للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَمْ يَكُنْ الْأَخْذُ عَلَى وَجْهِ الْغُلُولِ (نَعْلًا أَوْ حِزَامًا) مُعْتَادًا (وَإِبْرَةً وَطَعَامًا) وَغَيْرَ ذَلِكَ (وَإِنْ) كَانَ (نِعَمًا) يَذْبَحُهَا، وَيَرُدُّ جِلْدَهَا لِلْغَنِيمَةِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ (وَعَلَفًا) لِدَابَّتِهِ (كَثَوْبٍ) يَلْبَسُهُ (وَسِلَاحٍ) يُقَاتِلُ بِهِ (وَدَابَّةٍ) يَرْكَبُهَا لِيُقَاتِلَ عَلَيْهَا أَوْ يَرْجِعَ بِهَا لِبَلَدِهِ أَوْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ (لِيَرُدَّ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلِذَا فَصَلَهُ بِهَا أَيْ أَنَّ جَوَازَ مَا ذَكَرَ إذَا أَخَذَهُ بِنِيَّةِ رَدِّهِ لَا إنْ نَوَى التَّمْلِيكَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا أَخَذَ بِنِيَّةِ التَّمْلِيكِ فَقَطْ.

وَأَمَّا مَا قَبْلَ الْكَافِ فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا (وَرَدَّ) وُجُوبًا (الْفَضْلَ) أَيْ الْفَاضِلَ عَنْ حَاجَتِهِ مِنْ كُلِّ مَا أَخَذَهُ مِمَّا بَعْدَ الْكَافِ، وَمَا قَبْلَهَا (إنْ كَثُرَ) بِأَنْ كَانَ قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَا إنْ كَانَ يَسِيرًا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ أَوْ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) رَدُّ مَا أَخَذَهُ لِتَفَرُّقِ الْجَيْشِ (تَصَدَّقَ بِهِ) كُلِّهِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَمَضَتْ الْمُبَادَلَةُ) بَلْ وَتَجُوزُ ابْتِدَاءً (بَيْنَهُمْ) أَيْ بَيْنَ الْمُجَاهَدِينَ فَمَنْ أَخَذَ لَحْمًا أَوْ عَسَلًا أَوْ قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا وَأَخَذَ غَيْرُهُ خِلَافَ ذَلِكَ جَازَ لَهُمَا الْمُبَادَلَةُ، وَلَوْ بِتَفَاضُلٍ فِي طَعَامٍ رِبَوِيٍّ مُتَّحِدِ الْجِنْسِ قَبْلَ الْقَسْمِ لَا بَعْدَهُ.

(وَ) جَازَ بِمَعْنَى أُذِنَ لِلْإِمَامِ (بِبَلَدِهِمْ إقَامَةُ الْحَدِّ) إذْ هُوَ وَاجِبٌ (وَ) جَازَ (تَخْرِيبٌ) لِدِيَارِهِمْ (وَقَطْعُ نَخْلٍ وَحَرْقٌ) لِزَرْعِهِمْ وَأَشْجَارِهِمْ (إنْ أَنْكَى) أَيْ كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ لَهُمْ أَيْ إغَاظَةٌ وَرُجِيَتْ لِلْمُسْلِمِينَ (أَوْ) لَمْ تُنْكِ، وَ (لَمْ تُرْجَ) فَالْجَوَازُ فِي صُورَتَيْنِ، فَإِنْ أَنْكَى وَلَمْ تُرْجَ تَعَيَّنَ التَّخْرِيبُ، وَإِنْ لَمْ تُنْكِ وَرُجِيَتْ وَجَبَ الْإِبْقَاءُ.

فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ (وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (أَنَّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّخْرِيبِ، وَمَا مَعَهُ (مَنْدُوبٌ) أَيْ إذَا لَمْ تُرْجَ، وَكَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ، وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا التَّخْرِيبُ (كَعَكْسِهِ) أَيْ إبْقَاؤُهَا إذَا رُجِيَتْ وَلَمْ تُنْكِ، وَهِيَ الصُّورَةُ الَّتِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا الْإِبْقَاءُ وَالْمَذْهَبُ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ لَا يُفِيدُهُ، وَمَا لِابْنِ رُشْدٍ ضَعِيفٌ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

نَهَاهُمْ الْإِمَامُ ثُمَّ اُضْطُرُّوا إلَيْهِ جَازَ لَهُمْ أَخْذُهُ، وَلَا عِبْرَةَ بِنَهْيِهِ أَبُو الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذْ ذَاكَ عَاصٍ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ. اهـ. بْن.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ الْأَخْذُ عَلَى وَجْهِ الْغُلُولِ) حَالٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُحْتَاجٌ أَيْ جَازَ أَخْذُ مُحْتَاجٍ حَيْثُ كَانَ أَخْذُهُ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِيَاجِ لَا إنْ كَانَ أَخْذُهُ عَلَى وَجْهِ الْغُلُولِ وَالْخِيَانَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ: مُعْتَادًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ مِثْلُ أَحْزِمَةِ الْمُلُوكِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمُحْتَاجُ لَهُ نِعَمًا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِيَجْلِسَ عَلَيْهِ أَوَلِيَجْعَلَهُ قِرْبَةً مَثَلًا فَلَا يَرُدُّهُ (قَوْلُهُ: لِيَرُدَّ) لَيْسَتْ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ الْعِلَّةُ فِي أَخْذِ مَا ذُكِرَ الِانْتِفَاعُ، وَلَا لِلصَّيْرُورَةِ؛ لِأَنَّ عَاقِبَةَ أَخْذِ مَا ذُكِرَ وَثَمَرَتُهُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى عَلَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [الإسراء: ١٠٩] فَالْمَعْنَى، وَأَخَذَ مَا ذُكِرَ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّ جَوَازَ مَا ذَكَرَ) أَيْ أَخْذِ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّوْبِ وَالسِّلَاحِ وَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: مِمَّا بَعْدَ الْكَافِ، وَمَا قَبْلَهَا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ فَقَطْ دُونَ مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ يُرَدُّ بِعَيْنِهِ كَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَالسِّلَاحِ، وَلَا مَعْنَى لِلْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِيمَا يُرَدُّ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. بْن. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّ مَا أَخَذَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ) الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِهِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَصَدَّقَ بِهِ كُلِّهِ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ مِنْهُ حَتَّى يَبْقَى الْيَسِيرُ فَإِذَا صَارَ الْبَاقِي يَسِيرًا جَازَ لِذَلِكَ الْآخِذُ أَكْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ الْحَاجَةِ يَسِيرًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: بَلْ وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ كَرَاهَتِهِ ابْتِدَاءً، وَمُضِيُّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَعَلَيْهِ مَشَى تت (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَفَاضُلٍ) أَيْ، وَكَذَا تَمْضِي لَهُمْ الْمُبَادَلَةُ مَعَ غَيْرِهِمْ وَتَجُوزُ لَكِنْ إنْ سَلِمَتْ مِنْ الرِّبَا فِي هَذِهِ، وَإِلَّا مُنِعَتْ؛ لِأَنَّ الرِّبَا إنَّمَا هُوَ مُغْتَفَرٌ لِلْغُزَاةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ مُنِعَ الرِّبَا قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ جَوَازُ اجْتِمَاعِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ هُنَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُعَاوَضَةً حَقِيقِيَّةً ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ جَوَازِ التَّفَاضُلِ فِيمَا بَيْنَ الْغُزَاةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ مِنْ صِنْفٍ وَاحْتِيجَ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ إلَّا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الرِّبَا بَلْ يُمْنَعُ وَبِهَذَا قَيَّدَ الْجَوَازَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وعج، وَقَيَّدَ بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَتَبِعَهُ عبق وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمُ اعْتِمَادِهِ، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَسْمِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ جَازَ لَهُمَا الْمُبَادَلَةُ.

(قَوْلُهُ: وَبِبَلَدِهِمْ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا صَدَرَ مُوجِبُ حَدٍّ كَزِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ مِنْ أَحَدٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْجَيْشِ أَوْ كَانَ أَسِيرًا أَوْ مِمَّنْ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَجِبُ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِبَلَدِهِمْ، وَلَا يُؤَخَّرُ حَتَّى يَرْجِعَ لِبَلَدِنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ بِبَلَدِهِمْ حُصُولُ مَفْسَدَةٍ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ ذَلِكَ لِلرُّجُوعِ لِبَلَدِنَا لَا سِيَّمَا إنْ خِيفَ عِظَمُهَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَرُجِيَتْ) أَيْ قَبْلَ التَّخْرِيبِ وَالْقَطْعِ، وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ مَا قَدَّمْنَاهُ) أَيْ مِنْ وُجُوبِ التَّخْرِيبِ، وَمَا مَعَهُ إذَا كَانَ فِيهِ إنْكَاءٌ، وَلَمْ يُرْجَ بَقَاءُ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَالْعَقَارِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ النَّدْبِ فَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ لَا يُفِيدُهُ) أَيْ لَا يُفِيدُ مَا قُلْنَاهُ مِنْ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>