للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَسَهْمٍ) رَمَاهُ حِلٌّ بِحِلٍّ وَ (مَرَّ) السَّهْمُ (بِالْحَرَمِ) أَيْ فِيهِ فَجَاوَزَهُ وَأَصَابَ صَيْدًا بِالْحِلِّ فَقَتَلَهُ فَفِيهِ الْجَزَاءُ (وَكَلْبٍ) أَرْسَلَهُ حَلَالٌ عَلَى صَيْدٍ بِالْحِلِّ (تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ) مِنْ الْحَرَمِ أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ تُوصِلُهُ لِلصَّيْدِ إلَّا مِنْ الْحَرَمِ فَالْجَزَاءُ، وَإِلَّا فَلَا (أَوْ قَصَّرَ) رَبُّهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، أَوْ فِي الْحَرَمِ (فِي رَبْطِهِ) فَانْفَلَتَ وَقَتَلَ صَيْدًا (أَوْ أَرْسَلَ) كَلْبَهُ، أَوْ بَازَهُ مِنْ الْحِلِّ (بِقُرْبِهِ) أَيْ قُرْبِ الْحَرَمِ بِحَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالْحَرَمِ فَأَدْخَلَهُ فِيهِ وَأَخْرَجَهُ مِنْهُ (فَقَتَلَ خَارِجَهُ) فَالْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ فِي الْكُلِّ، وَأَمَّا لَوْ قَتَلَهُ خَارِجَهُ قَبْلَ إدْخَالِهِ الْحَرَمَ فَيُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ بَعِيدٍ بِحَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَأْخُذُ الصَّيْدَ قَبْلَ الْحَرَمِ فَأَدْخَلَهُ فِيهِ وَقَتَلَهُ فِيهِ أَوْ أَخْرَجَهُ وَقَتَلَهُ خَارِجَهُ فَلَا جَزَاءَ وَلَكِنْ لَا يُؤْكَلُ (وَطَرْدِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَتْلِهِ أَيْ وَالْجَزَاءُ فِي قَتْلِهِ وَفِي طَرْدِهِ (مِنْ حَرَمٍ) إلَى الْحِلِّ فَصَادَهُ صَائِدٌ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ عَوْدِهِ لِلْحَرَمِ، أَوْ شَكَّ فِي هَلَاكِهِ وَهُوَ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ فَالْجَزَاءُ عَلَى الطَّارِدِ أَمَّا لَوْ كَانَ يَنْجُو بِنَفْسِهِ كَالْغَزَالِ فَلَا جَزَاءَ عَلَى طَارِدِهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ طَرْدَهُ لَا أَثَرَ لَهُ (وَرَمْيٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَرَمِ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَالْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ (أَوْ) رَمْيٍ مِنْ الْحِلِّ (لَهُ) أَيْ لِلْحَرَمِ فَالْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ فِي هَذِهِ اتِّفَاقًا.

(وَتَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ) عَطْفٌ عَلَى " قَتْلِهِ " أَيْضًا أَيْ وَالْجَزَاءُ فِي تَعْرِيضِ صَيْدِ لِتَلَفِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عِلَّةً لِلْقَتْلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَتَلَ صُيُودًا فَإِنَّ الْجَزَاءَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ بِتَكَرُّرِ الْقَتْلِ سَوَاءٌ نَوَى التَّكَرُّرَ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ تَكَرُّرِ الْجَزَاءِ بِتَكَرُّرِ الْقَتْلِ. (قَوْلُهُ: وَكَسَهْمٍ وَكَلْبٍ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ الْجَزَاءُ) أَيْ وَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ قَرُبَ مَحِلُّ الرَّامِي، أَوْ بَعُدَ عَنْهُ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ فَأَشْهَبُ يَقُولُ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَعَبْدُ الْمَلِكِ يُوَافِقُ أَشْهَبَ عَلَى الْأَكْلِ وَعَدَمِ الْجَزَاءِ بِشَرْطِ الْبُعْدِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَحِلِّ الرَّامِي وَالْحَرَمِ قُرْبٌ كَانَ مَيْتَةً وَفِيهِ الْجَزَاءُ وَالْمُرَادُ بِالْبُعْدِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّامِي وَالْحَرَمِ مَسَافَةٌ لَا يَقْطَعُهَا السَّهْمُ غَالِبًا فَوَافَقَ فِي مَقْدُورِ اللَّهِ أَنَّهُ قَطَعَهَا وَمَرَّ بِطَرَفِ الْحَرَمِ لِقُوَّةٍ حَصَلَتْ لِلرَّامِي اهـ عَدَوِيٌّ وَقَدْ جَعَلَ اللَّخْمِيُّ هَذَا الْخِلَافَ الَّذِي فِي مَسْأَلَةِ السَّهْمِ جَارِيًا فِي مَسْأَلَةِ الْكَلْبِ الَّذِي مَرَّ مِنْ الْحَرَمِ وَاخْتَارَ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَكْلَ وَعَدَمَ الْجَزَاءِ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ طَرِيقُهُ مُتَعَيَّنَةً مِنْ الْحَرَمِ إلَّا أَنَّهُ ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ أُكِلَ وَلَا جَزَاءَ؛ لِأَنَّ لِلْكَلْبِ فِعْلًا فَعُدُولُهُ لِلْحَرَمِ مِنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ السَّهْمِ فَمِنْ الرَّامِي عَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ مِنْ الْحَرَمِ قَيْدٌ فِي الْكَلْبِ فَقَطْ وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي تَقْيِيدِ الْكَلْبِ بِمَا ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَهَذَا قَوْلٌ رَابِعٌ فِي مَسْأَلَةِ الْكَلْبِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ حِلٌّ كَلْبًا وَهُوَ فِي الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِيهِ فَمَرَّ الْكَلْبُ فِي الْحَرَمِ فَلَمَّا جَاوَزَهُ قَتَلَ الصَّيْدَ فِي الْحِلِّ فَفِيهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا وَقَالَ أَشْهَبُ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ مُطْلَقًا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ إنْ بَعُدَ مَحِلُّ الْإِرْسَالِ مِنْ الْحَرَمِ، وَإِلَّا فَالْجَزَاءُ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ إنْ تَعَيَّنَ الْحَرَمُ طَرِيقًا لَهُ فَالْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَرْسَلَ بِقُرْبِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الِاصْطِيَادِ قُرْبَ الْحَرَمِ فَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ مُبَاحٌ إذَا سَلِمَ مِنْ قَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إمَّا مَنْعًا، أَوْ كَرَاهَةً بِحَسَبِ فَهْمِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَالرَّاتِعِ يَرْتَعُ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» قَالَ ح وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ ثُمَّ إنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ، أَوْ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْهُ فَفِيهِ الْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ وَإِنْ قَتَلَهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالتُّونُسِيِّ وَيُؤْكَلُ حَيْثُ كَانَ الصَّائِدُ حَلَالًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ اُنْظُرْ ح وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُوَ الصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ لَكِنْ لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِالْجَزَاءِ فِيهَا تَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ " خَارِجَهُ " حَالًا مِنْ فَاعِلِ قَتَلَ أَيْ فَقَتَلَ فِي حَالِ كَوْنِهِ خَارِجًا مِنْهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْكَلُ فِي الْكُلِّ) أَيْ لِانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ بَعِيدٍ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ أَرْسَلَهُ بِقُرْبِهِ. (قَوْلُهُ: وَطَرْدِهِ مِنْ حَرَمٍ) أَيْ وَأَمَّا طَرْدُهُ عَنْ طَعَامِك وَرَحْلِك فَلَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ هَلَكَ بِسَبَبِهِ فَالْجَزَاءُ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: فَصَادَهُ صَائِدًا إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي ح أَنَّهُ إنْ طَرَدَهُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ فَإِنْ عَادَ إلَى الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ، وَإِنْ صَادَهُ مِنْ الْحِلِّ صَائِدٌ فَالْجَزَاءُ، وَإِنْ اسْتَمَرَّ بَاقِيًا فِي الْحِلِّ فَإِنْ كَانَ فِي مَحِلٍّ مُمَنَّعٍ تَحَقَّقَ مَنْعَتَهُ فِيهِ فَلَا جَزَاءَ، وَإِلَّا فَالْجَزَاءُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَنْجُو إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ يُونُسَ قَيَّدَ بِهِ مَسْأَلَةَ الطَّرْدِ وَحِينَئِذٍ فَيُعْتَبَرُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَصَادَهُ صَائِدٌ وَلِقَوْلِهِ، أَوْ هَلَكَ قَبْلَ عَوْدِهِ وَلِقَوْلِهِ، أَوْ شَكَّ فِي هَلَاكِهِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى خش. (قَوْلُهُ: عَلَى طَارِدِهِ فِي ذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ التَّلَفُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ صِيدَ. (قَوْلُهُ: فَالْجَزَاءُ وَلَا يُؤْكَلُ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ نَظَرًا لِابْتِدَاءِ الرَّمْيَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ نَظَرًا لِمَحِلِّ الْإِصَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْكَلُ فِي هَذِهِ اتِّفَاقًا) أَيْ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ.

(قَوْلُهُ: وَتَعْرِيضِهِ) أَيْ تَعْرِيضِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّيْدُ مِنْ مُحْرِمٍ وَحَلَالٍ فِي الْحَرَمِ وَلَيْسَ مِنْ تَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ كَوْنُ الْغَيْرِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ جُرْحِهِ لَهُ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ الْبِسَاطِيُّ وَسَلَّمَهُ تت؛ لِأَنَّهُ مَهْمَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ مِنْ الْجُرْحِ، أَوْ بَرِئَ مِنْهُ بِنَقْصٍ وَالْتَحَقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>