للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ الْبَيْتِ وَالْقَفَصِ مَثَلًا أَنَّ الْقَفَصَ حَامِلٌ لَهُ وَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ، وَالْبَيْتَ مُرْتَحَلٌ عَنْهُ وَغَيْرُ مُصَاحِبٍ لَهُ، وَإِذَا حَرُمَ التَّعَرُّضُ لِلْبَرِّيِّ (فَلَا يَسْتَجِدُّ مِلْكُهُ) لَا بِشِرَاءٍ وَلَا بِقَبُولِهِ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً، أَوْ إقَالَةً وَأَمَّا دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ جَبْرًا كَالْمِيرَاثِ وَالْمَرْدُودِ بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَلْيُرْسِلْهُ (وَلَا يُسْتَوْدَعُهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَا يَقْبَلُهُ مِنْ الْغَيْرِ وَدِيعَةً فَإِنْ قَبِلَهُ رَدَّهُ لِصَاحِبِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَإِلَّا أَوْدَعَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا أَرْسَلَهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ (وَرُدَّ) الصَّيْدُ الْمُودَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ (إنْ وَجَدَ مُودِعَهُ) بِالْكَسْرِ وَلَمْ يَقُلْ " رَبَّهُ " مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ لِيَشْمَلَ وَكِيلَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَوْدَعَهُ عِنْدَ حَلَالٍ إنْ أَمْكَنَهُ (وَإِلَّا) يَجِدْ رَبَّهُ وَلَا حَلَالًا يُودِعُهُ عِنْدَهُ (بَقِيَ) بِيَدِهِ وَلَا يُرْسِلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ فَإِنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ فَلَيْسَ قَوْلُهُ " وَرُدَّ " مُفَرَّعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ لِتَغَايُرِ التَّصْوِيرِ كَمَا عَلِمْت (فِي صِحَّةِ شِرَائِهِ) أَيْ شِرَاءِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ مِنْ حَلَالٍ وَيُرْسِلُهُ وَيَضْمَنُ ثَمَنَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ فَلَوْ رَدَّهُ لِصَاحِبِهِ لَزِمَهُ جَزَاؤُهُ وَفَسَادُهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ لِلْبَائِعِ (قَوْلَانِ) .

ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ حُرْمَةِ التَّعَرُّضِ لِلْبَرِّيِّ قَوْلَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يُرْسِلُهُ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ اهـ بْن وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ قُلْتُمْ إذَا كَانَ الصَّيْدُ فِي بَيْتِهِ حَالَ إحْرَامِهِ فَلَا يُرْسِلُهُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي قَفَصٍ حَالَ إحْرَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي الْبَيْتِ وَكَوْنِهِ فِي الْقَفَصِ. (قَوْلُهُ: وَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالصَّيْدُ الَّذِي فِيهِ كَالصَّيْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَجِدُّ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ حَرُمَ تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ لَا عَلَى قَوْلِهِ وَلْيُرْسِلْهُ بِيَدِهِ وَلَا عَلَى قَوْلِهِ وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْإِرْسَالِ وَزَوَالَ الْمِلْكِ كَافٍ فِي إفَادَةِ النَّهْيِ عَنْ تَجَدُّدِ مِلْكِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِتَفْرِيعِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ النَّهْيِ عَنْ التَّعَرُّضِ لَهُ فَلَا يُفِيدُ النَّهْيَ عَنْ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ فَلِهَذَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ اهـ عَدَوِيٌّ ثُمَّ إنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ زَائِدَتَانِ لِتَأْكِيدِ النَّهْيِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُنْهَى نَهْيًا مُؤَكَّدًا عَنْ تَجْدِيدِ مِلْكِ الصَّيْدِ أَيْ إحْدَاثِ مِلْكِهِ مَا دَامَ مُحْرِمًا لَا لِلطَّلَبِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ لَا عَنْ طَلَبِ تَجَدُّدِهِ وَمَحِلُّ النَّهْيِ عَنْ اسْتِحْدَاثِ الْمُحْرِمِ مِلْكَ الصَّيْدِ بِشِرَاءٍ أَوْ قَبُولِ هِبَةٍ إلَخْ إذَا كَانَ الصَّيْدُ حَاضِرًا وَأَمَّا إنْ كَانَ غَائِبًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَدْخُلُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ مُوَرِّثُ الْمُحْرِمِ عَنْ صَيْدٍ فَإِنَّ ذَلِكَ الصَّيْدَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُحْرِمِ جَبْرًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِالْحُكْمِ وَكَذَا إذَا بَاعَ صَيْدًا قَبْلَ إحْرَامِهِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ إحْرَامِهِ بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إلَيْهِ إلْزَامًا بِالْحُكْمِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ عَيْبًا فِي صَيْدٍ اشْتَرَاهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ عَلَى الْبَائِعِ وَيُرْسِلُهُ، وَإِحْرَامُهُ يُفِيتُ رَدَّهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَقْبَلُهُ مِنْ الْغَيْرِ وَدِيعَةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ حَلَالًا، أَوْ مُحْرِمًا. (قَوْلُهُ: رَدَّهُ لِصَاحِبِهِ) أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ كَمَا فِي ح وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا قَبِلَهُ يُوجِبُ إرْسَالَهُ بِلَا تَفْصِيلٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالشَّارِحُ بَهْرَامُ وَسَلَّمَاهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اُنْظُرْ بْن.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: رَدَّهُ لِصَاحِبِهِ فَإِنْ أَبَى رَبُّهُ مِنْ قَبُولِهِ كَانَ مُحْرِمًا، أَوْ لَا أَرْسَلَهُ الْمُحْرِمُ بِحَضْرَتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ تَيَسَّرَ رَفْعُهُ لِلْحَاكِمِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَوْدَعَهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ غَائِبًا أَوْدَعَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَضَمِنَ قِيمَتَهُ) أَيْ لِرَبِّهِ وَمَحِلُّ هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا كَانَ رَبُّهُ حَلَالًا حِينَ الْإِيدَاعِ وَلَوْ طَرَأَ إحْرَامُهُ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمُودَعِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ عَمَّا غَابَ مِنْ الصَّيْدِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَبُّهُ مُحْرِمًا حِينَ الْإِيدَاعِ فَإِنَّ الْمُودَعَ يُرْسِلُهُ وَلَوْ مَعَ حُضُورِهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَلَا يُطَالِبُ بِرَدِّهِ لِيُرْسِلَهُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: إنْ وَجَدَ مُودِعَهُ) أَيْ حَلَالًا أَوْ مُحْرِمًا. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ قَوْلُهُ " وَرُدَّ " مُفَرَّعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ) أَيْ بِحَيْثُ يُقَالُ إنَّ الْمَعْنَى فَإِنْ ارْتَكَبَ الْحُرْمَةَ وَقَبِلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ رَدَّهُ إنْ وَجَدَ صَاحِبَهُ، وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: لِتَغَايُرِ التَّصْوِيرِ) لِأَنَّ إبْقَاءَهُ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ إذَا لَمْ يَجِدْ رَبَّهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُودِعُ لَهُ عِنْدَهُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَبِلَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ وَأَمَّا إذَا قَبِلَهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ وَلَمْ يَجِدْ رَبَّهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُودِعَهُ عِنْدَهُ وَجَبَ إرْسَالُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ إبْقَاؤُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ صُوَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تِسْعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ:

إمَّا أَنْ يُودِعَهُ حَلَالٌ عِنْدَ حَلَالٍ، ثُمَّ يُحْرِمَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ، أَوْ يُودِعَهُ حَلَالٌ عِنْدَ مُحْرِمٍ، أَوْ يُودِعَهُ مُحْرِمٌ عِنْدَ مُحْرِمٍ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَجِدَ الْمُودَعُ - بِالْفَتْحِ - رَبَّ الصَّيْدِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَجِدَهُ لَكِنْ يَجِدُ حَلَالًا يُودِعُهُ عِنْدَهُ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَجِدَ رَبَّهُ وَلَا مَنْ يُودِعُهُ عِنْدَهُ فَالْمَجْمُوعُ تِسْعٌ تُفْهَمُ أَحْكَامُهَا مِمَّا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ شِرَائِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَسْتَجِدَّ مِلْكًا لِلصَّيْدِ فَلَوْ وَقَعَ وَاشْتَرَى الْمُحْرِمُ صَيْدًا مِنْ حَلَالٍ فَهَلْ الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَوْ فَاسِدٌ وَهُوَ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَضْمَنُ ثَمَنَهُ لِبَائِعِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَعَلَى الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ وَلَا إرْسَالُهُ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يَفُتْ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَلَالٍ) أَيْ وَأَمَّا مِنْ مُحْرِمٍ فَهُوَ فَاسِدٌ اتِّفَاقًا فَلَا يَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ لِيُرْسِلَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ كَمَا قَالَهُ ح خِلَافًا لِمَا قَالَهُ سَنَدٌ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْمُحْرِمُ لِلْبَائِعِ قِيمَتَهُ لَا ثَمَنَهُ وَعَلَيْهِ فَيُقَالُ لَنَا بَيْعٌ صَحِيحٌ يُضْمَنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>