للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَحْرَى إنْ لَمْ يُعَيِّنْ فَلَوْ قَدَّمَهُ بِلَصْقِهِ كَانَ أَوْلَى، وَقِيلَ هُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ رَدًّا عَلَى مَا قِيلَ لَا يَكْفِي الْجِدَارُ فِي الْمُعَيَّنَةِ

(وَ) حَنِثَ فِي لَا أُسَاكِنُهُ (بِالزِّيَارَةِ) مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (إنْ قَصَدَ) بِيَمِينِهِ (التَّنَحِّيَ) عَنْهُ أَيْ الْبُعْدِ إذْ لَا بُعْدَ مَعَ الزِّيَارَةِ (لَا) إنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بَلْ كَانَتْ يَمِينُهُ (لِدُخُولِ) شَيْءٍ بَيْنَ (عِيَالٍ) مِنْ نِسَاءٍ وَصِبْيَةٍ فَلَا حِنْثَ بِالزِّيَارَةِ، وَكَذَا إنْ كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ (إنْ لَمْ يُكْثِرْهَا نَهَارًا) فَإِنْ أَكْثَرَهَا حَنِثَ وَالْكَثْرَةُ بِالْعُرْفِ، وَقِيلَ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (وَيَبِيتُ بِلَا مَرَضٍ) قَامَ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ، وَيَبِيتَ بِالنَّصْبِ فَمَنْطُوقُهُ عَدَمُ الْحِنْثِ بِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ، وَمَفْهُومُهُ الْحِنْثُ بِوُجُودِهِمَا أَوْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا، وَلَك أَنْ تَجْعَلَ يَبِيتُ مَجْزُومًا عَطْفًا عَلَى يُكْثِرَ أَيْ فَلَا يَحْنَثُ إنْ انْتَفَيَا، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ وُجُودَ أَحَدِهِمَا كَافٍ فِي الْحِنْثِ فَإِنْ بَاتَ لِمَرَضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا حِنْثَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَامِلُ لَهُ دُخُولُ شَيْءٍ بَيْنَ الْعِيَالِ فَلَا وَجْهَ لِلْحِنْثِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْكَثْرَةُ وَالْبَيَاتُ مَعَ الْعِيَالِ

(وَسَافَرَ الْقَصْرَ) أَرْبَعَةُ بُرُدٍ، وَإِلَّا لَمْ يَبَرَّ (فِي) حَلِفِهِ (لَأُسَافِرَنَّ) حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ دُونَ اللُّغَوِيِّ (وَمَكَثَ) فِي مُنْتَهَى سَفَرِهِ خَارِجًا عَنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (نِصْفَ شَهْرٍ) ، وَإِلَّا لَمْ يَبَرَّ وَالْمُرَادُ بِالْمُكْثِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِمَكَانٍ دُونَ الْمَسَافَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَوْ اسْتَمَرَّ سَائِرًا نِصْفَ شَهْرٍ بَعْدَ الْمَسَافَةِ لَكَفَى (وَنُدِبَ كَمَالُهُ) أَيْ كَمَالُ الشَّهْرِ (كَأَنْتَقِلَنَّ) أَيْ كَحَلِفِهِ لَأَنْتَقِلَنَّ مِنْ هَذَا الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْتَقِلَ لِأُخْرَى عَلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ، وَمُكْثِ نِصْفِ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُهُ وَأَمَّا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْحَارَةِ أَوْ نَوَى ذَلِكَ كَفَى الِانْتِقَالُ لِأُخْرَى، وَيَمْكُثُ نِصْفَ شَهْرٍ، وَيُنْدَبُ كَمَالُهُ فَإِنْ أَطْلَقَ، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَبَرَّ إلَّا بِفِعْلِ مَنْ قَيَّدَ بِالْبَلَدِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً، وَقَوْلُهُ (وَلَوْ بِإِبْقَاءِ رَحْلِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا سَكَنْت وَلِقَوْلِهِ لَأَنْتَقِلَنَّ لَكِنَّ الْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَكَانِ الْآخَرِ وَسَكَنَ فِيهِ فَهَذِهِ الْحَالَةُ لَا يَزُولُ مَعَهَا اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا فَلَا يَبَرُّ بِهَا، وَفِي ح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَفَوْقَهُمَا مَحَلٌّ خَالٍ فَإِنْ انْتَقَلَ أَحَدُهُمَا لِلْعُلُوِّ وَبَقِيَ الْآخَرُ فِي الْأَسْفَلِ أَجْزَأَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَافِقُ مُسْتَقِلَّةٌ، وَمَدْخَلٌ مُسْتَقِلٌّ وَرَأَى بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكْفِي إذَا كَانَ سَبَبُ الْيَمِينِ مَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَجْلِ الْمَاعُونِ، وَأَمَّا الْعَدَاوَةُ فَلَا يَكْفِي.

(قَوْلُهُ: وَأَحْرَى إنْ لَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا أُسَاكِنُهُ فِي دَارٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُمَا سَاكِنَانِ فِي دَارٍ (قَوْلُهُ: رَدًّا عَلَى مَا قِيلَ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ فِي الدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ كَمَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا سَاكَنْته فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُصَنِّفُ أَشَارَ بِلَوْ لِخِلَافَيْنِ وَالْمَعْنَى أَوْ ضَرَبَا جِدَارًا هَذَا إذَا كَانَ وَثِيقًا بَلْ، وَإِنْ كَانَ جَرِيدًا خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ هَذَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الدَّارَ بِأَنْ قَالَ لَا أُسَاكِنُهُ بَلْ، وَإِنْ عَيَّنَهَا بِأَنْ قَالَ لَا أُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ لَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا لِدُخُولٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ، وَمَفْهُومَ قَوْلِهِ لَا لِدُخُولٍ تَعَارَضَا فِيمَا إذَا كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ فِي يَمِينِهِ فَمَفْهُومُ الشَّرْطِ يَقْتَضِي عَدَمَ حِنْثِهِ، وَمَفْهُومُ الثَّانِي يَقْتَضِي حِنْثَهُ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَكْثَرَهَا حَنِثَ إلَخْ) إلَّا أَنْ يَشْخَصَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ (قَوْلُهُ: بِالْعُرْفِ) أَيْ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: بِلَا مَرَضٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْصُلَ مَرَضٌ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَجْلِسُ لِيُعَلِّلَهُ كَذَا فِي بْن، وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ مَرَضٍ لِلْحَالِفِ فَعَجَزَ عَنْ الِانْتِقَالِ وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: فَمَنْطُوقُهُ عَدَمُ الْحِنْثِ بِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ) بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ كَثْرَةُ الزِّيَارَةِ نَهَارًا، وَلَا الْبَيَاتُ بِلَا مَرَضٍ، وَقَوْلُهُ، وَمَفْهُومُهُ الْحِنْثُ بِوُجُودِهِمَا أَيْ بِأَنْ أَكْثَرَ الزِّيَارَةِ نَهَارًا وَبَاتَ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ وُجُودُ أَحَدِهِمَا ذَلِكَ بِأَنْ أَكْثَرَ الزِّيَارَةِ نَهَارًا، وَلَمْ يَبِتْ لِغَيْرِ مَرَضٍ بِأَنْ لَمْ يَبِتْ أَصْلًا أَوْ بَاتَ لِمَرَضٍ أَوْ أَنَّهُ بَاتَ لِغَيْرِ مَرَضٍ مِنْ غَيْرِ إكْثَارٍ لِلزِّيَارَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَاتَ لِمَرَضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ لِمَرَضِ الْحَالِفِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَهَذَا ظَاهِرٌ) أَيْ حِنْثُهُ بِوُجُودِهِمَا أَوْ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا ظَاهِرٌ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَقْصَدِ الشَّرْعِيِّ) هَذَا يُؤَيِّدُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْدِيمُ الْمَقْصَدِ الشَّرْعِيِّ عَلَى اللُّغَوِيِّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِمَكَانٍ دُونَ الْمَسَافَةِ) أَيْ قَبْلَ نِصْفِ الشَّهْرِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْمَسَافَةِ أَيْ، وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ بُرُدٌ. (قَوْلُهُ: كَفَى الِانْتِقَالَ لِأُخْرَى) أَيْ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا إذَا قَصَدَ إرْهَابَ جَارِهِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا إنْ كَرِهَ مُجَاوِرَتَهُ فَلَا يُسَاكِنُهُ أَبَدًا. اهـ.

بْن (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَطْلَقَ) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ لَأَنْتَقِلَنَّ، وَأَطْلَقَ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْبَلَدِ أَوْ الدَّارِ أَوْ الْحَارَةِ لَا لَفْظًا، وَلَا نِيَّةَ، وَقَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَبَرَّ إلَخْ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ سَفَرُ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَمُكْثُ نِصْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>