للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الْقَرِيبِ مِثْلِ مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا مِمَّا لَا يَكُونُ مَسَافَةَ قَصْرٍ (وَ) إلَّا فِي (رُكُوبِ بَحْرٍ) فَلَيْسَتْ كَالرَّجُلِ بَلْ يُكْرَهُ لَهَا (إلَّا أَنْ تَخْتَصَّ بِمَكَانٍ) عَنْ الرِّجَالِ (وَ) إلَّا فِي (زِيَادَةِ مَحْرَمٍ، أَوْ زَوْجٍ لَهَا) فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ (كَرُفْقَةٍ أُمِنَتْ بِفَرْضٍ) عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجِ، أَوْ الْمَحْرَمِ، أَوْ امْتِنَاعِهِمَا أَوْ عَجْزِهِمَا وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً فِي نَفْسِهَا وَشَمِلَ الْفَرْضُ حَجَّ النَّذْرِ وَالْحِنْثِ وَالْخُرُوجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَسْلَمَتْ، أَوْ أُسِرَتْ (وَفِي الِاكْتِفَاءِ) فِي الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ (بِنِسَاءٍ) فَقَطْ (أَوْ رِجَالٍ) فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَجْمُوعُ أَحْرَى.

ــ

[حاشية الدسوقي]

يُكْرَهُ بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَالرَّجُلِ فِيمَا اسْتَثْنَاهُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مُتَجَالَّةً وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا كَالرَّجُلِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا يَكُونُ مَسَافَةَ قَصْرٍ) أَيْ وَالْبَعِيدُ الَّذِي فِيهِ الْكَرَاهَةُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: الْقَرِيبُ مَسَافَةُ عَشَرَةِ مَرَاحِلَ مِثْلُ مَكَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَالْبَعِيدُ الَّذِي فِيهِ الْكَرَاهَةُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَنِسَاءُ الْبَادِيَةِ لَسْنَ كَنِسَاءِ الْحَاضِرَةِ وَنِسَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُخْتَلِفٌ بِالْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ فَهِيَ ثَلَاثُ طُرُقٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ لَهَا) أَيْ لِمَا تَحْتَاجُهُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالنَّوْمِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي السَّتْرِ وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي حَالِ سَفَرِهَا فِي الْبَحْرِ فَلِذَا كُرِهَ سَفَرُهَا فِيهِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ السَّفَرُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا، وَإِلَّا وَجَبَ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: أَنْ تَخْتَصَّ بِمَكَانٍ) أَيْ فِي السَّفِينَةِ، وَإِلَّا كَانَتْ كَالرَّجُلِ فِي جَوَازِ سَفَرِهَا فِي الْبَحْرِ وَوُجُوبِهِ، مِثْلُ اخْتِصَاصِهَا بِمَكَانِ اتِّسَاعِ الْمَرْكَبِ بِحَيْثُ لَا تُخَالِطُ الرَّجُلَ عِنْدَ النَّوْمِ وَلَا عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فِي زِيَادَةِ مَحْرَمٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَهُ " وَزِيَادَةِ مَحْرَمٍ " عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " بَعِيدِ مَشْيٍ " أَيْ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ إلَّا فِي بَعِيدِ الْمَشْيِ، وَإِلَّا فِي رُكُوبِ الْبَحْرِ، وَإِلَّا فِي اعْتِبَارِ زِيَادَةِ الْمَحْرَمِ عَلَى مَا مَرَّ اعْتِبَارُهُ فِي تَفْسِيرِ الِاسْتِطَاعَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ عِبَارَةٌ عَنْ إمْكَانِ الْوُصُولِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ مَعَ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ أَنْ تَجِدَ مَحْرَمًا مِنْ مَحَارِمِهَا يُسَافِرُ مَعَهَا، أَوْ زَوْجًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ» وَأَطْلَقَ فِي الْمَحْرَمِ فَيَعُمُّ الْمَحْرَمَ مِنْ النَّسَبِ وَالصِّهْرِ وَالرَّضَاعِ وَقَوْلُهُ: لِامْرَأَةٍ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ الْمُتَجَالَّةَ وَالشَّابَّةَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ هِيَ وَالْمَحْرَمُ مُتَرَافِقَيْنِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِ الرَّكْبِ وَالثَّانِي فِي آخِرِهِ بِحَيْثُ إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ أَمْكَنَهَا الْوُصُولُ بِسُرْعَةٍ كَفَى عَلَى الظَّاهِرِ اهـ عَدَوِيٌّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَحْرَمِ الْبُلُوغُ بَلْ يَكْفِي التَّمْيِيزُ وَوُجُودُ الْكِفَايَةِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ ح وَهَلْ عَبْدُ الْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ مُطْلَقًا نَظَرًا لِكَوْنِهِ لَا يَتَزَوَّجُهَا فَتُسَافِرُ مَعَهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، أَوْ لَا مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ، أَوْ إنْ كَانَ وَغْدًا فَمَحْرَمٌ فَتُسَافِرُ مَعَهُ، وَإِلَّا فَلَا وَعَزَاهُ ابْنُ الْقَطَّانِ لِمَالِكٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْقَصَّارِ. (قَوْلُهُ: كَرُفْقَةٍ أُمِنَتْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ الْمَفْهُومِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا أَنْ تُخَصَّ بِمَكَانٍ فِي السَّفِينَةِ فَيَجُوزَ لَهَا فِيهِ، كَرُفْقَةٍ أُمِنَتْ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَهُمْ بِفَرْضٍ لَا بِنَفْلٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّفَرَ إذَا كَانَ فَرْضًا جَازَ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَ الْمَحْرَمِ وَالزَّوْجِ وَالرُّفْقَةِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مَنْدُوبًا جَازَ لَهَا السَّفَرُ مَعَ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ دُونَ الرُّفْقَةِ فَقَوْلُهُ بِفَرْضٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا قُلْنَا لَا بِأُمِنَتْ؛ لِأَنَّ الْأَمْنَ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ عَلَى تَقْدِيرِ سَفَرِهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ امْتِنَاعِهِمَا) أَيْ رَأْسًا وَأَمَّا لَوْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ وَالْمَحْرَمُ مِنْ السَّفَرِ مَعَهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ لَزِمَتْهَا وَحَرُمَ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ السَّفَرُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ وَمَحَلُّ لُزُومِ الْأُجْرَةِ لَهَا إنْ كَانَتْ لَا تُجْحَفُ بِهَا عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا ذَلِكَ مُطْلَقًا اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ) أَيْ فِي جَوَازِ سَفَرِهَا مَعَ الرُّفْقَةِ أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً فِي نَفْسِهَا أَيْ وَإِلَّا مُنِعَ سَفَرُهَا مَعَ الرُّفْقَةِ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ الْفَرْضُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " بِفَرْضٍ " شَامِلٌ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَلِلْحَجِّ الْمَنْذُورِ كَمَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ فِي عَامِ كَذَا مَثَلًا وَلِلْوَاجِبِ بِالْحِنْثِ كَمَا لَوْ قَالَتْ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلَيَّ الْحَجُّ وَفَعَلَتْ ذَلِكَ الْأَمْرَ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ فِيمَا ذُكِرَ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ إنْ عَدِمَتْ الْمَحْرَمَ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا وَكَذَلِكَ يَشْمَلُ الْخُرُوجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَسْلَمَتْ، أَوْ أُسِرَتْ فَيَجُوزُ لَهَا فِي حَالِ الْخُرُوجِ مِنْهَا أَنْ تَخْرُجَ مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ إنْ عَدِمَتْ الزَّوْجَ وَالْمَحْرَمَ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا فَإِنْ عَدِمَتْ الرُّفْقَةَ كَمَا عَدِمَتْ الزَّوْجَ وَالْمَحْرَمَ وَكَانَ يَحْصُلُ لَهَا بِكُلٍّ مِنْ إقَامَتِهَا وَخُرُوجِهَا ضَرَرٌ خُيِّرَتْ إنْ تَسَاوَى الضَّرَرَانِ فَإِنْ خِيفَ أَحَدُهُمَا ارْتَكَبَتْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>