أَوْ مِنْ بَرَكَةِ الْحَجِّ نَحْوَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَذَلِكَ فَحَنِثَ بِأَنْ كَلَّمَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْشِئَ الْإِحْرَامَ أَوَّلَ رَجَبٍ أَوْ مِنْ الْبَرَكَةِ، وَلَا يُؤَخِّرُ لِلْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ، وَهُوَ أَشْهُرُ الْحَجِّ، وَلَا لِلْمَكَانِيِّ هَذَا مُرَادُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَعْجِيلَهُ الْآنَ بِمُجَرَّدِ النَّذْرِ أَوْ الْحِنْثِ (كَالْعُمْرَةِ) أَيْ كَمَا يُعَجِّلُ إحْرَامَهَا حَالَ كَوْنِهِ (مُطْلِقًا) بِالْكَسْرِ أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ لَهَا بِوَقْتٍ أَوْ مَكَان (إنْ لَمْ يَعْدَمْ) فِي الْعُمْرَةِ الْمُطْلَقَةِ (صَحَابَةً) فَالْمُقَيَّدَةُ كَالْحَجِّ الْمُقَيَّدِ يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ فِيهَا، وَلَوْ عَدِمَ صَحْبًا يَسِيرُ مَعَهُمْ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ.
(لَا) نَاذِرَ (الْحَجِّ) الْمُطْلَقِ أَوْ الْحَالِفِ بِهِ فَحَنِثَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ فَلَا يُعَجِّلُهُ قَبْلَهَا (وَ) لَا نَاذِرَ (الْمَشْيِ) الْمُطْلَقِ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَامٍ وَلَا حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ فَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّعْجِيلِ، وَإِذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ (فَلِأَشْهُرِهِ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ التَّعْجِيلُ فِيهِمَا عِنْدَ أَشْهُرِ الْحَجِّ (إنْ) كَانَ إذَا خَرَجَ فِي أَشْهُرِهِ (وَصَلَ) لِمَكَّةَ وَأَدْرَكَ الْحَجَّ لَكِنْ فِي الْحَجِّ يُحْرِمُ مِنْ مَكَانِهِ، وَيَخْرُجُ وَفِي الْمَشْيِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْمِيقَاتِ (وَإِلَّا) يَصِلُ فِيهَا كَإِفْرِيقِيٍّ (فَمِنْ حَيْثُ) أَيْ فَيُحْرِمُ مِنْ الزَّمَانِ الَّذِي إذَا خَرَجَ فِيهِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) حَقُّهُ عَلَى الْأَرْجَحِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَلْزَمُ) النَّذْرُ (فِي) قَوْلِهِ (مَالِي فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا) حَيْثُ أَرَادَ صَرْفَهُ فِي بِنَائِهَا إنْ هُدِمَتْ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ أَرَادَ كِسْوَتَهَا وَطِيبَهَا وَنَحْوَهُمَا لَزِمَهُ ثُلُثُ مَالِهِ لِلْحَجَبَةِ يَصْرِفُونَهُ فِيهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ النِّيَّةَ مُسَاوِيَةٌ لِلَّفْظِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى اللَّفْظِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ بَرَكَةِ الْحَجِّ) أَيْ إذَا أَتَيْتهَا (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ أَوْ مِنْ بَرَكَةِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْشِئَ الْإِحْرَامَ إلَخْ) سَوَاءٌ وَجَدَ صُحْبَةً يَسِيرُ مَعَهَا أَوْ عَدِمَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَخِّرُ لِلْمِيقَاتِ) أَيْ، وَلَا لِوُجُودِ رُفْقَةٍ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ قَرِينَةٌ عَلَى الْفَوْرِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ بَلْ الْمُرَادُ إنْشَاؤُهُ إذَا حَصَلَ الْوَقْتُ أَوْ الْفِعْلُ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ (قَوْلُهُ: كَالْعُمْرَةِ) أَيْ كَمَا يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ نَاذِرُهَا حَالَةَ كَوْنِهِ مُطْلِقًا أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ لَهَا بِوَقْتٍ إنْ وَجَدَ صُحْبَةً فَإِذَا قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ وَكَلَّمَهُ عَجَّلَ الْإِحْرَامَ بِهَا مِنْ يَوْمِ الْحِنْثِ، وَإِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِهَا مِنْ حِينِ نَذْرِهِ إنْ وَجَدَ صُحْبَةً، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بِهَا (قَوْلُهُ: بِالْكَسْرِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عَلَى فَتْحِ اللَّامِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ: سَوَاءٌ قُيِّدَتْ بِالزَّمَنِ أَوْ لَا وَالتَّشْبِيهُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهَا بِغَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ لِدُخُولِ الْمُقَيَّدَةِ فِيمَا قَبْلَهُ وَأَيْضًا الْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَعْدَمْ صَحَابَةً يَجْرِي فِي الْعُمْرَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالزَّمَانِ، وَمَا قَبْلَ الْكَافِ يَقْتَضِي عَدَمَ جَرَيَانِهِ فِيهَا لِشُمُولِهِ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَتَنَاقَضَا، وَلَا يَصِحُّ الْإِطْلَاقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَ الْكَافِ خَاصًّا بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَعْدَمْ صَحَابَةً إنَّمَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْعُمْرَةِ الْمُطْلَقَةِ دُونَ الْمُقَيَّدَةِ فَلِذَلِكَ تَعَيَّنَ كَسْرُ اللَّامِ فِي مُطْلِقًا (قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدٍ لَهَا بِوَقْتٍ أَوْ مَكَان) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِلَفْظِ الْإِحْرَامِ كَمَا فَرَضَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقَيِّدْهَا نَحْوَ قَوْلِهِ فِي نَذْرٍ أَوْ يَمِينٍ عَلَى عُمْرَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَكَذَا قَوْلُهُ: لَا الْحَجُّ الْمُطْلَقُ يَعْنِي مُقَيَّدًا بِالْإِحْرَامِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ، وَكَذَا فَرَضَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ فِي الْمُقَيَّدِ بِالْإِحْرَامِ قَالَهُ طفى وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّذْرَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مُقَيَّدٌ بِالزَّمَانِ وَالْإِحْرَامِ، وَمُقَيَّدٌ بِالْإِحْرَامِ فَقَطْ، وَغَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالْإِحْرَامِ وَلَا بِالزَّمَانِ فَالْأَوَّلُ كَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ أُحْرِمُ يَوْمَ كَذَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.
وَمِثْلُهُ غَيْرُ الْمُعَلَّقِ كَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ يَوْمَ كَذَا أَوْ مِنْ مَكَانِ كَذَا إذَا أَتَيْته فَهَذَا يَلْزَمُ فِيهِ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ إذَا حَصَلَ الْوَقْتُ أَوْ الْفِعْلُ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ وَلَوْ عَدِمَ صُحْبَةً، وَالثَّانِي إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ فَهَذَا يَلْزَمُهُ فِي الْعُمْرَةِ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بِهَا إنْ وَجَدَ صُحْبَةً وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الْحَجِّ يُؤَخِّرُ الْإِحْرَامَ لِأَشْهُرِهِ إنْ وَصَلَ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ يَصِلُ، وَالثَّالِثُ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ عُمْرَةٌ أَوْ حَجٌّ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا، وَكَلَّمَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ كَانَ الْإِحْرَامُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَجَدَ صُحْبَةً أَوْ لَا كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَعْدَمْ) أَيْ فَإِنْ عَدِمَ الصُّحْبَةَ أَخَّرَ الْإِحْرَامَ لِوُجُودِهَا (قَوْلُهُ: فَالْمُقَيَّدَةُ) أَيْ بِالزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ.
(قَوْلُهُ: لَا نَاذِرَ الْحَجِّ الْمُطْلَقِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُقَيِّدْ بِوَقْتٍ، وَلَا بِمَكَانٍ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ صُورَةِ نَذْرِ الْحَجِّ الْمُطْلَقِ وَصُورَةِ نَذْرِ الْمَشْيِ الْمُطْلَقِ فَالْأَوَّلُ كَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أَنَا أُحْرِمُ لِلَّهِ بِحَجٍّ أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِحَجٍّ، وَكَلَّمَهُ وَالثَّانِيَةُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ لِمَكَّةَ أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ لِمَكَّةَ، وَكَلَّمَهُ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَشْيِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ، وَفِي نَذْرِ الْمَشْيِ الْمُطْلَقِ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَهُ أَجْزَأَ (قَوْلُهُ: حَقُّهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الَّذِي اخْتَارَ ذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ لَا ابْنُ رُشْدٍ إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ هُنَا وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الَّذِي قَالَ يُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ يَصِلُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ غَيْرَ مُحْرِمٍ، وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ أَحْرَمَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَالرَّاجِحُ مَذْهَبُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ، فَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ تَرْجِيحَ ابْنِ يُونُسَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَإِنْ أَرَادَ اسْتِظْهَارَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالْمُسْتَحْسَنِ أَوْ الْمُصَحَّحِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ النَّذْرُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ حَيْثُ أَرَادَ صَرْفَهُ فِي بِنَائِهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ النَّاذِرَ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ، وَلَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ لُزُومِ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَإِنَّمَا كَانَ النَّذْرُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute