للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَهِيَ) أَيْ الْهَدِيَّةُ (لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ يَخْتَصُّ بِهَا (إنْ كَانَتْ مِنْ بَعْضٍ) مِنْهُمْ لَهُ (لِكَقَرَابَةٍ) أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ مُكَافَأَةٍ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بَلَدَ الْعَدُوِّ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَتْ لَا لِكَقَرَابَةٍ فَهِيَ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِلَا تَخْمِيسٍ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِلَادَهُمْ، وَإِلَّا فَغَنِيمَةٌ تُخَمَّسُ (وَ) هِيَ (فَيْءٌ) تُرْصَدُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِلَا تَخْمِيسٍ (إنْ) (كَانَتْ) الْهَدِيَّةُ لِلْإِمَامِ (مِنْ الطَّاغِيَةِ) أَيْ مَلِكِهِمْ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ) الْإِمَامُ (بَلَدَهُ) أَيْ إقْلِيمَهُ كَانَتْ لِكَقَرَابَةٍ أَمْ لَا فَإِنْ دَخَلَهَا فَغَنِيمَةٌ لِلْجَيْشِ تُخَمَّسُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْهَدِيَّةِ لِلْإِمَامِ كَمَا هُوَ صَرِيحُهُ فَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ فَهِيَ لَهُ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ لِكَقَرَابَةٍ أَوْ لَا دَخَلَ الْإِمَامُ بِلَادَهُمْ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَيْرُ لَهُ كَلِمَةٌ وَجَاءَ عِنْدَ الْإِمَامِ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُ الْإِمَامِ. (وَ) جَازَ (قِتَالُ رُومٍ) ، وَهُمْ الْإِفْرِنْجُ (وَتُرْكٍ) فَغَيْرُهُمْ أَوْلَى وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى مَنْ ذَكَرَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ حَدِيثَ اُتْرُكُوا الْحَبَشَةَ مَا تَرَكُوكُمْ أَوْ اُتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِرْشَادِ، وَأَنَّ قِتَالَ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْلَى، وَفِي نُسْخَةٍ نَوْبٍ بَدَلُ رُومٍ، وَيُرَادُ بِهِمْ الْحَبَشَةُ وَإِنْ كَانَ النَّوْبُ غَيْرَهُمْ فِي الْأَصْلِ، وَهِيَ الصَّوَابُ لِمُوَافَقَتِهَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ، وَأَمَّا الرُّومُ فَلَمْ يَرِدْ النَّهْيُ عَنْ قِتَالِهِمْ حَتَّى يَعْتَنِي بِالنَّصِّ عَلَيْهِمْ (وَ) جَازَ (احْتِجَاجٌ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (بِقُرْآنٍ) إنْ أَمِنَ سَبَّهُمْ لَهُ أَوْ لِمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا حَرُمَ وَالْمُرَادُ تِلَاوَتُهُ عَلَيْهِمْ (وَبَعْثُ كِتَابٍ) لَهُمْ (فِيهِ كَالْآيَةِ) وَالْآيَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ إنْ أَمِنَ السَّبَّ وَالِامْتِهَانَ.

(وَ) جَازَ (إقْدَامُ الرَّجُلِ) الْمُسْلِمِ (عَلَى كَثِيرٍ) مِنْ الْكُفَّارِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) قَصْدُهُ (لِيُظْهِرَ شَجَاعَةً) بَلْ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) ، وَأَنْ يَظُنَّ تَأْثِيرَهُ فِيهِمْ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ.

(وَ) جَازَ (انْتِقَالٌ مِنْ) سَبَبِ (مَوْتٍ لِآخَرَ) كَحَرْقِهِمْ سَفِينَةً إنْ اسْتَمَرَّ فِيهَا هَلَكَ، وَإِنْ طَرَحَ نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ هَلَكَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَهِيَ لَهُ إلَخْ) حَاصِلُ صُوَرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْمُهْدِي إمَّا الطَّاغِيَةُ أَوْ بَعْضُ جُنْدِهِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا لِكَقَرَابَةٍ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَالْمُهْدَى لَهُ إمَّا الْإِمَامُ أَوْ بَعْضُ جُنْدِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لِلْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ الطَّاغِيَةِ فَهِيَ لِلْإِمَامِ إنْ كَانَتْ لِكَقَرَابَةٍ كَانَتْ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ قَرَابَةٍ فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ فَفَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدُ فَغَنِيمَةٌ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لِلْإِمَامِ مِنْ الطَّاغِيَةِ فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ فَفَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدُ فَغَنِيمَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِكَقَرَابَةٍ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ فَهِيَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِكَقَرَابَةٍ أَوْ لَا بَعْدَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ أَوْ قَبْلَهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى مَنْ ذَكَرَ) أَيْ عَلَى جَوَازِ قِتَالِ مِنْ ذَكَرَ دُونَ غَيْرِهِمْ مَعَ أَنَّ غَيْرَهُمْ كَالْحَبَشَةِ وَالْقِبْطِ وَالزِّنْجِ كَذَلِكَ يَجُوزُ قِتَالُهُمْ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى الْإِرْشَادِ) أَيْ أَنَّ الْأَمْرَ فِي الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِرْشَادِ لِمَا هُوَ الْأَفْضَلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ كَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا لِلْإِهَانَةِ نَحْوَ {كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [الإسراء: ٥٠] فَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَرْشَدَنَا وَدَلَّنَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَتْرُكَ مُقَاتَلَتَهُمْ وَنَشْتَغِلَ بِمُقَاتَلَةِ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لِكَوْنِهِ أَوْلَى لِقُوَّةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّرْكُ وَاجِبًا عَلَيْنَا، وَإِذَا كَانَ تَرْكُ مُقَاتَلَتِهِمْ جَائِزًا كَانَ قِتَالُهُمْ جَائِزًا كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ النُّوَبُ غَيْرَهُمْ فِي الْأَصْلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ النُّوَبَ فِي الْأَصْلِ صِنْفٌ مِنْ السُّودَانِ (قَوْلُهُ: لِمُوَافَقَتِهَا الْحَدِيثَ) أَيْ وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ قِتَالِ الرُّومِ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِمْ بِخِلَافِ الْحَبَشَةِ فَقَدْ قِيلَ بِمَنْعِ قِتَالِهِمْ هُمْ وَالتُّرْكُ.

(تَنْبِيهٌ) الرُّومُ أَوْلَادُ رُومِ بْنِ عِيصُوِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ سُمُّوا بِاسْمِ أَبِيهِمْ، وَهُمْ الَّذِينَ تُسَمِّيهِمْ أَهْلُ هَذِهِ الْبِلَادِ بِالْإِفْرِنْجِ، وَهُمْ فِرَقٌ كَثِيرَةٌ كَالْإِنْجِلِيزِ وَالْفِرِنْسِيسِ وَدِبْرَهْ وَنِيمْسَهْ وَمَوْسَقَهْ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَأَمَّا التُّرْكُ فَهُمْ جِيلٌ مِنْ النَّاسِ لَا كِتَابَ لَهُمْ مِنْ أَوْلَادِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ تُرِكُوا مِنْ يَأْجُوجَ، وَمَأْجُوجَ خَلْفَ السَّدِّ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا تَوَلَّدَ لِسَانُهُمْ مِنْ الْفَارِسِيِّ مَعَ شَيْءٍ مِنْ الْعَرَبِيِّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا حُرِّمَ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَيْهِمْ مَعَ السَّبِّ نَافِعًا، وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ الْجَوَازِ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) أَيْ بِالِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ بِالْقُرْآنِ تِلَاوَتُهُ عَلَيْهِمْ أَيْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِقْدَامُ الرَّجُلِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ لَا إلَى الشَّرْطِ كَمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُهُ. اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ يَظُنَّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَوَازَ إقْدَامِ الْوَاحِدِ عَلَى الْكَثِيرِ مُقَيَّدٌ بِأَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ وَأَنْ يَظُنَّ تَأْثِيرَهُ فِيهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ لِلْكَمَالِ لِمَا يَأْتِي مِنْ جَوَازِ الِافْتِخَارِ فِي الْحَرْبِ فَمَفْهُومُهُ الْكَرَاهَةُ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ خش مِنْ الْحُرْمَةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ تَأْثِيرَهُ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ وَلَوْ عَلِمَ ذَهَابَ نَفْسِهِ كَمَا فِي عبق، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الْمَنْعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] .

(قَوْلُهُ: مِنْ سَبَبِ إلَخْ) إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ سَبَبًا؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ وَالتَّعَدُّدُ إنَّمَا هُوَ فِي أَسْبَابِهِ

، وَمَنْ لَمْ يَمُتْ بِالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْرِهِ ... تَعَدَّدَتْ الْأَسْبَابُ وَالْمَوْتُ وَاحِدٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَحَ نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ هَلَكَ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ طَرْحُ نَفْسِهِ فِي الْبَحْرِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>