للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(مَعَ ذُرِّيَّةٍ) أَوْ نِسَاءٍ أَيْ، وَقُوتِلُوا بِالْحِصْنِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرَ حَالَ كَوْنِهِمْ مَعَ ذُرِّيَّةٍ أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ) أَوْ نِسَاءٍ (تُرِكُوا) لِحَقِّ الْغَانِمِينَ (إلَّا لِخَوْفٍ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَ) إنْ تَتَرَّسُوا (بِمُسْلِمٍ) قُوتِلُوا، وَ (لَمْ يُقْصَدْ التُّرْسُ) بِالرَّمْيِ وَإِنْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لِأَنَّ دَمَ الْمُسْلِمِ لَا يُبَاحُ بِالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ (إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ) فَإِنْ خِيفَ سَقَطَتْ حُرْمَةُ التُّرْسِ، وَجَازَ رَمْيُهُ (وَحَرُمَ نَبْلٌ سُمَّ) أَيْ حُرِّمَ عَلَيْنَا رَمْيُهُمْ بِنَبْلٍ أَوْ رُمْحٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مَسْمُومٌ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُعَادَ مِنْهُمْ إلَيْنَا كَذَا عَلَّلُوا.

(وَ) حَرُمَ عَلَيْنَا (اسْتِعَانَةٌ بِمُشْرِكٍ) وَالسِّينُ لِلطَّلَبِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ لَمْ يُمْنَعْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (إلَّا لِخِدْمَةٍ) مِنْهُ لَنَا كَنُوتِيٍّ أَوْ خَيَّاطٍ أَوَلِهَدْمِ حِصْنٍ.

(وَ) حَرُمَ (إرْسَالُ مُصْحَفٍ لَهُمْ) ، وَلَوْ طَلَبُوهُ لِيَتَدَبَّرُوهُ خَشْيَةَ إهَانَتِهِمْ لَهُ وَأَرَادَ بِالْمُصْحَفِ مَا قَابَلَ الْكِتَابَ الَّذِي فِيهِ الْآيَةُ وَنَحْوُهَا (وَ) حَرُمَ (سَفَرٌ بِهِ) أَيْ بِالْمُصْحَفِ (لِأَرْضِهِمْ) ، وَلَوْ مَعَ جَيْشٍ كَبِيرٍ، وَمِثْلُ الْمُصْحَفِ كُتُبُ الْحَدِيثِ فِيمَا يَظْهَرُ (كَمَرْأَةٍ) مُسْلِمَةٍ فَيَحْرُمُ السَّفَرُ بِهَا لِدَارِ الْحَرْبِ (إلَّا فِي جَيْشٍ آمِنٍ) بِالْمَدِّ فَيَجُوزُ.

(وَ) حُرِّمَ (فِرَارٌ) مِنْ الْعَدُوِّ (إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ) الَّذِينَ مَعَهُمْ سِلَاحٌ (النِّصْفَ) مِنْ عَدَدِ الْكُفَّارِ كَمِائَةٍ مِنْ مِائَتَيْنِ (وَلَمْ يَبْلُغُوا) أَيْ الْمُسْلِمُونَ (اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا) فَإِنْ بَلَغُوا حُرِّمَ الْفِرَارُ وَلَوْ كَثُرَ الْكُفَّارُ جِدًّا مَا لَمْ تَخْتَلِفْ كَلِمَتُهُمْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِالْحِصْنِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ.

(قَوْلُهُ: مَعَ ذُرِّيَّةٍ) أَيْ وَنِسَاءٍ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي الْحِصْنِ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: حَالَ كَوْنِهِمْ مَعَ ذُرِّيَّةٍ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ذُرِّيَّةُ جَازَ رَمْيُهُمْ بِالنَّارِ وَتَغْرِيقُهُمْ فَفِي الْمَوَّاقِ الْحُصُونُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْمُقَاتِلَةُ أَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيْ وَإِلَّا قُوتِلُوا بِمَا ذَكَرَ مِنْ النَّارِ وَالْمَاءِ، وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ وَالْأُسَارَى (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَتَرَّسُوا) أَيْ الْكُفَّارُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِمْ فِي الْحِصْنِ وَقَوْلُهُ: تُرِكُوا أَيْ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مِنْ تَرْكِهِمْ بِغَيْرِ قِتَالٍ فَيُقَاتَلُونَ حِينَئِذٍ، وَقَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَيْ عَلَى جِنْسِهِمْ، وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا. اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ قُوتِلُوا) أَيْ، وَأَوْلَى إذَا تَتَرَّسُوا بِأَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فَيُقَاتَلُونَ، وَلَا يُتْرَكُونَ وَيَنْبَغِي ضَمَانُ قِيمَتِهِ عَلَى مَنْ رَمَاهُمْ قِيَاسًا عَلَى مَا يُرْمَى مِنْ السَّفِينَةِ لِلنَّجَاةِ مِنْ الْغَرَقِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا إتْلَافُ مَالٍ لِلنَّجَاةِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا) أَيْ جِنْسُ أَنْفُسِنَا الْمُتَحَقِّقُ فِي بَعْضِ الْجَيْشِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ) هَذَا شَرْطٌ فِي عَدَمِ قَصْدِ التُّرْسِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِمْ إذَا تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ يُقَاتَلُونَ وَلَا يُقْصَدُ التُّرْسُ إذَا لَمْ يُخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ أَيْ بِأَنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِمْ أَصْلًا أَوْ خِيفَ عَلَى أَقَلِّ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى نِصْفِهِمْ فَإِنْ خِيفَ عَلَى أَكْثَرِهِمْ جَازَ رَمْيُ التُّرْسِ وَالْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ هُنَا جَمَاعَةُ الْجَيْشِ الْمُقَاتِلِينَ لِلْكُفَّارِ دُونَ الْمُتَتَرَّسِ بِهِمْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ عَلَى أَكْثَرِ الْجَيْشِ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَى التُّرْسُ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ الْمُتَتَرَّسُ بِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ حَرُمَ عَلَيْنَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ رَمَوْنَا بِهِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: كَذَا عَلَّلُوا) أَيْ، وَهُوَ لَا يُنْتِجُ الْحُرْمَةَ وَاَلَّذِي فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ فَحَمَلَهَا الْمُؤَلِّفُ عَلَى التَّحْرِيمِ

(قَوْلُهُ: بِمُشْرِكٍ) الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْكَافِرِ لَا خُصُوصُ مَنْ يُشْرِكُ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْخَاصِّ، وَإِرَادَةِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُمْنَعْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا هُوَ سَمَاعُ يَحْيَى خِلَافًا لِأَصْبَغَ حَيْثُ قَالَ بِالْمَنْعِ فِي هَذِهِ أَيْضًا ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا اخْتَلَطُوا بِالْمُسْلِمِينَ فِي طَلَائِعِهِمْ وَسَرَايَاهُمْ وَأَذِنَ لَهُمْ الْإِمَامُ، وَأَصَابُوا مَغْنَمًا قُسِّمَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ يُخَمَّسُ دُونَ مَا أَصَابَهُمْ فَإِنْ خَرَجُوا وَحْدَهُمْ فَمَا أَصَابُوهُ فَهُوَ لَهُمْ، وَلَا يُخَمَّسُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِخِدْمَةٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى فِي أَيْ إلَّا إذَا كَانَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ فِي خِدْمَةٍ لَنَا فَلَا تَحْرُمُ وَالْمُحَرَّمُ إنَّمَا هُوَ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ فِي الْقِتَالِ (قَوْلُهُ: أَوَلِهَدْمِ حِصْنٍ) أَيْ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ مِتْرَاسٍ أَوْ لَغَمٍ.

(قَوْلُهُ: مَا قَابَلَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ الْجُزْءَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُرْسِلَ الْكِتَابَ لِدَارِ الْحَرْبِ، وَفِيهِ الْآيَاتُ مِنْ الْقُرْآنِ الْقَلِيلَةِ وَالْأَحَادِيثُ نَدْعُوهُمْ بِذَلِكَ لِلْإِسْلَامِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: وَأَرَادَ إلَخْ جَوَابٌ عَمَّا اعْتَرَضَ بِهِ اللَّقَانِيِّ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَإِرْسَالُ مُصْحَفٍ يَقْتَضِي أَنَّ إرْسَالَ مَا دُونَهُ كَالْجُلِّ لَا يَحْرُمُ، وَهُوَ يُعَارِضُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ: الْآتِي فِيمَا يَجُوزُ وبَعَثَ كِتَابٌ فِيهِ كَالْآيَةِ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْآيَةِ لَا يَجُوزُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِالْمُصَنَّفِ مَا قَابَلَ الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ الْآيَةُ وَنَحْوُهَا فَيَشْمَلُ الْجُزْءَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَسَفَرٌ بِهِ لِأَرْضِهِمْ) أَيْ مَخَافَةَ أَنْ يَسْقُطَ مِنَّا وَلَا نَشْعُرُ بِهِ فَيَأْخُذُونَهُ فَتَنَالُهُ الْإِهَانَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي جَيْشٍ آمِنٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَهُوَ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ، وَأَمَّا الْمُصْحَفُ فَيَحْرُمُ السَّفَرُ بِهِ لِأَرْضِهِمْ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ الْجَيْشُ آمِنًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُسْلِمَةَ تُنَبِّهُ عَلَى نَفْسِهَا عِنْدَ فَوَاتِهَا وَالْمُصْحَفُ قَدْ يَسْقُطُ، وَلَا يُشْعَرُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ فِرَارٌ) أَيْ فِي الْجِهَادِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ كِفَائِيًّا أَوْ عَيْنِيًّا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ) أَيْ فَإِذَا بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ نِصْفَ الْعَدُوِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْفِرَارُ مَا لَمْ يَكُنْ مَدَدُ الْكُفَّارِ حَاصِلًا وَلَا مَدَدَ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثُرَ الْكُفَّارُ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ مَدَدُهُمْ مُتَّصِلًا وَلَا مَدَدَ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَخْتَلِفْ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى

<<  <  ج: ص:  >  >>