِ الصَّقِيلُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ يُطَهِّرُ

(قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُمْ الرَّافِعُ) أَيْ لِلْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى التَّحْقِيقِ) عَطْفٌ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: مُقَيَّدٌ) أَيْ بِدَوَامِهِ فِي الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَالتَّنْبِيهُ) عَطْفٌ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: صَدَقَ عَلَيْهِ) أَيْ حُمِلَ عَلَيْهِ حَمْلًا صَحِيحًا وَقَوْلُهُ: اسْمُ مَاءٍ إضَافَتُهُ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: كَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ) أَيْ وَالْخَلِّ وَالزَّيْتِ (قَوْلُهُ: بِلَا قَيْدٍ لَازِمٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مُلَازِمٍ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ أَصْلًا، وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ أَصْلًا أَوْ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ غَيْرِ لَازِمٍ بَلْ مُنْفَكٌّ كَمَاءِ الْبَحْرِ وَالْعَيْنِ وَالْبِئْرِ وَالْمَطَرِ فَإِنَّ هَذِهِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْمَاءِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ وَمُقَيَّدًا وَخَرَجَ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ لَازِمٍ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَالزَّهْرِ وَالْعَجِينِ فَإِنَّ هَذِهِ لَا يَصْدُقُ اسْمُ الْمَاءِ عَلَيْهَا إلَّا مُقَيَّدًا فَلَا تَكُونُ مِنْ إفْرَادِ الْمُطْلَقِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِهَا حَدَثٌ وَلَا حُكْمُ خَبَثٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُطْلَقَ الَّذِي يَرْتَفِعُ بِهِ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ هُوَ مَا صَحَّ إطْلَاقُ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِأَنْ يُقَالَ فِيهِ هَذَا مَاءٌ كَمَاءِ الْبَحْرِ وَالْبِئْرِ وَالْعَيْنِ وَالْمَطَرِ فَخَرَجَ مَا لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَاءِ مِنْ الْجَامِدَاتِ وَالْمَائِعَاتِ وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَا يَصْدُقُ اسْمُ الْمَاءِ عَلَيْهِ إلَّا بِالْقَيْدِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ: لَا مُنْفَكَّ) أَيْ لَا يَخْرُجُ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ مُقَيَّدٍ بِقَيْدٍ مُنْفَكٍّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ آبَارَ ثَمُودَ) أَيْ فَمَاؤُهَا طَهُورٌ عَلَى الْحَقِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ التَّطْهِيرُ بِهِ غَيْرَ جَائِزٍ) أَيْ فَلَوْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَتَطَهَّرَ بِمَائِهَا وَصَلَّى فَهَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ أَوْ لَا اسْتَظْهَرَ عج الصِّحَّةَ وَفِي الرَّصَّاعِ عَلَى الْحُدُودِ عَدَمُهَا وَاعْتَمَدُوهُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَعَدَمُ الصِّحَّةِ تَعَبُّدِيٌّ لَا لِنَجَاسَةِ الْمَاءِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ طَهُورٌ وَكَمَا يُمْنَعُ التَّطْهِيرُ بِمَائِهَا يُمْنَعُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي طَبْخٍ أَوْ عَجْنٍ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ آبَارِ ثَمُودَ الْبِئْرُ الَّتِي كَانَتْ تَرِدُهَا نَاقَةُ صَالِحٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْوُضُوءُ وَالِانْتِفَاعُ بِمَائِهَا وَكَمَا يُمْنَعُ التَّطْهِيرُ بِمَاءِ آبَارِ ثَمُودَ يُمْنَعُ التَّيَمُّمُ بِأَرْضِهَا أَيْ يَحْرُمُ وَقِيلَ بِجَوَازِهِ وَصَحَّحَهُ التَّتَّائِيُّ وَمَا قِيلَ فِي آبَارِ ثَمُودَ يُقَالُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْآبَارِ الَّتِي فِي أَرْضٍ نَزَلَ بِهَا الْعَذَابُ كَآبَارِ دِيَارِ لُوطٍ وَعَادٍ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ مَاءَ عَذَابٍ) أَيْ مَاءَ أَرْضٍ نَزَلَ بِهَا الْعَذَابُ فَرُبَّمَا يُصِيبُ الْمُسْتَعْمِلَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَثَرِ ذَلِكَ الْعَذَابِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جُمِعَ) أَيْ ذَلِكَ الْمُطْلَقُ مِنْ نَدًى (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي يَدِ الْمُتَوَضِّئِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْجَمْعُ مِنْ النَّدَى فِي إنَاءٍ بَلْ، وَلَوْ كَانَ الْجَمْعُ فِي يَدِ الْمُتَوَضِّئِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَدًى) هُوَ الْبَلَلُ النَّازِلُ مِنْ السَّمَاءِ آخِرَ اللَّيْلِ عَلَى الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ رِيحَهُ) أَيْ النَّدَى وَقَوْلُهُ: بِمَا أَيْ بِشَيْءٍ جُمِعَ النَّدَى مِنْ فَوْقِهِ أَيْ أَوْ مِنْ تَحْتِهِ وَمَفْهُومُ رِيحِهِ أَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ فَإِنَّهُ يَضُرُّ، وَالْفَرْقُ خِفَّةُ تَغَيُّرِ الرِّيحِ كَذَا فِي النَّفْرَاوِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِتَغَيُّرِ الرِّيحِ بَلْ لَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ شَيْءٍ مِنْ أَوْصَافِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إلْحَاقِ هَذَا الْفَرْعِ بِمَسْأَلَةَ: وَالْأَظْهَرُ فِي بِئْرِ الْبَادِيَةِ بِهِمَا الْجَوَازُ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: إنَّهُ كَالتَّغَيُّرِ بِالْقَرَارِ (قَوْلُهُ: أَوْ ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ) عَطْفٌ عَلَى جُمِعَ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْمُطْلَقُ جَامِدًا ثُمَّ ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْمِلْحِ الذَّائِبِ فِي مَوْضِعِهِ أَوْ فِي غَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>