للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَرَقِيقٍ (وَ) تَعَيَّنَ (عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ إنْ عَجَزُوا) عَنْ كَفِّ الْعَدُوِّ بِأَنْفُسِهِمْ (وَ) تَعَيَّنَ أَيْضًا (بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ) شَخْصًا، وَلَوْ امْرَأَةً وَعَبْدًا (وَسَقَطَ) الْجِهَادُ بَعْدَ التَّعْيِينِ كَمَا لَا يَجِبُ ابْتِدَاءً (بِمَرَضٍ وَصِبًا وَجُنُونٍ، وَعَمًى، وَعَرَجٍ وَأُنُوثَةٍ وَعَجْزٍ عَنْ) تَحْصِيلِ شَيْءٍ (مُحْتَاجٍ لَهُ) مِنْ سِلَاحٍ وَنَفَقَةٍ ذَهَابًا، وَإِيَابًا (وَرِقٍّ) ، وَلَوْ بِشَائِبَةِ إنْ لَمْ يُعَيَّنَ كَمَا مَرَّ (وَدَيْنٍ حَلَّ) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ، وَإِلَّا خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ (كَوَالِدَيْنِ) أَيْ كَالسُّقُوطِ بِمَنْعِ أَحَدِ وَالِدَيْنِ دَنِيَّةً شَفَقَةٍ (فِي) كُلِّ (فَرْضِ كِفَايَةٍ) ، وَلَوْ عِلْمًا كِفَائِيًّا فَلَا يَخْرُجُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا حَيْثُ كَانَ فِي بَلَدِهِ مَنْ يُفِيدُ، وَإِلَّا خَرَجَ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا إنْ كَانَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ (بِبَحْرٍ أَوْ) بَرٍّ (خَطِرٍ) بِكَسْرِ الطَّاءِ إلَّا الْجِهَادَ فَلَهُمَا الْمَنْعُ مِنْهُ وَلَوْ بِبَرٍّ آمِنٍ، وَإِلَّا الْعِلْمَ الْكِفَائِيَّ فَلَا يَمْنَعَانِهِ إذَا خَلَا مَحَلُّهُمَا عَمَّنْ يَقُومُ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِأَنَّ الْجِهَادَ صَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا حَيْثُ لَمْ يَفْجَأْهُمْ الْعَدُوُّ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَلِذَا لَا يُسْهَمُ لَهُمْ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَرَقِيقٍ) ، وَكَذَا صَبِيٌّ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْقِتَالِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ) أَيْ وَتَعَيَّنَ عَلَى مَنْ بِمَكَانٍ مُقَارِبٍ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ إنْ عَجَزَ مَنْ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ عَنْ الدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَمَحَلُّ التَّعْيِينِ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ إنْ لَمْ يَخْشَوْا عَلَى نِسَائِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ مِنْ عَدُوٍّ بِتَشَاغُلِهِمْ بِمُعَاوَنَةِ مَنْ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ، وَإِلَّا تَرَكُوا إعَانَتَهُمْ.

(قَوْلُهُ: وَبِتَعْيِينِ الْإِمَامِ) أَيْ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ لِلْجِهَادِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا مُطِيقًا لِلْقِتَالِ أَوْ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا أَوْ وَلَدًا أَوْ مَدِينًا، وَيَخْرُجُونَ وَلَوْ مَنَعَهُمْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ وَرَبُّ الدَّيْنِ وَالْمُرَادُ بِتَعْيِينِهِ عَلَى الصَّبِيِّ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ وَبِتَعْيِينِ الْإِمَامِ إلْجَاؤُهُ عَلَيْهِ وَجَبْرُهُ عَلَيْهِ كَمَا يَلْزَمُ بِمَا فِيهِ إصْلَاحُ حَالِهِ لَا بِمَعْنَى عِقَابِهِ عَلَى تَرْكِهِ كَذَا ذَكَرَ طفى فَلَا يُقَالُ إنَّ تَوَجُّهَ الْوُجُوبِ لِلصَّبِيِّ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْرَأَةً، وَعَبْدًا) أَيْ أَوْ صَبِيًّا مُطِيقًا لِلْقِتَالِ كَمَا فِي النَّوَادِرِ كَذَا فِي عبق (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّعْيِينِ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ مَحَلَّةَ قَوْمٍ، وَهَذَا خَارِجٌ مَخْرَجَ الْمُبَالَغَةِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَسَقَطَ بِمَرَضٍ وَجُنُونٍ إلَخْ، وَلَوْ طَرَأَ ذَلِكَ بَعْدَ التَّعْيِينِ، وَالسُّقُوطُ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَانِعِ الطَّارِئِ كَالْمَرَضِ وَالْجُنُونِ وَالْعَمَى وَالْعَرَجِ وَالْعَجْزِ عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَفِي مَجَازِهِ إذَا كَانَ الْمَانِعُ غَيْرَ طَارِئٍ كَالصِّبَا وَالْأُنُوثَةِ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِمَا أَوَّلًا حَتَّى يَسْقُطَ فَالسُّقُوطُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا بِمَعْنَى عَدَمِ اللُّزُومِ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَلَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ وَالْأُنْثَى، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعَيَّنَا أَوْ عُيِّنَا غَيْرَ مُطِيقَيْنِ، وَإِلَّا لَزِمَهُمَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَعَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِ إلَخْ) أَيْ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى اخْتِلَافُ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا اخْتَلَفَ سَقَطَ الْوُجُوبُ وَسَوَاءٌ كَانَ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ أَوْ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ مَحَلَّهُ كَمَا فِي النَّفْرَاوِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ.

(قَوْلُهُ: مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ) أَيْ بِبَيْعِ مَا عِنْدَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا فِي زَمَانٍ يَلْزَمُ عَلَى انْقِضَائِهِ فَوَاتُ الْجَيْشِ لَهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إدْرَاكِهِ بَعْدَ سَفَرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ) أَيْ: وَإِلَّا يَقْدِرُ عَلَى وَفَائِهِ أَوْ كَانَ غَيْرَ حَالٍّ وَلَا يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ، فَإِنْ حَلَّ فِي غَيْبَتِهِ وَعِنْدَهُ مَا يُوَفِّي مِنْهُ وَكُلُّ مَنْ يَقْضِيهِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: كَوَالِدَيْنِ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي السُّقُوطِ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَمَنْعِ وَالِدَيْنِ دَنِيَّةً أَيْ وَسَقَطَ الْجِهَادُ بِسَبَبِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَسْقُطُ كُلُّ فَرْضِ كِفَايَةٍ بِمَنْعِ الْوَالِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ سُكُوتِ الْآخَرِ أَوْ إجَازَتِهِ عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: بِبَحْرٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْ كَوَالِدَيْنِ فِي كُلِّ فَرْضٍ إذَا كَانَ السَّفَرُ لِتَحْصِيلِهِ فِي بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ خَطِرٍ.

وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كُلَّ فَرْضِ كِفَايَةٍ لِلْوَالِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا الْمَنْعُ مِنْهُ إذَا كَانَ السَّفَرُ لِتَحْصِيلِهِ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ الْخَطِرِ لَا إنْ كَانَ فِي بَرٍّ آمِنٍ قَالَ الشَّارِحُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْجِهَادُ فَإِنَّ لَهَا مَنْعَ الْوَلَدِ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ السَّفَرُ لَهُ فِي بَرٍّ آمِنٍ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا طَلَبُ الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ إذَا خَلَا مَحَلُّهُمَا عَمَّنْ يُفِيدُهُ فَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ لَهُ مُطْلَقًا كَانَ فِي بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ خَطِرٍ أَوْ آمِنٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُفِيدُهُ فَلَهُمَا الْمَنْعُ مِنْ السَّفَرِ لَهُ مُطْلَقًا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ لِلْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا الْمَنْعَ مِنْ السَّفَرِ لِطَلَبِ الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ إنْ كَانَ فِي بَلَدِهِمَا مَنْ يُفِيدُهُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ طَرِيقَةٌ لِلطُّرْطُوشِيِّ وَنَصُّهُ: وَلَوْ مَنَعَهُ أَبَوَاهُ مِنْ الْخُرُوجِ لِلْفِقْهِ وَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ وَمَرَاتِبِهِ وَمَرَاتِبِ الْقِيَاسِ فَإِنْ كَانَ مَنْ يُفِيدُ ذَلِكَ مَوْجُودًا بِبَلَدِهِ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِإِذْنِهِمَا، وَإِلَّا خَرَجَ، وَلَا طَاعَةَ لَهُمَا فِي مَنْعِهِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ دَرَجَةِ الْمُجْتَهِدِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَاعْتَرَضَ هَذَا الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ طَاعَةَ الْأَبَوَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ لِأَجْلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّ لِلْأَبَوَيْنِ أَنْ يَمْنَعَا مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مُطْلَقًا جِهَادًا أَوْ عِلْمًا كِفَائِيًّا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَانَ السَّفَرُ لِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي الْبَرِّ الْخَطِرِ أَوْ الْمَأْمُونِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ غَازِيٍّ، وَقَالَ صَوَابُ قَوْلِهِ: بِبَحْرٍ كَتِجَارَةِ بَحْرِ أَوْ بَرٍّ خَطَرٍ لِيَصِيرَ تَشْبِيهًا فِي الْمَنْعِ، وَلَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْجِهَادِ، وَأُورِدَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَبَيْنَ التِّجَارَةِ لِمَعَاشِهِ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهَا إذَا كَانَ السَّفَرُ لَهُمَا بِبَحْرٍ أَوْ بَرٍّ خَطِرٍ لَا بِبَرٍّ آمِنٍ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَمَّا كَانَ يَقُومُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>