للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنْ وَقَعَ قَبْلَهُ فَالْأَمَانُ بَعْدَ الْفَتْحِ لَا يُسْقِطُ إلَّا الْقَتْلُ وَلِلْإِمَامِ النَّظَرُ فِي بَقِيَّةِ الْأُمُورِ، وَقَبْلَهُ عَامٌ فِي إسْقَاطِ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ الْأَمَانُ مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ يَكُونُ (بِلَفْظٍ) عَرَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ) أَيْ يَفْهَمُ الْحَرْبِيُّ مِنْهَا الْأَمَانَ وَإِنْ قَصَدَ الْمُسْلِمُ بِهَا ضِدَّهُ، وَيَثْبُتُ الْأَمَانُ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ بِبَيِّنَةٍ لَا بِقَوْلِ الْمُؤَمِّنِ كُنْتُ أَمَّنْتُهُمْ بِخِلَافِ الْإِمَامِ، ثُمَّ شَرَطَ الْأَمَانَ (إنْ لَمْ يَضُرَّ) بِالْمُسْلِمِينَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ

مَصْلَحَةٌ

أَوْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ وَعَدَمُ الضَّرَرِ فَإِنْ أَضَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ وَجَبَ رَدُّهُ (وَإِنْ ظَنَّهُ) أَيْ ظَنَّ الْأَمَانَ (حَرْبِيٌّ) مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ لَهُ، وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْمُؤَمِّنُ كَأَنْ خَاطَبَ مُسْلِمٌ صَاحِبَهُ أَوْ خَاطَبَ حَرْبِيًّا بِكَلَامٍ فَظَنَّهُ الْحَرْبِيُّ أَمَانًا (فَجَاءَ) مُعْتَمِدًا عَلَى ظَنِّهِ (أَوْ) (نَهَى) الْإِمَامُ (النَّاسَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ التَّأْمِينِ (فَعَصَوْا) نَهْيَهُ، وَأَمَّنُوا (أَوْ نَسُوا أَوْ جَهِلُوا) أَيْ لَمْ يَعْلَمُوا نَهْيَهُ.

(أَوْ) (جَهِلَ) الْحَرْبِيُّ (إسْلَامَهُ) أَيْ إسْلَامَ الْمُؤَمِّنِ لَهُ بِأَنْ أَمَّنَهُ ذِمِّيٌّ فَاعْتَقَدَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ (لَا) إنْ عَلِمَ أَنَّهُ ذِمِّيٌّ وَجَهِلَ (إمْضَاءَهُ) بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ أَمَانَهُ مَاضٍ كَأَمَانِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ فَلَا يُمْضَى، وَهُوَ فَيْءٌ (أُمْضِيَ) الْأَمَانُ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ (أَوْ رُدَّ) الْحَرْبِيُّ (لِمَحَلِّهِ) أَيْ لِمَحَلِّ التَّأْمِينِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَلَا اسْتِرْقَاقُهُ (وَإِنْ) (أُخِذَ) الْحَرْبِيُّ حَالَ كَوْنِهِ (مُقْبِلًا) إلَيْنَا (بِأَرْضِهِمْ) مُتَعَلِّقٌ بِأُخِذَ (وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ) مِنْكُمْ (أَوْ) أُخِذَ (بِأَرْضِنَا) ، وَمَعَهُ تِجَارَةٌ (وَقَالَ) لَنَا إنَّمَا دَخَلْت أَرْضَكُمْ بِلَا أَمَانٍ لِأَنِّي (ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ أَوْ) أُخِذَ (بَيْنَهُمَا) ، وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ (رُدَّ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (لِمَأْمَنِهِ) أَيْ لِمَحَلِّ أَمْنِهِ، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَلَا أَسْرُهُ، وَلَا أَخْذُ مَالِهِ.

(وَإِنْ) (قَامَتْ قَرِينَةٌ) عَلَى صِدْقِهِ أَوْ كَذِبِهِ (فَعَلَيْهَا) الْعَمَلُ فَإِنْ قَامَتْ عَلَى كَذِبِهِ رَأَى الْإِمَامُ فِيهِ رَأْيَهُ مِنْ قَتْلٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَإِنْ رُدَّ) مُؤَمَّنٌ تَوَجَّهَ لِبَلَدِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ لَهَا (بِرِيحٍ فَعَلَى أَمَانِهِ) الْأَوَّلِ لَا يُعْتَرَضُ لَهُ (حَتَّى يَصِلَ) لِبَلَدِهِ أَوْ لِمَأْمَنِهِ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ وُصُولِهِ لَهَا، فَقِيلَ فَيْءٌ، وَقِيلَ إنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا، وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي رَدِّهِ وَإِنْزَالِهِ.

(وَإِنْ) (مَاتَ) الْمُسْتَأْمِنُ (عِنْدَنَا فَمَالُهُ) وَدِيَتُهُ إنْ قُتِلَ (فَيْءٌ) فِي بَيْتِ الْمَالِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) بِبَلَدِنَا (وَارِثٌ) فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ فِي دِينِهِمْ وَلَوْ ذَا رَحِمٍ فَمَالُهُ لَهُ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَمْ لَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَأَوْلَى بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى فَتْحِ الْحِصْنِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ لِمُؤَمِّنِهِ قَتْلُهُ، وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ أَمَانِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مُؤَمِّنِهِ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي سُقُوطِ الْقَتْلِ بِالتَّأْمِينِ بَعْدَ الْفَتْحِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُؤَمِّنِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ اتِّفَاقًا كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وح، وَمُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي تَأْمِينِ غَيْرِ الْإِمَامِ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَأَمَّا تَأْمِينُ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ الْقَتْلُ اتِّفَاقًا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ. اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ) أَيْ الْأَمَانُ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ إلَخْ) كَفَتْحِنَا لَهُمْ الْمُصْحَفَ وَحَلِفِنَا أَنْ نَقْتُلَهُمْ فَظَنُّوا ذَلِكَ أَمَانًا، وَمَعْنَى كَوْنِ هَذَا أَمَانًا أَنَّهُ يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ لَكِنْ يُخَيِّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ لِمَأْمَنِهِ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ اشْتِرَاطِ قَصْدِ الْأَمَانِ وَبَيْنَ مَا فِي الْمَوَّاقِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فَحُمِلَ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَلَى الْأَمَانِ الْمُنْعَقِدِ الَّذِي لَا يُرَدُّ، وَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَلَى مَا يَشْمَلُ تَخْيِيرَ الْإِمَامِ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِمَامِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْأَمَانُ بِقَوْلِهِ كُنْتُ أَمَّنْتُهُمْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ أَوْ اسْتَوَتْ إلَخْ) فَالشَّرْطُ فِي لُزُومِ الْأَمَانِ عَدَمُ الضَّرَرِ لَا وُجُودُ الْمَصْلَحَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَضَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ) أَيْ كَمَا لَوْ أَمَّنَ جَاسُوسًا أَوْ طَلِيعَةً أَوْ مَنْ فِيهِ مَضَرَّةٌ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ) أَيْ أَوْ بِإِشَارَةٍ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْمُؤَمِّنُ الْأَمَانَ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: أَوْ خَاطَبَ حَرْبِيًّا بِكَلَامٍ إلَخْ) كَقَوْلِ الْمُسْلِمِ لِرَئِيسِ مَرْكَبِ الْعَدُوِّ أَرْخِ قَلْعَك أَوْ لِشَخْصٍ مِنْهُمْ بِالْفَارِسِيَّةِ " مَتَرْسْ " أَيْ لَا تَخَفْ فَظَنُّوا ذَلِكَ أَمَانًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ إسْلَامَهُ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُمْ فَيْءٌ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ إمْضَاءَهُ) أَيْ حُكْمَ إمْضَائِهِ وَهُوَ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يُمْضَى أَيْ، وَلَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ الْجَهْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ رُدَّ لِمَحَلِّهِ) أَوَلِلتَّخْيِيرِ أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إمْضَائِهِ أَوْ رَدِّهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ قَبْلَ التَّأْمِينِ سَوَاءٌ كَانَ يَأْمَنُ فِيهِ أَوْ يَخَافُ فِيهِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ فِي حَالِ مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ وَلَا فِي حَالِ تَوَجُّهِهِ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ بَيْنَهُمَا) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يُرَدُّ فِي هَذِهِ لِمَأْمَنِهِ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَقِيلَ إنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ، وَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ كَمَا فِي ح وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَخَذَ بِحِدْثَانِ مَجِيئِهِ، وَإِلَّا خُيِّرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقٍ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ) أَيْ كَعَدَمِ وُجُودِ سِلَاحٍ مَعَهُ وَقَوْلُهُ: (أَوْ كَذِبِهِ) أَيْ كَوُجُودِهِ مَعَهُ، وَقَوْلُهُ: فَعَلَيْهَا الْعَمَلُ أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى أَمَانِهِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَلَهُ بَعْدَ رَدِّهِ نُزُولُهُ بِمَكَانِهِ الَّذِي كَانَ بِهِ قَبْلَ السَّفَرِ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُلْزِمَهُ الذَّهَابُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى أَمَانِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَجَعَ إلَخْ) نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَأْمَنَهُ فَفِي حِلِّ أَخْذِهِ وَتَخْيِيرِ الْإِمَامِ فِي إنْزَالِهِ آمِنًا وَرَدِّهِ، ثَالِثُهَا إنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا الْأَوَّلُ لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالثَّانِي لِمُحَمَّدٍ وَالثَّالِثُ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا) أَيْ أَخَذَ فَيْئًا، وَإِلَّا رَدَّهُ الْإِمَامُ لِمَأْمَنِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْزَالِهِ) أَيْ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا إلَخْ) الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ إمَّا أَنْ يَمُوتَ عِنْدَنَا، وَإِمَّا أَنْ يَمُوتَ فِي بَلَدِهِ وَيَكُونُ لَهُ مَالٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>