(وَلَوْ مَشَى) فِي رُجُوعِهِ (الْجَمِيعَ) مُبَالَغَةٌ فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ (وَلَوْ) (أَفْسَدَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَشْيُ مَا أَحْرَمَ بِهِ ابْتِدَاءً مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِكَوَطْءٍ (أَتَمَّهُ) فَاسِدًا (وَمَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ) الشَّرْعِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ قَبْلَهُ، وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ (وَإِنْ فَاتَهُ) الْحَجُّ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ وَقَدْ كَانَ نَذَرَ مَشْيًا مُبْهَمًا أَوْ حَلَفَ بِهِ أَيْ لَمْ يُعَيِّنْ حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً (جَعَلَهُ فِي عُمْرَةٍ) أَيْ تَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِهَا ثُمَّ قَضَى الْحَجَّ الَّذِي فَاتَهُ عَلَى حُكْمِ الْفَوَاتِ (وَرَكِبَ) أَيْ جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ (فِي قَضَائِهِ) لِأَنَّ النَّذْرَ قَدْ انْقَضَى وَهَذَا إنَّمَا هُوَ لِلْفَوَاتِ.
(وَإِنْ) (حَجَّ) نَاذِرُ الْمَشْيِ مُبْهَمًا أَوْ مَنْ عَيَّنَ الْحَجَّ بِمَشْيِهِ، وَكَانَ صَرُورَةً فِيهِمَا (نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ) مَعًا (مُفْرَدًا) كَانَ (أَوْ قَارِنًا) شَمَلَ صُورَتَيْنِ بِأَنْ نَوَى بِالْحَجِّ الَّذِي فِي ضِمْنِ إحْرَامِهِ فَرْضَهُ وَنَذْرَهُ أَوْ نَوَى بِالْحَجِّ فَرْضَهُ فَقَطْ وَبِالْعُمْرَةِ نَذْرَهُ (أَجْزَأَ عَنْ النَّذْرِ) فَقَطْ (وَهَلْ) مَحَلُّ الْإِجْزَاءِ عَنْ النَّذْرِ (إنْ لَمْ يَنْذُرْ حَجًّا) بَلْ نَذَرَ الْمَشْيَ مُطْلَقًا أَوْ حَلَفَ كَذَلِكَ وَجَعَلَهُ فِي حَجٍّ فَإِنْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا أَوْ حَلَفَ بِهِ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلتَّشْرِيكِ بِهِ أَوْ الْإِجْزَاءِ عَنْ النَّذْرِ مُطْلَقًا وَلَوْ نَذَرَ حَجًّا (تَأْوِيلَانِ، وَ) يَجِبُ (عَلَى الصَّرُورَةِ) إذَا نَذَرَ مُبْهَمًا أَوْ حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ (جَعْلُهُ) أَيْ جَعْلُ مَشْيِهِ (فِي عُمْرَةٍ ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ مَكَّةَ عَلَى الْفَوْرِ) ، وَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِشَرْطِهِ (وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ) نَاذِرُهُ أَوْ الْحَالِفُ بِهِ وَحَنِثَ وُجُوبًا (فِي) قَوْلِهِ (أَنَا مُحْرِمٌ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ (أَوْ أَحْرَمَ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ (وَإِنْ) (قَيَّدَ) لَفْظًا أَوْ نِيَّةً (بِيَوْمِ كَذَا) أَوْ مَكَانِ كَذَا نَحْو لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُحْرِمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوَّلَ رَجَبٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ ثَانِيَةً، وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ مَا يُعَارِضُهَا وَنَصُّهَا: وَإِنْ كَانَ مَا رَكِبَ مُتَنَاصِفًا كَأَنْ يَرْكَبَ عُقْبَةً وَيَمْشِي أُخْرَى فَلَا يُجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهَا فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَجَعَلَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَ الْمَوَّازِيَّةِ تَقْيِيدًا لِلْمُدَوَّنَةِ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَنْ رَكِبَ دُونَ النِّصْفِ، وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ضَبْطُ مَوَاضِعِ مَشْيِهِ مِنْ أَمَاكِنِ رُكُوبِهِ، وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَنْ تَحَقَّقَ ضَبْطُ أَمَاكِنِ مَشْيِهِ مِنْ أَمَاكِنِ رُكُوبِهِ فَهُمَا تَأْوِيلَانِ كِلَاهُمَا بِالْوِفَاقِ الْأَوَّلِ لِأَبِي الْحَسَنِ وَالثَّانِي لِلْمُؤَلِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ. اهـ. طفى فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَفِي لُزُومِ مَشْيِ الْجَمِيعِ بِمَشْيِ عُقْبَةٍ وَرُكُوبِ أُخْرَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا وِفَاقًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَعَدَمُ لُزُومِ مَشْيِ الْجَمِيعِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَشَى الْجَمِيعَ إلَخْ) رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ إنْ مَشَى الطَّرِيقَ كُلَّهُ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ مَشْيَهُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَتَعَقَّبَهُ الْأَشْيَاخُ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَسْقُطُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْهَدْيِ فِي ذِمَّتِهِ بِمَشْيٍ غَيْرِ وَاجِبٍ (قَوْلُهُ: أَتَمَّهُ فَاسِدًا) أَيْ، وَلَوْ رَاكِبًا؛ لِأَنَّ إتْمَامَهُ لَيْسَ مِنْ النَّذْرِ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لِإِتْمَامِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَمَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ إنْ كَانَ أَحْرَمَ مِنْهُ عَامَ الْفَسَادِ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ فِي عَامِ الْفَسَادِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَيْ، وَإِلَّا مَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ أَوَّلًا عَامَ الْفَسَادِ لِتَسَلُّطِ الْفَسَادِ عَلَى مَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَإِنْ كَانَ يُؤَخِّرُ الْإِحْرَامَ عَامَ الْقَضَاءِ لِلْمِيقَاتِ وَبَعْدَ هَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِحْرَامِ وَالْمَشْيِ يُؤَخَّرُ فِي عَامِ الْقَضَاءِ لِلْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا وَالْإِحْرَامُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ تَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِهَا) أَيْ مَاشِيًا لِتَمَامِ سَعْيِهَا لِيَخْلُصَ مِنْ نَذْرِ الْمَشْيِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَهُ الْحَجُّ وَجَعَلَهُ فِي عُمْرَةٍ فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ فِيهَا ابْتِدَاءً وَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ: أَيْ جَازَ الرُّكُوبُ يَعْنِي جَمِيعَ الطَّرِيقِ فِي قَضَائِهِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْمَنَاسِكِ أَوْ لَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ سَحْنُونٍ وَمَالِكٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّذْرَ قَدْ انْقَضَى) أَيْ بِمَشْيِهِ فِي الْعُمْرَةِ الَّتِي تَحَلَّلَ بِهَا مِنْ الْحَجِّ الْفَائِتِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ حَجَّ نَاذِرُ الْمَشْيِ مُبْهَمًا) أَيْ، وَإِنْ حَجَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ وَلَمْ يُعَيِّنْ حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً ثُمَّ جَعَلَهُ فِي حَجٍّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنْ عَيَّنَ الْحَجَّ بِمَشْيِهِ أَيْ أَوْ حَجَّ مَنْ عَيَّنَ الْحَجَّ بِمَشْيِهِ (قَوْلُهُ: الَّذِي فِي ضِمْنِ إحْرَامِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَارِنَ مُحْرِمٌ بِهِمَا فَالْحَجُّ وَحْدَهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي ضِمْنِ إحْرَامِهِ بِالْقِرَانِ (قَوْلُهُ: أَجْزَأَ عَنْ النَّذْرِ فَقَطْ) أَيْ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْفَرْضِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ إنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي الشَّامِلِ.
(قَوْلُهُ: لِلتَّشْرِيكِ) أَيْ لِأَنَّهُ شَرَكَ فِي الْحَجِّ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْفَرْضِ، وَفِيهِ أَنَّ التَّشْرِيكَ مَوْجُودٌ حَالَ الْإِطْلَاقِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِقُوَّةِ النَّذْرِ بِالتَّعْيِينِ فَشَابَهَ الْفَرْضَ الْأَصْلِيَّ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الصَّرُورَةِ جَعْلُهُ فِي عُمْرَةٍ) أَيْ عَلَيْهِ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَجَّ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ وَكَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَالْجَلَّابِ يُفِيدُ أَنَّ جَعْلَهُ فِي عُمْرَةٍ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ وُجُوبَ الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي، وَمَفْهُومُ الصَّرُورَةِ أَنَّ غَيْرَهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ جَعَلَ مَشْيَهُ الَّذِي قَصَدَ بِهِ أَدَاءَ نَذْرِهِ فِي عُمْرَةٍ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ فِي حَجٍّ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَغْرِبِيًّا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: إذَا نَذَرَ مُبْهَمًا) أَيْ مَشْيًا مُبْهَمًا (قَوْلُهُ: أَيْ جَعَلَ مَشْيَهُ) أَيْ الَّذِي قَصَدَ بِهِ أَدَاءَ نَذْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِشَرْطِهِ) أَيْ، وَهُوَ كَوْنُ حَجِّهِ فِي الْعَامِ الَّذِي اعْتَمَرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ) أَيْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَقَوْلُهُ: نَاذِرُهُ أَيْ نَاذِرُ الْإِحْرَامِ وَالْمُرَادُ بِتَعْجِيلِهِ إنْشَاؤُهُ (قَوْلُهُ: لَفْظًا أَوْ نِيَّةً) هَذَا صَحِيحٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ قَائِلًا، وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute