للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ (ثُمَّ) إنْ امْتَنَعَ (زَوَّجَ) الْحَاكِمُ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهَا، وَلَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا وَلَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَصِيرُ عَاضِلًا بِرَدِّهِ أَوَّلَ كُفْءٍ بِخِلَافِ الْمُجْبِرِ.

كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ) مُجْبِرٌ وَمِثْلُهُ وَصِيُّهُ الْمُجْبِرُ (بِكْرًا) الْأَوْلَى مُجْبَرَةٌ لِيَشْمَلَ الثَّيِّبَ الْمُجْبَرَةَ (بِرَدٍّ) لِلْكُفْءِ (مُتَكَرِّرٍ) نَعْتٌ لِرَدِّ تَعَدُّدِ الْخَاطِبِ أَوْ اتَّحِدْ أَيْ لَا يُعَدُّ عَاضِلًا (حَتَّى يَتَحَقَّقَ) عَضْلُهُ وَإِضْرَارُهُ، وَلَوْ بِمَرَّةٍ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ، ثُمَّ زَوَّجَ.

(وَإِنْ) (وَكَّلَتْهُ) الْمَرْأَةُ أَنْ يُزَوِّجَهَا (مِمَّنْ أَحَبَّ) الْوَكِيلُ (عَيَّنَ) لَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ وُجُوبًا مَنْ أَحَبَّهُ لَهَا لِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ النِّسَاءِ فِي أَعْيَانِ الرِّجَالِ (وَإِلَّا) يُعَيِّنُ (فَلَهَا الْإِجَازَةُ) وَالرَّدُّ (وَلَوْ بَعْدَ) مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَاطِّلَاعِهَا عَلَى التَّزْوِيجِ (لَا الْعَكْسُ) يَعْنِي إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ شَخْصًا عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمَرْأَةَ فَزَوَّجَهُ مِنْ امْرَأَةٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا لَهُ لَزِمَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

تَزْوِيجِهَا بِالْكُفْءِ الَّذِي رَضِيَتْ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) الْأَوْلَى مَا إذَا طَلَبَهَا كُفْءٌ وَرَضِيَتْ بِهِ طَلَبَتْ التَّزْوِيجَ بِهِ أَوْ لَا وَالثَّانِيَةُ مَا إذَا دَعَتْ لِكُفْءٍ وَدَعَا وَلِيُّهَا لِكُفْءٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ سَأَلَهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ فَأَبْدَى لَهُ وَجْهَهُ وَرَآهُ صَوَابًا رَدَّهَا إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ امْتَنَعَ) أَيْ بَعْدَ أَمْرِ الْحَاكِمِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْوَلِيُّ غَيْرُ الْمُجْبِرِ مِنْ تَزْوِيجِهَا بِالْكُفْءِ الَّذِي رَضِيَتْ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ فَإِنْ أَبْدَى وَجْهًا وَرَآهُ صَوَابًا رَدَّهَا إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُبْدِ وَجْهًا صَحِيحًا أُمِرَ بِتَزْوِيجِهَا فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا بَعْدَ الْأَمْرِ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق فَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَقِلُ) أَيْ بِسَبَبِ امْتِنَاعِهِ مِنْ تَزْوِيجِهَا لِكُفْئِهَا الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ مِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ قَالَ فِي الْعُمْدَةِ: الْمُزَوِّجُ مَعَ عَضْلِ الْأَبِ الْحَاكِمُ بِلَا إشْكَالٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْحَاكِمِ لَا لِلْأَبْعَدِ. وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ: إنَّمَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ غَيْرِ الْعَاضِلِ، وَأَمَّا عِنْدَ وُجُودِهِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ؛ لِأَنَّ عَضْلَ الْأَقْرَبِ وَاسْتِمْرَارَهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ صَيَّرَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ وَكِيلًا لَهُ إلَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ امْتِنَاعٌ كَمَا لَوْ كَانَ غَائِبًا مَثَلًا وَمَا فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ اسْتَصْوَبَهُ بْن وَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اسْتَصْوَبَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَلِيَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ، ثُمَّ زَوَّجَ الْحَاكِمُ أَوْ كُلُّ مَنْ يَعْقِدُ لَهَا

(قَوْلُهُ: وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ) أَيْ لَا يُعَدُّ الْأَبُ الْمُجْبِرُ عَاضِلًا لِمُجْبَرَتِهِ بِرَدِّهِ لِكُفْئِهَا رَدًّا مُتَكَرِّرًا وَذَلِكَ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ الْأَبُ مِنْ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى بِنْتِهِ وَلِجَهْلِهَا بِمَصَالِح نَفْسِهَا فَرُبَّمَا عَلِمَ الْأَبُ مِنْ حَالِهَا أَوْ مِنْ حَالِ الْخَاطِبِ مَا لَا يُوَافِقُ فَلَا يُعَدُّ عَاضِلًا بِمَا ذُكِرَ حَتَّى يَتَحَقَّقَ عَضْلُهُ. وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَنَعَ مَالِكٌ بَنَاتِهِ، وَقَدْ رَغِبَ فِيهِنَّ خِيَارُ الرِّجَالِ وَفَعَلَهُ الْعُلَمَاءُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَحَاشَاهُمْ أَنْ يَقْصِدُوا بِهِ الضَّرَرَ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ وَصِيَّةُ الْمُجْبِرِ) وَقِيلَ: إنَّ الْوَصِيَّ الْمُجْبِرَ يُعَدُّ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: الْأَوْلَى مُجْبَرَةٌ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا مُرَشَّدَةً فَيُعَدُّ الْأَبُ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ كَمَا أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ اتَّحَدَ) أَيْ وَلَكِنَّهُ رَدَّهُ رَدًّا مُتَكَرِّرًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَرَّةٍ) بَلْ وَلَوْ بِدُونِ مَرَّةٍ أَصْلًا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: أَمَرَهُ الْحَاكِمُ أَيْ بِالتَّزْوِيجِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ زَوَّجَ أَيْ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهِ وَلَا يَسْأَلُهُ الْحَاكِمُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ، إذْ لَا مَعْنَى لِلسُّؤَالِ مَعَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ عُضِلَتْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ

(قَوْلُهُ: أَنْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ أَحَبَّ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْت وَأَوْلَى إذَا لَمْ تَقُلْ مِمَّنْ أَحْبَبْت بِأَنْ قَالَتْ وَكَّلْتُك عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي فَلَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ لَهَا الزَّوْجَ قَبْلَ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُعَيِّنُ) أَيْ وَإِلَّا يُعَيِّنُهُ لَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ بَلْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَهُ مُعْتَمِدًا عَلَى عُمُومِ إذْنِهَا.

(قَوْلُهُ: فَلَهَا الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ) أَيْ سَوَاءٌ زَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهَا وَمِنْ نَفْسِهِ خُيِّرَتْ اهـ بْن وَسَوَاءٌ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِدُونِهِ فَالْخِيَارُ لَهَا مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعُدَ) الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلْإِجَازَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيهَا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْبُعْدُ جِدًّا وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْمُبَالَغَةِ رَاجِعَةً لِلْإِجَازَةِ فَقَطْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ لَهَا الرَّدَّ فِي حَالَةِ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ لَهَا الْإِجَازَةُ فِي حَالَةِ الْقُرْبِ اتِّفَاقًا وَفِي حَالَةِ الْبُعْدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ: إنَّهُ يَتَحَتَّمُ الرَّدُّ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ وَإِنَّمَا كَانَ لَهَا الْإِجَازَةُ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ لِأَنَّهَا وَكَّلَتْ بِخِلَافِ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَمَّا لَمْ تُوَكِّلْ اُشْتُرِطَ قُرْبُ رِضَاهَا وَإِجَازَتُهَا. .

(تَنْبِيهٌ) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ مَا إذَا وَكَّلَتْهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ أَحَبَّ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَا إذَا وَكَّلَتْهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ أَحَبَّتْ هِيَ فَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا كَالْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا فَيَصِحُّ النِّكَاحُ إنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>