وَعَلَى اسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ (وَفُسِخَ) النِّكَاحَانِ مَعًا (بِلَا طَلَاقٍ إنْ عُقِدَا بِزَمَنٍ) وَاحِدٍ تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا (أَوْ لِبَيِّنَةٍ) شَهِدَتْ عَلَى الثَّانِي بِإِقْرَارِهِ (بِعِلْمِهِ) قَبْلَ الدُّخُولِ (أَنَّهُ ثَانٍ) فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِلَا طَلَاقٍ وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ (لَا إنْ أَقَرَّ) الثَّانِي بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنَّهُ دَخَلَ عَالِمًا بِأَنَّهُ ثَانٍ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَأَنَّهُ دَخَلَ غَيْرَ عَالِمٍ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ وَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ (أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ) أَيْ جُهِلَ تَقَدُّمُ زَمَنِ عَقْدِ أَحَدِهِمَا عَلَى زَمَنِ عَقْدِ الْآخَرِ مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِمَا فِي زَمَنَيْنِ فَيُفْسَخُ النِّكَاحَانِ بِطَلَاقٍ إذَا لَمْ يَدْخُلَا أَوْ دَخَلَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ وَإِلَّا كَانَتْ لَهُ فَإِنْ دَخَلَ وَاحِدٌ فَقَطْ فَهِيَ لَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ ثَانٍ (وَإِنْ مَاتَتْ) بَعْدَ أَنْ دَخَلَا مَعًا فِي مَسْأَلَةِ جَهْلِ الزَّمَنِ (وَجُهِلَ الْأَحَقُّ) بِهَا مِنْهُمَا (فَفِي) ثُبُوتِ (الْإِرْثِ) لَهُمَا مَعًا مِيرَاثُ زَوْجٍ وَاحِدٍ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا لِتَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ، وَالشَّكُّ إنَّمَا هُوَ فِي تَعْيِينِ الْمُسْتَحِقِّ وَهُوَ لَا يَضُرُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَلَا وَجْهَ لِتَرْجِيحِ غَيْرِهِ وَعَدَمِ إرْثِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الشَّكَّ فِي تَعْيِينِ الْمُسْتَحِقِّ كَالشَّكِّ فِي السَّبَبِ (قَوْلَانِ وَعَلَى) الْقَوْلِ بِثُبُوتِ (الْإِرْثِ فَالصَّدَاقُ) يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا كَامِلًا لِلْوَرَثَةِ لِإِقْرَارِهِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ إلَّا الصَّدَاقُ وَقَعَ الْإِرْثُ فِيهِ (وَإِلَّا) نُقِلَ بِالْإِرْثِ بَلْ بِعَدَمِهِ (فَزَائِدُهُ) أَيْ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا زَادَ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى إرْثِهِ أَنْ لَوْ كَانَ يَرِثُ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا الصَّدَاقُ غَرِمَهُ لِلْوَرَثَةِ وَلَا إرْثَ لَهُمَا فِيهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَفَاةِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ وَاقِعًا بَعْدَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى اسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ) وَتَرِثُ الْأَوَّلَ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ فَتُزَوَّجُ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَيَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا فَيَنْكَشِفُ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ قَبْلَ وَفَاةِ الْمَفْقُودِ وَدَخَلَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَقَدْ جَزَمُوا بِتَأْبِيدِ حُرْمَتِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ اهـ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْوَفَاةِ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَتَأْبِيدُ تَحْرِيمِهَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ نَظَرًا لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ لَا عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ زَوْجٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِبَيِّنَةٍ) أَيْ وَكَذَا يُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي فَقَطْ بِلَا طَلَاقٍ لِأَجْلِ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ ثَانٍ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَقْدَ لَهُمَا وَقَعَ عَلَى التَّرْتِيبِ وَعَلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِلَا طَلَاقٍ) فِيهِ أَنَّهُ نِكَاحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ إنَّهَا لِلثَّانِي، وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ (قَوْلُهُ: وَتُرَدُّ إلَخْ) وَهَلْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي إذَا وَطِئَ فِي الْعِدَّةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ عَقَدَ قَبْلَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ زَوْجٍ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ نَظَرًا لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ كَمَا هُوَ الَّذِي جَزَمُوا بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ كَذَا قُرِّرَ وَأَظُنُّهُ لعج اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ دَخَلَ عَالِمًا) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ ثَانٍ وَقَوْلُهُ: لِاحْتِمَالٍ إلَخْ الْأُولَى عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالٍ إلَخْ عِلَّةً لِقَوْلِهِ وَلَا تَكُونُ لِلْأَوَّلِ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِطَلَاقٍ بَائِنٍ (قَوْلُهُ: مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِمَا فِي زَمَنَيْنِ) أَيْ، وَأَمَّا مَعَ احْتِمَالِ اتِّحَادِ زَمَنِهِمَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ فَالْفَسْخُ لِلنِّكَاحَيْنِ بِلَا طَلَاقٍ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَدْخُلَا إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا فِي الشَّيْخُ سَالِمٌ وشب وح نَقْلًا عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ فَسْخِ النِّكَاحَيْنِ مُطْلَقًا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَتْ) أَيْ قَبْلَ الْفَسْخِ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَجُهِّلَ الْأَحَقُّ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ جُهِلَ الْأَحَقُّ بِهَا مِنْهُمَا أَيْ جُهِلَ الْمُسْتَحِقُّ لَهَا مِنْهُمَا فَأَفْعَلُ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ وَهُوَ الَّذِي يُقْضَى لَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ، وَلَوْ عَلِمَ بِهِ وَهُوَ إمَّا الْأَوَّلُ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي أَوْ الثَّانِي بَعْدَ دُخُولِهِ.
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَأَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاخْتَارَ التُّونُسِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ بَهْرَامَ وَالْمَوَّاقِ تَرْجِيحُهُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: تَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْعَقْدَانِ مُتَرَتِّبَيْنِ تَحْقِيقًا وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا، وَأَمَّا إنْ وَقَعَا فِي زَمَنٍ، وَلَوْ وَهِمَا وَمَاتَتْ قَبْلَ الْفَسْخِ فَلَا إرْثَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى فَسَادِهِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا الصَّدَاقَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ غَيْرَ الصَّدَاقِ وَقَعَ الْإِرْثُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا زَادَ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى إرْثِهِ إلَخْ) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ وَهِيَ مَجْمُوعُ مَا خَلَفَتْ وَالصَّدَاقِ الَّذِي عَلَيْهِ وَلَا يُنْظَرُ لِلصَّدَاقِ الَّذِي عَلَى صَاحِبِهِ فَلَوْ كَانَ مَا يَرِثُهُ مِنْ التَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ أَزْيَدَ مِنْ صَدَاقِهَا لَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا إذَا كَانَ مَا يَرِثُهُ مُسَاوِيًا لِصَدَاقِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ أَصْلًا غَرِمَ الصَّدَاقَ كُلَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ وَوَرِثَ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ لَزِمَهُ الزَّائِدُ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى مَا يَرِثُهُ لِوَرَثَتِهَا فَإِذَا خَلَفَتْ خَمْسِينَ وَأَصْدَقَهَا أَحَدُهُمَا خَمْسِينَ وَأَصْدَقَهَا الْآخَرُ مِائَةً فَلَا شَيْءَ عَلَى ذِي الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهَا قَدْرُ إرْثِهِ مِنْ مَجْمُوعِ صَدَاقِهَا وَمَا خَلَفَتْهُ وَيَغْرَمُ صَاحِبُ الْمِائَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ مَا خَلَفَتْهُ مَعَ صَدَاقِهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ يَرِثُ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ حَيْثُ لَا وَلَدَ وَزِيَادَةُ صَدَاقِهِ عَلَى إرْثِهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ بِالْإِرْثِ مِنْ مَالِهَا كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَيَدْفَعُ الصَّدَاقَ وَيَرِثُ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ أَصْلًا