(إلَّا الْفَأْرَةَ) وَيُلْحَقُ بِهَا ابْنُ عِرْسٍ وَمَا يَقْرِضُ الثِّيَابَ مِنْ الدَّوَابِّ (وَالْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ) وَيُلْحَقُ بِهَا الزُّنْبُورُ أَيْ ذَكَرُ النَّحْلِ (مُطْلَقًا) كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً بَدَأَتْ بِالْأَذِيَّةِ أَمْ لَا (وَغُرَابًا) أَسْوَدَ أَوْ أَبْقَعَ وَهُوَ مَا خَالَطَ سَوَادَهُ بَيَاضٌ (وَحِدَأَةً) بِوَزْنِ عِنَبَةٍ فَيَجُوزُ قَتْلُ هَذِهِ الْخَمْسَةِ لَا بِنِيَّةِ تَذْكِيَتِهَا، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهَا (وَفِي) جَوَازِ قَتْلِ (صَغِيرِهِمَا) أَيْ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَهُوَ مَا لَمْ يَصِلْ لِحَدِّ الْإِيذَاءِ (خِلَافٌ) وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْآخَرِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي جَوَازِ الْقَتْلِ مَا فَسَّرَ بِهِ الْكَلْبَ الْعَقُورَ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ (كَعَادِي سَبُعٍ كَذِئْبٍ) وَأَسَدٍ وَنِمْرٍ وَفَهْدٍ (إنْ كَبِرَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَقَتْلُهَا لِدَفْعِ شَرِّهَا فَإِنْ قَتَلَهَا بِنِيَّةِ ذَكَاتِهَا مُنِعَ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي الطَّيْرِ وَالْوَزَغِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ (كَطَيْرٍ خِيفَ) مِنْهُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ وَلَا يَنْدَفِعُ (إلَّا بِقَتْلِهِ وَ) إلَّا (وَزَغًا) فَيَجُوزُ قَتْلُهُ (لِحِلٍّ بِحَرَمٍ) إذْ لَوْ تَرَكَهَا الْحَلَالُ بِالْحَرَمِ لَكَثُرَتْ فِي الْبُيُوتِ وَحَصَلَ مِنْهَا الضَّرَرُ وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَلْيُطْعِمْ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ أَيْ حَفْنَةً كَسَائِرِ الْهَوَامِّ.
ثُمَّ شُبِّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَقَدِّمِ قَوْلُهُ (كَأَنْ) (عَمَّ الْجَرَادُ) بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ وَلَا حُرْمَةَ لِلضَّرُورَةِ (وَاجْتَهَدَ) الْمُحْرِمُ فِي التَّحَفُّظِ مِنْ قَتْلِهِ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (وَإِلَّا) يَعُمَّ، أَوْ عَمَّ وَلَمْ يَجْتَهِدْ وَقَتَلَ شَيْئًا (فَقِيمَتُهُ) طَعَامًا بِمَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إنْ كَانَ كَثِيرًا بِأَنْ زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ (وَفِي) قَتْلِ الْجَرَادَةِ (الْوَاحِدَةِ حَفْنَةٌ) مِنْ طَعَامٍ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ إلَى الْعَشَرَةِ هَذَا فِي قَتْلِهَا يَقَظَةً بَلْ (وَإِنْ) قَتَلَهَا (فِي نَوْمٍ كَدُودٍ) وَنَمْلٍ وَذَرٍّ وَذُبَابٍ فَفِيهِ حَفْنَةٌ بِيَدٍ وَلَوْ كَثُرَ جِدًّا فَالتَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْحَفْنَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لَكِنَّ النَّصَّ أَنَّ فِي الدُّودِ وَمَا بَعْدَهُ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ (وَالْجَزَاءُ) وَاجِبٌ (بِقَتْلِهِ) أَيْ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ (وَإِنْ) قَتَلَهُ (لِمَخْمَصَةٍ) أَيْ شِدَّةِ مَجَاعَةٍ تُبِيحُ الْمَيْتَةَ (وَجَهْلٍ) لِحُكْمِ قَتْلِهِ أَوْ لِعَيْنِهِ (وَنِسْيَانٍ) أَيْ نَسِيَ أَنَّهُ مُحْرِمٌ، أَوْ فِي الْحَرَمِ، أَوْ نَسِيَ أَنَّ هَذَا صَيْدٌ وقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: ٩٥] خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَلَا إثْمَ فِي هَذَيْنِ كَالْمَخْمَصَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ (وَتَكَرَّرَ) الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ قَتْلِ الصَّيْدِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِالْقِيمَةِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا الْفَأْرَةَ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهَا لِلْمُحْرِمِ وَفِي الْحَرَمِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ نِيَّةِ الذَّكَاةِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ قَتْلِ صَغِيرِهِمَا) أَيْ وَعَدَمِ الْجَوَازِ فَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ نَظَرًا لِلَفْظِ غُرَابٍ الْوَاقِعِ فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ يَتَحَقَّقُ الْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ نَظَرًا لِلْعِلَّةِ فِي جَوَازِ الْقَتْلِ وَهِيَ الْإِيذَاءُ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي الصَّغِيرِ. (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْأَوَّلُ شَهَّرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَالثَّانِي شَهَّرَهُ ابْنُ هَارُونَ. (قَوْلُهُ: كَعَادِي سَبُعٍ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ قَتْلُ الْعَادِي مِنْ السِّبَاعِ إنْ كَانَ كَبِيرًا وَكَانَ قَتْلُهُ لِدَفْعِ شَرِّهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ. (قَوْلُهُ: كَطَيْرٍ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ قَتْلُ الطَّيْرِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ عَلَى النَّفْسِ، أَوْ الْمَالِ وَلَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ إذَا كَانَ قَتْلُهُ لِدَفْعِ شَرِّهِ لَا بِقَصْدِ ذَكَاتِهِ فَلَا يَجُوزُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ) أَيْ يَحْرُمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَمَا فِي الْمَنَاسِكِ مِنْ الْكَرَاهَةِ قَالَ طفى الْمُرَادُ بِهَا التَّحْرِيمُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ أَطْعَمَ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ إذْ لَوْ كَانَتْ لِلتَّنْزِيهِ مَا قَالَ أَطْعَمَ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ اهـ بْن وَقَدْ يُقَالُ الْإِطْعَامُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا لِلتَّنْزِيهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ شُبِّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا جَزَاءَ فِي هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ كَأَنْ عَمَّ الْجَرَادُ. (قَوْلُهُ: وَالْوَاوُ لِلْحَالِ) أَيْ فَالْمَعْنَى عَلَى التَّقْيِيدِ أَيْ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَلَا حُرْمَةَ إذَا كَانَ قَدْ اجْتَهَدَ فِي التَّحَفُّظِ مِنْ قَتْلِهِ وَمَاتَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَفْعِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ طَعَامًا) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَعَيُّنُ الْحَفْنَةِ فِي الْوَاحِدَةِ لِلْعَشْرِ وَالْقِيمَةِ طَعَامًا فِيمَا زَادَ وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَلَوْ شَاءَ الصِّيَامَ لَحُكِمَ عَلَيْهِ بِصَوْمِ يَوْمٍ اُنْظُرْ طفى وَالْمَوَّاقَ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ) أَيْ بَيْنَ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَقَوْلُهُ لَكِنَّ النَّصَّ إلَخْ أَجَابَ طفى بِأَنَّ الْقَبْضَةَ وَالْحَفْنَةَ مُتَقَارِبَانِ وَالْخَطْبَ سَهْلٌ. (قَوْلُهُ: قَبْضَةً) أَيْ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ كَمَا فِي حَاشِيَةِ خش وَهِيَ دُونَ الْحَفْنَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْجَرَادَ وَالدُّودَ لَيْسَا كَالْقَمْلَةِ وَالْقَمَلَاتِ؛ لِأَنَّ الْقَمْلَةَ وَالْقَمَلَاتِ لِعَشَرَةٍ فِيهَا حَفْنَةٌ وَمَا زَادَ فِيهِ الْفِدْيَةُ وَفِي الْجَرَادَةِ الْوَاحِدَةِ لِعَشَرَةٍ حَفْنَةٌ وَمَا زَادَ فِيهِ الْقِيمَةُ وَالدُّودُ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ قَبْضَةٌ. (قَوْلُهُ: وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ فَإِنْ تَعَرَّضَ لِلْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ تَارَةً يَقْتُلُهُ وَتَارَةً لَا يَقْتُلُهُ فَإِنْ قَتَلَهُ فَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَجَهْلٍ وَنِسْيَانٍ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَيْثُ قَالَ لَا شَيْءَ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ وَلَا فِيمَا تَكَرَّرَ. (قَوْلُهُ: وَلَا إثْمَ فِي هَذَيْنِ إلَخْ) قَالَ بْن فِي سُقُوطِ الْإِثْمِ بِالْجَهْلِ نَظَرٌ لِجَزَاءِ الْإِقْدَامِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوا سُقُوطَ الْإِثْمِ إلَّا فِي النِّسْيَانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: كَالْمَخْمَصَةِ) قَالَ خش فِي كَبِيرِهِ وَيَجُوزُ الِاصْطِيَادُ لِلْمَخْمَصَةِ وَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاهُ بَيْنَ الْجَوَازِ وَالْجَزَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحُرْمَةِ وَنَفْيِ الْجَزَاءِ. (قَوْلُهُ: وَتَكَرَّرَ الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ قَتْلِ الصَّيْدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ " تَكَرَّرَ " فِعْلٌ مَاضٍ وَالْجُمْلَةَ مُسْتَأْنَفَةٌ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى مَخْمَصَةٍ، وَأَنَّ اللَّامَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ مُصَاحِبًا لِتَكَرُّرٍ لَا لِلتَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّ التَّكَرُّرَ لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute