للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ لَمْ يَلْتَحِقْ بِالْوَحْشِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ تَأَنَّسَ عِنْدَ الْأَوَّلِ (لَا إنْ) كَانَ (تَأَنَّسَ) عِنْدَ الْأَوَّلِ فَنَدَّ مِنْهُ (وَلَمْ يَتَوَحَّشْ) بَعْدَ نُدُودِهِ أَيْ لَمْ يَصِرْ وَحْشِيًّا بِأَنْ لَمْ يَتَطَبَّعْ بِطِبَاعِ الْوَحْشِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَلِلثَّانِي أُجْرَةُ تَحْصِيلِهِ فَقَطْ.

(وَاشْتَرَكَ) فِي الصَّيْدِ (طَارِدٌ) لَهُ (مَعَ ذِي حِبَالَةٍ) بِالْكَسْرِ شَبَكَةٍ أَوْ فَخٍّ أَوْ حُفْرَةٍ جُعِلَتْ لِلصَّيْدِ (قَصَدَهَا) الطَّارِدُ لِإِيقَاعِ الصَّيْدِ فِيهَا (وَلَوْلَاهُمَا) أَيْ الطَّارِدُ، وَذُو الْحِبَالَةِ (لَمْ يَقَعْ) الصَّيْدُ فِيهَا فَالطَّارِدُ آيَسَ مِنْهُ لَوْلَاهَا (بِحَسَبِ) أَيْ بِقَدْرِ أُجْرَةٍ (فَعَلَيْهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِاشْتِرَاكٍ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ الطَّارِدِ دِرْهَمَيْنِ وَأُجْرَةُ الْحِبَالَةِ دِرْهَمًا كَانَ لِلطَّارِدِ الثُّلُثَانِ وَلِصَاحِبِ الْحِبَالَةِ الثُّلُثُ (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ) الطَّارِدُ الْحِبَالَةَ (وَأَيِسَ) الطَّارِدُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصَّيْدِ فَوَقَعَ فِيهَا (فَلِرَبِّهَا) ، وَلَا شَيْءَ لِلطَّارِدِ (وَ) إنْ كَانَ الطَّارِدُ (عَلَى تَحْقِيقٍ) مِنْ أَخْذِهِ (بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ الْحِبَالَةِ، وَسَوَاءٌ قَصَدَهَا أَوْ لَا فَهُوَ مَفْهُومٌ لَوْلَاهُمَا لَمْ يَقَعْ (فَلَهُ) دُونَ رَبِّهَا (كَالدَّارِ) أَيْ أَنَّ مَنْ طَرَدَ صَيْدَ الدَّارِ وَنَحْوِهَا فَأَدْخَلَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ، وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الدَّارِ أَمْكَنَهُ أَخْذُهُ بِدُونِهَا أَوْ لَا إذْ لَيْسَتْ مُعَدَّةً لِلصَّيْدِ كَالْحِبَالَةِ (إلَّا أَنْ لَا يَطْرُدَهُ لَهَا) أَيْ لِلدَّارِ بِأَنْ طَرَدَهُ لِغَيْرِهَا فَهَرَبَ مِنْهُ وَدَخَلَهَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى تَحْقِيقٍ مِنْ أَخْذِهِ بِدُونِهَا (فَلِرَبِّهَا) أَيْ مَالِكِ ذَاتِ الدَّارِ لَا مَالِكِ مَنْفَعَتِهَا مَسْكُونَةً أَوْ خَالِيَةً خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فَإِنْ كَانَ عَلَى تَحْقِيقٍ مِنْ أَخْذِهِ بِغَيْرِهَا فَهُوَ لِلطَّارِدِ.

(وَضَمِنَ) (مَارٌّ) عَلَى صَيْدٍ مَجْرُوحٍ لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلَهُ (أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ) بِوُجُودِ آلَةٍ، وَعِلْمِهِ بِهَا، وَهُوَ مِمَّنْ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ، وَلَوْ كِتَابِيًّا (وَتَرَكَ) تَذْكِيَتَهُ حَتَّى مَاتَ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا لِتَفْوِيتِهِ عَلَى رَبِّهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَارُّ غَيْرَ بَالِغٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَانْدِرَاسُهَا لَا يُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِهِ. اهـ.

بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَلْتَحِقْ بِالْوَحْشِ) أَيْ هَذَا إذَا اُلْتُحِقَ فِي حَالِ نُدُودِهِ بِالْوَحْشِ بِأَنْ تَطَبَّعَ بِطِبَاعِهَا بَلْ وَلَوْ لَمْ يَلْتَحِقْ بِالْوَحْشِ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ كَمَا قَالَ بَعْدُ إنَّهُ لَمْ يَتَأَنَّسْ، وَإِذَا كَانَ لَمْ يَتَأَنَّسْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى تَطَبُّعِهِ بِطِبَاعِ الْوَحْشِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَاشْتَرَكَ طَارِدٌ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ طَرْدُهُ لَهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا (قَوْلُهُ: وَأَيِسَ الطَّارِدُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الصَّيْدِ) أَيْ، وَذَلِكَ بِأَنْ أَعْيَا الصَّيْدُ الطَّارِدَ وَانْقَطَعَ الطَّارِدُ عَنْهُ فَهَرَبَ حَيْثُ شَاءَ فَسَقَطَ فِي الْحِبَالَةِ فَهُوَ لِرَبِّهَا، وَلَوْ كَانَ الطَّارِدُ قَصَدَهَا فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الطَّارِدُ إلَخْ) ، وَذَلِكَ بِأَنْ أَعْيَا الصَّائِدَ الصَّيْدُ وَصَارَ الصَّائِدُ عَلَى تَحْقِيقٍ أَوْ غَلَبَةِ ظَنٍّ مِنْ إمْسَاكِهِ بِغَيْرِ الْحِبَالَةِ فَقَدَّرَ اللَّهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِيهَا بِقَصْدِهِ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدِهِ فَهُوَ لِلطَّارِدِ خَاصَّةً، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْحِبَالَةِ نَعَمْ إذَا قَصَدَ الطَّارِدُ إيقَاعَهُ فِيهَا لِأَجْلِ إرَاحَةِ نَفْسِهِ مِنْ التَّعَبِ لَزِمَهُ أُجْرَتُهَا لِصَاحِبِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْلَاهُمَا لَمْ يَقَعْ مَفْهُومُهُ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ مَا لَوْ كَانَ السَّبَبُ فِي الْوُقُوعِ الْحِبَالَةَ فَقَطْ، وَهَذِهِ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَيِسَ إلَخْ وَالثَّانِي أَنْ لَا تَكُونَ الْآلَةُ مُتَوَقِّفًا عَلَيْهَا الْوُقُوعُ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِقَوْلِهِ، وَعَلَى تَحْقِيقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَالدَّارِ) تَشْبِيهٌ فِي اخْتِصَاصِ الطَّارِدِ كَالَّتِي قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الدَّارِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الطَّارِدَ أُجْرَتُهَا نَظَرًا لِمَا خَفَّفَتْهُ عَنْهُ مِنْ التَّعَبِ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ لِأَجْلِ الصَّيْدِ، وَلَمْ يَقْصِدْ بَانِيهَا تَحْصِيلَهُ بِهَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَالِكُ ذَاتِ الدَّارِ) أَرَادَ الْمَالِكُ، وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْوَاقِفَ وَنَاظِرَ الْوَقْفِ فِي الْبُيُوتِ الْمُرْصَدَةِ عَلَى عَمَلٍ فَمَا يَقَعُ مِنْ الطَّيْرِ فِيهَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مَطْرُودٍ إلَيْهَا مِنْ أَحَدٍ يَكُونُ لِلْوَاقِفِ أَوْ النَّاظِرِ يَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ، وَلَا يَكُونُ لِلْمُرْصِدِ عَلَيْهِمْ الْبَيْتَ مِنْ إمَامٍ، وَمُؤَذِّنٍ مَثَلًا كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: أَوْ خَالِيَةً) بَلْ، وَلَوْ خَرَابًا كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) أَيْ حَيْثُ قَالَ فَلِمَالِك الدَّارِ أَيْ مَالِكِ مَنْفَعَتِهَا سَوَاءٌ مَلَكَ الذَّاتَ أَيْضًا أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَضَمِنَ مَارٌّ) أَيْ تَعَلَّقَ ضَمَانُ الصَّيْدِ بِالْمَارِّ إذَا أَمْكَنَهُ ذَكَاتُهُ وَتَرَكَهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْكَ فِعْلٌ أَيْ أَنَّ التَّرْكَ كَفِعْلِ التَّفْوِيتِ، وَقِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْكَ لَيْسَ فِعْلًا، وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ، وَعَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ فَيَأْكُلُهُ رَبُّهُ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الضَّمَانِ فَلَا يَأْكُلُهُ رَبُّهُ، وَلَا يَنْتَفِي الضَّمَانُ عَنْ التَّارِكِ، وَلَوْ أَكَلَهُ رَبُّهُ غَفْلَةً عَنْ كَوْنِهِ مَيْتَةً أَوْ عَمْدًا أَوْ ضِيَافَةً؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكَلَ إنْسَانٌ مَالَهُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ ضِيَافَةً فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ مَشَايِخِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ عَدَمَ ضَمَانِ الْمَارِّ إذَا أَكَلَهُ رَبُّهُ وَاعْتَمَدَ الْأَوَّلَ اللَّقَانِيُّ (قَوْلُهُ: أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ) أَنَّثَ الْفِعْلَ وَجَعَلَ الْفَاعِلَ الذَّكَاةَ وَضَمِيرَ الْمَارِّ مَفْعُولًا، وَلَمْ يُجَرِّدْ الْفِعْلَ مِنْ التَّاءِ، وَيَجْعَلُ الذَّكَاةَ مَفْعُولًا وَضَمِيرَ الْمَارِّ فَاعِلًا لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ الْإِسْنَادِ لِلْمَعْنَى وَالذَّاتِ فَالْإِسْنَادُ لِلْمَعْنَى أَوْلَى مِنْ الْإِسْنَادِ لِلذَّاتِ فَيُقَالُ أَمْكَنَنِي السَّفَرُ دُونَ أَمْكَنْت السَّفَرَ (قَوْلُهُ: بِوُجُودِ آلَةٍ) أَيْ بِوُجُودِ مَا يُذَكِّي بِهِ فَإِذَا كَانَ لَيْسَ مَعَهُ مَا يُذَكِّي بِهِ إلَّا الظُّفُرَ أَوْ السِّنَّ وَتَرَكَ التَّذْكِيَةَ بِهِمَا ضَمِنَ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ تَصِحُّ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَرَكَ، نَعَمْ إذَا ذَكَّاهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُهُ بِذَكَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كِتَابِيًّا) أَيْ فَالْكِتَابِيُّ كَالْمُسْلِمِ فِي وُجُوبِ ذَكَاةِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا ذَكَاةٌ لَا عَقْرٌ، وَلَا يَأْتِي الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ، وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ يَضْمَنُ بِتَرْكِهِ (قَوْلُهُ: لِتَفْوِيتِهِ عَلَى رَبِّهِ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَارَّ لَمَّا أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ نُزِّلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>