للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) جَازَ (وَطْءُ أَسِيرٍ) مُسْلِمٍ (زَوْجَةً أَوْ أَمَةً) لَهُ أُسِرَتَا مَعَهُ إنْ أَيْقَنَ أَنَّهُمَا (سَلِمَتَا) مِنْ وَطْءِ الْكَافِرِ لَهُمَا؛ لِأَنَّ سَبْيَهُمْ لَا يَهْدِمُ نِكَاحَنَا وَلَا يُبْطِلُ مِلْكَنَا، وَأَرَادَ بِالْجَوَازِ عَدَمَ الْحُرْمَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مَكْرُوهٌ خَوْفًا مِنْ بَقَاءِ ذُرِّيَّتِهِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ (وَ) جَازَ (ذَبْحُ حَيَوَانٍ) لَهُمْ عَجَزَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ قِيلَ الْمُرَادُ إزْهَاقُ رُوحِهِ لَا الذَّبْحُ الشَّرْعِيُّ (وَعَرْقَبَتُهُ) أَيْ قَطْعُ عُرْقُوبِهِ (وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ) وُجُوبًا لِلْإِرَاحَةِ مِنْ التَّعْذِيبِ (وَفِي) جَوَازِ إتْلَافِ (النَّحْلِ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ (إنْ كَثُرَتْ) نِكَايَةً لَهُمْ فَإِنْ قَلَّتْ كُرِهَ (وَلَمْ يَقْصِدْ) بِالْإِتْلَافِ (عَسَلَهَا) أَيْ أَخْذَهُ وَأَمَّا إنْ قَصَدَ الْمُسْلِمُونَ بِإِتْلَافِهَا أَخْذَ عَسَلِهَا فَيَجُوزُ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَكَرَاهَتُهُ (رِوَايَتَانِ) (وَحُرِقَ) الْحَيَوَانُ نَدْبًا بَعْدَ إتْلَافِهِ (إنْ أَكَلُوا الْمَيْتَةَ) أَيْ اسْتَحَلُّوا أَكْلَهَا فِي دِينِهِمْ، وَقِيلَ التَّحْرِيقُ وَاجِبٌ وَرَجَعَ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانُوا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ قَبْلَ فَسَادِهِ وَجَبَ التَّحْرِيقُ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ عَدَمُ انْتِفَاعِهِمْ بِهِ، وَقَدْ حَصَلَ (كَمَتَاعٍ) لَهُمْ أَوَلِمُسْلِمٍ (عَجَزَ عَنْ حَمْلِهِ) أَوْ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَيَتْلَفُ بِحَرْقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِئَلَّا يَنْتَفِعُوا بِهِ.

(وَ) جَازَ لِلْإِمَامِ (جَعْلُ الدِّيوَانِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ دِيوَانًا لِطَائِفَةٍ يَجْمَعُهَا وَتُنَاطُ بِهِمْ أَحْكَامٌ وَالدِّيوَانُ بِكَسْرِ الدَّالِ عَلَى الصَّحِيحِ اسْمٌ لِلدَّفْتَرِ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ أَسْمَاءُ أَنْوَاعِ الْجُنْدِ الْمُجَاهِدِينَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

إنَّمَا تَعَرَّضَ أَوَّلًا لِصُورَتَيْ الْجَوَازِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ حَمْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ كَعَكْسِهِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا التَّخْرِيبُ وَاَلَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْإِبْقَاءُ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ نَصَّ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْوُجُوبَ، وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ حَمْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ صُورَتَيْ الْجَوَازِ وَحَمْلِ قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْهُمَا بِغَيْرِ صَوَابٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَذَكَرَهُ فِي الْبَدْرِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَوَطْءُ أَسِيرٍ) أَيْ بِدَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: إنْ أَيْقَنَ أَنَّهُمَا سَلِمَتَا مِنْ وَطْءِ الْكَافِرِ) فَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ ذَلِكَ بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ فِي وَطْءِ الْكَافِرِ لَهُمَا بِأَنْ غَابَ عَلَيْهِمَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهُمَا إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَا تَصْدُقُ الْمَرْأَةُ فِي دَعْوَاهَا عَدَمَ وَطْءِ الْكَافِرِ لَهَا عِنْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ أَيْقَنَ أَنَّهُمَا سَلِمَتَا مِثْلُ تَيَقُّنِ السَّلَامَةِ ظَنُّ سَلَامَتِهِمَا مِنْ وَطْءِ السَّابِي فَيَجُوزُ وَطْؤُهُمَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِاسْتِبْرَاءٍ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ) أَيْ وَطْءُ الْأَسِيرِ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَذَبْحُ حَيَوَانٍ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إذَا عَجَزَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ حَمْلِ مَالِ الْكُفَّارِ أَوْ عَنْ حَمْلِ بَعْضِ مَتَاعِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُتْلِفُونَهُ لِئَلَّا يَنْتَفِعَ بِهِ الْعَدُوُّ، سَوَاءٌ الْحَيَوَانُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْرُوفِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَاخْتُلِفَ مَاذَا يُتْلَفُ بِهِ الْحَيَوَانُ فَقَالَ الْمِصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ تُعَرْقَبُ أَوْ تُذْبَحُ أَوْ يُجْهَزُ عَلَيْهَا، وَقَالَ الْمَدَنِيُّونَ يُجْهَزُ عَلَيْهَا، وَكَرِهُوا أَنْ تُعَرْقَبَ أَوْ تُذْبَحَ. اهـ. وَمِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهِ تَعْلَمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ هُنَا دَرَجَ عَلَى قَوْلِ الْمِصْرِيِّينَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّ الْوَاوَ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ أَوَّلًا وَثَانِيًا كَمَا فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ اجْتِمَاعَ الثَّلَاثَةِ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا إذْ لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، وَلَا مَعْنَى لَهُ حِينَئِذٍ. وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَقِبَ عَرْقَبَتِهِ غَيْرُ صَوَابٍ إذْ لَوْ كَانَ يُجْهِزُ عَلَيْهِ فَمَا فَائِدَةُ عَرْقَبَتِهِ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَبَثٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ، وَيَجُوزُ الْإِجْهَازُ عَلَيْهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى ذَبْحُ، وَإِنْ كَانَ تَغْيِيرُهُ الْأُسْلُوبَ يُشْعِرُ بِمَا قَالُوهُ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ مَا قُلْنَا لِيُطَابِقَ النَّقْلَ. اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: قِيلَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ مُكَرَّرًا مَعَ الْإِجْهَازِ عَلَيْهِ فَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذَّبْحِ الشَّرْعِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) جُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ اتِّفَاقًا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ (قَوْلُهُ: وَكَرَاهَتُهُ إلَخْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا كَثِيرَةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ إنْ قَصَدَ بِإِتْلَافِهَا أَخْذَ عَسَلِهَا كَانَ إتْلَافُهَا جَائِزًا اتِّفَاقًا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ عَسَلِهَا فَإِنْ قَلَّتْ كُرِهَ إتْلَافُهَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَثُرَتْ فَرِوَايَتَانِ بِجَوَازِ إتْلَافِهَا وَكَرَاهَتِهِ، وَالصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ صُورَةُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ إتْلَافِهِ) أَيْ بِالْإِجْهَازِ عَلَيْهِ أَوْ الْعَرْقَبَةِ أَوْ الذَّبْحِ، وَقَوْلُهُ: إنْ أَكَلُوا الْمَيْتَةَ أَيْ إنْ اسْتَحَلُّوا أَكْلَهَا، وَلَوْ ظَنًّا لِئَلَّا يَنْتَفِعُوا بِهِ فَإِنْ كَانُوا لَا يَسْتَحِلُّونَ أَكْلَ الْمَيْتَةِ لَمْ يُطْلَبْ التَّحْرِيقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا وَالْأَظْهَرُ طَلَبُ تَحْرِيقِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اسْتَحَلُّوا أَكْلَ الْمَيْتَةِ أَمْ لَا لِاحْتِمَالِ أَكْلِهِمْ لَهُ حَالَ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إلَخْ) هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ دِيوَانًا) أَيْ كَأَنْ يَجْعَلَ دَفْتَرًا تُكْتَبُ فِيهِ أَسْمَاءُ الْعَسَاكِرِ الْمِصْرِيَّةِ أَوْ الشَّامِيَّةِ أَوْ الْحَلَبِيَّةِ إلَخْ، وَمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَطَاءِ الَّذِي يَجْعَلُهُ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِلدَّفْتَرِ إلَخْ) أَيْ كَالدَّفْتَرِ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ أَسْمَاءُ عَسَاكِرِ مِصْرَ وَجُنْدِهَا الَّذِينَ يَخْرُجُونَ إلَى الْجِهَادِ بِعَطَاءٍ أَيْ جَامَكِيَّةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُمْ أَنْوَاعُ عَرَبٍ وَإنْكِشَارِيَّةٌ وَجُمَلِيَّةٌ وَجَاوِيشِيَّةٌ وَمُتَفَرِّقَةٌ وَجَرَاكِسَةٌ وَاِسْبَاهِيَّةٌ، وَقَدْ كَتَبَ بِذَلِكَ الدَّفْتَرِ أَسْمَاءَ جُنْدِ كُلِّ نَوْعٍ مِمَّا ذَكَرَ، وَمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْعَسْكَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ إلَّا بِقَدْرِ حَاجَتِهِ الْمُعْتَادَةِ لِأَمْثَالِهِ وَأَمَّا أَخْذُهُ زِيَادَةً عَنْهَا فَيَحْرُمُ بِخِلَافِ مُرَتَّبِ تَدْرِيسٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَامَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ أَخْذُهُ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ إعْطَاؤُهُ لِلْمُتَّصِفِ بِالْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا دُونَ الدِّيوَانِ كَذَا فِي عبق وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ لِلْعَسْكَرِ الْأَخْذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>