للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَ) هِيَ (لِلْأَوَّلِ) دُونَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ ذَاتَ زَوْجٍ (إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ) بِهَا (الثَّانِي) بِمُقَدِّمَاتِ وَطْءٍ فَفَوْقُ (بِلَا عِلْمٍ) مِنْهُ أَنَّهُ ثَانٍ أَيْ إنْ انْتَفَى تَلَذُّذُهُ حَالَةَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ أَصْلًا أَوْ تَلَذَّذَ عَالِمًا بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ عَقْدِهِ فَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، وَهُمَا مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي بِلَا طَلَاقٍ وَقِيلَ بِطَلَاقٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ تَلَذَّذَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهُ ثَانٍ كَانَتْ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلَوْ تَأَخَّرَ تَفْوِيضُهُ) أَيْ الْإِذْنُ مِنْهَا لَهُ أَيْ لِلْوَلِيِّ الَّذِي عَقَدَ لَهُ أَيْ لِلثَّانِي فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ: إنْ فَوَّضَتْ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ كَانَتْ لِلْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلثَّانِي إنْ تَلَذَّذَ غَيْرَ عَالِمٍ (إنْ لَمْ تَكُنْ) حَالَ تَلَذُّذِهِ بِهَا (فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) مِنْ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَلْ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ أَيْ لِإِكْمَالِ عِدَّتِهَا مِنْهُ وَتَرِثُهُ فَهَذَا شَرْطٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْضًا فَهُوَ شَرْطٌ ثَانٍ فِي كَوْنِهَا لِلثَّانِي، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَوَّلُ تَلَذَّذَ بِهَا قَبْلَ تَلَذُّذِ الثَّانِي وَإِلَّا كَانَتْ لَهُ مُطْلَقًا دُونَ الثَّانِي فَهِيَ لِلثَّانِي بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِالْأَوَّلِ وَأَنْ لَا تَكُونَ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ وَأَنْ لَا يَتَلَذَّذَ بِهَا الْأَوَّلُ قَبْلَ تَلَذُّذِ الثَّانِي فَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ فُسِخَ الثَّانِي (وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ) لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يُقَرُّ نِكَاحُهُ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَلِلْأَوَّلِ وَقَوْلِهِ وَعُلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ.

(قَوْلُهُ فَلِلْأَوَّلِ) أَيْ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ أَيْ فَهِيَ لِلْمَعْقُودِ لَهُ أَوَّلًا.

(قَوْلُهُ: أَيْ وَإِنْ انْتَفَى إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ تَلَذُّذُهُ بِهَا فِي حَالِ عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ ثَانٍ مُنْتَفِيًا.

(قَوْلُهُ: عَالِمًا) أَيْ بِأَنَّهُ ثَانٍ.

(قَوْلُهُ: بِبَيِّنَةٍ إلَخْ) أَيْ وَثَبَتَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ قَبْلَ التَّلَذُّذِ بِأَنْ أَقَرَّ قَبْلَ أَنْ يَتَلَذَّذَ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ ثَانٍ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ، ثُمَّ تَلَذَّذَ، وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَقَطْ بَعْدَ التَّلَذُّذِ أَيْ بِأَنْ أَقَرَّ بَعْدَهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ قَبْلَهُ أَنَّهُ ثَانٍ فَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَتَكُونُ لِلثَّانِي وَلَكِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِطَلَاقٍ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي أَوْ الزَّوْجَةِ بَعْدَ التَّلَذُّذِ أَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنَّهُ ثَانٍ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ فِيهَا إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مَا ذُكِرَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْوَلِيِّ بِمَا ذُكِرَ فَلَا أَثَرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ فُسِخَ نِكَاحُ كُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِطَلَاقٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَعَمَلًا بِإِقْرَارِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِطَلَاقٍ) هَذَا الْقَوْلُ لِلْقُورِيِّ قَالَ شَيْخُنَا لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَعَلَيْهِ فَلَا حَدَّ عَلَى الثَّانِي بِدُخُولِهِ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ.

(قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ تَلَذَّذَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالتَّلَذُّذِ إرْخَاءُ السُّتُورِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُقَدِّمَاتٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِمْ خِلَافًا لِلشَّارِحِ تَبَعًا لخش مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ التَّلَذُّذُ بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ فَمَا فَوْقَهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ: كَانَتْ لَهُ) أَيْ لِلثَّانِي لَا لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا الثَّانِي وَيَلْزَمُهُ مَا أَوْقَعَهُ مِنْ الطَّلَاقِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ لَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِحَالٍ (قَوْلُهُ: تَفْوِيضُهُ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ تَفْوِيضُهَا لَهُ.

(قَوْلُهُ: رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الْبَاجِيَّ.

(قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ) أَيْ الثَّانِي بِهَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَكُنْ حَالَ تَلَذُّذِهِ إلَخْ) يَرِدُ عَلَى هَذَا الْحِلِّ مَنْ عَقَدَ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ وَوَطِئَ بَعْدَهَا فَإِنَّ مَنْطُوقَهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَكُونُ لِلثَّانِي مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ الْفَسْخُ وَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ بِوَطْءٍ، وَلَوْ بَعْدَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَرَّرَ كَلَامُهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ لَمْ تَكُنْ حِينَ عَقَدَ الثَّانِي أَوْ تَلَذُّذِهِ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ هَذِهِ الصُّورَةَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ، إذْ لَا تَكُونُ الْعِدَّةُ هُنَا إلَّا عِدَّةَ وَفَاةٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ مِنْ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ دَخَلَ بِهَا وَتَكُونَ لِلثَّانِي.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ لَهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي فِي حَالِ عِدَّتِهَا مِنْ وَفَاةِ الْأَوَّلِ لَمْ تَكُنْ لَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ عَنْهَا قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَتُرَدُّ لِإِكْمَالِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ كَانَ الْعَقْدُ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ أَوْ قَبْلَ وَفَاتِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَظْهَرِ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ شَرْطٌ ثَانٍ) أَيْ وَالْأَوَّلُ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ الشَّرْطُ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ أَيْ حَالَ تَلَذُّذِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا تَأَخَّرَ عَقْدُ الثَّانِي عَلَى مَوْتِ الْأَوَّلِ بَلْ وَلَوْ تَقَدَّمَ عَقْدُهُ عَلَى مَوْتِهِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي عَلَى الْأَظْهَرِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) قَالَ ح الْأَلْيَقُ بِقَاعِدَةِ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُشِيرَ لِابْنِ رُشْدٍ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى مَا ظَهَرَ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مُقَابِلًا لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَا أَنَّهُ اخْتِيَارٌ لَهُ مِنْ خِلَافٍ وَأَجَابَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ هُنَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ إطْلَاقَاتِ الْأَقْوَالِ كَأَنَّهُ اخْتِيَارٌ مِنْ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ إنَّهَا لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِحَالٍ وَالْبَاجِيِّ يَقُولُ إذَا تَقَدَّمَ التَّفْوِيضُ لِلثَّانِي فَهِيَ لَهُ بِالتَّلَذُّذِ مُطْلَقًا، وَلَوْ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ عَقْدَ الثَّانِي الْمُتَلَذِّذِ بِهَا فِي عِدَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>