للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حِينَ وُجُوبِهِ وَتَقْلِيدِهِ) أَيْ تَعْيِينِهِ وَذَلِكَ بِالتَّقْلِيدِ فِيمَا يُقَلَّدُ وَتَمْيِيزِهِ عَنْ غَيْرِهِ لِيَكُونَ هَدْيًا فِيمَا لَا يُقَلَّدُ فَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ وَالتَّقْلِيدِ هُنَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّعْيِينُ لَا الْوُجُوبُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ أَحَدُ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَلَا حَقِيقَةُ التَّقْلِيدِ (فَلَا يُجْزِئُ) هَدْيٌ وَاجِبٌ (مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ) يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ السِّنَّ (وَلَوْ سَلِمَ) مِنْ عَيْبِهِ أَوْ بَلَغَ السِّنَّ قَبْلَ النَّحْرِ بِخِلَافِ هَدْيِ تَطَوُّعٍ أَوْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ فَيُجْزِئُ إنْ سَلِمَ قَبْلَ ذَبْحِهِ، ثُمَّ يَجِبُ إنْفَاذُ مَا قُلِّدَ مَعِيبًا لِوُجُوبِهِ بِالتَّقْلِيدِ، وَإِنْ لَمْ يُجْزِهِ (بِخِلَافِ عَكْسِهِ) وَهُوَ أَنْ يُقَلِّدَهُ أَوْ يُعَيِّنَهُ لِلْهَدْيِ سَلِيمًا ثُمَّ يَتَعَيَّبَ قَبْلَ ذَبْحِهِ فَيُجْزِئَ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّطَوُّعِ وَالْوَاجِبِ عَلَى الْمَذْهَبِ فَقَوْلُهُ (إنْ تَطَوَّعَ) بِهِ لَيْسَ شَرْطًا فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِقُصُورِهِ فَكَانَ الْوَجْهُ حَذْفَهُ فَلَعَلَّهُ مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرِ، وَمَحِلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ (وَأَرْشُهُ) أَيْ الْهَدْيِ الْمَرْجُوعِ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ لِعَيْبٍ قَدِيمٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ أَمْ لَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ الْمُفِيتَيْنِ لِرَدِّهِ (وَثَمَنُهُ) الْمَرْجُوعُ بِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ جُعِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا (فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ) ذَلِكَ مِمَّنْ أُهْدِيَ (وَإِلَّا) يَبْلُغْ (تُصُدِّقَ بِهِ) وُجُوبًا وَهَذَا إنْ تَطَوَّعَ بِهِ، أَوْ كَانَ مَنْذُورًا بِعَيْنِهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ لِعَدَمِ شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِهِ (وَ) الْأَرْشُ الْمَأْخُوذُ (فِي الْفَرْضِ) الْأَصْلِيِّ، أَوْ الْمَنْذُورِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ (يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرٍ) أَيْ يَجْعَلُهُ فِي بَدَلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ إنْ بَلَغَ ثَمَنَهُ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ كَمَّلَ عَلَيْهِ وَاشْتَرَى بِهِ الْبَدَلَ وَهَذَا فِي عَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ إذْ عَلَيْهِ بَدَلُهُ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ فَكَالتَّطَوُّعِ يَجْعَلُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ.

(وَسُنَّ) فِي هَدَايَا الْإِبِلِ (إشْعَارُ) أَيْ شَقُّ (سُنُمِهَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ جَمْعُ سَنَامٍ بِالْفَتْحِ (مِنْ) الْجَانِبِ (الْأَيْسَرِ) أَيْ فِيهِ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ (لِلرَّقَبَةِ) بِمَعْنَى مِنْ أَيْ مُبْتَدَأً مِنْ نَاحِيَةِ الرَّقَبَةِ إلَى نَاحِيَةِ الذَّنَبِ قَدْرَ أُنْمُلَتَيْنِ طُولًا حَتَّى يَدْمَى (مُسَمِّيًا) أَيْ قَائِلًا بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ نَدْبًا (وَ) سُنَّ (تَقْلِيدٌ) أَيْ تَعْلِيقُ قِلَادَةٍ أَيْ حَبْلٍ فِي عُنُقِهَا وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ التَّقْلِيدِ عَلَى الْإِشْعَارِ؛ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتَقْلِيدُ هَدْيٍ، ثُمَّ إشْعَارُهُ (وَنُدِبَ نَعْلَانِ) يُعَلِّقُهُمَا (بِنَبَاتِ الْأَرْضِ) أَيْ بِحَبْلٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ نَدْبًا كَحَلْفَاءَ لَا مِنْ صُوفٍ، أَوْ وَبَرٍ خَشْيَةَ تَعَلُّقِهِ بِشَيْءٍ فَيُؤْذِيهِ (وَ) نُدِبَ (تَجْلِيلُهَا)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ مِنْ فِدْيَةٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ، أَوْ هَدْيٍ كَانَ عَنْ نَقْصٍ، أَوْ كَانَ نَذْرًا أَوْ تَطَوُّعًا. (قَوْلُهُ: حِينَ وُجُوبِهِ إلَخْ) أَيْ لَا يَوْمَ نَحْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ: وَتَمْيِيزِهِ عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ بِسَوْقِهِ لِمَكَّةَ أَوْ نَذْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَقِيقَةُ التَّقْلِيدِ) أَيْ الْآتِيَةُ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَعَمُّ مِمَّا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا تَعْيِينُهُ لِلْهَدْيِ سَوَاءٌ كَانَ بِالتَّقْلِيدِ الْحَقِيقِيِّ أَوْ بِالتَّمْيِيزِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْعَامِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُرَادُ بِالتَّقْلِيدِ هُنَا مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ - أَعْنِي اعْتِبَارَ السِّنِّ وَالْعَيْبِ حِينَ التَّعْيِينِ - يَعُمُّ الْأَنْعَامَ كُلَّهَا مَا يُقَلَّدُ مِنْهَا وَمَا لَا يُقَلَّدُ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قُلِّدَ مِنْ الْهَدَايَا يُبَاعُ فِي الدُّيُونِ السَّابِقَةِ مَا لَمْ يُذْبَحْ وَلَا يُبَاعُ فِي اللَّاحِقَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ إلَخْ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُعْتَبَرُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: هَدْيُ وَاجِبٍ أَيْ وَلَا نَذْرٌ مَضْمُونٌ وَقَوْلُهُ: بِعَيْبٍ أَيْ مُلْتَبِسًا بِعَيْبٍ أَيْ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا فَيَدْخُلُ الصِّغَرُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حُكْمًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ إذَا قُلِّدَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَهُوَ مَعِيبٌ عَيْبًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَكْسِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا كَانَ تَعَيُّبُهُ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّيهِ وَلَا تَفْرِيطِهِ فَإِنْ كَانَ بِتَعَدِّيهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ ضَمِنَ كَمَا فِي ح عَنْ الطِّرَازِ وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَمْنَعْ التَّعَيُّبُ بُلُوغَ الْمَحِلِّ فَلَوْ مَنَعَهُ كَعَطَبٍ، أَوْ سَرِقَةٍ لَمْ يُجْزِهِ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ وَالْمَنْذُورُ الْمَضْمُونُ كَمَا يَأْتِي اهـ بْن. (قَوْلُهُ: الْمَرْجُوعُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ) أَيْ أَوْ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْجَانِي عَلَى ذَلِكَ الْهَدْيِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ فَكَالتَّطَوُّعِ) هَذَا يَشْمَلُ الْعَيْبَ الْخَفِيفَ مُطْلَقًا وَالْعَيْبَ الشَّدِيدَ الطَّارِئَ بَعْدَ التَّقْلِيدِ لِأَنَّهُ لِطُرُوِّهِ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ.

وَيَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَرْبَعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ إمَّا تَطَوُّعٌ وَمِثْلُهُ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ، وَإِمَّا وَاجِبٌ وَمِثْلُهُ النَّذْرُ الْمَضْمُونُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَمْنَعَ الْعَيْبُ الَّذِي فِيهِ الْإِجْزَاءَ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا جَعَلَ الْأَرْشَ وَالثَّمَنَ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ الْعَيْبُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ بِأَنْ كَانَ شَدِيدًا مُتَقَدِّمًا عَلَى التَّقْلِيدِ، أَوْ كَانَ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ بِأَنْ كَانَ خَفِيفًا أَوْ كَانَ طَارِئًا عَلَى التَّقْلِيدِ وَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا اشْتَرَى بِالثَّمَنِ، أَوْ الْأَرْشِ هَدْيًا آخَرَ إنْ بَلَغَ ذَلِكَ ثَمَنَ هَدْيٍ وَكَمَّلَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ هَذَا إنْ كَانَ الْعَيْبُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ جَعَلَ الْأَرْشَ، أَوْ الثَّمَنَ فِي هَدْيٍ آخَرَ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ مِثْلَ التَّطَوُّعِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرِ ظَاهِرِهِ كَالْمُدَوَّنَةِ وُجُوبًا وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي الْبَدَلِ إنْ شَاءَ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ فِي هَدَايَا الْإِبِلِ إشْعَارُ سُنُمِهَا) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ لَهَا سَنَامٌ فَإِنْ كَانَتْ لَا سَنَامَ لَهَا فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُشْعَرُ وَهُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْإِبِلَ يُسَنُّ إشْعَارُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَنَامٌ وَمَا لَهَا سَنَامَانِ يُسَنُّ إشْعَارُهَا فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ) قَالَ عبق: وَانْظُرْ مَا حُكْمُ كَوْنِ الْإِشْعَارِ فِي الْأَيْسَرِ اهـ قَالَ بْن: وَهَذَا قُصُورٌ مِنْهُ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا نَصُّهُ وَفِي أَوْلَوِيَّتِهِ - أَيْ الْإِشْعَارِ - فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ، ثَالِثُهَا أَنَّهُ السُّنَّةُ فِي الْأَيْسَرِ، وَرَابِعُهَا هُمَا سَوَاءٌ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ التَّقْلِيدِ عَلَى الْإِشْعَارِ) أَيْ فِي الذِّكْرِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ السُّنَّةُ أَيْ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَقْدِيمُ التَّقْلِيدِ عَلَى الْإِشْعَارِ فِعْلًا خَوْفًا مِنْ نِفَارِهَا لَوْ أُشْعِرَتْ أَوَّلًا، وَفَعَلَهُمَا بِوَقْتٍ وَاحِدٍ أَوَّلًا، وَفَائِدَةُ التَّقْلِيدِ إعْلَامُ الْمَسَاكِينِ أَنَّ هَذَا هَدْيٌ فَيَجْتَمِعُونَ لَهُ وَقِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>