للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إلَّا تَحَرُّفًا) لِقِتَالٍ بِأَنْ يُظْهِرَ مِنْ نَفْسِهِ الْهَزِيمَةَ لِيَتْبَعَهُ الْعَدُوُّ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ لِيَقْتُلَهُ (وَ) إلَّا (تَحَيُّزًا) إلَى فِئَةٍ يَتَقَوَّى بِهِمْ، وَهَذَا (إنْ خِيفَ) أَيْ خَافَ الْمُتَحَيِّزُ خَوْفًا بَيِّنًا مِنْ الْعَدُوِّ، وَقَرُبَ الْمُنْحَازُ إلَيْهِ.

(وَ) حُرِّمَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ (الْمُثْلَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ الْعُقُوبَةُ الشَّنِيعَةُ كَرَضِّ الرَّأْسِ، وَقَطْعِ الْأُذُنِ أَوْ الْأَنْفِ إذَا لَمْ يُمَثِّلُوا بِمُسْلِمٍ، وَإِلَّا جَازَ.

(وَ) حُرِّمَ (حَمْلُ رَأْسِ) الْكَافِرِ (لِبَلَدٍ أَوْ) إلَى (وَالٍ) أَيْ أَمِيرِ جَيْشٍ، وَأَمَّا فِي الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْقَتْلُ فَجَائِزٌ.

(وَ) حُرِّمَ (خِيَانَةُ أَسِيرٍ) مُسْلِمٍ عِنْدَهُمْ (أُؤْتُمِنَ) عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهِمْ حَالَ كَوْنِهِ (طَائِعًا) بَلْ (وَلَوْ) أُؤْتُمِنَ (عَلَى نَفْسِهِ) بِعَهْدٍ مِنْهُ أَنْ لَا يَهْرُبَ أَوْ لَا يَخُونَهُمْ فِي مَالِهِمْ أَوْ بِلَا عَهْدٍ نَحْوَ أَمَّنَاك عَلَى نَفْسِك أَوْ عَلَى مَالِنَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِمْ شَيْئًا وَلَوْ حَقِيرًا، فَإِنْ لَمْ يُؤْتَمَنْ أَوْ أُؤْتُمِنَ مُكْرَهًا فَلَهُ الْهُرُوبُ، وَلَهُ أَخْذُ كُلِّ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ مَالٍ أَوْ نِسَاءٍ أَوْ ذُرِّيَّةٍ وَلَوْ بِيَمِينٍ، وَلَوْ حَنِثَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ يَمِينِهِ الْإِكْرَاهُ.

(الْغُلُولُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْخِيَانَةُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ حَوْزِهَا، وَلَيْسَ مِنْهُ أَخْذُ قَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّ مِنْهَا إذَا كَانَ الْأَمِيرُ جَائِرًا لَا يَقْسِمُ قِسْمَةً شَرْعِيَّةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ (وَأَدَّبَ) الْغَالَّ بِالِاجْتِهَادِ (إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ) لَا إنْ جَاءَ تَائِبًا وَلَوْ بَعْدَ الْقَسْمِ وَتَفَرُّقِ الْجَيْشِ وَتَعَذُّرِ الرَّدِّ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَنْهُمْ بَعْدَ دَفْعِ خُمُسِهِ لِلْإِمَامِ (وَجَازَ) (أَخْذُ مُحْتَاجٍ) مِنْ الْغَانِمِينَ، وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ حَاجَتُهُ حَدَّ الضَّرُورَةِ وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا مَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُهُمْ جَازَ الْفِرَارُ مُطْلَقًا، وَلَوْ بَلَغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ حُرِّمَ الْفِرَارُ إنْ بَلَغُوا نِصْفَ الْعَدُوِّ فَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ نِصْفِهِ جَازَ لَهُمْ الْفِرَارُ إنْ لَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ فَعَلِمْتَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ، وَلَمْ يَبْلُغُوا إلَخْ قَيْدٌ فِي الْمَفْهُومِ لَا فِي الْمَنْطُوقِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَحُرِّمَ فِرَارٌ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ وَجَازَ إنْ نَقَصُوا وَلَمْ يَبْلُغُوا إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا تَحَرُّفًا) اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ صُورَةُ فِرَارٍ مُنْقَطِعٍ نَظَرًا لِلْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّفَ لَيْسَ فِرَارًا فِي الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ جَوَازُ التَّحَيُّزِ إلَى فِئَةٍ يَتَقَوَّى بِهَا (قَوْلُهُ: وَقَرُبَ الْمُنْحَازُ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ انْحِيَازُهُ إلَى فِئَةٍ خَرَجَ مَعَهَا أَمَّا لَوْ خَرَجُوا مِنْ بَلَدٍ وَالْأَمِيرُ مُقِيمٌ فِي بَلْدَةٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْفِرَارُ حَتَّى يَنْحَازَ إلَيْهِ كَذَا فِي ح وَقَوْلُهُ: وَقَرُبَ الْمُنْحَازُ إلَيْهِ أَيْ، وَلَمْ يَكُنْ الْمُتَحَيِّزُ أَمِيرًا لِجَيْشٍ فَأَمِيرُ الْجَيْشِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْفِرَارُ، وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّحَيُّزِ وَلَوْ أَدَّى لِهَلَاكِ نَفْسِهِ وَبَقَاءِ الْجَيْشِ مِنْ غَيْرِ أَمِيرٍ مَا لَمْ يَفِرَّ جَمِيعُ الْجَيْشِ عِنْدَ هَلَاكِهِ (قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ) أَيْ، وَأَمَّا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ فَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَهُمْ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْقَتْلِ، وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ تَمْثِيلٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ، وَإِلَّا جَازَ التَّمْثِيلُ بِهِمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ.

(قَوْلُهُ: وَحَمْلُ رَأْسِ كَافِرٍ) أَيْ عَلَى رُمْحٍ، وَقَوْلُهُ: لِبَلَدٍ أَيْ ثَانٍ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ مَاكِثًا فِيهَا أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ إلَى وَالٍ أَيْ، وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدِ الْقِتَالِ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْبَلَدِ) أَيْ، وَأَمَّا حَمْلُهَا فِي بَلَدِ الْقِتَالِ لَا لِلْوَالِي فَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْبُغَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ حَمْلِ رَأْسِ الْحَرْبِيِّ لِبَلَدٍ ثَانٍ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ كَاطْمِئْنَانِ الْقُلُوبِ بِالْجَزْمِ بِمَوْتِهِ وَإِلَّا جَازَ فَقَدْ «حُمِلَ لِلنَّبِيِّ رَأْسُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ مِنْ خَيْبَرَ لِلْمَدِينَةِ» .

(قَوْلُهُ: حَرُمَ خِيَانَةُ أَسِيرٍ) أَيْ فِيمَا أَمِنَ عَلَيْهِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: طَائِعًا) أَيْ بِالِائْتِمَانِ سَوَاءٌ كَانَ الِائْتِمَانُ مُصَرَّحًا بِهِ مِثْلُ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَمَنَّاك عَلَى مَالِنَا أَوْ عَلَى كَذَا أَوْ كَانَ غَيْرُ مُصَرَّحٍ بِهِ كَمَا إذَا أُعْطِيَ الْأَسِيرُ مَا يَخِيطُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّرِقَةُ مِنْهُ لِعُمُومِ خَبَرِ «أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنْ ائْتَمَنَك» إنْ قُلْت الْفَرْضُ أَنَّهُ أَسِيرٌ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى مِنْهُ طَوْعٌ قُلْت يُمْكِنُ ذَلِكَ فِيمَنْ أُسِرَ ابْتِدَاءً فَلَمَّا وَصَلَ لِبِلَادِهِمْ أَحَبُّوهُ وَأَطْلَقُوهُ، وَأَعْجَبَتْهُ بِلَادَهُمْ لِكَثْرَةِ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ.

(قَوْلُهُ: بِعَهْدٍ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُمْ عَاهَدَتْكُمْ عَلَى أَنِّي لَا أَخُونُكُمْ فِي مَالِكُمْ أَوْ عَلَى أَنِّي لَا أَهْرَبُ بَعْدَ أَنْ قَالُوا لَهُ أَمَنَّاك عَلَى أَنْفُسِنَا أَوْ عَلَى أَمْوَالِنَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا عَهْدٍ) أَيْ أَوْ اُؤْتُمِنَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَخْذِ عَهْدٍ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالُوا لَهُ أَمَنَّاك عَلَى نَفْسِك أَوْ عَلَى أَمْوَالِنَا أَوْ عَلَى حَرِيمِنَا وَأَوْلَادِنَا وَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ عَاهَدْتُكُمْ عَلَى أَنِّي لَا أَخُونَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْهُرُوبُ) فَإِنْ تَنَازَعَ الْأَسِيرُ وَمَنْ أَمِنَهُ هَلْ وَقَعَ الِائْتِمَانُ عَلَى الطَّوْعِ أَوْ الْإِكْرَاهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِيَمِينٍ) أَيْ أَخَذُوهُ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ أَنْ أَمَّنُوهُ مُكْرَهًا وَاَللَّهِ لَا أَخُونُكُمْ فِي مَالِكُمْ أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَهْرَبُ. وَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ أَنَّ الْأَسِيرَ إذَا عَاقَدَهُمْ عَلَى الْفِدَاءِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إذَا عَجَزَ بَلْ يَسْعَى جَهْدَهُ، وَيُوصِلُهُ لَهُمْ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ، وَذَكَرَ خِلَافًا فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ إذَا اُقْتُرِضَ الْفِدَاءُ مِنْ حَرْبِيٍّ فَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ جَاءَ تَائِبًا) أَيْ، وَأَتَى بِمَا سَرَقَ فَلَا يُؤَدَّبُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْقَسْمِ وَتَفَرُّقِ الْجَيْشِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْحَقُّ أَنَّهُ إنْ جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الْقَسْمِ فَلَا يُؤَدَّبُ، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَهُ وَبَعْدَ تَفَرُّقِ الْجَيْشِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ، وَيَتَصَدَّقُ بِمَا أَخَذَهُ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي ح وَالتَّوْضِيحِ، وَمَنْ تَابَ بَعْدَ الْقَسْمِ وَافْتِرَاقِ الْجَيْشِ أُدِّبَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ قِيَاسًا عَلَى الشَّاهِدِ يَرْجِعُ بَعْدَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ افْتِرَاقَ الْجَيْشِ كَنُفُوذِ الْحُكْمِ بَلْ هُوَ أَشَدُّ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْغُرْمِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ فِي الْجَيْشِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَخْذُ مُحْتَاجٍ) أَيْ مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ قَسْمِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْأَخْذِ فَإِنْ مَنَعَهُ الْإِمَامُ مِنْ الْأَخْذِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>