للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَأَكْلِهِ) أَيْ رَبِّهِ (مِنْ مَمْنُوعٍ) أَكْلُهُ (بَدَلَهُ) مَفْعُولُ ضَمِنَ أَيْ ضَمِنَ هَدْيًا كَامِلًا بَدَلَهُ إلَّا أَنْ يَأْمُرَ فِي غَيْرِ التَّطَوُّعِ مُسْتَحِقًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الرَّسُولُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا أَكَلَ، أَوْ أَمَرَ وَكَانَ هُوَ، أَوْ مَأْمُورُهُ مُسْتَحِقًّا، وَإِلَّا ضَمِنَ قَدْرَ أَكْلِهِ، أَوْ قَدْرَ أَخْذِ مَأْمُورِهِ فَقَطْ (وَهَلْ) عَلَى رَبِّهِ الْبَدَلُ كَامِلًا فِي كُلِّ مَمْنُوعٍ (إلَّا نَذْرَ مَسَاكِينَ عُيِّنَ فَقَدْرُ أَكْلِهِ) فَقَطْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ مُطْلَقًا (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ.

(وَالْخِطَامُ) أَيْ الزِّمَامُ (وَالْجِلَالُ) بِالْكَسْرِ فِيهِمَا جَمْعُ جُلٍّ بِالضَّمِّ (كَاللَّحْمِ) فِي الْمَنْعِ وَالْإِبَاحَةِ فَيَجْرِي فِيهِمَا مَا جَرَى مِنْ التَّفْصِيلِ؛ فَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ خِطَامِهِ، أَوْ جِلَالِهِ فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا، أَوْ أَمَرَ بِهِ ضَمِنَ قِيمَةَ مَا أَخَذَ فَقَطْ إنْ تَلِفَ، وَإِلَّا رَدَّهُ فَالتَّشْبِيهُ غَيْرُ تَامٍّ.

(وَإِنْ) (سُرِقَ) الْهَدْيُ الْوَاجِبُ، أَوْ تَلِفَ (بَعْدَ ذَبْحِهِ) ، أَوْ نَحْرِهِ (أَجْزَأَ) لِأَنَّهُ بَلَغَ مَحِلَّهُ (لَا قَبْلَهُ) فَلَا يُجْزِيهِ وَأَمَّا الْمُتَطَوَّعُ بِهِ - وَمِثْلُهُ نَذْرٌ عُيِّنَ - فَلَا بَدَلَ عَلَيْهِ إنْ سُرِقَ قَبْلَهُ (وَحُمِلَ الْوَلَدُ) الْحَاصِلُ بَعْدَ التَّقْلِيدِ أَوْ الْإِشْعَارِ إلَى مَكَّةَ وُجُوبًا وَنُدِبَ حَمْلُهُ (عَلَى غَيْرٍ) أَيْ غَيْرِ أُمِّهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ سَوْقُهُ وَأَمَّا الْمَوْلُودُ قَبْلَ التَّقْلِيدِ فَيُسْتَحَبُّ نَحْرُهُ وَلَا يَجِبُ حَمْلُهُ وَهَلْ يُنْدَبُ وَيَكُونُ عَلَى غَيْرِ الْأُمِّ، أَوْ لَا؟ مَحِلُّ نَظَرٍ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا حَمَلَ (عَلَيْهَا) إنْ قَوِيَتْ فَإِنْ نَحَرَهُ دُونَ الْبَيْتِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إيصَالِهِ بِوَجْهٍ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ بَدَلَهُ (وَإِلَّا) يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى أُمِّهِ لِضَعْفِهَا وَلَا عَلَى غَيْرِهَا وَلَا بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِ رَبِّهِ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْكُهُ) عِنْدَ أَمِينٍ إنْ كَانَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ (لِيَشْتَدَّ) ثُمَّ يَبْعَثُهُ إلَى مَحِلِّهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

إذَا أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَإِنْ أَمَرَ مُسْتَحِقًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَأَكْلِهِ مِنْ مَمْنُوعٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الْأَكْلِ مِنْهُ قَبْلُ وَبَعْدُ، أَوْ بَعْدُ لَا قَبْلُ، أَوْ قَبْلُ لَا بَعْدُ فَمَتَى أَكَلَ مِنْ مَمْنُوعٍ لَزِمَهُ هَدْيٌ كَامِلٌ وَهَلْ ضَمَانُ بَدَلِ الْهَدْيِ فِي الْمَمْنُوعَاتِ مُطْلَقًا حَتَّى فِي أَكْلِهِ مِنْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قَدْرُ أَكْلِهِ فَقَطْ خِلَافٌ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الْهَدْيِ الْمَمْنُوعِ مِنْ الْأَكْلِ مِنْهُ إنْ أَكَلَ لَزِمَهُ هَدْيٌ كَامِلٌ إلَّا فِي نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ إذَا أَكَلَ مِنْهُ فَقَوْلَانِ فِي قَدْرِ اللَّازِمِ لَهُ، وَإِنْ أَمَرَ أَحَدًا بِالْأَكْلِ مِنْهُ فَإِنْ أَمَرَ غَنِيًّا لَزِمَهُ هَدْيٌ كَامِلٌ إلَّا فِي نَذْرٍ مُعَيَّنٍ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا قَدْرُ أَكْلِهِ كَذَا يَنْبَغِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْقَوْلَانِ الْجَارِيَانِ فِي أَكْلِهِ هُوَ، وَإِنْ أَمَرَ فَقِيرًا فَإِنْ كَانَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا إلَّا فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَيَلْزَمُهُ بَدَلُهُ هَدْيٌ كَامِلٌ عَلَى الْمُرْتَضَى، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفَقِيرُ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَكْلِ صَاحِبِهِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْأَكْلُ أَوْ الْأَمْرُ مِنْ رَبِّهِ، وَأَمَّا الرَّسُولُ فَإِنْ أَمَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَمَرَ مُسْتَحِقًّا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ الْإِثْمُ إذَا أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَإِنْ أَكَلَ ضَمِنَ قَدْرَ مَا أَكَلَ وَعَلَيْهِ الْإِثْمُ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ فَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا فَلَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي كَبِيرِ خش، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرَّسُولِ بَيْنَ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَغَيْرِهِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ النُّقُولِ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّسُولَ مِثْلُ رَبِّهَا فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَلَوْ فَقِيرًا وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَذَكَرَ الْأُجْهُورِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ رَبُّهُ، أَوْ وَكِيلُهُ قَدْرًا مِمَّا يُمْنَعُ الْأَكْلُ مِنْهُ، أَوْ أَمَرَا غَيْرَهُمَا بِالْأَخْذِ مِنْهُ رَدَّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَيْنَ مَا أَخَذَ وَلَوْ مَطْبُوخًا يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الرَّسُولُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا فِي الرَّسُولِ مِنْ أَنَّهُ إنْ أَكَلَ، أَوْ أَمَرَ بِالْأَخْذِ وَكَانَ هُوَ أَوْ مَأْمُورُهُ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قَدْرَهُ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا فِي خش اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: فَقَدْرُ أَكْلِهِ) أَيْ فَقَدْرُ مَا أَكَلَهُ مِنْ اللَّحْمِ - إنْ عُرِفَ وَزْنُهُ -، وَقِيمَتُهُ إنْ لَمْ يُعْرَفْ. (قَوْلُهُ: خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ) أَيْ فَالْأَوَّلُ شَهَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي وَالثَّانِي شَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ قِيمَةَ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ صَرْفُهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ وَهَذَا فِيمَا لَيْسَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ وَأَمَّا مَا لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ فَلَا يُطَالَبُ بِقِيمَةِ الْخِطَامِ وَالْجِلَالِ إذَا أَخَذَهُمَا، وَيَفْعَلُ بِهِمَا مَا شَاءَ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ سَنَدٍ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ عبق مِنْ صَرْفِهَا لَهُمْ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: غَيْرُ تَامٍّ) لِأَنَّ فِي أَخْذِ رَبِّهِ مِنْ لَحْمِ الْمَمْنُوعِ الْأَكْلِ مِنْهُ وَكَذَا فِي أَمْرِهِ بِالْأَخْذِ مِنْهُ هَدْيًا كَامِلًا وَفِي أَخْذِهِ الْخِطَامَ وَالْجِلَالَ، أَوْ أَمْرِهِ بِأَخْذِهِمَا قِيمَةَ مَا أَخَذَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ سُرِقَ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ) أَيْ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَفِدْيَةِ الْأَذَى وَالنَّذْرِ الْمَضْمُونِ لِلْمَسَاكِينِ وَمَا وَجَبَ لِقِرَانٍ، أَوْ تَمَتُّعٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَلَغَ مَحِلَّهُ) أَيْ وَقَدْ وَقَعَ التَّعَدِّي فِي حَقِّ الْمَسَاكِينِ وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِقِيمَتِهِ مِمَّنْ ثَبَتَ أَنَّهُ سَرَقَهُ، وَصَرَفَهَا لِلْمَسَاكِينِ فِيمَا لَيْسَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ وَأَمَّا مَا لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِالْقِيمَةِ مَا شَاءَ كَمَا ذَكَرَهُ ح عَنْ سَنَدٍ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ عبق مِنْ تَعَيُّنِ صَرْفِهَا لِلْمَسَاكِينِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِيهِ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ بَدَلُهُ. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ أُمُّهُ هَدْيًا وَاجِبًا، أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا مُعَيَّنًا لِوُجُوبِ ذَبْحِهِ فِيهَا كَأَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرٍ أَيْ غَيْرِ أُمِّهِ) أَيْ وَأُجْرَةُ الْحَمْلِ إنْ اقْتَضَاهَا الْحَالُ مِنْ مَالِ رَبِّهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ حَمْلُهُ) أَيْ لِمَكَّةَ وَقَوْلُهُ: وَهَلْ يُنْدَبُ أَيْ حَمْلُهُ لِمَكَّةَ لِيُنْحَرَ مَعَ أُمِّهِ. (قَوْلُهُ: مَحِلُّ نَظَرٍ) قَالَ بْن عِبَارَةُ الْإِمَامِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ كَمَا فِي نَقْلِ ح تَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ حَمْلِهِ مَعَهَا وَنَصُّهُ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْحَرَهُ مَعَهَا إنْ نَوَى ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي إنْ نَوَى بِهِ الْهَدْيَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: عَلَى إيصَالِهِ بِوَجْهٍ) مِثْلُ سَوْقِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>