لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ يَحْنَثُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ لَا مُطْلَقًا.
(وَ) حَنِثَ أَيْضًا (بِهِبَتِهِ) أَيْ بِهِبَةِ الدَّيْنِ (لَهُ) أَيْ لِلْمَدِينِ الْحَالِفِ لِرَبِّهِ لَأَقْضِيَنَّك حَقَّك فِي أَجَلِ كَذَا، وَقَبْلَ الْهِبَةِ فَيَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ، وَلَا يَنْفَعُهُ دَفْعُهُ بَعْدَ الْقَبُولِ لِرَبِّهِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَإِنْ، وَفَّاهُ لِرَبِّهِ قَبْلَ الْأَجَلِ بَرَّ؛ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ لِلْأَجَلِ (أَوْ دَفْعِ قَرِيبٍ) لِلْحَالِفِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْحَالِفِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَإِنْ) كَانَ الدَّفْعُ (مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْحَالِفِ فَيَحْنَثُ أَيْ لَمْ يَبَرَّ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِدَفْعِ قَرِيبِهِ عَنْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَيَرْضَى فَيَبَرُّ سَوَاءٌ دَفَعَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْحَالِفِ أَوْ كَانَ الدَّافِعُ وَكِيلًا لِلْحَالِفِ (أَوْ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ) لِلْحَالِفِ عَلَى رَبِّ الْحَقِّ (بِالْقَضَاءِ) أَوْ تَذَكُّرِ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ وَأَبْرَأَهُ فَلَا يَبَرُّ الْحَالِفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (إلَّا بِدَفْعِهِ) الْحَقَّ لِرَبِّهِ (ثُمَّ أَخَذَهُ) مِنْهُ إنْ شَاءَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ إذَا قَبِلَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ (لَا إنْ جُنَّ) الْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ لِأَجَلِ كَذَا أَوْ أُسِرَ أَوْ حُبِسَ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الدَّفْعُ (وَدَفَعَ الْحَاكِمُ) عَنْهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ الْحَاكِمِ فَيَبَرُّ حَيْثُ الْأَوْلَى لِلْمَجْنُونِ وَإِلَّا لَمْ يَبَرَّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ بَلْ يَدْفَعُ وَلِيَّهُ (وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ) الْحَاكِمُ عَنْهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ بَلْ بَعْدَهُ (فَقَوْلَانِ) بِالْحِنْثِ، وَعَدَمِهِ.
(وَ) حَنِثَ (بِعَدَمِ قَضَاءٍ فِي غَدٍ فِي) حَلِفِهِ (لَأَقْضِيَنَّك) حَقَّك (غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ) (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَيْسَ هُوَ) يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَلْ الْخَمِيسِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
ابْنُ عَاشِرٍ مَفْهُومُ قَبْلَهُ مُنْدَرِجٌ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ لَمْ يَفُتْ؛ لِأَنَّ هَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَفُتْ أَصْلًا وَبِمَا إذَا فَاتَ لَكِنْ بَعْدَ الْأَجَلِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي) فِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَحْنَثُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْقِيمَةِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ أَمْ لَا وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يَفُتْ قَبْلَ الْأَجَلِ فَهَذَا مُقَابِلٌ لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ الْوَاقِعِ فِي الْمَتْنِ، وَكَذَا الْقَوْلُ بَعْدَهُ وَتَحَصَّلَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا ثُمَّ بَاعَهُ عَرَضًا بَيْعًا فَاسِدًا، وَقَاصَصَهُ بِالثَّمَنِ مِنْ حَقِّهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَفُوتَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْحَقِّ قَبْلَ الْأَجَلِ الْمَحْلُوفِ إلَيْهِ أَوْ لَا يَفُوتُ قَبْلَهُ فَإِنْ فَاتَ قَبْلَهُ حَنِثَ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ لَا تَفِي بِالدَّيْنِ، وَلَمْ يُكَمِّلْ الْحَالِفُ لِلْغَرِيمِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ لَا تَفِي بِالدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ الْحَالِفُ لِلْغَرِيمِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ تَفِي بِالدَّيْنِ أَوْ أَكْمَلَ الْحَالِفُ لِلْغَرِيمِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَا حِنْثَ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْأَجَلِ، سَوَاءٌ فَاتَ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَفُتْ أَصْلًا فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ قَالَ سَحْنُونٌ يَحْنَثُ مُطْلَقًا، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ التَّفْصِيلَ، وَهُوَ الْحِنْثُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقِيمَةِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، وَعَدَمُ الْحِنْثِ إنْ كَانَ فِيهَا وَفَاءٌ بِهِ، وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَمَّا كَانَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْقَوْلَيْنِ كَانَ مُخْتَارًا مِنْ الْخِلَافِ.
(قَوْلُهُ: وَبِهِبَتِهِ لَهُ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ لِأَجَلِ كَذَا فَوَهَبَهُ لَهُ رَبُّ الدَّيْنِ، وَقَبِلَ الْحَالِفُ الْهِبَةَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَعُهُ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَعَلَى الْحِنْثِ فَهَلْ يَحْنَثُ بِنَفْسِ قَبُولِ الْهِبَةِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ أَوْ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ، وَلَمْ يَقْضِهِ الدَّيْنَ، وَلَوْ قَضَاهُ إيَّاهُ بَعْدَ الْقَبُولِ، وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ. اهـ. قَالَ ح، وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ حَمَلَ بَهْرَامُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ. اهـ. وَذَكَرَ تت فِي كَبِيرِهِ عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ فَالصَّوَابُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ وَحَنِثَ الْمَدِينُ الْحَالِفُ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّ فُلَانٍ إلَى أَجَلِ كَذَا فَوَهَبَهُ لَهُ رَبُّ الدَّيْنِ، وَقَبِلَ الْحَالِفُ الْهِبَةَ، وَمَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَقْضِهِ الدَّيْنَ خِلَافًا لعبق وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَلَا يَنْفَعُهُ دَفْعُهُ لَهُ بَعْدَ الْقَبُولِ، لَا يُسَلَّمُ بَلْ الْحَقُّ أَنَّهُ يَنْفَعُهُ دَفْعُهُ لَهُ بَعْدَ الْقَبُولِ قَبْلَ الْأَجَلِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ دَفْعٌ قَرِيبٌ عَنْهُ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَأَقْضِيَنَّك حَقَّك فَدَفَعَ الْحَقَّ لِرَبِّهِ قَرِيبُ الْحَالِفِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَبَرُّ، سَوَاءٌ دَفَعَ ذَلِكَ الْقَرِيبُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْحَالِفِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى قَرِيبٍ غَيْرِ وَكِيلٍ أَوْ وَكِيلِ تَقَاضٍ لَهُ أَوْ ضَيْعَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَمَّا لَوْ كَانَ وَكِيلَ قَضَاءٍ أَوْ مُفَوَّضًا فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِدَفْعِهِ أَمَرَهُ أَمْ لَا عَلِمَ بِذَلِكَ وَسَكَتَ أَمْ لَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إلَّا بِدَفْعِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَأَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ رَبَّهُ قَبَضَهُ أَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَبَرُّ بِذَلِكَ، وَلَا يَبَرُّ إلَّا بِدَفْعِ الْحَقِّ، وَإِذَا دَفَعَهُ فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْجِعْ فَقَوْلُهُ ثُمَّ أَخَذَهُ يُقْرَأُ فِعْلًا مَاضِيًا أَيْ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا دَفَعَهُ أَخَذَهُ أَوْ يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ ثُمَّ لَهُ أَخْذُهُ، وَلَا يُقْرَأُ بِالْجَرِّ لِئَلَّا يُوهِمَ تَوَقُّفَ الْبِرِّ عَلَى الدَّفْعِ وَالْأَخْذِ مَعًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْبِرُّ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ ابْنُ عَاشِرٍ، وَهَذَا إنْ قَبِلَ الْمَحْلُوفُ لَهُ قَبْضَ الْمَالِ فَإِنْ أَبَى، وَقَالَ لَا حَقَّ لِي لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبْضِهِ، وَيَقَعُ الْحِنْثُ، وَقَالَ بْن إنْ أَبَى لَهُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْحَاكِمِ لِيَبَرَّ ثُمَّ يَأْخُذَهُ، وَاسْتَظْهَرَ عج جَبْرَ رَبِّ الْحَقِّ عَلَى قَبُولِهِ إنْ أَبَى مِنْهُ لِأَجْلِ أَنْ يَبَرَّ الْحَالِفُ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَبَرَّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ) بَلْ بِدَفْعِ وَلِيِّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَبَرُّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَجْنُونِ وَلِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ؛ لِأَنَّهُ انْعَزَلَ بِجُنُونِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلِّ بِرِّهِ حَيْثُ لَمْ يُفِقْ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ دَفْعِهِ لَهُ ثُمَّ أَخْذِهِ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ بِالْحِنْثِ، وَعَدَمِهِ) الْأَوَّلُ قَوْلُ أَصْبَغَ نَظَرًا إلَى حِينِ الْيَمِينِ، وَالثَّانِي قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ نَظَرًا إلَى حِينِ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute