للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ احْتَاجَتْ (أَوْ) (كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ) فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا إنْ فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ (أَوْ) نَذْرٍ (هَدْيٍ) بِلَفْظِهِ أَوْ بَدَنَةٌ بِلَفْظِهَا (لِغَيْرِ مَكَّةَ) كَقَبْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيهِمَا لَا بَعْثُهُ، وَلَا ذَكَاتُهُ بِمَوْضِعِهِ بَلْ يُمْنَعُ بَعْثُهُ وَلَوْ قَصَدَ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ لِلْقَبْرِ الشَّرِيفِ أَوْ لِقَبْرِ الْوَلِيِّ، لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ سَوْقُ الْهَدَايَا لِغَيْرِ مَكَّةَ ضَلَالٌ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ مَعَالِمِ الشَّرِيعَةِ، فَإِنْ عَبَّرَ بِغَيْرِ لَفْظِ هَدْيٍ أَوْ بَدَنَةٍ كَلَفْظِ بَعِيرٍ أَوْ خَرُوفٍ فَلَا يَبْعَثُهُ بَلْ يَذْبَحُهُ بِمَوْضِعِهِ، وَبَعْثُهُ أَوْ اسْتِصْحَابُهُ مِنْ الضَّلَالِ أَيْضًا، وَلَا يَضُرُّ قَصْدُ زِيَارَةِ وَلِيٍّ وَاسْتِصْحَابُ شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ مَعَهُمْ لِيُذْبَحَ هُنَاكَ لِلتَّوَسُّعَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى فُقَرَاءِ الْمَحَلِّ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ وَلَا تَعْيِينٍ فِيمَا يَظْهَرُ. وَأَمَّا نَذْرُ جِنْسِ مَا لَا يُهْدَى كَالثَّوْبِ وَالدَّرَاهِمِ وَالطَّعَامِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ لِلْمَحَلِّ أَوْ الْخَدَمَةِ وَجَبَ بَعْثُهُ، وَإِنْ أَرَادَ مُجَرَّدَ الثَّوَابِ لِلنَّبِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ تَصَدَّقَ بِهِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ، وَلَا يَلْزَمُ بَعْثُ شَمْعٍ، وَلَا زَيْتٍ يُوقَدُ عَلَى الْقَبْرِ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُ بَلْ يَحْرُمُ نَذْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَنَحْوِهِمَا لِتَزْيِينِ بَابٍ أَوْ تَابُوتِ وَلِيٍّ أَوْ سَقْفِ مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَيَاعِ الْمَالِ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ دُنْيَا وَأُخْرَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَجَازَ لِرَبِّهِ أَوْ لِوَارِثِهِ الرُّجُوعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَالِكُهُ فَحَقُّهُ بَيْتُ الْمَالِ (أَوْ) نَذَرَ (مَالَ غَيْرٍ) مِنْ عَبْدِهِ أَوْ دَارِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا (إنْ لَمْ يُرِدْ) بِنَذْرِهِ إيَّاهُ (إنْ مَلَكَهُ) فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ لَزِمَهُ حِينَ يَمْلِكْهُ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ (أَوْ عَلَى نَحْرِ فُلَانٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَلَوْ) كَانَ فُلَانٌ (قَرِيبًا) لَهُ كَوَلَدِهِ (إنْ لَمْ يَلْفِظْ) فِي نَذْرِهِ أَوْ تَعْلِيقِهِ (بِالْهَدْيِ) فَإِنْ لَفَظَ بِهِ كَعَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ أَوْ نَحْرُهُ هَدْيًا فَعَلَيْهِ هَدْيٌ (أَوْ) لَمْ (يَنْوِهِ) أَيْ الْهَدْيُ فَإِنْ نَوَاهُ فَكَلَفْظِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

نَذْرٌ لَا قُرْبَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْقُضُ فَتُبْنَى كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجَتْ) أَيْ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ حَيْثُ شَاءَ، وَمِثْلُ مَا إذَا قَالَ مَالِي فِي الْكَعْبَةِ، وَأَرَادَ صَرْفَهُ فِي كِسْوَتِهَا فِي لُزُومِ ثُلُثِ مَالِهِ لِلْحَجَبَةِ مَا إذَا قَالَ مَالِي فِي كِسْوَتِهَا أَوْ طِيبِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا) أَيْ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِلْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ بِتَشْدِيدِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ كَمَنْ عَمَّمَ فِي الطَّلَاقِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان، وَأَمَّا إذَا قَيَّدَ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان بِأَنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أَسْتَفِيدُهُ فِي مُدَّةِ كَذَا أَوْ فِي بَلَدِ كَذَا فَهُوَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي بَابِهَا أَوْ صَدَقَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَقَوْلَانِ قِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ جَمِيعِ مَا يَسْتَفِيدُهُ أَوْ يَكْتَسِبُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ الْأَجْلِ أَوْ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ وَالثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ الْقِيَاسُ وَلِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّهُ الصَّوَابُ اُنْظُرْ بْن.

هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ يَمِينًا فَإِنْ كَانَتْ نَذْرًا بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِكُلِّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أَسْتَفِيدُهُ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِزَمَنٍ أَوْ بَلَدٍ لَزِمَهُ ثُلُثُ جَمِيعِ مَا يَكْتَسِبُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا ثُلُثُ مَالِهِ، وَإِنْ قَيَّدَ لَزِمَهُ جَمِيعُ مَا يَكْتَسِبُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي صِيغَتَيْ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَدْفُوعَ لَهُ وَأَمَّا إنْ عَيَّنَهُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ عَلَى فُلَانٍ بِكُلِّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ لِفُلَانٍ لَزِمَهُ جَمِيعُ مَا يَكْتَسِبُهُ سَوَاءٌ عَيَّنَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا أَوْ لَا كَانَتْ الصِّيغَةُ نَذْرًا أَوْ يَمِينًا (قَوْلُهُ: أَوْ نَذْرُ هَدْيٍ) أَيْ لَا يَلْزَمُ نَذْرُ حَيَوَانٍ كَعَجِلٍ أَوْ خَرُوفٍ نَذَرَهُ بِلَفْظِ الْهَدْيِ أَوْ بِلَفْظِ الْبَدَنَةِ لِغَيْرِ مَكَّةَ كَأَنْ يَقُولُ لِلَّهِ عَلَيَّ عِجْلٌ هَدْيًا لِلْمَدِينَةِ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ بَدَنَةٌ لِطَنْدَتَا (قَوْلُهُ: كَلَفْظِ بَعِيرٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولُ لِلَّهِ عَلَيَّ عِجْلٌ أَوْ خَرُوفٌ أَوْ جَزُورٌ لِلْوَلِيِّ الْفُلَانِيِّ أَوْ لِلنَّبِيِّ أَوْ لِلْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْعَثُهُ) أَيْ، وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ لِقَبْرِ الْوَلِيِّ أَوْ لِقَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: بَلْ يَذْبَحُهُ) أَيْ النَّاذِرُ أَوْ الْحَالِفُ بِمَوْضِعِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ مَحَلِّهِ، وَكَمَا لَهُ ذَبْحُهُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَيَدْفَعَ لِفُقَرَاء مَوْضِعِهِ بَدَلَهُ مِثْلَ مَا فِيهِ مِنْ اللَّحْمِ.

(قَوْلُهُ: وَبَعْثُهُ أَوْ اسْتِصْحَابُهُ) ، وَكَذَا بَعْثُ لَحْمِهِ مِنْ الضَّلَالِ أَيْضًا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّ فِي بَعْثِهِ شَبَهًا بِسَوْقِ الْهَدْيِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ لِغَيْرِ مَكَّةَ مِنْ الضَّلَالِ، وَمُقَابِلُهُ لِمَالِكٍ فِي الْمُوَازَنَةِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ جَوَازُ بَعْثِهِ أَوْ اسْتِصْحَابِهِ؛ لِأَنَّ إطْعَامَ الْمَسَاكِينِ بِأَيِّ بَلْدَةٍ طَاعَةٌ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا نَذْرُ جِنْسِ مَا لَا يُهْدَى) أَيْ نَذَرَهُ لِغَيْرِ مَكَّةَ كَلِلَّهِ عَلَيَّ لِلنَّبِيِّ أَوْ لِلْوَلِيِّ الْفُلَانِيِّ دِينَارٌ صَدَقَةً أَوْ سِتْرٌ أَوْ أَرْدَبُّ حِنْطَةٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ مَا ذُكِرَ وَحَنِثَ، وَأَمَّا نَذْرُ ذَلِكَ بِمَكَّةَ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُبَاعُ، وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ هَدْيٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ بَعْثُ شَمْعٍ، وَلَا زَيْتٍ) أَيْ نَذَرَهُ أَوْ حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ (قَوْلُهُ: يُوقَدُ عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ قَبْرُ الْوَلِيِّ أَوْ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ إيقَادَهُ عَلَى الْقَبْرِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافُ مَالٍ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَنْتَفِعُ بِالْوَقِيدِ، وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ وَيَلْزَمُ إرْسَالُهُ (قَوْلُهُ: لِتَزْيِينِ بَابٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَابَ الْكَعْبَةِ أَوْ بَابَ وَلِيٍّ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا أَنَّ رَبَّهُ إذَا أَعْرَضَ عَنْهُ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالُ غَيْرِ) عَطْفٌ عَلَى مَالِي مِنْ قَوْلِهِ، وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِي فِي الْكَعْبَةِ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ فِي مَالِي وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِ غَيْرٍ أَيْ لَا يَلْزَمُ فِي مَالِ غَيْرٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِ فُلَانِ أَوْ التَّصَدُّقُ بِمَالِهِ أَوْ دَارِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ هَدْيٌ) أَيْ إذَا قَصَدَ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ الْقُرْبَةَ، وَكَذَا إذَا كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَمَّا إذَا قَصَدَ الْمَعْصِيَةَ يَعْنِي ذَبْحَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ فُلَانٌ الَّذِي نُذِرَ نَحْرُهُ هَدْيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>