للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ مَنْ قَدِمَ بِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْكُفَّارِ الْحَرْبِيِّينَ إذَا نَزَلُوا بِأَمَانٍ (عَلَى) مُقْتَضَى (حُكْمِ مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ إنْ كَانَ) مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ (عَدْلًا) فِيمَا حَكَّمُوهُ فِيهِ مِنْ تَأْمِينٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلَ شَهَادَةٍ فَيَشْمَلُ الْعَبْدَ وَالصَّغِيرَ كَذَا قِيلَ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَدْلُ الشَّهَادَةِ فَغَيْرُهُ مِنْ صَغِيرٍ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا إلَخْ (وَعَرَفَ الْمَصْلَحَةَ) لِلْمُسْلِمِينَ أَيْ إذَا أَنْزَلَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ فَحَكَمَ بِالْقَتْلِ أَوْ الْأَسْرِ أَوْ بِضَرْبِ جِزْيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أُجْبِرُوا عَلَى حُكْمِهِ، وَلَا يُرَدُّونَ لِمَأْمَنِهِمْ إنْ أَبَوْا (وَإِلَّا) بِأَنْ انْتَفَى الشَّرْطَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا (نَظَرَ الْإِمَامُ) فِيمَا حَكَمَ بِهِ إنْ كَانَ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَتَوَلَّى الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ، وَلَا يَرُدُّهُمْ لِمَأْمَنِهِمْ ثُمَّ شَبَّهَ فِي نَظَرِ الْإِمَامِ قَوْلَهُ: (كَتَأْمِينِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْإِمَامِ (إقْلِيمًا) أَيْ عَدَدًا غَيْرَ مَحْصُورٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدَ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَمَّنَ غَيْرُ الْإِمَامِ دُونَ إقْلِيمٍ بِأَنْ أَمَّنَ عَدَدًا مَحْصُورًا أَوْ وَاحِدًا (فَهَلْ يَجُوزُ) ابْتِدَاءً، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ فِيهِ خِيَارٌ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ (أَوْ) لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَلَكِنْ (يُمْضَى) إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ ثُمَّ الْجَوَازُ ابْتِدَاءً أَوْ مُضِيُّهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَمَانِ الْوَاقِعِ (مِنْ مُؤَمِّنٍ مُمَيِّزٍ) وَالْأَوْلَى حَذْفُ مُؤَمِّنٍ (وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ رِقًّا أَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ لَا) إنْ كَانَ الْمُؤَمِّنُ (ذِمِّيًّا أَوْ خَائِفًا مِنْهُمْ) حَالَ عَقْدِ الْأَمَانِ فَلَا يَمْضِي؛ لِأَنَّ كُفْرَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى سُوءِ النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ وَخَوْفَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً دُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَوْلُهُ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ لَا، وَلَوْ قَدَّمَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ، وَلَوْ صَغِيرًا يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ فِيهِ الْخِلَافُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَلَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَلَوْ قَالَ مِنْ صَغِيرٍ مُمَيِّزٍ إلَخْ كَانَ أَحْسَنَ.

(وَسَقَطَ الْقَتْلُ) لِتَأْمِينِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ إذَا أَمْضَاهُ (وَلَوْ) وَقَعَ الْأَمَانُ (بَعْدَ الْفَتْحِ) ، وَكَذَا يَسْقُطُ غَيْرُهُ مِنْ جِزْيَةٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ أَوْ فِدَاءٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ أَنَّهُ إذَا حَاصَرَ الْجَيْشُ حِصْنًا، وَأَرَادُوا قَتْلَ مَنْ فِيهِ فَقَالَ أَهْلُ الْحِصْنِ نَنْزِلُ لَكُمْ مِنْهُ عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ أَوْ رَاضِينَ بِحُكْمِ فُلَانٍ فِينَا الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْجَيْشِ فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إنْزَالُهُمْ مِنْ الْحِصْنِ أَوْ الْقَلْعَةِ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ بَلْ عَلَى حُكْمِهِ ثُمَّ إذَا كَانُوا مُتَرَجِّينَ أَنَّ فُلَانًا يَحْكُمُ فِيهِمْ بِحُكْمٍ هَيِّنٍ كَفِدَاءٍ فَلَمَّا نَزَلُوا حَكَمَ فِيهِمْ بِالْقَتْلِ أَوْ الْأَسْرِ لِمَا رَآهُ مِنْ

الْمَصْلَحَةِ

أُجْبِرُوا عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمْ بَعْدَ نُزُولِهِمْ وَحُكْمُ فُلَانٍ فِيهِمْ لَا نَرْضَى بِحُكْمِهِ لِأَنَّنَا كُنَّا نَظُنُّ أَنَّهُ يَرْأَفُ بِنَا فَوَجَدْنَاهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ قَدِمَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَدِمَ بِلَادَنَا حَرْبِيُّونَ بِتِجَارَةٍ وَطَلَبُوا الدُّخُولَ بِأَمَانٍ، وَقَالُوا نَرْضَى بِمَا يَحْكُمُ بِهِ عَلَيْنَا فُلَانٌ مِنْ أَخْذِ مَا يُرْضِيهِ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي بِأَيْدِينَا فَإِذَا دَخَلُوا، وَقَالَ حَكَمْت بِالْعُشْرِ فَأَبَوْا مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى مَا حَكَمَ بِهِ فُلَانٌ مِنْ أَخْذِ الْعُشْرِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) أَيْ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ الْعَدَالَةُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي كُلِّ حَاكِمٍ وَهِيَ لَا تَتَجَزَّأُ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ عَدْلًا فِيمَا حَكَّمُوهُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاكِمُ عَامًّا أَوْ خَاصًّا وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ عَدْلُ الشَّهَادَةِ، وَهُوَ الْحُرُّ الذَّكَرُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ السَّالِمُ مِنْ الْفِسْقِ. اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: كَتَأْمِينِ غَيْرِهِ) أَيْ فَإِذَا أَمَّنَ غَيْرُ الْإِمَامِ إقْلِيمًا وَجَبَ نَظَرُ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَتَوَلَّى الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَأْمِينَ الْإِقْلِيمِ مِنْ خَصَائِصِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدَ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْهِنْدُ وَالْحِجَازُ، وَمِصْرُ وَبَابِلُ وَالرُّومُ وَالتُّرْكُ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَالصِّينُ وَأَمَّا الْمَغْرِبُ وَالشَّامُ فَمِنْ مِصْرَ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الدِّيَةِ وَالْمِيقَاتِ وَالْيَمَنُ وَالْحَبَشَةُ مِنْ الْحِجَازِ، وَكُلُّ إقْلِيمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقَالِيمِ سَبْعُمِائَةِ فَرْسَخٍ فِي مِثْلِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْسَبَ مِنْ ذَلِكَ جَبَلٌ، وَلَا وَادٍ وَالْبَحْرُ الْأَعْظَمُ مُحِيطٌ بِذَلِكَ، وَمُحِيطٌ بِهِ بِجَبَلِ قَافٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى حَذْفُ مُؤَمِّنٍ) هَذَا إذَا جُعِلَ مُؤَمِّنٌ مَأْخُوذًا مِنْ الْأَمَانِ أَوْ مِنْ التَّأْمِينِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنْ الْإِيمَانِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: لَا ذِمِّيًّا مُحْتَرَزُهُ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مِنْ مُؤْمِنٍ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ فِي مَحَلِّ الْحَالِ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) سَبَبُهُمَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ قَوْلُ مَالِكٍ أَمَانُ الْمَرْأَةِ جَائِزٌ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَا عِنْدِي أَمَانُ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْأَمَانَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ بِالِاجْتِهَادِ ابْنُ يُونُسَ، جَعَلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ خِلَافًا وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ وِفَاقًا فَقَوْلُهُ أَمَانُهَا جَائِزُ أَرَادَ بِالْجَوَازِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا إبَاحَةَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ كَمُلَتْ فِيهِ سِتَّةُ شُرُوطٍ وَهِيَ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورِيَّةُ وَعَدَمُ الْخَوْفِ مِنْهُمْ إذَا أَعْطَى أَمَانًا كَانَ كَأَمَانِ الْإِمَامِ فِي الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَلَا يَتَعَقَّبُ وَلَوْ كَانَ خَسِيسًا لَا يُسْأَلُ عَنْهُ إذَا غَابَ وَلَا يُشَاوَرُ إنْ حَضَرَ وَلَوْ كَانَ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ، فَإِنْ وَقَعَ الْأَمَانُ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ أُنْثَى فَفِيهِ الْخِلَافُ، وَإِنْ صَدَرَ مِنْ كَافِرٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ، أَوْ مِنْ خَائِفٍ مِنْهُمْ كَانَ غَيْرَ مُنْعَقِدٍ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ) أَيْ فِي جَوَازِهِ ابْتِدَاءً، وَعَدَمُ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً بَلْ إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ مَضَى وَإِنْ رَدَّهُ رُدَّ.

(قَوْلُهُ: إذَا أَمْضَاهُ) هَذَا شَرْطٌ فِيمَا يَحْتَاجُ لِإِمْضَاءٍ كَتَأْمِينِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ لِعَدَدٍ مَحْصُورٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَكَتَأْمِينِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْبَالِغِ إقْلِيمًا أَمَّا تَأْمِينُ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْبَالِغِ الْمُسْلِمِ الْعَدَدَ الْمَحْصُورَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ الْقَتْلُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ مَاضٍ عَلَى نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>