للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَوَجَبَ) الِانْتِقَالُ (إنْ رَجَا) بِهِ (حَيَاةً أَوْ طُولَهَا) ، وَلَوْ حَصَلَ لَهُ مَعَهَا مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ الْمَوْتِ لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ قَوْلَهُ (كَالنَّظَرِ) مِنْ الْإِمَامِ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ (فِي الْأَسْرَى) قَبْلَ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ (بِقَتْلٍ) ، وَيُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ (أَوْ مَنٍّ) بِأَنْ يُتْرَكَ سَبِيلُهُمْ، وَيُحْسَبُ مِنْ الْخُمُسِ (أَوْ فِدَاءٍ) مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا بِالْأَسْرَى الَّذِينَ عِنْدَهُمْ أَوْ بِمَالٍ (أَوْ) ضَرْبِ (جِزْيَةٍ) عَلَيْهِمْ، وَيُحْسَبُ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا (أَوْ اسْتِرْقَاقٍ) ، وَيَرْجِعُ لِلْغَنِيمَةِ، وَهَذِهِ الْوُجُوهُ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ الْمُقَاتِلَةِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ فَلَيْسَ فِيهِمْ إلَّا الِاسْتِرْقَاقُ أَوْ الْفِدَاءُ (وَلَا يَمْنَعُهُ) أَيْ الِاسْتِرْقَاقَ (حَمْلٌ) لِأَمَةٍ (بِمُسْلِمٍ) كَأَنْ يَتَزَوَّجَ مُسْلِمٌ كِتَابِيَّةً حَرْبِيَّةً بِبَلَدِ الْحَرْبِ ثُمَّ تُسْبَى حَامِلًا أَوْ يَتَزَوَّجُ كَافِرٌ كَافِرَةً وَيُسْلِمُ ثُمَّ تُسْبَى حَامِلًا، وَقَدْ أَحْبَلَهَا حَالَ كُفْرِهِ أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ فَهِيَ رَقِيقَةٌ لِسَابِيهَا، وَالْحَمْلُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا رِقُّهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَرِقٌّ) كَأَمَةٍ (إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ) أَيْ فِي حَالَ كُفْرِ أَبِيهِ ثُمَّ أَسْلَمَ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْوُسْطَى لَا إنْ حَمَلَتْ بِهِ حَالَ إسْلَامِ أَبِيهِ كَمَا فِي الطَّرَفَيْنِ فَحُرٌّ.

(وَ) وَجَبَ لَهُمْ (الْوَفَاءُ بِمَا) أَيْ بِالشَّرْطِ الَّذِي (فَتَحَ لَنَا) الْحِصْنَ أَوْ الْقَلْعَةَ أَوْ الْبَلَدَ (بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ (بَعْضُهُمْ) كَأَفْتَحُ لَكُمْ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَهْلِي أَوْ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِي أَوْ بَنِي فُلَانٍ، وَيَكُونُ هُوَ آمِنًا مَعَ مَنْ طَلَبَ لَهُ الْأَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُ الْأَمَانَ لِأَحَدٍ إلَّا مَعَ طَلَبِهِ لِنَفْسِهِ (وَ) وَجَبَ الْوَفَاءُ (بِأَمَانِ الْإِمَامِ) (مُطْلَقًا) بِبَلَدِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ سَلَاطِينِ الْمُسْلِمِينَ أَمَّنَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ كَانَ الْأَمَانُ لِإِقْلِيمٍ أَوْ عَدَدٍ مَحْصُورٍ (كَالْمُبَارِزِ) يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا شَرَطَهُ مِنْ الْقِتَالِ (مَعَ قِرْنِهِ) بِكَسْرِ الْقَافِ الْمُكَافِئُ لَهُ فِي الشَّجَاعَةِ رَاجِلَيْنِ أَوْ رَاكِبَيْنِ فَرَسَيْنِ أَوْ بَعِيرَيْنِ بِسَيْفٍ أَوْ خِنْجَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَإِنْ أُعِينَ) الْقِرْنُ الْكَافِرُ (بِإِذْنِهِ قُتِلَ) الْمُعَانُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْمُعِينِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ قُتِلَ الْمُعِينُ فَقَطْ.

(وَ) جَازَ (لِمَنْ) (خَرَجَ) لِلْمُبَارَزَةِ (فِي) جُمْلَةِ (جَمَاعَةٍ) مُسْلِمِينَ (لِمِثْلِهَا) مِنْ الْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ شَخْصٍ لِآخَرَ عِنْدَ الْعَقْدِ لَكِنْ عِنْدَ الْقِتَالِ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقِرْنٍ (إذَا فَرَغَ) الْمُسْلِمُ (مِنْ قِرْنِهِ الْإِعَانَةُ) لِغَيْرِهِ عَلَى قِرْنِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْجَمْعَ مُقَابِلٌ لِلْجَمْعِ (وَأُجْبِرُوا) أَيْ أَهْلُ الْحِصْنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ أَيْ يَعْلَمَ أَنَّهُ إنْ مَكَثَ مَاتَ حَالًا، وَإِنْ رَمَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ مَاتَ حَالًا، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ نَزَلَ الْبَحْرَ مَكَثَ حَيًّا وَلَوْ دَرَجَةً، أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَإِنْ مَكَثَ مَاتَ حَالًا وَجَبَ عَلَيْهِ النُّزُولُ فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَوَجَبَ إنْ رَجَا حَيَاةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ الِانْتِقَالُ) أَيْ مِنْ سَبَبِ الْمَوْتِ لِسَبَبٍ آخَرَ، وَقَوْلُهُ: إنْ رُجِيَ بِهِ أَيْ بِالِانْتِقَالِ بِمَعْنَى الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الرَّجَاءُ عَلَى جِهَةِ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ) أَيْ قِيمَةُ الْأَسِيرِ الْمَقْتُولِ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَضِيعُ عَلَى الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُتْرَكُ سَبِيلُهُمْ) أَيْ مَجَّانًا مِنْ غَيْرِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُمْ لَا عَاجِلًا، وَلَا آجِلًا (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ) أَيْ مَنْ مَنَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَأَعْتَقَهُ مِنْ الْخُمُسِ الَّذِي لِبَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِدَاءٍ مِنْ الْخُمُسِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَحْصُلُ الْفِدَاءُ بِمَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ وَيَضُمُّهُ لِلْغَنِيمَةِ، أَوْ يَحْصُلُ الْفِدَاءُ بِرَدِّ الْأَسْرَى الَّذِينَ عِنْدَهُمْ وَحِينَئِذٍ فَيُحْسَبُ الْقَدْرُ الَّذِي يُفَكُّ بِهِ الْأَسْرَى مِنْ عِنْدَهُمْ مِنْ الْخُمُسِ. (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِمْ) أَيْ، وَيُحْسَبُ قِيمَةُ الْأَسْرَى الَّذِينَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا وَالْجِزْيَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهُمْ كُلَّ عَامٍ مَحَلُّهَا بَيْتُ الْمَالِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تُحْسَبُ مِنْ الْخُمُسِ هُوَ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ اللَّخْمِيِّ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الثَّلَاثَةَ تُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا رِقُّهُ) أَيْ رِقُّ الْحَمْلِ.

(قَوْلُهُ: فَحُرٌّ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا مِلْكَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ لَا سَابِي أُمِّهِ وَلَا غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: بِبَلَدٍ إلَخْ) أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْإِمَامُ حِينَ أَعْطَى الْأَمَانَ لِلْحَرْبِيِّ فِي بَلَدٍ مِنْ بِلَادِهِ أَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ سُلْطَانٍ آخَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: أَمِنَهُ) أَمِنَ الْإِمَامُ الْحَرْبِيَّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَنَفْسِهِ، وَأَهْلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَدٌ مَحْصُورٌ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَمَانُ بَعْدَ الْفَتْحِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: كَالْمُبَارِزِ) أَيْ فَإِذَا بَرَزَ لِلْمَيْدَانِ وَاحِدٌ مِنْ شُجْعَانِ الْمُسْلِمِينَ وَطَلَبَ أَنَّ قَرِينَهُ فُلَانٌ الْكَافِرُ يَبْرُزُ لَهُ فَقَالَ ذَلِكَ الْكَافِرُ بِشَرْطِ أَنْ نُقَاتِلَ مَاشِيَيْنِ أَوْ رَاكِبَيْنِ عَلَى خَيْلٍ أَوْ إبِلٍ أَوْ نَتَقَاتَلُ بِالسُّيُوفِ أَوْ الرِّمَاحِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُوَفِّيَ لِقِرْنِهِ بِمَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ خِيفَ عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُبَارِزِ الْقَتْلَ مِنْ قِرْنِهِ الْكَافِرِ فَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُعَانُ بِوَجْهٍ لِأَجْلِ الشَّرْطِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ إعَانَةُ الْمُسْلِمِ وَدَفْعِ الْمُشْرِكِ عَنْهُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ مُبَارَزَتَهُ عَهْدٌ عَلَى أَنْ لَا يَقْتُلَهُ إلَّا مَنْ بَارَزَهُ قَالَ الْمَوَّاقُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَلَا تَرَى أَنَّ الْعِلْجَ الْمُكَافِئَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْسِرَهُ لَوَجَبَ عَلَيْنَا إنْقَاذُهُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَفْعُهُ عَنْهُ إلَّا بِالْقَتْلِ قُتِلَ كَمَا فِي الْبِسَاطِيِّ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْقَافِ) أَيْ وَجَمْعُهُ أَقْرَانٌ وَقَوْلُهُ: الْمُكَافِئُ أَيْ الْمُمَاثِلُ (قَوْلُهُ: فِي الشُّجَاعَةِ) أَيْ أَوْ الْعِلْمِ أَوْ الْبَطْشِ وَالْقِتَالِ، وَأَمَّا الَّذِي يُقَارِنُك فِي سِنِّك فَهُوَ قَرْنٌ بِالْفَتْحِ وَقَرِينٌ وَجَمْعُهُ قُرَنَاءُ كَمَا فِي الْمَشَارِقِ (قَوْلُهُ: قُتِلَ الْمُعِينُ فَقَطْ) أَيْ وَتُرِك الْمُعَانُ لِمُبَارِزِهِ يَتَقَاتَلَانِ حَتَّى يَحْصُلَ مَا يُرِيدُهُ اللَّهُ؛ لِأَنَّ مُبَارَزَتُهُ عَهْدٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ إلَّا مَنْ بَارَزَهُ فَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ، وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ أَعَانَهُ بِإِذْنٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ حُمِلَ عَلَى الْإِذْنِ إنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا رَاطَنَهُ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا يَقُولُ فَجَاءَ عَقِبَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِذْنِ.

(قَوْلُهُ: وَأُجْبِرُوا أَيْ أَهْلُ الْحِصْنِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>