فِيمَا عَدَا الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ الْمُعَيَّنَ فِي الْقَضَاءِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَأَنْ) (خَالَفَتْ) نِيَّتُهُ (ظَاهِرَ لَفْظِهِ) ، وَقَرُبَتْ مِنْ الْمُسَاوَاةِ فَيُعْتَبَرُ تَخْصِيصُهَا وَتَقْيِيدُهَا لِلِاحْتِمَالِ الْقَرِيبِ مِنْ الْمُسَاوِي، وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (كَسَمْنِ ضَأْنٍ) أَيْ كَنِيَّةِ سَمْنِ ضَأْنٍ (فِي) حَلِفِهِ (لَا آكُلُ سَمْنًا) ، وَلَوْ لَمْ يُلَاحَظْ إخْرَاجُ غَيْرِهِ أَوَّلًا وِفَاقًا لِابْنِ يُونُسَ إذْ لَا مَعْنَى لِنِيَّةِ الضَّأْنِ إلَّا إخْرَاجُ غَيْرِهِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا أُكَلِّمُهُ) ، وَقَالَ نَوَيْت شَهْرًا أَوْ فِي الْمَسْجِدِ فَيُصَدَّقُ إلَّا فِي طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ بِمُرَافَعَةٍ (وَكَتَوْكِيلِهِ) غَيْرَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ أَوْ ضَرْبِهِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا يَبِيعُهُ أَوْ لَا يَضُرُّ بِهِ) فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ أَوْ ضَرَبَهُ، وَقَالَ نَوَيْت لَا أَفْعَلُ بِنَفْسِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (إلَّا لِمُرَافَعَةٍ) أَيْ رَفْعٍ لِقَاضٍ (وَبَيِّنَةٍ) أَيْ مَعَ بَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الرَّافِعُ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بِحِنْثِهِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْيَمِينِ فَادَّعَى التَّخْصِيصَ أَوْ التَّقْيِيدَ (أَوْ) مَعَ (إقْرَارٍ) مِنْهُ بِذَلِكَ حِينَ الْمُرَافَعَةِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: (فِي طَلَاقٍ، وَعِتْقٍ) مُعَيَّنٍ (فَقَطْ أَوْ اسْتَحْلَفَ مُطْلَقًا) بِاَللَّهِ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُطْلَقًا فِي الْفَتْوَى أَوْ الْقَضَاءِ (فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ بِحَيَاتِهَا (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَا الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ الْمُعَيَّنَ) أَيْ أَنَّهَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْمُفْتِي مُطْلَقًا، وَكَذَا عِنْدَ الْقَاضِي إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يُقْبَلُ عِنْدَ الْقَاضِي فِيهِمَا (قَوْلُهُ: لِلِاحْتِمَالِ) أَيْ نَظَرًا لِلِاحْتِمَالِ (قَوْلُهُ: كَسَمْنِ ضَأْنٍ إلَخْ) جَعْلُ هَذَا الْمِثَالِ مِمَّا خَالَفَتْ فِيهِ النِّيَّةُ ظَاهِرَ اللَّفْظِ صَحِيحٌ حَيْثُ يَكُونُ سَمْنُ الْبَقَرِ مَثَلًا أَغْلَبَ، وَعِنْدَ الْعَكْسِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْأَغْلَبُ سَمْنَ الضَّأْنِ تَكُونُ النِّيَّةُ قَرِينَةً مُسَاوِيَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ كَذَا فِي بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا، وَقَالَ أَرَدْت سَمْنَ الضَّأْنِ كَانَتْ تِلْكَ النِّيَّةُ مُخَصِّصَةً لِيَمِينِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ سَمْنِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ لَاحَظَ إخْرَاجَ غَيْرِ الضَّأْنِ أَوَّلًا بِأَنْ يَنْوِيَ إبَاحَةَ مَا عَدَا سَمْنَ الضَّأْنِ أَوَّلًا أَوْ لَمْ يُلَاحِظْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِنِيَّةِ الضَّأْنِ إلَّا إخْرَاجَ غَيْرِهِ، وَهَذَا مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ إنَّ نِيَّةَ سَمْنِ الضَّأْنِ لَا تَكُونُ مُخَصِّصَةً لِقَوْلِهِ لَا آكُلُ سَمْنًا إلَّا إذَا نَوَى إخْرَاجَ غَيْرِهِ أَوَّلًا بِأَنْ يَنْوِيَ إبَاحَةَ مَا عَدَا سَمْنَ الضَّأْنِ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى عَدَمَ أَكْلِ سَمْنِ الضَّأْنِ فَقَطْ فِي لَا آكُلُ سَمْنًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ إخْرَاجِ غَيْرِهِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ السَّمْنِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ فَرْدِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ يُؤَيِّدُهُ، وَلَا يُخَصِّصُهُ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِ لَهُ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا فِي طفى وبن (قَوْلُهُ: فِي لَا يَبِيعُهُ أَوْ لَا يَضْرِبُهُ) لَوْ قَالَ فِي لَا يَفْعَلُ كَذَا كَانَ أَخْصَرَ، وَأَشْمَلَ لِصِدْقِهِ بِالْبَيْعِ وَالضَّرْبِ وَغَيْرِهِمَا.
(قَوْلُهُ: إلَّا لِمُرَافَعَةٍ) أَيْ إلَّا عِنْدَ مُرَافَعَةٍ لِلْقَاضِي لَدَعْوَاهُ عَدَمَ الْحِنْثِ بِسَبَبِ تَخْصِيصِ نِيَّتِهِ أَوْ تَقْيِيدِهِ لِيَمِينِهِ فَإِذَا رَفَعَهُ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْحِنْثَ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ ضِدَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَادَّعَى التَّخْصِيصِ أَوْ التَّقْيِيدِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ بِعَدَمِ قَبُولِ نِيَّتِهِ إذَا كَانَ الْحَلِفُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ مُبْهَمٍ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَّةَ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَالِفَ لَمْ يُنْكِرْ، وَإِنَّمَا يَدَّعِي عَدَمَ الْحِنْثِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ نِيَّتَهُ تَنْفَعُهُ وَاَلَّذِي رَفَعَهُ لِلْقَاضِي يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ضِدَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَيُقِيمُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِحَلِفِهِ وَبِفِعْلِهِ ضِدَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ يُقِرُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْحَلِفَ وَجُلِبَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ تَقْبَلْ نِيَّتُهُ تَخْصِيصَ الْعَامِّ وَتَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ، وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ كَمَا أَفَادَهُ عج.
(قَوْلُهُ: إلَّا لِمُرَافَعَةٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ وَالْمُرَافَعَةُ بِمَعْنَى الرَّفْعِ فَالْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا؛ لِأَنَّ الرَّفْعَ مِنْ جَانِبِ غَيْرِهِ وَالْمَعْنَى إلَّا عِنْدَ رَفْعٍ لِلْقَاضِي فَلَوْ ذَهَبَ لِلْقَاضِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَهُ أَحَدٌ، وَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْفَتْوَى كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (تَنْبِيهٌ) مِمَّا يُقْبَلُ فِي الْفَتْوَى أَنْ يَقُولَ الشَّخْصُ حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنِّي لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ فَلَا يُقْبَلُ فِي الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ قَبْلَ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ يَسْتَخْلِصُ بِذَلِكَ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَحْلَفَ) كَانَ الْأَوْلَى أَوْ اسْتِحْلَافٌ إذْ لَا يُعْطَفُ الْفِعْلُ عَلَى الِاسْمِ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الِاسْمُ مُشَبَّهًا لِلْفِعْلِ، وَإِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ اسْتَحْلَفَ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ أَيْ لَا إنْ رُوفِعَ أَوْ اسْتَحْلَفَ أَيْ خُصِّصَتْ، وَقُيِّدَتْ إلَّا إنْ رُوفِعَ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ أَوْ اسْتَحْلَفَ فِي حَقٍّ فَلَا تَنْفَعُهُ مُطْلَقًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَحْلَفَ فِي وَثِيقَةٍ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ مُطْلَقًا كَانَتْ تِلْكَ النِّيَّةُ مُسَاوِيَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَوْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لَهُ قَرِيبَةً مِنْ التَّسَاوِي لَا فِي الْفَتْوَى، وَلَا فِي الْقَضَاءِ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ بِعِتْقٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْقَبُولِ، وَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ عِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ أَوْ اسْتَحْلَفَ إلَخْ أَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِسِينِ الطَّلَبِ أَنَّهُ لَوْ طَاعَ بِالْيَمِينِ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ لَنَفَعَتْهُ نِيَّتُهُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ، وَأَنَّ الْعَبْرَةَ بِنِيَّةِ الْحَالِفِ مُطْلَقًا، وَحِينَئِذٍ فَتَجْعَلُ السِّينَ وَالتَّاءَ زَائِدَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِطَلَاقٍ) فَإِذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْضِيَنَّ غَرِيمَهُ فِي أَجَلِ كَذَا فَمَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَقْضِهِ فَقَالَ الْحَالِفُ أَرَدْت طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَقَالَ الْمُحَلِّفُ إنَّمَا نَوَيْت الثَّلَاثَ فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْمُحَلِّفِ. اهـ. خش، وَمِثْلُهُ فِي عبق نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ رَبُّ الْحَقِّ تَشْدِيدًا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ الرَّجْعِيَّةُ لَا يُبَالِي بِهَا فَانْدَفَعَ قَوْلُ بْن -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute