للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ بَيْنَ إسْلَامِهِ لَهُ أَوْ أَخْذِهِ وَدَفَعَ قِيمَتَهُ لَهُ كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ الْجَانِي؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ هُنَا لَمْ يَكُنْ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ فَكَذَا وَارِثُهُ، وَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ إنْ أَدَّى لِلَّذِي أَسْلَمَ وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ عَقَدَهَا، وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهِ وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ

(وَحُدَّ زَانٍ) بِحَرْبِيَّةٍ أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ قَلَّ الْجَيْشُ أَوْ كَثُرَ (وَ) قُطِعَ (سَارِقٌ) نِصَابًا (وَ) لَوْ قَدْرَ حَقِّهِ أَوْ دُونَهُ (إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ) لَا إنْ لَمْ يُحَزْ فَلَا يُقْطَعُ (وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ) غَيْرُ الْمَوَاتِ مِنْ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ، وَكَذَا الدُّورُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى صِيغَةٍ مِنْ الْإِمَامِ، وَلَا لِتَطْيِيبِ نَفْسِ الْمُجَاهِدِينَ، وَلَا يُؤْخَذُ لِلدُّورِ كِرَاءٌ بِخِلَافِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ عَدَمِ أَخْذِ كِرَاءٍ لَهَا، وَعَدَمِ بَيْعِهَا مَا دَامَتْ بِبُنْيَانِ الْكُفَّارِ الَّتِي صَادَفَهَا الْفَتْحُ مَوْجُودَةٌ أَمَّا إذَا انْهَدَمَتْ وَجَدَّدَ النَّاسُ أَبْنِيَةً جَازَ حِينَئِذٍ أَخْذُ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعُ، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَالْإِرْثِ كَمَا هُوَ الْآنَ فِي مَكَّةَ، وَمِصْرَ وَغَيْرِهِمَا، وَأَوْلَى لَوْ تَجَدَّدَتْ بَلَدٌ بِأَرْضٍ بَرَاحٍ كَالْقَاهِرَةِ وَلَوْ كَانَ أَصْلُ الْأَرْضِ وَقْفًا لِأَنَّ الْبِنَاءَ مَمْلُوكٌ، وَأَمَّا أَرْضُ الزِّرَاعَةِ فَيُصْرَفُ خَرَاجُهَا فِيمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُؤَلِّفُ قَرِيبًا وَالْكَلَامُ فِيهَا لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ وَلَا تُورَثُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْفَلَّاحِينَ وَلَهُ وَرَثَةٌ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ الذُّكُورَ تَخْتَصُّ بِالْأَرْضِ دُونَ الْإِنَاثِ كَمَا فِي بَعْضِ قُرَى الصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَجِبُ إجْرَاؤُهُمْ عَلَى عَادَتِهِمْ عَلَى مَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَادَةَ وَالْعُرْفَ صَارَتْ كَالْإِذْنِ مِنْ السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ.

وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ أَوَنَائِبُهُ أَنْ يَمْنَعَ الْوَرَثَةَ مِنْ وَضْعِ يَدِهِمْ عَلَيْهَا وَيُعْطِيهَا لِمَنْ يَشَاءُ، وَقَدْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَتْحِ بَابٍ يُؤَدِّي إلَى الْهَرْجِ وَالْفَسَادِ؛ وَلِأَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ نَوْعَ اسْتِحْقَاقٍ، وَأَيْضًا الْعَادَةُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ حُكْمِ السَّلَاطِينِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ رِعَايَةً

لِحَقِّ الْمَصْلَحَةِ

نَعَمْ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَالْأَمْرُ لِلْمُلْتَزِمِ، وَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ فَتَاوَى مَعْزُوَّةٍ لِبَعْضِ أَئِمَّتِنَا كَالشَّيْخِ الْخَرَشِيِّ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي وَالشَّيْخِ يَحْيَى الشَّاوِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ تُورَثُ فَهِيَ فَتْوَى بَاطِلَةٌ لِمُنَافَاتِهَا مَا تَقَدَّمَ وَغَالِبُهُمْ قَدْ شَرَحَ هَذَا الْمُخْتَصَرَ، وَلَمْ يَذْكَرْ الْإِرْثَ، وَلَا بِالْإِشَارَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْفَتَاوَى مَكْذُوبَةٌ عَلَيْهِمْ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا، وَذَلِكَ (كَ) أَرْضِ (مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَخُمِّسَ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْأَرْضِ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ أَيْ يُقْسَمُ أَخْمَاسًا خُمُسٌ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَالْأَرْبَعَةُ لِلْمُجَاهِدِينَ تُقْسَمُ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَمَحَلُّ وَقْفِ الْأَرْضِ وَتَخْمِيسِ غَيْرِهَا (إنْ أُوجِفَ) أَيْ قُوتِلَ (عَلَيْهِ) ، وَلَوْ حُكْمًا كَهَرَبِهِمْ قَبْلَ الْمُقَاتَلَةِ بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ بِلَادَهُمْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الثُّلُثِ بَعْضَهُ.

(قَوْلُهُ: لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ جَاءَ إلَيْنَا مُسْلِمًا أَوْ دَخَلَ بِأَمَانٍ ثُمَّ أَسْلَمَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ الْجَانِي) أَيْ فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ عَنْ مُدَبَّرٍ جَانٍ خُيِّرَ وَارِثُهُ إمَّا أَنْ يَدْفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ، وَيَأْخُذَ الْمُدَبَّرَ أَوْ يُسَلِّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَحُدَّ زَانٍ بِحَرْبِيَّةٍ) أَيْ زَنَى بِهَا قَبْلَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ أَيْ زَنَى بِهَا بَعْدَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ، وَقَوْلُهُ: إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَسَارِقٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَكَسَارِقٍ بِالْكَافِ لِأَجْلِ أَنْ يَظْهَرَ رُجُوعُ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَهَا، وَهَذَا وَالصَّوَابُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَدَمُ الْحَدِّ لِلشُّبْهَةِ، وَعَدَمُ الْقَطْعِ حَتَّى يَسْرِقَ نِصَابًا فَوْقَ حَظِّهِ اُنْظُرْ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ) أَيْ جُمِعَ فِي مَكَان بِالْفِعْلِ بِحَيْثُ صَارَ مُعَيَّنًا بَيْنَ أَيْدِي الْمُجَاهِدِينَ قَبْلَ قَسْمِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ الْإِمَامَ يَقْسِمُ الْأَرْضَ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْغَنِيمَةِ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ، وُقِفَتْ قَالَ طفى لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ إنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا إذْ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ فِيهَا هَلْ يَقْسِمُهَا كَغَيْرِهَا أَوْ يَتْرُكُهَا لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى، وَقْفِهَا تَرْكُهَا غَيْرُ مَقْسُومَةٍ لَا الْوَقْفُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْحَبْسُ، وَأَقَرَّهُ بْن، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِوَقْفِهَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُتْرَكُ لِلْمَصَالِحِ، وَلَا مَعْنَى لِلْوَقْفِ وَالتَّحْبِيسِ إلَّا ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ بِالْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ مَا كَانَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَالشَّارِحُ قَدْ قَالَ إنَّ هَذَا الْوَقْفَ لَا يَحْتَاجُ لِصِيغَةٍ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ لِلدُّورِ كِرَاءٌ) أَيْ بَلْ هِيَ كَالْمَسَاجِدِ لِمَنْ سَبَقَ، وَفِي بْن عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ لِلدُّورِ كِرَاءٌ وَيَكُونُ فِي الْمَصَالِحِ كَخَرَاجِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ (قَوْلُهُ: وأَوْلَى لَوْ تَجَدَّدَتْ بَلَدٌ) أَيْ أَوْلَى فِي جَوَازِ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ: قَرِيبًا) أَيْ بِقَوْلِهِ فَخَرَاجُهَا وَالْخُمُسُ وَالْجِزْيَةُ (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِيهَا) أَيْ فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ لِلسُّلْطَانِ أَيْ فَيُمَكِّنُ مِنْهَا مَنْ شَاءَ وَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَتَحْتَ يَدِهِ أَرْضٌ يَزْرَعُهَا، وَيُؤَدِّي خَرَاجَهَا فَالنَّظَرُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ يُعْطِيهَا لِمَنْ يَشَاءُ، وَلَا تُورَثُ عَنْ ذَلِكَ الْمَيِّتِ نَعَمْ وَارِثُهُ أَوْلَى وَأَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَهَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ وَقْفِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَرْضٍ لِلْمُجَاهِدِينَ كَالْغَنِيمَةِ فَإِنَّهَا تُورَثُ عَمَّنْ مَاتَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ جَرَتْ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجِبُ إلَخْ) جَوَابُ الشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ مَاتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ الْكَلَامِ لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ (قَوْلُهُ: نَوْعَ اسْتِحْقَاقٍ) أَيْ مِنْ جِهَةِ تَحْرِيكِهِ لِلْأَرْضِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ الَّذِي لَوْلَاهُ لَخَرِسَتْ الْأَرْضُ وَتَلِفَتْ فَهُوَ شِبْهُ الْخُلُوِّ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ (قَوْلُهُ: لِلْمُلْتَزِمِ) أَيْ هُوَ نَائِبُ السُّلْطَانِ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا لِمَنْ يَشَاءُ (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاتِهَا مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا وَقْفٌ، وَقَدْ يُقَالُ الْقَوْلُ بِوَقْفِيَّةِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَلْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى الْجَيْشِ فَلَعَلَّ تِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>