حَيْثُ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَاحِدًا أَمَّا لَوْ تَعَدَّدَ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَأْكِيدٌ (أَوْ) (قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا) بَاعَ سِلْعَتَهُ مِنْ زَيْدٍ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو، وَأَنَا فَقَالَ لَهُ وَاَللَّهِ (وَلَا) أَنْت فَبَاعَهَا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ فَبَاعَهَا لِلْآخَرِ فَكَفَّارَتَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَبِيعُهَا مِنْ فُلَانٍ وَلَا مِنْ فُلَانٍ (أَوْ حَلَفَ) لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ حَلَفَ (أَنْ لَا يَحْنَثَ) فَفَعَلَهُ فَكَفَّارَتَانِ لِحِنْثِهِ فِي قَوْلِهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَلِحِنْثِهِ فِي قَوْلِهِ لَا أَحْنَثُ (أَوْ) حَلَفَ (بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ) أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا فَفَعَلَهُ فَثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ وَالرَّاجِحُ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً وَاحِدَةً فِي هَذَا الْفَرْعِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ سَوَاءٌ قَصَدَ التَّأْكِيدَ أَوْ التَّأْسِيسَ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ، وَلَمْ يَنْوِ كَفَّارَاتٍ (أَوْ دَلَّ لَفْظُهُ) عَلَى التَّكْرَارِ حَالَ كَوْنِ لَفْظِهِ مُلْتَبِسًا (بِجَمْعٍ) نَحْوُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَيْمَانٌ أَوْ كَفَّارَاتٌ فَفَعَلَهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَلَوْ قَالَ فَعَلَيَّ عَشَرَةٌ لَزِمَهُ الْعَشَرَةُ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْعَدَدِ نَصٌّ فِي مَعْنَاهَا (أَوْ) دَلَّ لَفْظُهُ عَلَى التَّكْرَارِ بِالْوَضْعِ كَأَنْ عَلَّقَ (بِ) قَوْلِهِ (كُلَّمَا أَوْ مَهْمَا) فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ يَمِينٌ أَوْ كَفَّارَةٌ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ فِعْلَةٍ كَفَّارَةٌ (لَا) إنْ عَلَّقَ بِقَوْلِهِ (مَتَى مَا) فَلَا تَتَكَرَّرُ الْكَفَّارَةُ بَلْ يَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَمَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ ضَعِيفٌ (وَ) لَا إنْ قَالَ (وَاَللَّهِ) لَا فَعَلْت كَذَا (ثُمَّ) قَالَ، وَلَوْ بِمَجْلِسٍ آخَرَ (وَاَللَّهِ) لَا أَفْعَلُهُ فَفَعَلَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (وَإِنْ قَصَدَهُ) أَيْ التَّكْرَارَ لِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ، وَإِنْشَاؤُهَا دُونَ قَصْدِ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ إذَا قَصَدَ إنْشَاءَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ قَصْدُ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ فَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ آنِفًا أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ (أَوْ) حَلَفَ بِ (الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) لَا أَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَهُوَ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَبِهِ يُعْلَمُ ضَعْفُ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ (وَ) لَا تَتَكَرَّرُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا إنْ كَانَ مُتَعَلَّقُ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ جُزْءَ مُتَعَلَّقِ الْأُولَى كَمَا لَوْ حَلَفَ (لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا وَبَعْدَهُ ثُمَّ) حَلَفَ ثَانِيًا لَا أُكَلِّمُهُ (غَدًا) ، وَكَلَّمَهُ غَدًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ لَوْ لَمْ تَكُنْ الثَّانِيَةُ جُزْءَ الْأُولَى كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا ثُمَّ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا، وَلَا بَعْدَهُ فَكَلَّمَهُ غَدًا فَكَفَّارَتَانِ ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَلَّمَهُ بَعْدَهُ فَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَهُ ابْتِدَاءً فَظَاهِرٌ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ.
وَهَذَا شُرُوعٌ فِيمَا يُخَصِّصُ الْيَمِينَ أَوْ يُقَيِّدُهَا، وَهُوَ خَمْسَةٌ النِّيَّةُ وَالْبِسَاطُ وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ وَالْمَقْصِدُ اللُّغَوِيُّ وَالْمَقْصِدُ الشَّرْعِيُّ، وَبَدَأَ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَقَالَ (وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ) لَفْظَهُ الْعَامَّ (وَقَيَّدَتْ) لَفْظَهُ الْمُطْلَقَ، وَأَرَادَ بِالتَّقْيِيدِ مَا يَشْمَلُ تَبَيُّنَ الْمُجْمَلِ كَقَوْلِهِ زَيْنَبُ طَالِقٌ، وَلَهُ زَوْجَتَانِ اسْمُ كُلٍّ زَيْنَبُ وَقَالَ أَرَدْت بِنْتَ فُلَانٍ وَالْعَامُّ لَفْظٌ يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَتَخْصِيصُهُ قَصْرُهُ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَالْمُطْلَقُ مَا دَلَّ عَلَى
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ التَّأْكِيدُ، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِي الْمُرَادُ بِهِ الْإِنْشَاءُ، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ الَّذِي كَرَّرَ فِيهِ الْيَمِينَ أَوْ تَعَدَّدَ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ إلَخْ) أَيْ لَكِنَّ الثَّانِيَ، وَهُوَ التَّأْكِيدُ إنَّمَا يَتَأَتَّى حَيْثُ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَاحِدًا نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ، وَقَوْلُهُ أَمَّا لَوْ تَعَدَّدَ أَيْ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ وَاَللَّهِ لَا أَلْبَسُ (قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ فُلَانٍ) أَيْ فَبَاعَهَا لَهُمَا أَوْ بَاعَهَا لِأَحَدِهِمَا فَرُدَّتْ لَهُ فَبَاعَهَا لِلْآخَرِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَذَلِكَ لِتَعَدُّدِ الْقَسَمِ وَاخْتِلَافِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْقَسَمَ فِيهَا غَيْرُ مُتَعَدِّدٍ، وَمَا ذَكَرَهُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ فِيهَا مَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا، وَلَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ، وَلَا أَضْرِبُ فُلَانًا ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَاَللَّهِ لَا أَضْرِبُ فُلَانًا فَعَلَيْهِ هُنَا لِكُلِّ صِنْفٍ فَعَلَهُ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَيْمَانٍ بِاَللَّهِ عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ. اهـ. نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ، وَقَالَ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ أَوْ قَالَ: لَا وَاَللَّهِ، وَلَا. وَأَمَّا لَا، وَلَا فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَقْصِدْ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ) أَيْ بِتَكَرُّرِ الْفِعْلِ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى تَكَرُّرَ الْحِنْثِ بِتَكَرُّرِ الْفِعْلِ تَعَدَّدَتْ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثَةِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَنَوَى أَنَّهُ كُلَّمَا فَعَلَهُ حَنِثَ فَإِنَّهُ كُلَّمَا فَعَلَهُ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَهُ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ إنْشَاءَ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ بِأَنْ قَصَدَ تَأْكِيدَ الْأُولَى أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ، بَلْ وَإِنْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ الْيَمِينِ ثَانِيَةٍ.
(قَوْلُهُ: فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ التَّأْكِيدَ أَوْ التَّأْسِيسَ مَا لَمْ يَقْصِدْ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ، وَمَا لَمْ يَنْوِ كَفَّارَاتٍ (قَوْلُهُ: فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافٍ) أَيْ ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَلَّمَهُ بَعْدَهُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ، وَكَذَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ إنْ كَلَّمَهُ أَوَّلًا بَعْدَ غَدٍ، وَمَحَلُّ اتِّحَادِهَا إذَا كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمَيْنِ مَعًا حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: فَكَفَّارَتَانِ) لُزُومُ الْكَفَّارَتَيْنِ فِي غَدٍ فِي هَذِهِ لِوُقُوعِهِ ثَانِيًا مَعَ الْغَيْرِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ فِي نَفْسِهِ، وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ، وَقَعَ الْغَدُ ثَانِيًا وَحْدَهُ فَكَانَ كَالتَّأْكِيدِ لِلْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: الْمُجْمَلُ) أَيْ الْمُشْتَرَكُ اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا كَالْمِثَالِ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ، وَكَحَلِفِهِ لَيَنْظُرَنَّ لِعَيْنٍ، وَيُرِيدُ أَحَدَ مَعَانِيهَا فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ إلَخْ) أَيْ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَفْرَادِ الصَّالِحِ لَهَا ذَلِكَ اللَّفْظُ دَفْعَةً وَبِهَذَا يَخْرُجُ الْمُطْلَقُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ مَا يَصْلُحُ لَهُ دَفْعَةً بَلْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ فَعُمُومُ الْعَامِّ شُمُولِيٌّ، وَعُمُومُ الْمُطْلَقِ بَدَلِيٌّ، وَصَلَاحِيَّةُ اللَّفْظِ لِتِلْكَ الْأَفْرَادِ مِنْ جِهَةِ انْدِرَاجِهَا فِي مَعْنَاهُ الْمَوْضُوعِ لَهُ فَتَكُونُ دَلَالَةُ الْعَامِّ عَلَى إفْرَادِهِ دَلَالَةَ كُلِّيٍّ عَلَى جُزْئِيَّاتِ مَعْنَاهُ لَا دَلَالَةَ كُلٍّ عَلَى أَجْزَاءِ مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْأَفْرَادِ الصَّالِحِ لَهَا ذَلِكَ اللَّفْظُ غَيْرَ مَحْصُورَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ) أَيْ فَمَنْ حَلَفَ لَا آكُلُ اللَّبَنَ وَنَوَى لَبَنَ الْإِبِلِ جَازَ لَهُ أَكْلُ لَبَنِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute