للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَفْدَوِيٌ (مِنْ لِصٍّ) وَنَحْوِهِ كَمُحَارِبٍ وَغَاصِبٍ وَظَالِمٍ مِنْ كُلِّ مَالٍ أُخِذَ مِنْ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ إلَيْهِ إلَّا بِالْفِدَاءِ (أَخَذُهُ بِالْفِدَاءِ) الَّذِي يُفْدَى بِهِ مِثْلُهُ عَادَةً إذَا لَمْ يَفْدِهِ لِيَمْتَلِكَهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ خَلَاصُهُ بِلَا شَيْءٍ أَوْ بِدُونِ مَا دُفِعَ أَخَذَهُ فِي الْأَوَّلِ بِلَا شَيْءٍ كَمَا لَوْ فَدَاهُ لِيَتَمَلَّكَهُ، وَفِي الثَّانِي بِمَا يَتَوَقَّفُ خَلَاصُهُ عَلَيْهِ عَادَةً، وَمُقَابِلُ الْأَحْسَنِ أَخْذُهُ بِلَا شَيْءٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ اللِّصَّ لَيْسَ لَهُ شُبْهَةُ مِلْكٍ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ.

(وَإِنْ أَسْلَمَ) مِنْ السَّيِّدِ (لِمُعَاوِضٍ) أَيْ لِمَنْ عَاوَضَ عَلَى عَبْدٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ (مُدَبَّرٌ وَنَحْوُهُ) كَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ لَا أُمِّ وَلَدٍ فَيُجْبَرُ عَلَى فِدَائِهَا (اُسْتُوْفِيَتْ خِدْمَتُهُ) أَيْ يَسْتَوْفِيهَا الْمُعَاوِضُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى عِوَضِهِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوفِ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فِي الْمُدَبَّرِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ بِأَنْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوْ حَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ التَّوْفِيَةِ (هَلْ يُتْبَعُ) الْعَبْدُ (إنْ عَتَقَ بِالثَّمَنِ) الْمُعَاوَضِ بِهِ كُلِّهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَمْلِيكًا وَلَا يُحَاسِبُهُ بِشَيْءٍ مِمَّا اسْتَوْفَى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْفَائِدَةِ أَوْ الْغَلَّةِ الَّتِي يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي (أَوْ بِمَا بَقِيَ) عَلَيْهِ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَقَاضِيًا، وَهُوَ الرَّاجِحُ.

(قَوْلَانِ) (وَعَبْدُ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ) دُونَ سَيِّدِهِ (حُرٌّ) وَكَذَا إنْ لَمْ يُسْلِمْ (إنْ فَرَّ) إلَيْنَا (أَوْ) أَسْلَمَ، وَ (بَقِيَ حَتَّى غَنِمَ) قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ فَحُرٌّ أَيْضًا (لَا إنْ) (خَرَجَ) فَارًّا إلَيْنَا (بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ) أَيْ السَّيِّدِ أَيْ خَرَجَ مُصَاحِبًا لِإِسْلَامِ سَيِّدِهِ فَهُوَ رَقِيقٌ لَهُ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

النَّاسِ إلَيْهِ ابْنُ نَاجِيٍّ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ (قَوْلُهُ: مَفْدَوِيٌ) اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ أَحَدُهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ، وَقُلِبَتْ ضَمَّةُ الدَّالِ كَسْرَةً لِمُنَاسَبَةِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: كَمُحَارِبٍ وَغَاصِبٍ وَظَالِمٍ) قَالَ السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ مِنْ ذَلِكَ الْكَاشِفُ الَّذِي يَمْسِكُ زَرْعَ أَوْ بَهَائِمَ إنْسَانٍ ظُلْمًا فَيَفْدِيهِ إنْسَانٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَالٍ أَخَذَ) الْأَوْلَى مِنْ كُلِّ آخِذِ مَالٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَفْدِهِ لِيَتَمَلَّكَهُ) هَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ هَارُونَ فَإِنْ فَدَاهُ لِيَتَمَلَّكَهُ أَخَذَ مِنْهُ مَجَّانًا ابْنُ نَاجِيٍّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَ مَنْ ذَهَبَ لِلْقَوْلِ الثَّانِي فَيَرْجِعَانِ لِلْوِفَاقِ. اهـ بْن. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ أُجْرَةٍ لِلْفَادِي إنْ كَانَ قَدْ دَفَعَ الْفِدَاءَ مِنْ عِنْدِهِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّافِعُ لِلْفِدَاءِ غَيْرَهُ فَفِي جَوَازِ دَفْعِ الْأُجْرَةِ لَهُ مَجَالٌ لِلنَّظَرِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ فَدَاهُ لِيَتَمَلَّكَهُ أَوْ فَدَاهُ بِقَصْدِ دَفْعِهِ لِرَبِّهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اشْتَرَى مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ مِنْ اللُّصُوصِ أَوْ مِنْ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ غَيْرَ عَالِمٍ بِكَوْنِهِ مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ ثُمَّ قَدِمَ بِهِ فَعَرَفَهُ رَبُّهُ فَأَسْلَمَهُ لِمُشْتَرِيهِ وَلَمْ يَدْفَعْ الْعِوَضَ وَيَأْخُذُهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَوْفِي خِدْمَتَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا دَفَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ فَيَخْدُمُ الْمُدَبَّرُ لِمَوْتِ سَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ، وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ يَخْدُمُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ أَوْ جَاءَ الْأَجَلُ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَقَدْ وَفَّيَا مَا فَدَيَا بِهِ فَلَا كَلَامَ أَنَّهُمَا يَعْتِقَانِ وَلَا يُتْبَعَانِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يُوَفِّيَا ذَلِكَ فَهَلْ يَتْبَعُهُمَا الَّذِي عَاوَضَ عَلَيْهِمَا بِجَمِيعِ مَا عَاوَضَ عَلَيْهِمَا بِهِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَا اغْتَلَّهُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَالْفَائِدَةِ أَوْ لَا يَتْبَعُهُمَا إلَّا بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِمَا فَقَطْ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: أَيْ يَسْتَوْفِيهَا الْمُعَاوِضُ) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ مَا دَفَعَ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ، وَلَا يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْعِوَضِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ اُسْتُوْفِيَتْ خِدْمَتُهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّوْفِيَةِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ الْخِدْمَةِ بِقَدْرِ مَا دَفَعَ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَمْلِيكًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إسْلَامَ السَّيِّدِ لَهُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَقَاضِيًا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إسْلَامَ السَّيِّدِ لَهُ عَلَى وَجْهِ التَّقَاضِي فَكُلُّ بَعْضٍ مِنْ الْخِدْمَةِ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضٍ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ) اعْتَمَدَ فِي تَرْجِيحِهِ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ كَمَا قَالَ عج وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الرَّاجِحُ لِتَصْدِيرِهِ بِالْأَوَّلِ، وَعَطَفَ الثَّانِيَ عَلَيْهِ بِقِيلَ. اهـ بْن.

فَإِنْ قُلْت إنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ السَّيِّدُ الْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ لِمَنْ فِي سَهْمِهِ وَقُوِّمَا عَلَيْهِ أَوْ اشْتَرَاهُمَا مِنْ الْمَغَانِمِ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ أَوْ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يُوَفِّيَا مَا وَقَعَا بِهِ فِي الْمَغَانِمِ فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهُمَا بِشَيْءٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّسْلِيمَ تَمْلِيكٌ وَعَلَى أَنَّهُ تَقَاضٍ فَإِنَّهُمَا يُتْبَعَانِ بِمَا بَقِيَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَقَعَا فِي الْمَغَانِمِ يَعْنِي لَمْ يُؤْخَذَا مِنْ الْعَدُوِّ بِمُعَاوَضَةٍ بَلْ بِطَرِيقِ الْغَلَبَةِ فَقَوِيَ أَمْرُ الْمَالِكِ الْأَصْلِيِّ وَضَعُفَ أَمْرُ الْآخِذِ كَمَا سَبَقَ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ هُنَا فَإِنَّهُ مُشْتَرَى مِنْ الْعَدُوِّ وَلَمْ يُؤْخَذْ قَهْرًا عَنْهُمْ إذْ لَوْ شَاءُوا مَا دَفَعُوهُ فَقَوِيَ أَمْرُ الْآخِذِ مِنْهُمْ بِاخْتِيَارِهِمْ كَمَا سَبَقَ.

(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ وَالثَّانِي لِمُحَمَّدٍ، وَعَلَيْهِمَا لَوْ اسْتَوْفَى مِنْ الْخِدْمَةِ فِدَاءَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ فَفِي كَوْنِ بَاقِيهَا لَهُ أَوْ لِرَبِّهِ قَوْلَاهُمَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يُسْلِمْ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُسْلِمْ لَكِنَّهُ أَتَى بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: أَوْ بَقِيَ حَتَّى غَنِمَ، فَإِنَّ قَيْدَ الْإِسْلَامِ مُعْتَبَرٌ فِيهِ، الْحَاصِلُ أَنَّ عَبْدَ الْحَرْبِيِّ إذَا فَرَّ إلَيْنَا قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ كَانَ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ غَنِمَ نَفْسَهُ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ وَسَوَاءٌ كَانَ فِرَارُهُ قَبْلَ نُزُولِ الْجَيْشِ فِي بِلَادِهِمْ أَوْ كَانَ بَعْدَ نُزُولِهِ فِيهَا، وَلَا وَلَاءَ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ لَهُ إنْ أَسْلَمَ، وَكَذَا يَكُونُ حُرًّا إذَا أَسْلَمَ وَبَقِيَ حَتَّى غَنِمَ قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا إذَا فَرَّ إلَيْنَا بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ أَوْ مُصَاحِبًا لِإِسْلَامِهِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِرِقِّهِ لِسَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ أَيْ السَّيِّدِ) مَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>