للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَحَبَسَ) مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ نَدْبًا (هَدْيَهُ مَعَهُ) لِيَأْخُذَهُ مَعَهُ لِيَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ إذَا تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ (إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ) مِنْ عَطَبِهِ عِنْدَهُ، وَلَوْ أَمْكَنَ إرْسَالَهُ فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ بَعَثَهُ إنْ أَمْكَنَ، وَهَذَا فِي الْمَرِيضِ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِ كَمَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ، وَلَمْ يَصِلْ مَكَّةَ (وَلَمْ يُجْزِهِ) أَيْ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ هَدْيٌ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ (عَنْ) هَدْيِ (فَوَاتٍ) لِلْحَجِّ سَوَاءٌ بَعَثَهُ إلَى مَكَّةَ أَوْ أَبْقَاهُ حَتَّى أَخَذَهُ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَجَبَ لِغَيْرِ الْفَوَاتِ فَلَا يُجْزِي عَنْ الْفَوَاتِ بَلْ عَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ لِلْفَوَاتِ.

(وَخَرَجَ) وُجُوبًا كُلُّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ، وَأَرَادَ التَّحَلُّلَ بِعُمْرَةٍ (لِلْحِلِّ) ، وَيُلَبِّي مِنْهُ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ إحْرَامٍ (إنْ أَحْرَمَ) بِحَجَّةٍ أَوْ لَا (بِحَرَمٍ أَوْ أَرْدَفَ) الْحَجَّ فِيهِ لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ لِتَحَلُّلِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَيَقْضِي حَجَّهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ (وَأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ) الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ لِأَجْلِهٍ (لِلْقَضَاءِ) أَيْ لِعَامِهِ لِيَجْتَمِعَ لَهُ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ وَالْمَالِيُّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ وُجُوبَ الْقَضَاءِ وَلَوْ كَانَ الْفَائِتُ نَفْلًا، وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا حَصَرَهُ الْعَدُوُّ عَنْ النَّفْلِ فَلَا قَضَاءَ (وَأَجْزَأَ إنْ قَدِمَ) عَامُ الْفَوَاتِ وَخَافَ الْوَاجِبَ (وَإِنْ أَفْسَدَ) إحْرَامَهُ أَوَّلًا، وَقُلْنَا يَجِبُ إتْمَامُهُ فَتَمَادَى (ثُمَّ فَاتَ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ فَاتَهُ ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ مِنْهُ الْإِفْسَادُ (بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ) أَيْ شَرَعَ فِيهَا فَلَمْ يُتِمَّهَا حَتَّى أَفْسَدَ (تَحَلَّلَ) وُجُوبًا فِي الصُّورَتَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّمَادِي عَلَى الْفَسَادِ وَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ إنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ أَوْ أَرْدَفَ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَقَضَاهُ) أَيْ الْحَجَّ (دُونَهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَقْضِيهَا؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ تَحَلُّلٌ لَا عُمْرَةٌ (وَعَلَيْهِ) فِي الصُّورَتَيْنِ (هَدْيَانِ) هَدْيٌ لِلْفَوَاتِ يُؤَخِّرُهُ لِلْقَضَاءِ، وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بَلْ مِنْ وَقْتِ نِيَّةِ فِعْلِ الْعُمْرَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ ح الْخِلَافَ فِي هَذَا فَقَالَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَتَى عَرَفَةَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلْيَرْجِعْ إلَى مَكَّةَ، وَيَطُوفُ، وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ، وَيَنْوِي بِهَا عُمْرَةً، وَهَلْ تَنْقَلِبُ عُمْرَةً مِنْ أَصْلِ الْإِحْرَامِ أَوْ مِنْ وَقْتِ يَنْوِي فِعْلَ الْعُمْرَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. اهـ.

فَقَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ وَبَيَّنَ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا نَوَى الْعُمْرَةَ. (قَوْلُهُ: وَحُبِسَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمَحْبُوسَ بِحَقٍّ إذَا فَاتَ كُلًّا مِنْهُمَا الْوُقُوفُ، وَكَانَ مَعَهُ هَدْيٌ سَاقَهُ فِي إحْرَامِهِ تَطَوُّعًا أَوْ لِنَقْصٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْعَطَبَ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ لِطُولِ زَمَنِ الْمَرَضِ وَالْحَبْسِ أَوْ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْعَطَبَ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَجِدَ مَنْ يُرْسِلُهُ لِمَكَّةَ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ إذَا بَقِيَ فَإِنَّهُ يَحْبِسُهُ عِنْدَهُ رَجَاءَ أَنْ يَخْلُصَ، وَيَنْحَرَ هَدْيَهُ فِي مَحِلِّهِ أَمْكَنَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ إنْ أَمْكَنَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ أَرْسَلَهُ، وَإِلَّا ذَبَحَهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَانِعُ لَهُ مِنْ الْوُقُوفِ عَدُوًّا أَوْ فِتْنَةً أَوْ حَبْسًا ظُلْمًا فَمَتَى قَدَرَ عَلَى إرْسَالِهِ لِمَكَّةَ بِأَنْ وَجَدَ مَنْ يُرْسِلَهُ مَعَهُ إلَيْهَا أَرْسَلَهُ كَأَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْعَطَبَ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُرْسِلَهُ مَعَهُ ذَبَحَهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ كَانَ كَأَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْعَطَبَ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ أَمْ لَا فَعَلِمَ أَنَّ الْهَدْيَ لَا يُحْبَسُ مَعَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ، وَكَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهِ إذَا بَقِيَ عِنْدَهُ، وَلَا يُحْبَسُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ حَبْسَ هَدْيِ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ بِحَقٍّ مَنْدُوبٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا كَمَا فِي نَقْلِ ح عَنْ سَنَدٍ، وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ الْحَبْسُ وَاجِبٌ فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ، وَمَنْدُوبٌ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ، وَجَعَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ الْحَبْسَ وَاجِبًا، وَأَطْلَقَ وَلَكِنْ حَمَلَ عج كَلَامَهُ عَلَى الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَشَارِحُنَا مَشَى عَلَى كَلَامِ سَنَدٍ وَالْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ فَوَاتٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ أُحْصِرَ عَنْ الْوُقُوفِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ، وَكَانَ عِنْدَهُ هَدْيُ تَطَوُّعٍ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ وَسَاقَهُ فِي إحْرَامِهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ دَمِ الْفَوَاتِ سَوَاءٌ بَعَثَهُ إلَى مَكَّةَ أَوْ تَرَكَهُ عِنْدَهُ حَتَّى أَخَذَهُ مَعَهُ لِيَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ إذَا تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ، وَأَخَذَهُ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْهَدْيَ بِالتَّقْلِيدِ أَوْ الْإِشْعَارِ وَجَبَ لِغَيْرِ الْفَوَاتِ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ بَلْ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ آخَرُ لِلْفَوَاتِ مَعَ حَجَّةِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: حَتَّى أَخَذَهُ مَعَهُ) أَيْ لِيَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ إذَا تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ أَوْ أَخَذَهُ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ إحْرَامٍ) أَيْ نِيَّةِ الدُّخُولِ فِي حُرُمَاتِ الْعُمْرَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ) أَيْ إنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا مِنْ الْحَرَمِ لِكَوْنِهِ مُقِيمًا بِمَكَّةَ أَوْ كَانَ آفَاقِيًّا، وَدَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي الْحَرَمِ قَبْلَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَخَرَجَ لِلْحِلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَقْضِي حَجَّهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ) أَيْ، وَيَقْضِي ذَلِكَ الَّذِي فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، حَجَّهُ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ إذَا كَانَ الْفَوَاتُ لِمَرَضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فَوَاتُ الْوُقُوفِ لِعَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ أَوْ حَبْسٍ ظُلْمًا فَلَا يُطَالَبُ بِالْقَضَاءِ، وَهَذَا فِي التَّطَوُّعِ، وَأَمَّا حَجَّةُ الْفَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهَا مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: مَا إذَا حَصَرَهُ الْعَدُوُّ) أَيْ أَوْ الْفِتْنَةُ أَوْ الْحَبْسُ ظُلْمًا.

(قَوْلُهُ: فَتَمَادَى) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْإِحْرَامِ الْفَاسِدِ لِيُتِمَّهُ (قَوْلُهُ: تَحَلَّلَ وُجُوبًا) أَيْ بِعُمْرَةٍ فَيَغْلِبُ الْفَوَاتُ عَلَى الْفَسَادِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْفَسَادُ سَابِقًا عَلَى الْفَوَاتِ أَوْ كَانَ لَاحِقًا لَهُ، وَلَا يَغْلِبُ الْفَسَادُ بِحَيْثُ يُطَالَبُ بِإِتْمَامِ الْمُفْسَدِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ) أَيْ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَحَلَّلَ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ مَا إذَا حَصَلَ مِنْهُ الْإِفْسَادُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ تَحَلُّلٌ لَا عُمْرَةٌ) أَيْ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَجْدِيدِ إحْرَامٍ لَهَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ) أَيْ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>