إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ (وَلِابْنِ عَمٍّ وَنَحْوَهُ) مِنْ كُلِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ نِكَاحِهَا وَتَزْوِيجِهَا مِنْ نَفْسِهِ فَيَشْمَلُ الْكَافِلَ وَالْحَاكِمَ وَمَنْ يُزَوِّجُ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ (تَزْوِيجُهَا مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ لِنَفْسِهِ (إنْ عَيَّنَ لَهَا أَنَّهُ الزَّوْجُ فَرَضِيَتْ بِالْقَوْلِ أَوْ الصَّمْتِ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ
وَأَشَارَ لِتَصْوِيرِ التَّزْوِيجِ بِقَوْلِهِ (بِتَزَوَّجْتُك بِكَذَا) مِنْ الْمَهْرِ أَوْ تَفْوِيضًا (وَتَرْضَى) بِذَلِكَ الْمَهْرِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ، وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِهِ لِنَفْسِهِ حَيْثُ كَانَتْ مُقِرَّةً بِالْعَقْدِ (وَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ) الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ وَهُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ عَطْفًا عَلَى تَزْوِيجٍ وَأَتَى بِهِ، وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا قَبْلَهُ لِلتَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ.
(وَإِنْ) (أَنْكَرَتْ) الْمَرْأَةُ (الْعَقْدَ) بِأَنْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْك عَقْدٌ وَقَالَ بَلْ عَقَدْت (صُدِّقَ الْوَكِيلُ) بِلَا يَمِينٍ (إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ ادَّعَى النِّكَاحَ (الزَّوْجُ) لِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ بِالْإِذْنِ وَالْوَكِيلُ قَائِمٌ مَقَامَهَا فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ الزَّوْجُ صُدِّقَتْ فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ إنْ شَاءَ (وَإِنْ) (تَنَازَعَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُتَسَاوُونَ) دَرَجَةً كَإِخْوَةٍ أَوْ بَنِيهِمْ أَوْ أَعْمَامٍ (فِي) تَوَلِّي (الْعَقْدِ) مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الزَّوْجِ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَا الَّذِي أَتَوَلَّاهُ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِيمَنْ يَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ (أَوْ) تَنَازَعُوا فِي تَعْيِينِ (الزَّوْجِ) بِأَنْ يُرِيدَ كُلٌّ مِنْهُمْ تَزْوِيجَهَا لِغَيْرِ مَا يُرِيدُهُ الْآخَرُ وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمَرْأَةُ وَاحِدًا وَإِلَّا أُجِيبَتْ لِمَا عَيَّنَتْهُ إنْ كَانَ كُفُؤًا كَمَا مَرَّ (نَظَرَ الْحَاكِمُ) فِيمَنْ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ.
(وَإِنْ) (أَذِنَتْ) غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ فِي تَزْوِيجِهَا (لِوَلِيَّيْنِ) مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ (فَعَقَدَا) لَهَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَعَلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
حَالَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ لِشِدَّةِ الِافْتِيَاتِ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لِإِسْنَادِهَا الْمَحَبَّةَ لَهَا فِيهَا (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَرِهَ النِّكَاحَ قَدَرَ عَلَى حَلِّهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِضَيَاعِ الْمَالِ وَهُوَ نِصْفُ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَيْهِ بِتَوْكِيلِهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ أَنَّهُ إنْ زَوَّجَهُ مَا لَا تَلِيقُ بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهَا لَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَلْزَمُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ صِيغَةُ الزَّوْجِ لِلْوَكِيلِ زَوِّجْنِي مِمَّنْ أَحْبَبْت أَنْتَ أَوْ أَنَا أَوْ زَوِّجْنِي وَأَطْلَقَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ يَعْنِي إذَا وَكَّلَ إلَخْ لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا عَكْسٌ لِلْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فِي الْحُكْمِ وَفِي التَّصْوِيرِ فِي الْجُمْلَةِ، أَمَّا كَوْنُ الْعَكْسِ فِي الْحُكْمِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي التَّصْوِيرِ فَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ فِي الْأُولَى امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ رَجُلًا وَهُنَا الْمُوَكِّلُ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا فَلِذَا قُلْنَا فِي الْجُمْلَةِ فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ وَكَّلَ امْرَأَةً كَانَ عَكْسًا فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ حَقِيقَةً، وَإِنْ حُمِلَ الْعَكْسُ عَلَى هَذَا صَحَّ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مَا إذَا زَوَّجَتْهُ الْوَكِيلَةُ مِنْ نَفْسِهَا وَإِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ لِأَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى شَيْءٍ لَا يُسَوَّغُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَ نَفْسِهِ فَلَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ يُزَوِّجُ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ وَالْمُعْتِقُ الْأَعْلَى وَالْوَصِيُّ وَالْمَوْلَى الْأَسْفَلُ عَلَى الْقَوْلِ بِوِلَايَتِهِ.
(قَوْلُهُ: فَرَضِيَتْ بِالْقَوْلِ) أَيْ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا مِنْ الْأَبْكَارِ السَّبْعَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الصَّمْتِ) أَيْ إنْ كَانَتْ بِكْرًا لَيْسَتْ مِنْ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
(قَوْلُهُ: بِتَزَوَّجْتُك بِكَذَا) أَيْ وَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهِ قَبِلْت نِكَاحَك بِنَفْسِي بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَزَوَّجْتُكِ فِيهِ قَبُولٌ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَبَهْرَامُ فِي كَبِيرِهِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى تَزْوِيجٍ) أَيْ عَطْفُ مُرَادِفٍ أَوْ تَفْسِيرٍ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ بَعْدَ تَزَوُّجِهَا مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ أَوْ مُرَادِفٌ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: تَزَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ
(قَوْلُهُ: وَقَالَ بَلْ عَقَدْت) أَيْ لَك عَلَى فُلَانٍ.
(قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ) أَيْ الْمَعْهُودُ وَهُوَ الَّذِي عَيَّنَهُ الْوَكِيلُ.
(قَوْلُهُ: فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ) أَيْ فَلَوْ صَدَّقَتْهُ عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ وَادَّعَتْ عَزْلَهُ قَبْلَهُ وَقَالَ الْوَكِيلُ: بَلْ الْعَزْلُ إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَهُ فَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ فِي أَيِّهِمَا يُصَدَّقُ قَوْلَيْنِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْعَزْلِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَا الَّذِي أَتَوَلَّاهُ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا فَوَّضَتْ أَمْرَ الْعَقْدِ لِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْ أَعْمَامِهَا مَثَلًا، وَأَمَّا لَوْ عَيَّنَتْ وَاحِدًا مِنْ الْإِخْوَةِ مَثَلًا فَلَا كَلَامَ لِغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْإِخْوَةِ وَلَا يَسُوغُ لَهُ مُنَازَعَتُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمَرْأَةُ) بَلْ قَالَتْ كُلُّهُمْ خِيَارٌ وَبَرَكَةٌ.
(قَوْلُهُ: نَظَرَ الْحَاكِمُ فِيمَنْ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِيمَنْ يَرَاهُ أَحْسَنَهُمْ رَأْيًا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَيَحْكُمُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تُزَوَّجُ بِفُلَانٍ وَاَلَّذِي يُبَاشِرُ الْعَقْدَ الْوَلِيُّ لَا أَنَّ الْحَاكِمَ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ لَهُ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ) هَذَا فَرْضُ مِثَالٍ، إذْ لَوْ أَذِنَتْ لِأَوْلِيَاءٍ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا أَذِنَتْ لِوَلِيٍّ وَاحِدٍ أَنْ يُزَوِّجَهَا فَعَقَدَ لَهَا عَلَى اثْنَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ نِكَاحِ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَعْقِدَا لَهَا بِزَمَنَيْنِ وَيُعْلَمُ السَّابِقُ أَوْ يُجْهَلُ أَوْ بِزَمَنٍ وَاحِدٍ فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ تَكُونُ لِلْأَوَّلِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الِاثْنَيْنِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ حِينَ عُيِّنَ لَهَا الثَّانِي نَاسِيَةً لِلْأَوَّلِ أَوْ اتَّحِدْ اسْمُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ اعْتَقَدَتْ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَوَّلُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ أَشْهَرَ الْقَوْلَيْنِ لَا بُدَّ أَنْ يُعَيَّنَ لَهَا الزَّوْجُ وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ عَيَّنَ كُلٌّ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ الزَّوْجَ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا التَّفْصِيلُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا لِعِلْمِهَا بِالثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كُلٌّ مِنْهُمَا الزَّوْجَ فَلَهَا الْبَقَاءُ عَلَى مَنْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِتَلَذُّذٍ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَعَقَدَا لَهَا عَلَى التَّرْتِيبِ) أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ