للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(حَرْبِيٍّ) فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فَإِنْ تَصَرَّفَ (بِاسْتِيلَادٍ) مَضَى، وَأَحْرَى بِعِتْقٍ نَاجِزٍ، وَكَذَا بِكِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ، وَكَذَا بِبَيْعٍ فِي الْمُشْتَرَى مِنْ حَرْبِيٍّ بِخِلَافِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَلَا يَمْضِي بِالْبَيْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُهُ بِاسْتِيلَادٍ رَاجِعٌ لِكُلِّ مَنْ تَصَرَّفَ، وَمَضَى (إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ) مِنْ الْغَنِيمَةِ (عَلَى) نِيَّةِ (رَدِّهِ لِرَبِّهِ) بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ لِنَفْسِهِ فَهَذَا رَاجِعٌ لِلْمُشْتَرَى مِنْ الْغَنِيمَةِ فَقَطْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَخَذَهُ بِنِيَّةِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ فَأَعْتَقَ أَوْ اسْتَوْلَدَ (فَقَوْلَانِ) فِي الْإِمْضَاءِ، وَعَدَمِهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ.

(وَفِي) إمْضَاءِ الْعِتْقِ (الْمُؤَجَّلِ) (تَرَدُّدٌ) وَالرَّاجِحُ الْإِمْضَاءُ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا كَانَ يَمْضِي التَّدْبِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ فَأَوْلَى الْعِتْقُ الْمُؤَجَّلُ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذَا التَّرَدُّدِ (وَلِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَخْذُ مَا وَهَبُوهُ) أَيْ الْحَرْبِيُّونَ (بِدَارِهِمْ) ، وَكَذَا بِدَارِنَا قَبْلَ تَأْمِينِهِمْ (مَجَّانًا) مَعْمُولٌ لِأَخَذَ (وَ) إنْ بَذَلُوهُ لَنَا (بِعِوَضٍ) أَخَذَهُ مَالِكُهُ (بِهِ) بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ، وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ هُنَاكَ (إنْ لَمْ يَبِعْ) أَيْ إنْ لَمْ يَبِعْهُ آخِذُهُ مِنْهُمْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنْ بَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ الْمُعَاوِضُ عَلَيْهِ (فَيَمْضِي) الْبَيْعُ، وَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَيْهِ سَبِيلٌ (وَلِمَالِكِهِ) الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ حِينَئِذٍ (الثَّمَنُ) عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ مَجَّانًا (أَوْ الزَّائِدُ) عَلَيْهِ إنْ أَخَذَهُ بِعِوَضٍ كَأَنْ يَأْخُذَهُ بِمِائَةٍ وَيَبِيعَهُ بِمِائَتَيْنِ فَيَأْخُذَ الْمِائَةَ الزَّائِدَةَ (وَالْأَحْسَنُ) أَيْ الْأَرْجَحُ (فِي) الْمَالِ (الْمَفْدِيِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الدَّالِ كَالْمَشْوِيِّ اسْمُ مَفْعُولٍ أَصْلُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْحَرْبِيِّ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنْ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّصَرُّفِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ اشْتِرَاءُ سِلَعِهِ، وَفَاتَتْ بِهِ وَبِهِبَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَصَرَّفَ بِاسْتِيلَادٍ مَضَى) الْمُرَادُ بِالِاسْتِيلَادِ أَنْ يَطَأَ الْجَارِيَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَيُوَلِّدُهَا، وَأَمَّا مُجَرَّدُ وَطْئِهَا فَلَا يُفِيتُهَا عَلَى رَبِّهَا بَلْ يُخَيَّرُ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِعِتْقٍ نَاجِزٍ) أَيْ خَالِصٍ عَنْ التَّعْلِيلِ عَلَى دَفْعِ دَرَاهِمَ أَوْ مُضِيِّ أَجَلٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَأْخُوذٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَلَا يَمْضِي) أَيْ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَبِالْأَوَّلِ إنْ تَعَدَّدَ قَالَ بْن وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ قَدْ أُخِذَ مِنْ الْعَدُوِّ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ فَكَانَ أَقْوَى فِي رَدِّهِ لِرَبِّهِ وَالْمُشْتَرَى مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إنَّمَا دَفَعَهُ الْحَرْبِيُّ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ طَوْعًا، وَلَوْ شَاءَ مَا دَفَعَهُ فَهُوَ أَقْوَى فِي إمْضَاءِ مَا فَعَلَ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَأْخُذْ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ فَوْتِ مَا أَخَذَ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِالِاسْتِيلَادِ وَمَا مَعَهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِنِيَّةِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي مِنْ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُخَيَّرَ رَبُّهُ فَإِنْ تَصَرَّفَ بِدُونِ تَخْيِيرِهِ مَضَى تَصَرُّفُهُ اتِّفَاقًا سَوَاءٌ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ أَوْ رَدِّهِ لِرَبِّهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ) بِفَوَاتِهِ عَلَى رَبِّهِ وَإِمْضَاءِ التَّصَرُّفِ بِالْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ، وَعَدَمِ فَوَاتِهِ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا يَمْضِي الْعِتْقُ وَلَا مَا مَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ وَالْأَوَّلُ لِلْقَابِسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْكَاتِبِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمَحَلُّ لِلتَّرَدُّدِ. اهـ. بْن.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُؤَجَّلِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ حَرْبِيٍّ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَعُرِفَ ذَلِكَ الْعَبْدُ لِمُعَيَّنٍ فَتَصَرَّفَ فِيهِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِالْعِتْقِ لِأَجَلٍ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَ سَيِّدَهُ فَهَلْ يَمْضِي ذَلِكَ الْعِتْقُ أَوْ لَا تَرَدُّدٌ لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ، وَهُوَ فِيمَا إذَا أَخَذَهُ لَا لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ فَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ إلَخْ، وَقَدْ قَدَّمَهُ خش هُنَاكَ، وَهُوَ حَسَنٌ غَيْرَ أَنَّهُ خِلَافُ النُّسَخِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ يَمْضِي التَّدْبِيرُ) أَيْ وَيُفَوِّتُهُ عَلَى رَبِّهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْلِمُ إلَخْ) صُورَتُهَا رَجُلٌ دَخَلَ بِلَادَ الْحَرْبِ فَوَهَبَهُ حَرْبِيٌّ سِلْعَةً أَوْ عَبْدًا هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ وَأَغَارَ عَلَيْهِ الْحَرْبِيُّ وَأَخَذَهُ فَإِذَا قَدِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّ رَبَّهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ يَأْخُذُ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِدَارِنَا قَبْلَ تَأْمِينِهِمْ) أَيْ، وَأَمَّا مَا بَاعُوهُ أَوْ وَهَبُوهُ بِدَارِنَا بَعْدَ تَأْمِينِهِمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُفَوَّتُ عَلَى رَبِّهِ (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ، وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ) فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وح أَنَّ الْوَاجِبَ مِثْلُ الْعِوَضِ فِي مَحَلِّهِ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا كَمَنْ أَسْلَفَ عَرَضًا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِثْلُهُ فِي مَوْضِعِ السَّلَفِ نَعَمْ إنْ عَجَزَ عَنْ الْمِثْلِ فِي مَحَلِّهِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي الْعِوَضِ، وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا وَنَصُّ التَّوْضِيحِ إنَّمَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِالثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا دَفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ حَيْثُ لَقِيَهُ فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ عَرَضًا دَفَعَ إلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ إنْ كَانَ الْوُصُولُ إلَيْهَا يُمْكِنُ كَمَنْ أَسْلَفَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِثْلُهُ بِمَوْضِعِ السَّلَفِ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ إلَيْهَا فَعَلَيْهِ هُنَا قِيمَةُ ذَلِكَ الْمَكِيلِ بِبَلَدِ الْحَرْبِ. اهـ. بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ رَبَّهُ إذَا أَرَادَ أَخْذَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا لَكِنْ إنْ كَانَ عَيْنًا دَفَعَهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ دَفَعَهُ بِمَحَلِّ الْمُعَاوَضَةِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَبِغَيْرِهِ إنْ سَاوَتْ قِيمَتُهُ بِمَوْضِعِ الدَّفْعِ قِيمَتَهُ بِمَوْضِعِ الْمُعَاوَضَةِ، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِ هُنَا.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ أَخْذِهِ مِنْ الْحَرْبِيِّ بِهِبَةٍ وَمَسْأَلَةِ أَخْذِهِ مِنْهُ بِمُعَاوَضَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ) أَيْ وَالْقَوْلُ الْأَحْسَنُ بِمَعْنَى الْأَرْجَحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْمَفْدِيِّ مِنْ لِصٍّ أَخَذَهُ بِالْفِدَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَا فُدِيَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ؛ وَلِأَنَّهُ وَلَوْ أَخَذَهُ رَبُّهُ مِمَّنْ فَدَاهُ وَخَلَّصَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ مَعَ كَثْرَةِ اللُّصُوصِ لَسَدَّ هَذَا الْبَابَ مَعَ كَثْرَةِ حَاجَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>