للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مُبَاشَرَتُهَا) كَارِهَةً، وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا وَشَبَهٌ فِي جَوَازِ تَحْلِيلِهَا مِنْ التَّطَوُّعِ قَوْلُهُ: (كَفَرِيضَةٍ) أَحْرَمَتْ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَبْلَ الْمِيقَاتِ) الزَّمَانِيِّ أَوْ الْمَكَانِيِّ بِبُعْدٍ وَاحْتَاجَ لَهَا، وَلَمْ يُحْرِمْ، وَإِلَّا لَمْ يُحْلِلْهَا فَإِنْ حَلَّلَهَا لَمْ يَلْزَمْهَا غَيْرُ حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلسَّفِيهِ أَوْ السَّيِّدُ أَوْ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ فِي التَّطَوُّعِ (فَلَا) مَنْعَ لَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ (إنْ دَخَلَ) كُلٌّ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ فِي النَّذْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ.

(وَلِلْمُشْتَرِي) لِعَبْدٍ مُحْرِمٍ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) حِينَ الشِّرَاءِ بِإِحْرَامِهِ (رَدُّهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ كَتَمَهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَقْرُبَ زَمَنُ الْإِحْرَامِ فَلَا رَدَّ (لَا تَحْلِيلُهُ) فَلَيْسَ لَهُ (وَإِنْ) (أَذِنَ) السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ فِي الْإِحْرَامِ (فَأَفْسَدَهُ) أَيْ الرَّقِيقُ مَا أَحْرَمَ بِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ إذْنٌ) ثَانٍ (لِلْقَضَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ) ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ إذْنِهِ (وَمَا لَزِمَهُ) أَيْ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ (عَنْ خَطَأٍ) صَدَرَ مِنْهُ كَأَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِخَطَأِ عَدَدٍ أَوْ هِلَالٍ أَوْ خَطَأِ طَرِيقٍ (أَوْ) عَنْ (ضَرُورَةٍ) كَلُبْسٍ أَوْ تَطَيُّبٍ لِلتَّدَاوِي (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِخْرَاجِ) لِذَلِكَ الْهَدْيِ أَوْ الْفِدْيَةِ بِنُسُكٍ أَوْ إطْعَامٍ فَعَلَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَالِهِ، وَمَالِ السَّيِّدِ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى إذْنٍ فِي الْإِخْرَاجِ (وَإِلَّا) يَأْذَنُ لَهُ فِي الْإِخْرَاجِ (صَامَ بِلَا مَنْعٍ) مِنْ السَّيِّدِ لَهُ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ عَمَلُهُ (وَإِنْ) (تَعَمَّدَ) الرَّقِيقُ مُوجِبَ الْهَدْيِ أَوْ الْجَزَاءِ أَوْ الْفِدْيَةِ (فَلَهُ مَنْعُهُ) مِنْ الْإِخْرَاجِ أَوْ الصَّوْمِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِسُقُوطِهِ فِي الْجَمِيعِ لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَوَّازِ اُنْظُرْ ح. اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ: لُزُومُ الزَّوْجَةِ وَالسَّفِيهِ وَالْعَبْدِ الْقَضَاءَ. وَعَدَمُ لُزُومِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْقَضَاءَ. وَلُزُومُ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ دُونَ السَّفِيهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِسَنَدٍ ثُمَّ إنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى طَرِيقَةِ سَنَدٍ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ فَلِذَا لَمْ يُطْلَبْ بِالْقَضَاءِ، وَالْحَجْرُ عَلَى الزَّوْجَةِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَلِذَا طُلِبَتْ بِالْقَضَاءِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ التَّحَلُّلُ مِنْ غَيْرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِأَنْ كَانَ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ أَوْ الْمَنْذُورِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ مَضْمُونًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّحَلُّلُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَلَا يُطَالَبُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِزَائِدٍ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَضَاءً عَمَّا وَقَعَ التَّحَلُّلُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: مُبَاشَرَتُهَا) قَالَ خش، وَيَنْوِي بِتِلْكَ الْمُبَاشَرَةِ التَّحَلُّلَ وَتَكْفِي نِيَّةُ الزَّوْجِ عَنْهَا فَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَحَلُّلَهَا بِالْمُبَاشَرَةِ فَسَدَ عَلَيْهَا، وَعَلَيْهَا إتْمَامُهُ، وَهَدْيٌ لِلْفَسَادِ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَمْكِينُهَا مِنْ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي المج قَالَ بْن، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ نِيَّةَ الزَّوْجِ تَحْلِيلُهَا لَا يَكْفِي، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْمُحْرِمِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ إنْ لَمْ تَقْبَلْ مَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ أَثِمَتْ لِمَنْعِهَا حَقَّهُ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّحَلُّلَ إنَّمَا يَقَعُ مِنْ الْمُحْرِمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ. اهـ كَلَامُهُ. وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ أَيْ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَارِحُنَا تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ عَدَمِ الْإِحْرَامِ فَلَا اعْتِرَاضَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ السَّفِيهَ وَالْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ إذَا أُمِرُوا بِعَدَمِ الْإِحْرَامِ فَخَالَفُوا، وَأَحْرَمُوا فَإِنَّ الْإِثْمَ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ قَبُولِهِمْ مَا أُمِرُوا بِهِ (قَوْلُهُ: كَفَرِيضَةٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ لَهُ تَحْلِيلَهَا، وَمُبَاشَرَتَهَا إذَا أَحْرَمَتْ بِفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ، وَلَوْ كَانَ إحْرَامُهَا مِنْ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ أَوْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ، وَلَوْ كَانَ إحْرَامُهَا فِي الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهَا قَبْلَ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا لِلْجِمَاعِ، وَأَنْ لَا يُحْرِمَ هُوَ أَيْضًا فَإِنْ تَخَلَّفَ قَيْدٌ مِنْ الْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُحْلِلْهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهَا أَوْ كَانَ يَحْتَاجُ لَهَا، وَأَذِنَ لَهَا أَوْ أَحْرَمَ فَالنَّفْيُ رَاجِعٌ لِلْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ حَلَّلَهَا أَيْ فَإِنْ أَحْرَمَتْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَكَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا، وَلَمْ يُحْرِمْ وَحَلَّلَهَا، وَقَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهَا غَيْرُ حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ أَيْ لَمْ يَلْزَمْهَا أَنْ تَقْضِيَ إلَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْحَجَّةُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَمِثْلُ مَا إذَا حَلَّلَهَا مَا إذَا أَفْسَدَهُ عَلَيْهَا بِأَنْ بَاشَرَهَا، وَلَمْ يَنْوِ بِهَا التَّحَلُّلَ فَيَجِبُ عَلَيْهَا إتْمَامُهَا، وَلَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهَا إلَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْحَجَّةُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا حَجَّتَانِ إحْدَاهُمَا قَضَاءٌ لِلْمُفْسَدَةِ وَالْأُخْرَى حَجَّةُ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا رَدَّ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ بَاعَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ، وَهُمَا مُحْرِمَانِ جَازَ بَيْعُهُ، وَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يُحَلِّلَهُمَا، وَلَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِإِحْرَامِهَا الرَّدُّ كَعَيْبٍ بِهِمَا إلَّا أَنْ يَقْرَبَا مِنْ الْإِحْلَالِ. اهـ.

فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَذْهَبَهَا جَوَازُ بَيْعِ الْعَبْدِ مُحْرِمًا سَوَاءٌ قَرُبَ الْإِحْلَالُ أَوْ لَا، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيُفْسَخُ أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ إذَا آجَرَ عَبْدَهُ شَهْرًا لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُحْرِمَ مَنَافِعُهُ لِمُشْتَرِيهِ، وَفِي الْإِجَارَةِ مَنَافِعُهُ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي مُدَّةَ الْإِجَارَةِ، وَقَيَّدَ ابْنُ بَشِيرٍ خِلَافَ سَحْنُونٍ بِأَنْ يَبْقَى مِنْ مُدَّةِ الْإِحْرَامِ زَمَنٌ كَثِيرٌ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَظَاهِرُ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْهُ الْعُمُومُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ إذْنٌ ثَانٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عِبَادَةٌ ثَانِيَةٌ غَيْرَ الَّتِي أَذِنَ فِيهَا هَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ أَشْهَبَ، وَمُقَابِلُهُ لِأَصْبَغَ وَالْأَوَّلُ صَحَّحَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ حَيْثُ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَمَا لَزِمَهُ عَنْ خَطَأٍ) أَيْ مِنْ هَدْيٍ أَوْ فِدْيَةٍ، وَقَوْلُهُ، وَمَا لَزِمَهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجُمْلَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>