للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤَخِّرُهُ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ هَدْيٌ ثَالِثٌ أَيْضًا لِقِرَانِ الْقَضَاءِ أَوْ تَمَتُّعِهِ إنْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُتَمَتِّعًا أَوْ مُفْرِدًا، وَقَضَى مُتَمَتِّعًا أَوْ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَارِنًا، وَقَضَى قَارِنًا، وَلَا هَدْيَ فِي الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْفَاسِدِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (لَا) يَجِبُ (دَمُ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (لِلْفَائِتِ) ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى عُمْرَةٍ، وَلَمْ يَتِمَّ الْقِرَانُ أَوْ التَّمَتُّعُ (وَلَا يُفِيدُ) الْمُحْرِمُ (لِمَرَضٍ) أَصَالَةً بِأَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، وَيَنْوِي إنْ مَرِضَ تَحَلَّلَ أَوْ زِيَادَةً بِأَنْ يَكُونَ مَرِيضًا، وَيَنْوِي إنْ زَادَ عَلَيْهِ الْمَرَضُ تَحَلَّلَ (أَوْ غَيْرِهِ) كَعَدُوٍّ أَوْ حَبْسٍ (نِيَّةُ التَّحَلُّلِ) مِنْ الْإِحْرَامِ (بِحُصُولِهِ) أَيْ الْمَانِعِ مِنْ إتْمَامِ الْحَجِّ، وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالتَّحَلُّلِ أَيْ فَهُوَ عِنْدَ حُصُولِهِ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يُحْدِثَ نِيَّةَ التَّحَلُّلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا تَكْفِيهِ النِّيَّةُ السَّابِقَةُ عَلَى وُجُودِ الْعُذْرِ.

(وَلَا يَجُوزُ) أَيْ يَحْرُمُ (دَفْعُ مَالٍ) ، وَلَوْ قَلَّ (لِحَاصِرٍ) لِيُخَلِّيَ الطَّرِيقَ (إنْ كَفَرَ) ؛ لِأَنَّهُ ذِلَّةٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ جَوَازَ الدَّفْعِ قَالَ؛ لِأَنَّ وَهْنَ الرُّجُوعِ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ إعْطَائِهِ، وَمَفْهُومُ إنْ كَفَرَ جَوَازُ الدَّفْعِ لِمُسْلِمٍ، وَيَجِبُ مَا قَالَ إنْ كَانَ لَا يَنْكُثُ.

(وَفِي جَوَازِ) (الْقِتَالِ) لِلْحَاصِرِ (مُطْلَقًا) أَسْلَمَ أَوْ كَفَرَ، وَمَنْعِهِ (تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْحَاصِرُ بِالْحَرَمِ، وَلَمْ يَبْدَأْ بِالْقِتَالِ، وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا وَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَافِرِ.

(وَلِلْوَلِيِّ مَنْعُ سَفِيهٍ) مِنْ حَجٍّ، وَلَوْ فَرْضًا (كَزَوْجٍ) لَهُ مَنْعُ زَوْجَتِهِ الرَّشِيدَةِ (فِي تَطَوُّعٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَا فَرْضٍ، وَأَمَّا السَّفِيهَةُ فَدَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا (وَإِنْ) (لَمْ يَأْذَنْ) كُلٌّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ لَهُمَا فِي الْإِحْرَامِ، وَأَحْرَمَا (فَلَهُ التَّحَلُّلُ) لَهُمَا مِمَّا أَحْرَمَا بِهِ كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ (وَعَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الْقَضَاءُ) لِمَا حَلَّلَهَا مِنْهُ إذَا أَذِنَ لَهَا أَوْ تَأَيَّمَتْ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ إذَا حَلَّلَهُمَا وَلِيُّهُمَا فَلَا قَضَاءَ (كَعَبْدٍ) ، وَلَوْ مُكَاتَبًا لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا أَذِنَ لَهُ أَوْ عَتَقَ (وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ) مَا أَمَرَ بِهِ الْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ مِنْ التَّحَلُّلِ (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ إذَا امْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ التَّحَلُّلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَضَى مُفْرِدًا سَوَاءٌ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُفْرِدًا أَوْ مُتَمَتِّعًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُتَمَتِّعًا، وَقَضَى مُتَمَتِّعًا أَوْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَارِنًا، وَقَضَى قَارِنًا أَوْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا مُفْرِدًا، وَقَضَى مُتَمَتِّعًا فَعَلَيْهِ ثَلَاثُ هَدَايَا فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ هَدْيٌ لِلْفَسَادِ، وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ، وَهَدْيٌ لِلْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْحَاصِلِ فِي الْقَضَاءِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْفَاسِدِ الَّذِي فَاتَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا دَمَ قِرَانٍ أَوْ مُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ، وَهَذَا حَاصِلُ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَعَلَيْهِ دَمٌ ثَالِثٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُؤَخِّرُهُ أَيْضًا) الَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا أَنَّ هَدْيَ الْفَسَادِ يُقَدِّمُهُ، وَهَدْيَ الْفَوَاتِ يُؤَخِّرُهُ إلَى الْقَضَاءِ، وَكَذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعَمْرُوسِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ) أَيْ أَمْرُ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُفِيدُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا نَوَى عِنْدَ إحْرَامِهِ أَوْ شَرَطَ بِاللَّفْظِ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ أَوْ حُصِرَ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ حُبِسَ ظُلْمًا أَوْ بِحَقٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ تَمَامِ نُسُكِهِ كَانَ مُتَحَلِّلًا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ فِي الْحَصْرِ عَنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَمِنْ غَيْرِ فِعْلِ عُمْرَةٍ فِي الْحَصْرِ عَنْ الْوُقُوفِ فَإِنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ، وَذَلِكَ الِاشْتِرَاطُ لَا يُفِيدُهُ، وَلَوْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الْمَانِعُ فَهُوَ عِنْدَ وُجُودُهُ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يُحْدِثَ نِيَّةَ التَّحَلُّلِ أَوْ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ عَلَى مَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لَا يُفِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ أَوْ الشَّرْطَ السَّابِقَ يُفِيدُهُ حِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ تَحَلُّلٍ أَوْ لِإِحْدَاثِ عُمْرَةٍ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ وَهْنَ الرُّجُوعِ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ إعْطَائِهِ) قَالَ ح قَدْ لَا يَسْلُمُ هَذَا؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَالِ رِضًا بِالذُّلِّ كَالْجِزْيَةِ، وَأَمَّا الرُّجُوعُ فَهُوَ كَسِجَالِ الْحَرْبِ لَا يُوهِنُ الدِّينَ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ الرُّجُوعَ وَقَعَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمِنْ أَصْحَابِهِ دُونَ دَفْعِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: جَوَازُ الدَّفْعِ لِمُسْلِمٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لَكِنَّ الْقَلِيلَ يَجِبُ دَفْعُهُ إذَا كَانَ لَا يَمْكُثُ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ لِلْمُتَأَخِّرِينَ أَيْ فِي النَّقْلِ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي جَوَازِ قِتَالِ غَيْرِ بَادٍ نَقْلًا عَنْ سَنَدٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ ابْنِ شَاسٍ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَالْأَوَّلُ وَهُوَ الْجَوَازُ هُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ الْحَاصِرُ فِي غَيْرِ مَكَّةَ مِنْ الْحَرَمِ فَإِنْ كَانَ بِهَا فَالْأَظْهَرُ نَقْلُ ابْنِ شَاسٍ مِنْ الْمَنْعِ لِحَدِيثِ «إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» . اهـ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْحَاصِرُ) بِالْحَرَمِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا جَازَ أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي الْحِلِّ أَوْ كَانَ فِي الْحَرَمِ وَبَدَأَنَا بِالْقِتَالِ جَازَ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: فَدَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ فَاَلَّذِي يَمْنَعُهَا فِي الْفَرْضِ وَلِيُّهَا، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا وَلِيَّهَا كَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَلِيٌّ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ زَوْجٌ (قَوْلُهُ: فَلَهُ التَّحَلُّلُ لَهُمَا) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِأَنْ يَتَحَلَّلَا بِالنِّيَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يَتَحَلَّلُ لَهُمَا بِأَنْ يَنْوِيَ تَحْلِيلَ امْرَأَتِهِ أَوْ مَحْجُورِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَكْفِي كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ مَا يَأْتِي عَنْ بْن لَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ أَيْ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّلَهُمَا بِالنِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ تَحَلُّلَهُمَا وَرَفْضَ إحْرَامِهِمَا، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَيُحْرِمُ وَلِيٌّ عَنْ رَضِيعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ) أَيْ عَنْ الْوُقُوفِ وَالْبَيْتِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّفِيهِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ سَنَدٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ مِنْ لُزُومِ الْقَضَاءِ فِي السَّفِيهِ وَالزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ، وَعَزَاهُ لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَعَزَا الْقَوْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>