فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا حَتَّى مِنْ الْكِتَابِيِّ وَالْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ ذِكْرُ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا خُصُوصَ بِاسْمِ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ الْأَفْضَلُ، وَكَذَا زِيَادَةُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ.
(وَ) وَجَبَ (نَحْرُ إبِلٍ) وَزَرَافَةٍ (وَ) وَجَبَ (ذَبْحُ) (غَيْرِهِ) مِنْ غَنَمٍ وَطَيْرٍ، وَلَوْ نَعَامَةً فَإِنْ نُحِرَتْ، وَلَوْ سَهْوًا لَمْ تُؤْكَلْ (إنْ قَدَرَ وَجَازَا لِلضَّرُورَةِ) أَيْ جَازَ الذَّبْحُ فِي الْإِبِلِ وَالنَّحْرِ فِي غَيْرِهَا لِلضَّرُورَةِ كَوُقُوعٍ فِي مُهْوَاةٍ أَوْ عَدَمِ آلَةِ ذَبْحٍ أَوْ نَحْرٍ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ، وَذَبْحُ غَيْرِهِ قَوْلُهُ: (إلَّا) (الْبَقَرَ فَيُنْدَبُ) فِيهَا (الذَّبْحُ) (كَالْحَدِيدِ) فَإِنَّهُ يُنْدَبُ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ حَتَّى الْعَقْرِ، وَأَجْزَأَ بِحَجَرٍ مَحْدُودٍ وَزُجَاجٍ وَغَيْرِهِمَا (وَإِحْدَادُهُ) أَيْ سَنَّهُ يُنْدَبُ (وَقِيَامُ إبِلٍ) حَالَ نَحْرِهَا مُقَيَّدَةً أَوْ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى لِعُذْرٍ يُنْدَبُ (وَضَجْعُ ذِبْحٍ) بِفَتْحِ الضَّادِ، وَكَسْرِ الذَّالِ أَيْ مَذْبُوحٍ مِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ وَغَيْرِهِمَا (عَلَى) شِقِّهِ الـ (أَيْسَرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ لِلذَّابِحِ (وَتَوَجُّهُهُ) لِلْقِبْلَةِ (وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ) أَيْ مَحَلِّ الذَّبْحِ مِنْ صُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى تَظْهَرَ الْبَشَرَةُ (وَفَرْيُ وَدَجَيْ صَيْدٍ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ) أَيْ يُنْدَبُ لِإِرَاحَتِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ فَرْيِ الْوَدَجَيْنِ قَطْعُ الْحُلْقُومِ فَالْمُرَادُ تَذْكِيَتُهُ فَلَوْ عَبَّرَ بِهَا كَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ
، وَفِي جَوَازِ (الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ) أَرَادَ بِهِ الظُّفُرَ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَبِّرَ بِهِ، وَأَمَّا لَوْ ذَكَّى بِقِطْعَةِ عَظْمٍ مُحَدَّدَةٍ فَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ (وَالسِّنِّ) مُطْلَقًا مُتَّصِلَيْنِ أَوْ مُنْفَصِلَيْنِ (أَوْ) مَحَلُّ الْجَوَازِ بِهِمَا (إنْ انْفَصِلَا أَوْ) الْجَوَازِ (بِالْعَظْمِ) أَيْ الظُّفُرِ مُطْلَقًا إلَّا بِالسِّنِّ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ يَعْنِي يُكْرَهُ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ (وَمَنْعُهُمَا) فَلَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ بِهِمَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (خِلَافُ) مَحَلِّهِ إنْ وُجِدَتْ آلَةٌ غَيْرُ الْحَدِيدِ فَإِنْ وُجِدَ الْحَدِيدُ تَعَيَّنَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمَا جَازَ بِهِمَا جَزْمًا كَذَا قِيلَ.
(وَحُرِّمَ) عَلَى الْمُكَلَّفِ (اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ) مِنْ طَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ) .
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالْجَاهِلُ بِالْحُكْمِ كَالْعَامِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَلَيْسَتْ التَّسْمِيَةُ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الذَّكَاةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] أَيْ لَا تَأْكُلُوا الْمَيْتَةَ الَّتِي لَمْ تُقْصَدْ ذَكَاتُهَا؛ لِأَنَّهَا فِسْقٌ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١١٨] أَيْ كُلُوا مِمَّا قُصِدَتْ ذَكَاتُهُ فَكَنَّى عَزَّ وَجَلَّ عَنْ التَّذْكِيَةِ بِذِكْرِ اسْمِهِ كَمَا كَنَّى عَنْ رَمْيِ الْجِمَارِ بِذِكْرِهِ حَيْثُ قَالَ {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ٢٠٣] لِلْمُصَاحَبَةِ بَيْنَهُمَا وَحِينَئِذٍ فَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ فِي الذَّكَاةِ بَلْ تَصْدُقُ، وَلَوْ بِالسُّنِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ النِّيَّةَ الْمَطْلُوبَةَ فِي الذَّكَاةِ قِيلَ هِيَ قَصْدُ الْفِعْلِ أَيْ قَصْدُ الذَّكَاةِ احْتِرَازًا عَنْ قَصْدِ الْقَتْلِ، وَإِزْهَاقِ الرُّوحِ، وَعَلَى هَذَا فَالنِّيَّةُ لَا بُدَّ مِنْهَا حَتَّى فِي الْكِتَابِيِّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ بِهَذَا الْمَعْنَى مُتَأَتِّيَةٌ مِنْهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَنَسَبَ عج لِحَفِيدِ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمَ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ مِنْ الْكِتَابِيِّ، وَمَذْهَبُ الْحَفِيدِ كَمَا كَتَبَ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ نَقْلًا عَنْ الْبَدْرِ أَنَّ النِّيَّةَ الْمَطْلُوبَةَ نِيَّةُ التَّحْلِيلِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقُرْطُبِيِّ وَجَنَحَ لَهُ الْبَدْرُ فَهُوَ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكِتَابِيِّ، وَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَمَتَى قَصَدَ الْفِعْلَ أَيْ الذَّكَاةَ الشَّرْعِيَّةَ كَانَ نَاوِيًا لِلتَّحْلِيلِ حُكْمًا إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الذَّكَاةِ شَرْعِيَّةً إلَّا كَوْنَهَا السَّبَبَ الْمُبِيحَ لِأَكْلِ الْحَيَوَانِ، وَالنِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ كَافِيَةٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ، وَلَوْ حُكْمًا فَإِنْ شَكَّ فِي التَّحْلِيلِ ارْتَدَّ، وَإِنْ نَفَاهُ عَمْدًا عَنْ قَصْدِهِ مَعَ اعْتِقَادِهِ فَمُتَلَاعِبٌ، وَكِلَاهُمَا لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ نِيَّةِ التَّحْلِيلِ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي إبَاحَةِ الصَّيْدِ لَمْ يُؤْكَلْ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ، وَأَمَّا الْكِتَابِيُّ فَيَكْفِي مِنْهُ قَصْدُ الْفِعْلِ الْمَعْهُودِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التَّحْلِيلَ فِي قَلْبِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اعْتَقَدَ حِلَّ الْمَيْتَةِ أُكِلَتْ ذَبِيحَتُهُ حَيْثُ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا. انْتَهَى. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ الْأَفْضَلُ، وَكَذَا زِيَادَةُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَلَكِنَّهُ الْأَفْضَلُ مَعَ زِيَادَةٍ إلَخْ وَنَصُّ التَّوْضِيحِ ابْنُ حَبِيبٍ، وَإِنْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ فَقَطْ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَطْ أَوْ لَا حَوْلَ، وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ أَجْزَأَهُ، وَلَكِنْ مَا مَشَى عَلَيْهِ النَّاسُ أَحْسَنُ، وَهُوَ بِاسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نُحِرَتْ، وَلَوْ سَهْوًا) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِصِفَةِ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمُ آلَةِ ذَبْحٍ أَوْ نَحْرٍ) أَيْ، وَكَجَهْلِ صِفَةِ الذَّبْحِ لَا نِسْيَانِهَا أَوْ جَهْلِ حُكْمِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا الْبَقَرَ فَيَنْدُبُ فِيهَا الذَّبْحُ) أَيْ وَنَحْوُهَا خِلَافُ الْأَوْلَى، وَمِنْ الْبَقَرِ الْجَامُوسُ وَبَقَرُ الْوَحْشِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ كُلٌّ مِنْ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ فِيهِمَا وَمِثْلُ الْبَقَرِ فِي جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ، وَنُدِبَ ذَبْحُ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ حِمَارِ الْوَحْشِ وَالتَّيْتَلِ وَالْخَيْلِ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ أَكْلِهَا، وَكَذَلِكَ الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ الْإِنْسِيَّةُ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ أَكْلِهَا كَمَا قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَ بِحَجَرٍ) أَيْ أَجْزَأَ سَائِرُ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ بِحَجَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِحْدَادُهُ) إنَّمَا نُدِبَ لِأَجْلِ سُرْعَةِ قَطْعِهِ فَيَكُونُ أَهْوَنَ عَلَى الْمَذْبُوحِ لِخُرُوجِ رُوحِهِ بِسُرْعَةٍ فَتَحْصُلُ لَهُ الرَّاحَةُ (قَوْلُهُ: وَتَوَجُّهَهُ) أَيْ مَا يُذَكَّى (قَوْلُهُ:، وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ) أَيْ بِنَتْفٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَفَرْيُ) أَيْ قَطْعُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَبَّرَ بِهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا عَبَّرَ بِفَرْيٍ إشَارَةً إلَى تَحَقُّقِ الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوَّلًا بِإِنْفَاذِ مَقْتَلِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مُجَرَّدُ الْفَرْيِ وَالْقَطْعِ تَسْهِيلًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَحَلُّ الْجَوَازِ بِهِمَا إنْ انْفَصَلَا) أَيْ، وَأَمَّا إنْ اتَّصَلَا بِأَنْ كَانَا مُرَكَّبَيْنِ فَيُكْرَهُ الذَّبْحُ بِهِمَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي السِّنِّ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: خِلَافُ) الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ لِمَالِكٍ وَالْأَوَّلُ اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَالثَّانِي صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالثَّالِثُ شَهَرَهُ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ وَالرَّابِعُ صَحَّحَهُ الْبَاجِيَّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ إنْ وُجِدَتْ آلَةٌ غَيْرُ الْحَدِيدِ) أَيْ مَعَهُمَا كَحَجَرٍ مَحْدُودٍ وَقَزَازٍ، وَهَذَا الْكَلَامُ لعبق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute