(فَكَالتَّطَوُّعِ) يَعْطَبُ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَيَنْحَرُهُ وَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَكَذَا إنْ أَمَرَ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ أُمُّهُ وَاجِبَةً أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهَا.
(وَلَا يَشْرَبُ) الْمُهْدِي بَعْدَ التَّقْلِيدِ أَوْ الْإِشْعَارِ (مِنْ اللَّبَنِ) (- وَإِنْ فَضَلَ -) عَنْ رِيِّ فَصِيلِهَا أَيْ يَحْرُمُ إنْ لَمْ يَفْضُلْ، أَوْ أَضَرَّ وَيُكْرَهُ إنْ فَضَلَ (وَغَرِمَ إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ الْأُمَّ، أَوْ) أَضَرَّ (الْوَلَدَ مُوجَبُ فِعْلِهِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ تَلَفٍ فَيَلْزَمُهُ الْأَرْشُ أَوْ الْبَدَلُ (وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا) وَالْحَمْلِ عَلَيْهَا (بِلَا عُذْرٍ) بَلْ يُكْرَهُ فَإِنْ اُضْطُرَّ لِرُكُوبِهَا لَمْ يُكْرَهْ فَإِنْ رَكِبَ حِينَئِذٍ (وَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ بَعْدَ الرَّاحَةِ) ، وَإِنَّمَا يُنْدَبُ فَقَطْ (وَ) نُدِبَ (نَحْرُهَا) أَيْ الْإِبِلِ (قَائِمَةً) عَلَى قَوَائِمِهَا غَيْرَ مَعْقُولَةٍ (أَوْ) قَائِمَةً (مَعْقُولَةً) مَثْنِيَّةً ذِرَاعُهَا الْيُسْرَى إلَى عَضُدِهَا إنْ خَافَ ضَعْفَهُ عَنْهَا فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَأَجْزَأَ إنْ ذَبَحَ) أَوْ نَحَرَ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرٌ الْهَدْيَ عَنْهُ أَيْ عَنْ رَبِّهِ مُتَعَلِّقٌ بِأَجْزَأَ (مُقَلِّدًا) أَنَابَهُ عَنْهُ أَمْ لَا (وَلَوْ نَوَى) الْغَيْرُ الذَّبْحَ (عَنْ نَفْسِهِ إنْ غَلِطَ) فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يُجْزِ عَنْ الْأَصْلِ أَنَابَهُ أَمْ لَا وَلَا عَنْ الْمُتَعَمِّدِ أَيْضًا بِخِلَافِ الضَّحِيَّةِ فَتُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا وَلَوْ تَعَمَّدَ غَيْرُهُ ذَبْحَهَا عَنْ نَفْسِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إنَابَةِ رَبِّهَا لَهُ دُونَ الْهَدْيِ فَهِيَ تُخَالِفُ الْهَدْيَ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ.
(وَلَا يُشْتَرَكُ) أَيْ لَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ (فِي هَدْيٍ) وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا وَأَوْلَى الْفِدْيَةُ وَالْجَزَاءُ لَا فِي الذَّاتِ وَلَا فِي الْأَجْرِ وَالْأَقَارِبُ وَالْأَبَاعِدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَإِنْ اشْتَرَكَ لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَإِنْ) (وُجِدَ) الْهَدْيُ الضَّالُّ، أَوْ الْمَسْرُوقُ (بَعْدَ نَحْرِ بَدَلِهِ) (نُحِرَ) الْمَوْجُودُ أَيْضًا (إنْ قُلِّدَ) لِتَعَيُّنِهِ بِالتَّقْلِيدِ (وَ) إنْ وُجِدَ الضَّالُّ (قَبْلَ نَحْرِهِ) أَيْ نَحْرِ الْبَدَلِ (نُحِرَا مَعًا إنْ قُلِّدَا) لِتَعَيُّنِهِمَا بِالتَّقْلِيدِ (وَإِلَّا) يَكُونَا مُقَلَّدَيْنِ وَالْمَوْضُوعُ وُجُودُ الضَّالِّ قَبْلَ نَحْرِ الْبَدَلِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ تَقْلِيدٌ أَصْلًا، أَوْ الْمُقَلَّدُ أَحَدَهُمَا (بِيعَ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا عَلَى التَّخْيِيرِ فِي الْأُولَى وَيَتَعَيَّنُ لِلنَّحْرِ الْمُقَلَّدُ فِي الْأَخِيرَةِ وَجَازَ بَيْعُ الْآخَرِ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ حَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ أُمِّهِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ وَقَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ هَدْيٌ أَيْ كَبِيرٌ تَامٌّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَكَالتَّطَوُّعِ) هَذَا جَوَابُ " إنْ " الثَّانِيَةِ وَهِيَ وَجَوَابُهَا جَوَابُ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ) أَيْ هَدْيٌ كَبِيرٌ تَامٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَشْرَبُ مِنْ اللَّبَنِ) أَيْ مِنْ لَبَنِ الْهَدْيِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُمْنَعُ الْأَكْلُ مِنْهُ أَوْ مِمَّا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ كَذَا حَمَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا قَالَهُ طفى، وَتَعْلِيلُهُمْ النَّهْيَ بِخُرُوجِ الْهَدْيِ عَنْ مِلْكِهِ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَبِخُرُوجِهِ خَرَجَتْ الْمَنَافِعُ فَشُرْبُهُ نَوْعٌ مِنْ الْعَوْدِ فِي الصَّدَقَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِلْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ فِي الصَّدَقَةِ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَحِلُّ الْكَرَاهَةِ إنْ لَمْ يَضُرَّ شُرْبُ اللَّبَنِ بِالْأُمِّ، أَوْ بِوَلَدِهَا بِأَنْ أَضْعَفَهُمَا، أَوْ أَحَدَهُمَا وَإِلَّا كَانَ شُرْبُهُ مَمْنُوعًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَضَلَ عَنْ رِيِّ فَصِيلِهَا) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَفْضُلْ عَنْ رِيِّ فَصِيلِهَا بَلْ وَإِنْ فَضَلَ فَيُكْرَهُ الشُّرْبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ بِهَا وَلَا بِوَلَدِهَا وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ) أَيْ أَوْ بِحَلْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهُ أَوْ بِإِبْقَائِهِ بِضَرْعِهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَكِبَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَ مُضْطَرًّا فَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ بَعْدَ الرَّاحَةِ، وَإِنَّمَا يُنْدَبُ فَقَطْ فَإِنْ نَزَلَ بَعْدَ الرَّاحَةِ فَلَا يَرْكَبُهَا ثَانِيًا إلَّا إذَا اُضْطُرَّ كَالْأَوَّلِ فَإِنْ رَكِبَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا، وَإِنْ رَكِبَهَا لِعُذْرٍ وَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَتَى أَتْلَفَهَا بِرُكُوبِهِ ضَمِنَهَا، وَإِنَّمَا ثَمَرَةُ الْعُذْرِ عَدَمُ الْإِثْمِ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ سَنَدٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: غَيْرَ مَعْقُولَةٍ) أَيْ بَلْ مُقَيَّدَةً فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ) أَيْ لِأَنَّ نَحْرَهَا قَائِمَةً غَيْرَ مَعْقُولَةٍ - إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُذْرٌ -، وَنَحْرَهَا قَائِمَةً مَعْقُولَةً مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ كَضَعْفِهِ عَنْهَا وَامْتِنَاعِهَا مِنْ الصَّبْرِ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِأَجْزَأَ) لَا بِذَبَحَ، وَإِلَّا بَطَلَتْ الْمُبَالَغَةُ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ فَيَقُولُ: وَأَجْزَأَ عَنْهُ إنْ ذَبَحَهُ، أَوْ نَحَرَهُ غَيْرُهُ مُقَلِّدًا، أَوْ مُشْعِرًا وَلَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ، وَمَحِلُّ الْإِجْزَاءِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُسْلِمًا لَا إنْ كَانَ كَافِرًا فَلَا يُجْزِئُ وَعَلَى رَبِّهِ بَدَلُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الْغَيْرُ الذَّبْحَ عَنْ نَفْسِهِ إنْ غَلِطَ) أَيْ لِأَنَّهُ نَاوٍ لِلْقُرْبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يُجْزِ عَنْ الْأَصْلِ) أَيْ وَلِرَبِّهِ أَخْذُ الْقِيمَةِ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ) أَعْنِي الذَّبْحَ عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا وَالِاسْتِنَابَةَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْهَدْيَ إذَا ذَبَحَهُ الْغَيْرُ عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ صَاحِبَهُ، سَوَاءٌ وَكَّلَهُ صَاحِبُهُ عَلَى ذَبْحِهِ أَمْ لَا وَأَمَّا الضَّحِيَّةُ إذَا ذَبَحَهَا الْغَيْرُ عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا فَإِنَّهَا تُجْزِي صَاحِبَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا وَكَّلَهُ عَلَى ذَبْحِهَا.
(قَوْلُهُ: وَأَوْلَى الْفِدْيَةُ وَالْجَزَاءُ) أَيْ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي دَمٍ لَكَانَ أَشْمَلَ. (قَوْلُهُ: لَا فِي الذَّاتِ) أَيْ بِأَنْ يَحْصُلَ الِاشْتِرَاكُ فِي الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ) أَيْ فَالْهَدْيُ يُخَالِفُ الْأُضْحِيَّةَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا فِي الْأَجْرِ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهَدْيَ قَدْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ حَتَّى بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْأَجْرِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ اهـ خش. (قَوْلُهُ: الْهَدْيُ الضَّالُّ إلَخْ) أَيْ أَوْ جَزَاءُ الصَّيْدِ الضَّالُّ، أَوْ الْمَسْرُوقُ. (قَوْلُهُ: نُحِرَ الْمَوْجُودُ أَيْضًا) أَيْ وَيَصِيرُ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ نَابَ عَنْ الْوَاجِبِ الْمَوْجُودِ، وَقَوْلُهُ: نُحِرَ الْمَوْجُودُ أَيْ وُجُوبًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ لِمَالِهِ لِتَعَيُّنِهِ بِالتَّقْلِيدِ. (قَوْلُهُ: بِيعَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) لَا مَفْهُومَ لِلْبَيْعِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي أَحَدِهِمَا بِسَائِرِ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute