للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُجِيزُونَ وَيُفْسَخُ أَبَدًا (كَكُفْرٍ) فَإِنَّهُ يَمْنَعُ عَقْدَ النِّكَاحِ (لِمُسْلِمَةٍ) فَلَا يَتَوَلَّى الْكَافِرُ عَقْدَ ابْنَتِهِ الْمُسْلِمَةِ (وَعَكْسِهِ) فَلَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ وَلِيًّا لِقَرِيبَتِهِ الْكَافِرَةِ (إلَّا لِأَمَةٍ) لَهُ كَافِرَةٍ فَيُزَوِّجُهَا سَيِّدُهَا الْمُسْلِمُ لِكَافِرٍ فَقَطْ (وَ) إلَّا لِ (مُعْتَقَةٍ) لَهُ كَافِرَةٍ (مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ) بِأَنْ أَعْتَقَهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَيُزَوِّجُهَا، وَلَوْ لِمُسْلِمٍ حَيْثُ كَانَتْ كِتَابِيَّةً (وَزَوَّجَ الْكَافِرُ) وَلِيَّتَهُ الْكَافِرَةَ (لِمُسْلِمٍ) .

(وَإِنْ) (عَقَدَ مُسْلِمٌ) عَلَى كَافِرَةٍ، وَلَوْ أَجْنَبِيَّةً (لِكَافِرٍ) (تُرِكَ) عَقْدُهُ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ بِفَسْخٍ، وَقَدْ ظَلَمَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الرُّشْدِ فِي الْوَلِيِّ لَا يُعْتَبَرُ عَلَى الرَّاجِحِ بِقَوْلِهِ [دَرْسٌ] (وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ) أَيْ الْعَقْلِ وَالْفِطْنَةِ، وَلَوْ مُجْبِرًا، إذْ سَفَهُهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُجْبَرًا (بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) اسْتِحْسَانًا وَلَيْسَ بِشَرْطِ صِحَّةٍ فَلَوْ عَقَدَ بِغَيْرِ إذْنِهِ نُدِبَ اطِّلَاعُهُ عَلَيْهِ لِيَنْظُرَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَضَى كَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، وَأَمَّا ضَعِيفُ الرَّأْيِ فَيَنْفَسِخُ عَقْدُهُ (وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجٍ) فِي قَبُولِ الْعَقْدِ لَهُ (الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِمَّنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْوِلَايَةِ كَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَكَافِرٍ وَصَبِيٍّ إلَّا الْمُحْرِمَ وَالْمَعْتُوهَ.

(لَا) يَصِحُّ تَوْكِيلُ (وَلِيٍّ) لِامْرَأَةٍ (إلَّا كَهُوَ) أَيْ إلَّا مِثْلَهُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَعَدَمِ الْإِحْرَامِ وَالْعَتَهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَلِيِّ، وَلَوْ أَبًا غَيْرَ مُجْبِرٍ وُجُوبًا (الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ) رَضِيَتْ بِهِ (وَ) لَوْ دَعَتْ لِكُفْءٍ وَدَعَا وَلِيُّهَا لِكُفْءٍ غَيْرِهِ كَانَ (كُفْؤُهَا أَوْلَى) أَيْ أَوْجَبَ أَيْ فَيَتَعَيَّنُ كُفْؤُهَا (فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ) بِتَزْوِيجِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُجِيزُونَ) أَيْ إذَا اُفْتِيتَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَالْإِحْرَامُ كَمَا يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ يَمْنَعُ مِنْ التَّوْكِيلِ عَلَيْهِ وَيَمْنَعُ مِنْ إجَازَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ أَبَدًا) أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ لَكِنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ بِهِ التَّحْرِيمُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ قَدَّمَ سَعْيَهُ وَأَفَاضَ وَنَسِيَ الرَّكْعَتَيْنِ وَعَقَدَ فَإِنْ نَكَحَ بِالْقُرْبِ فُسِخَ، وَإِنْ تَبَاعَدَ جَازَ نِكَاحُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ الْقُرْبُ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَبْتَدِئَ طَوَافَهُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ مَنْظُورٌ فِيهِمَا لِتَرْكِ الرَّكْعَتَيْنِ مَعَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ مَنْظُورٌ فِيهِمَا لِلْعَقْدِ مَعَ وَقْتِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَإِذَا عَقَدَ أَنْ يَصِلَ لِبَلَدِهِ كَانَ ذَلِكَ قُرْبًا، وَإِنْ عَقَدَ بَعْدَ الْوُصُولِ لِبَلَدِهِ كَانَ بَعْدًا.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ وَلِيًّا لِقَرِيبَتِهِ الْكَافِرَةِ) أَيْ وَأَوْلَى غَيْرُهَا فَلَوْ وَقَعَ وَتَوَلَّى نِكَاحَهَا فَإِنْ كَانَ لِمُسْلِمٍ فُسِخَ، وَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ تُرِكَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ.

(قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُهَا سَيِّدُهَا الْمُسْلِمُ لِكَافِرٍ فَقَطْ) أَيْ لِعَبْدٍ كَافِرٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا لِمُسْلِمٍ، وَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ فِي تَزْوِيجِهَا لِحُرٍّ كَافِرٍ وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ فِيهِ شَيْئًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِوُجُودِ عِلَّةِ عَدَمِ تَزْوِيجِ الْحُرِّ الْأَمَةَ وَهُوَ اسْتِرْقَاقُ الْوَلَدِ. وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ: عُمُومَاتُ كَلَامِهِمْ تَشْمَلُ عَقْدَهُ لِلْكَافِرِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا فَلْيُحَرَّرْ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ تِلْكَ الْمُعْتَقَةِ لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا أَهْلِ لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِنَّ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ أَصَالَةً أَوْ الْمُعْتَقِينَ بِفَتْحِ التَّاءِ إذَا كَانَ عِتْقُهُمْ مِنْ كَافِرٍ مُطْلَقًا أَيْ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ عِتْقُهُمْ مِنْ مُسْلِمٍ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَطْ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ عَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ بِأَنْ عَتَقَهَا مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ أَمَتَهُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا، إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُسْلِمَ

(قَوْلُهُ: عَلَى كَافِرَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً لَهُ بَلْ وَلَوْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: تُرِكَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ زَوَّجَهَا الْمُسْلِمُ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ أَبَدًا خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ ظَلَمَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ) أَيْ لِإِعَانَتِهِ الْكَافِرَ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ

(قَوْلُهُ: لِيَنْظُرَ فِيهِ) أَيْ فَإِنْ وَجَدَهُ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ لِوَلِيٍّ.

(قَوْلُهُ: كَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ ذُو رَأْيٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْكَاحُهُ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: فَيُفْسَخُ عَقْدُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ نَظَرَ وَإِلَّا مَضَى أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ مُعَرَّضًا لِلْفَسْخِ بِحَيْثُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ النَّظَرُ فِيهِ فَإِنْ وَجَدَهُ نَظَرًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَفِي الْمَوَّاقِ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ التَّمْيِيزِ خُصَّ وَلِيُّهُ بِالنَّظَرِ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَتُزَوَّجُ بِنْتُهُ كَيَتِيمَةٍ وَيُخْتَلَفُ فِيمَنْ يَلِي الْعَقْدَ هَلْ الْأَبُ أَوْ الْوَلِيُّ، وَلَوْ عَقَدَ حَيْثُ يَمْنَعُ مِنْهُ نَظَرٌ فَإِنْ كَانَ حَسَنَ النَّظَرِ أَمْضَاهُ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجِ الْجَمِيعِ) اعْلَمْ أَنَّ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ لِلْجَمِيعِ جَائِزٌ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالصِّحَّةِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ لَا وَلِيَّ إلَّا كَهُوَ اهـ بْن وَيَدُلُّ لِجَوَازِهِ ابْتِدَاءً مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى وَنَصُّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُوَكِّلَ الرَّجُلُ نَصْرَانِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى عَقْدِ نِكَاحِهِ اهـ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالصَّبِيُّ أَيْ الْمُمَيِّزُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ كَالْمَعْتُوهِ

(قَوْلُهُ: إلَّا كَهُوَ) أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى الضَّمِيرِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ مَالِكٍ الْقَائِلِ بِجَوَازِهِ عَلَى قِلَّةٍ وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي الضَّرُورَةِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ رَضِيَتْ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ طَلَبَتْهُ لِلتَّزَوُّجِ بِهِ أَوْ لَمْ تَطْلُبْهُ بِأَنْ خَطَبَهَا وَرَضِيَتْ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهَا مُضْطَرَّةً لِعَقْدِهِ كَانَ ذَلِكَ ضِرَارًا بِهَا، وَأَمَّا الْأَبُ الْمُجْبِرُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْئِهَا؛ لِأَنَّهُ يُجْبِرُهَا إلَّا لِكَخَصِيٍّ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ عَضْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْئِهَا وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا لَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةٌ وَتَدْعُو لِمُسْلِمٍ وَإِلَّا فَلَا تُجَابُ لَهُ حَيْثُ امْتَنَعَ أَوْلِيَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ غَيْرُ كُفْءٍ لَهَا عِنْدَهُمْ فَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى تَزْوِيجِهَا بِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَكُفْؤُهَا أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِدَوَامِ الْعِشْرَةِ.

(قَوْلُهُ: فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ) أَيْ فَإِنْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>